أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 24 - صـ 396

جلسة 13 من مارس سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ عباس حلمي عبد الجواد، وعضوية السادة المستشارين: عبد العليم الدهشان، ومحمد طايل راشد، وعثمان حسين عبد الله، ومصطفى الفقي.

(70)
الطعن رقم 39 لسنة 38 القضائية

(1) بيع. "البيع بالمزاد العلني". بطلان. نظام عام. مزاد.
أحكام القانون 100 لسنة 1957 الخاصة بقواعد بيع المنقولات المستعملة بالمزاد العلني. قيامها على أساس إتمام البيع بواسطة خبير مثمن. عدم ترتب البطلان الحتمي جزاء على عدم مراعاتها. جواز النزول عنه صراحة أو ضمناً لعدم تعلقها بالنظام العام.
(2، 3) عقد. "أركان العقد". "عيوب الرضا". "الغلط". "التدليس". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل" نقض.
(2) الغلط الذي يجيز إبطال العقد. شرطه. استقلال محكمة الموضوع بتقدير أدلة ثبوت واقعة الغلط.
(3) التدليس الذي يجيز إبطال العقد. استخلاص عناصره وتقدير ثبوته أو نفيه. استقلال محكمة الموضوع بذلك بلا رقابة عليها من محكمة النقض.
1 - أحكام المواد 2، 4، 5، 6 من القانون رقم 100 لسنة 1957 الخاصة بالإعلان عن بيع المنقولات المستعملة بالمزاد العلني وميعاد إجراء ذلك البيع وتحديد يوم للمعاينة ومكان حصول المزايدة ووجوب دفع نصف الثمن الراسي به المزاد وإعادة البيع على مسئولية المشتري المتخلف، تقوم على أساس جوهري هو أن يتم البيع بواسطة خبير مثمن وفيما عدا ذلك فإن هذه النصوص لا تعدو أن تكون تبياناً لقواعد الإجراءات والمواعيد الواجب على الخبير المثمن متولي البيع مراعاتها تحقيقاً لسلامة إجراءات المزاد وضماناً لحقوق ذوي الشأن فيه ولم يرتب المشرع على عدم مراعاة هذه القواعد جزاء البطلان الحتمي، هذا إلى أن المشرع قد نص في ذلك القانون على عقوبات جنائية جزاء على مخالفة بعض أحكامه الأخرى ومنها ما أورده في الباب الخاص بتنظيم البيع بالتقسيط لحماية السوق التجارية من الغش والهزات التي تؤثر في الائتمان العام، في حين أنه لم ينص بشأن قواعد بيع المنقولات المستعملة بالمزاد العلني على عقوبات جنائية، مما مفاده أن هذه القواعد إنما شرعت في مجموعها لمصلحة ذي شأن الذي يكون له أن يتمسك عند مخالفتها مخالفة جوهرية - بإبطال البيع درءاً لما يصيبه من ضرر، ومن ثم فهي لا تتعلق بالنظام العام، ويزول الأثر المترتب على مخالفتها إذا نزل عنه من شرع لمصلحته سواء كان هذا النزول صراحة أو ضمناً، وينبني على ذلك اعتبار الإجراءات صحيحة.
2 - إنه وإن جاز طبقاً للمادة 120 من القانون المدني للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري أن يطلب إبطال العقد إذا كان المتعاقد الآخر قد وقع مثله في هذا الغلط أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه، إلا أن ثبوت واقعة الغلط هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مسألة موضوعية يستقل قاضي الموضوع بتقدير الأدلة فيها.
3 - استخلاص عناصر التدليس الذي يجيز إبطال العقد من وقائع الدعوى وتقدير ثبوته أو عدم ثبوته هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من المسائل التي تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض ما دام قضاؤها مقاماً على أسباب سائغة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 139 سنة 1964 تجاري القاهرة ضد المطعون عليهما وطلب فيها الحكم ببطلان بيع الأخشاب المبينة بصحيفة الدعوى واعتباره كأن لم يكن وبإلزام الشركة المطعون عليها الأولى بأن ترد له مبلغ 1300 ج والمطعون عليه الثاني برد مبلغ 200 ج، وقال بياناً لدعواه إن المطعون عليها الأولى أعلنت عن بيع كمية من الأخشاب بمزاد علني يتولاه المطعون عليه الثاني وإنها وصفت في نشرة البيع بأنها أخشاب "أطوال" وقد رسا مزادها على الطاعن بعد أن عاينها وتبين له من الطريقة التي رصت بها أنها مطابقة لما ورد بتلك النشرة ثم دفع مبلغ 1300 ج، وإذ شرع في تسلمها اتضح له أن أكثرها من الأخشاب القصيرة والكسر، وأقام دعوى إثبات الحالة رقم 12332 سنة 1963 مستعجل القاهرة وفيها ندبت المحكمة خبيراً أثبت حالة الأخشاب، ثم رفع الطاعن بعد ذلك الدعوى بطلباته السالف ذكرها، واستند في طلب البطلان إلى مخالفة أحكام قانون البيع بالمزاد رقم 100 لسنة 1957، وإلى أن إرادته شابها غلط وتدليس وبتاريخ 29/ 5/ 1966 قضت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 472 سنة 83 ق، ومحكمة استئناف القاهرة حكمت بتاريخ 28/ 11/ 1967 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، ويقول في بيان ذلك إن الحكم وإن سلم بوقوع مخالفات للإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 100 لسنة 1957 بشأن بعض البيوع التجارية تتحصل في نشر إعلان البيع بجريدة واحدة لا جريدتين، وعدم مراعاة مضي ثلاثة أيام بعد الإعلان، وإجراء البيع في مكتب المطعون عليه الثاني على خلاف حكم القانون، وعدم دفع نصف الثمن الراسي به المزاد، إلا أن الحكم لم يرتب على وقوع هذه المخالفات بطلان البيع بالمزاد إذ اعتبره بطلاناً نسبياً يزول بالإجازة ويصح النزول عنه، هذا في حين أنه بطلان مطلق يتعين على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ولا تصححه الإجازة لتعلق أحكام القانون المشار إليه بالنظام العام، هذا إلى أن عدم مراعاة المواعيد القانونية للبيع بالمزاد العلني يستتبع بطلان الإجراء بحكم المادة 24 من قانون المرافعات، وهو بطلان لا يلزم لوقوعه أن يتمسك به من شرع له ولا تلحقه الإجازة، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن ما انتظمته أحكام المواد 2 و4 و5 و6 من القانون رقم 100 لسنة 1957 وهي الخاصة بالإعلان عن بيع المنقولات المستعملة بالمزاد العلني وميعاد إجراء ذلك البيع وتحديد يوم للمعاينة ومكان حصول المزايدة ووجوب دفع نصف الثمن الراسي به المزاد وإعادة البيع على مسئولية المشتري المتخلف، يقوم على أساس جوهري هو أن يتم البيع بواسطة خبير مثمن وفيما عدا ذلك فإن هذه النصوص لا تعدو أن تكون تبياناً لقواعد الإجراءات والمواعيد الواجب على الخبير المثمن متولي البيع مراعاتها تحقيقاً لسلامة إجراءات المزاد وضماناً لحقوق ذوي الشأن فيه، ولم يرتب المشرع على عدم مراعاة هذه القواعد جزاء البطلان الحتمي، هذا إلى أن المشرع قد نص في ذلك القانون على عقوبات جنائية جزاء على مخالفة بعض أحكامه الأخرى ومنها ما أورده في الباب الخاص بتنظيم البيع بالتقسيط لحماية السوق التجارية من الغش والهزات التي تؤثر في الائتمان العام، في حين أنه لم ينص بشأن قواعد بيع المنقولات المستعملة بالمزاد العلني على عقوبات جنائية، مما مفاده أن هذه القواعد إنما شرعت في مجموعها - لمصلحة ذي الشأن الذي يكون له أن يتمسك عند مخالفتها مخالفة جوهرية - بإبطال البيع درءاً لما يصيبه من ضرر، ومن ثم فهي لا تتعلق بالنظام العام، ويزول الأثر المترتب على مخالفتها إذا نزل عنه من شرع لمصلحته، سواء كان هذا النزول صراحة أو ضمناً، وينبني على ذلك اعتبار الإجراءات صحيحة. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إليه في أسبابه قد أورد في هذا الخصوص قوله إن الثابت من الأوراق أن بيع الأخشاب موضوع النزاع قد تحدد لإجرائه أولاً يوم 12/ 11/ 1963، ولما لم تصل نتيجة المزاد في ذلك اليوم إلى السعر الذي قدرته المدعى عليها فقد تأجل البيع إلى يوم 19/ 11/ 1963 حيث تم برسو المزاد على المدعي، وكانت إجراءات البيع المحدد له يوم 12/ 11/ 1963 قد تمت صحيحة وفقاً لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1957 ولم يوجه إليها طعن فلا يكون للمدعي أن يطعن بعد ذلك في إجراءات تأجيل البيع طالما أن نصوص القانون قد خلت من تنظيم هذه الإجراءات، وأضاف الحكم إلى ذلك "أن مخالفة الإجراءات الخاصة بالنشر عن البيع ومواعيده وتحديد مكان البيع لا شأن لها بما أسفرت عنه جلسات المزايدة من رسو المزاد على المدعي (الطاعن) ولم يكن لها أدنى أثر على السعر الذي رسا به المزاد، خاصة وأن المدعي قد أقر بأنه عاين الأخشاب المبيعة في يوم سابق على يوم البيع، ولا شك كانت لديه الفرصة الكاملة والوقت الكافي لفحص المبيع والتحقق من أوصافه بحيث لا يقبل منه بعد ذلك التمسك بمخالفات هي بالتأكيد غير جوهرية علاوة على أن ضرراً لم يترتب عليها بغية إبطال البيع، كذلك لا يجديه التمسك بعدم سداده نصف الثمن في جلسة المزايدة خلافاً لما أوجبه القانون لأن هذا الإجراء إنما شرع لمصلحة البائع، ولما كان قد أقر شروط المزاد بتوقيعه عليها، وكانت جلسة المزاد قد انتهت دون أن يبدي فيها اعتراضاً أو تحفظاً أو ملاحظات في ذلك الخصوص فإن ما يدعيه من بطلان يكون قد زال، ويكون طلبه إبطال البيع تأسيساً على مخالفة الإجراءات المقررة بالقانون 100 لسنة 1957 على غير أساس" وكان يبين من هذا الذي قرره الحكم المطعون فيه أنه انتهى في حدود سلطته التقديرية وبأسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها الحكم إلى أن إجراءات المزايدة المدعي بأنها قد خولفت غير جوهرية، ولم يترتب عليها إضرار بالطاعن وأنه قد قبلها دون اعتراض، مما يعد منه نزولاً عما يكون قد شابها من عيوب. لما كان ما تقدم، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ويقول في بيان ذلك إن طلباته أمام محكمة الموضوع كانت تقوم على أنه وقع في غلط في صفة جوهرية في الشيء المبيع هي أن الأخشاب المبيعة ذات مقاسات طويلة وهو ما عبرت عنه نشرة البيع بأنها أخشاب "أطوال" ثم ظهر له عند تسلمها أن كميات منها أخشاب "كسر" ولو أنه تبين ذلك وقت التعاقد لما أبرم العقد وهو غلط مبطل للعقد، كان سببه المباشر حصول المزايدة في مكتب المطعون عليه الثاني بعيداً عن مكان وجود الأخشاب موضوع المزاد، وقد أطرح الحكم المطعون فيه القرائن التي ساقها للتدليل بها على ذلك الغلط ولم يحقق دفاعه في هذا الشأن، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه وإن جاز طبقاً للمادة 120 من القانون المدني للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري أن يطلب إبطال العقد إذا كان المتعاقد الآخر قد وقع مثله في هذا الغلط أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه، إلا أن ثبوت واقعة الغلط هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مسألة موضوعية يستقل قاضي الموضوع بتقدير الأدلة فيها، ولما كان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه قد أورد في هذا الخصوص قوله إنه "بالرجوع إلى وقائع الدعوى يبين أن المدعي - الطاعن - قد عاين الأخشاب المبيعة بنفسه كما وقع على شروط البيع بأنه قد عاين الخشب المطروح للبيع معاينة كافية نافية لكل جهالة، ومن ناحية أخرى فإن ما يقرره المدعي من أن النشرات قد وصفت الأخشاب المعروضة للبيع بأنها أطوال وهي حسبما جرى العرف التجاري الأخشاب التي يزيد طولها على متر ونصف بينما تبين له عند تشوينها أنها أخشاب كسر، هذا القول مردود عليه بما جاء بتقرير إثبات الحالة من أن كلمة (أطوال) تعني أطوالاً مختلفة متعددة، وذلك خلافاً لما يدعيه المدعي ولم يقم الدليل عليه، ومردود عليه أيضاً بأن المدعي قد وقع على قائمة شروط البيع الثابت بها أن الخشب المطروح للبيع (خشب كسر أطوال) كما وقع على محضر جلسة البيع الثابت بها أن الخشب المبيع (خشب كسر وخشب صناديق كسر) ومن ثم يكون طلب المدعي إبطال البيع بسبب الغلط في صفات المبيع أو بدعوى عدم العلم به في غير محله فيتعين رفضه" وكان الحكم المطعون فيه قد أضاف إلى ذلك قوله: "إن الغلط انتفى بإقرار المستأنف أنه أجرى المعاينة بنفسه وهو خبير بتجارة الأخشاب تلك المهنة التي يحترفها". وكان مفاد ذلك أن محكمة الموضوع قد استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية أن الطاعن - المشتري - لم يكن يجهل المبيع، وأنه عاينه بنفسه وتحقق من أوصافه وكان هذا الاستخلاص سائغاً مبنياً على ما أوردته في حكمها من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها وكافياً لحمل قضائها في هذا الخصوص، فلا يجوز بعد ذلك إثارة هذا الأمر أمام محكمة النقض، ويكون النعي على الحكم بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله، ويقول في بيان ذلك إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بوقوع تدليس دفعه إلى التعاقد، تمثل في أن الشركة المطعون عليها الأولى عمدت إلى رص الأخشاب بطريقة توهم بأنها ذات مقاسات طويلة وأحدثت تغييراً بها إبان وجودها، كما أن المطعون عليه الثاني أوهم الطاعن بأن الأخشاب المبيعة مطابقة لما ورد بشأنها في نشرة البيع من أنها ذات مقاسات طويلة، وأنه على الرغم من أن الحكم المطعون فيه قد سلم بهذه الوقائع وبحصول الكذب في وصف المبيع فإنه اشترط لحصول التدليس استعمال طرق احتيالية ولم يعتبر الكذب وإخفاء حقيقة المبيع عمداً تدليساً، مخالفاً بذلك حكم القانون المدني الذي يعتبر السكوت عمداً عن واقعة أو ملابسة تدليساً، وهو مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون وتأويله.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن كانت المادة 125 من القانون المدني تنص على أنه: "يجوز إبطال العقد للتدليس إذا كانت الحيل التي لجأ إليها أحد المتعاقدين أو نائب عنه من الجسامة بحيث لولاها لما أبرم الطرف الثاني العقد. ويعتبر تدليساً السكوت عمداً عن واقعة أو ملابسة إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة" إلا أن استخلاص عناصر التدليس الذي يجيز إبطال العقد من وقائع الدعوى وتقدير ثبوته أو عدم ثبوته هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من المسائل التي تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض ما دام قضاؤها مقاماً على أسباب سائغة، ولما كان الحكم الابتدائي بعد أن نفى وقوع الطاعن في غلط جوهري على النحو الذي سبق بيانه في الرد على السبب الثاني - قد رد على ادعاء الطاعن وقوع تدليس عليه دفعه إلى التعاقد بقوله "إن الثابت من الأوراق أن المدعي كان على علم بمصدر الخشب المبيع وظروف بيعه فضلاً عن خبرته التامة بالأخشاب لكونه يتجر فيها، وأنه قد أتيحت له فرصة معاينة المبيع وعاينه فعلاً، وكان الثابت كذلك من تقرير الخبير المودع في الدعوى رقم 6613 سنة 65 مستعجل القاهرة أن الأخشاب موضوع النزاع هي بذاتها الأخشاب التي عاينها خبير إثبات الحالة في الدعوى رقم 12332 سنة 63 مستعجل القاهرة، ولم يقدم المدعي ما يدلل به على حصول أدنى عبث أو تغيير فيها، واختلاف وزن كميات هذه الأخشاب على النحو الثابت في نشرات البيع لا يدل بذاته على حصول مثل هذا العبث وإنما مرجعه عدم إجراء هذا الوزن وبالتالي عدم معرفة واختلاف التقدير بشأنه، خاصة وأنه قد نص صراحة في شروط البيع على أن الكمية المطروحة للبيع تحت العجز والزيادة"، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد ذلك الحكم وأخذ بأسبابه وأضاف إليها قوله: "إنه لم يقم دليل على قيام الشركة المستأنف عليها بالتدليس أو مصلحة موظفيها في إجراء وسائل احتيالية للإيقاع في الغش وتعمد إخفاء الأخشاب القصيرة أسفل الأخشاب الطويلة". لما كان ذلك فإن الحكم يكون قد نفى أن الطاعن كان ضحية تدليس أياً كانت صورته، وحصل ذلك من أوراق الدعوى تحصيلاً سائغاً مؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها، ومن ثم يكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه يتعين لما تقدم رفض الطعن.