أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 1120

جلسة 6 من يونيه سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي. ومحمد سيد أحمد حماد.

(167)
الطعن رقم 392 لسنة 34 القضائية

( أ ) فوائد. "الفوائد التأخيرية القانونية". "استحقاقها".
شرط استحقاق فوائد التأخير القانونية. المطالبة القضائية بها. سريانها من تاريخ هذه المطالبة ما لم يحدد الاتفاق أو العرف التجاري تاريخاً آخر لسريانها. طلب أصل الدين لا يغني عن المطالبة القضائية بالفوائد إذ لم تتضمن صحيفة الدعوى طلب الفوائد.
(ب) نقض. "أسباب الطعن". عرف. فوائد.
عدم التمسك أمام محكمة الموضوع بوجود عرف تجاري يقضي بسريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بالدين الأصلي. عدم جواز التحدي بهذا العرف لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - من شروط استحقاق فوائد التأخير القانونية المطالبة القضائية بها. وهذه الفوائد على ما تقضي به المادة 226 من القانون المدني لا تسري إلا من تاريخ هذه المطالبة ما لم يحدد الاتفاق أو العرف التجاري تاريخاً آخر لسريانها ولا يغني عن المطالبة القضائية بهذه الفوائد رفع الدائن الدعوى بطلب أصل الدين إذا لم تتضمن صحيفة الدعوى طلب الفوائد لأنها لا تستحق إلا من وقت المطالبة القضائية بها بالذات.
2 - متى كان المطعون ضده لم يدع أمام محكمة الموضوع بوجود عرف تجاري يقضي بسريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بالدين الأصلي فإنه لا يجوز له أن يتحدى بهذا العرف لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق وفي حدود ما يتطلبه الفصل في هذا الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 817 سنة 1959 كلي الإسكندرية على مصلحة الجمارك الطاعنة بصحيفة أعلنها إليها في 10 من ديسمبر سنة 1956 طلب فيها الحكم بإلزامها بأن ترد له مبلغ 2285 ج و125 م قيمة ما دفعه زيادة عن الرسوم المستحقة على البضائع التي كان قد اشتراها من مخلفات الجيش البريطاني - وبالجلسة 5/ 4/ 1962 أمام محكمة الدرجة الأولى قرر الحاضر عن المطعون ضده في مواجهة الحاضر عن مصلحة الجمارك بأنه يريد طلب الفوائد القانونية من تاريخ اليوم فقررت المحكمة التأجيل لجلسة 3/ 5/ 1962 كطلب الحاضر عن المصلحة المذكورة لاستيفاء مستنداتها. وبصحيفة أعلنت لها في 30 من يناير سنة 1963 عدل المطعون ضده طلباته إلى الحكم بإلزامها بأداء مبلغ 3657 ج و14 م والفوائد القانونية لهذا المبلغ بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام الوفاء. وفي 11 من إبريل سنة 1963 قضت محكمة الدرجة الأولى بإلزام مصلحة الجمارك (الطاعنة) بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ 3657 ج و14 م والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 10/ 12/ 1956 حتى السداد - استأنفت الطاعنة هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 406 سنة 19 ق إسكندرية، وعابت على الحكم المستأنف فيما عابته عليه قضاءه بالفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بالدين مع أنه لا يجوز القضاء بها إلا من تاريخ طلبها، ومحكمة الاستئناف قضت في 18 من إبريل سنة 1964 بتأييد الحكم المستأنف. فطعنت الطاعنة في الحكم الاستئنافي بطريق النقض وقصرت طعنها على قضاء الحكم المطعون فيه بالفوائد وطلبت نقضه جزئياً في هذا الخصوص واعتبار مبدأ سريان الفوائد المقضى بها يوم 30 يناير سنة 1963 وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم في هذا الخصوص وبالجلسة المحددة لنظر الطعن صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد تنعى فيه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المذكور بنى قضاءه بإلزامها بفوائد المبلغ المقضى به من تاريخ رفع الدعوى على سند من القول بأن المبلغ المطالب به كان معلوم المقدار وقت الطلب وأن المادة 226 من القانون المدني صريحة في وجوب القضاء بالفوائد في هذه الحالة من تاريخ رفع الدعوى هذا في حين أن نص المادة المذكورة صريح في أن فوائد التأخير لا تسري في حق المدين الذي يتأخر عن الوفاء بدين يكون معلوم المقدار وقت الطلب إلا من وقت المطالبة القضائية بها ومن ثم فلا يعتد بتاريخ رفع الدعوى بالدين إذا لم تطلب الفوائد معه وإذ كان الثابت أن مطالبة المطعون ضده بالفوائد لم تحصل إلا بمقتضى صحيفة تعديل الطلبات المعلنة للمصلحة الطاعنة في 30 يناير سنة 1963 فإن المطعون ضده لا يستحق فوائد إلا من هذا التاريخ ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزامها بفوائد المبلغ المقضى به اعتباراً من تاريخ رفع الدعوى وهو 10 ديسمبر سنة 1956 مع أن صحيفة الدعوى لم تتضمن طلب الفوائد قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله. وتضيف الطاعنة أنه لا يمكن القول بأن المطعون ضده كان قد طلب بجلسة 5/ 4/ 1962 أمام محكمة الدرجة الأولى القضاء له بفوائد عن المبلغ الذي كان يطالب به أصلاً وقبل إجراء تعديل الطلبات الحاصل في 30/ 1/ 1963 ذلك أن العبارة التي وردت على لسان الحاضر عنه في محضر هذه الجلسة لا تقطع بأنه قصد الحكم له بفوائد عن المبلغ المطالب به.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه من شروط استحقاق فوائد التأخير القانونية المطالبة القضائية بها. وهذه الفوائد - على ما تقضي به المادة 226 من القانون المدني - لا تسري إلا من تاريخ هذه المطالبة ما لم يحدد الاتفاق أو العرف التجاري تاريخاً آخر لسريانها ولا يغني عن المطالبة القضائية بهذه الفوائد رفع الدائن الدعوى بطلب أصل الدين إذا لم تتضمن صحيفة الدعوى طلب الفوائد لأنها لا تستحق إلا من وقت المطالبة القضائية بها بالذات - لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الملف المضموم أن المطعون ضده اقتصر في صحيفة دعواه المعلنة إلى مصلحة الجمارك في 10 من ديسمبر سنة 1956 على طلب إلزامها بأن تدفع له مبلغ 2285 ج و125 م مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة مع حفظ حقه في تعديل طلباته بطلب مبلغ 1748 ج و830 م قيمة باقي أمانة الرسوم إذا لم تسلم إليه ولم يطلب في هذه الصحيفة الحكم له بفوائد، وأن طلبه الفوائد أبدي لأول مرة بجلسة 5 من إبريل سنة 1962 في مواجهة الحاضر عن مصلحة الجمارك (الطاعنة) ثم أعيد طلبها في صحيفة تعديل الطلبات التي أعلنت إلى الطاعنة في 30 من يناير سنة 1963 والتي عدل المطعون ضده المبلغ المطالب به إلى مبلغ 3657 ج و14 م مع الفوائد القانونية لهذا المبلغ بواقع 5% من تاريخ المطالبة حتى تمام الوفاء، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الطاعنة بالفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية بالدين الأصلي الحاصلة في 10 من ديسمبر سنة 1956 يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص. ولا ينال من ذلك ما ورد في مذكرة المطعون ضده المقدمة لهذه المحكمة من أن قضاء الحكم المطعون فيه بالفوائد التأخيرية من تاريخ المطالبة الرسمية بالدين الأصلي مبناه وجود عرف تجاري يقضي بذلك إذ أن الحكم المطعون فيه لم يستند في قضائه بسريان الفوائد من هذا التاريخ إلى وجود مثل هذا العرف التجاري بل إن في تحديده مقدار الفوائد بأربعة في المائة ما يقطع بأنه اعتبر المسألة مدنية وليست تجارية كما أن المطعون ضده نفسه لم يدع أمام محكمة الموضوع بوجود عرف تجاري يقضي بسريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بالدين الأصلي ومن ثم فلا يجوز له أن يتحدى بهذا العرف لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه.
ولما كان الثابت من أوراق الملف المضموم أن الحاضر عن المطعون ضده أثبت بمحضر جلسة 5 من إبريل سنة 1962 أنه يطلب الفوائد القانونية من هذا التاريخ في مواجهة الحاضر عن مصلحة الجمارك وهذا منه طلب صريح للفوائد اعتباراً من تاريخ هذه الجلسة وذلك بالنسبة للمبلغ الذي كان يطالب به حينئذ وقدره 2285 ج و125 م ولا محل لما تقوله الطاعنة في سبب الطعن من أن ما أثبت في محضر تلك الجلسة على لسان الحاضر عن المطعون ضده لا يقطع بأنه يقصد طلب الحكم له بفوائد التأخير القانونية وأن هذا الطلب أثبت في محضر الجلسة في غيبتها بعد انصراف الحاضر عنها ذلك أنه علاوة على أن هذا الذي تدعيه الطاعنة لا يتفق مع ما هو ثابت بمحضر تلك الجلسة من أن الحاضر عن المطعون ضده طلب الفوائد القانونية في مواجهة الحاضر عن مصلحة الجمارك (الطاعنة) فإن الطاعنة نفسها قد أقرت في مذكرتها المقدمة إلى محكمة الاستئناف المودعة برقم 8 ملف الاستئناف بأن المطعون ضده طلب الحكم له بالفوائد القانونية من تاريخ 5 إبريل سنة 1962 وقالت الطاعنة في هذه المذكرة "إن الحاضر عن المستأنف عليه (المطعون ضده) يكون بما قرره بمحضر جلسة 5/ 4/ 1962 قد حدد ميعاد سريان الفائدة بهذا التاريخ أي بعد 5/ 4/ 1962 وهذا التحديد لا يخالف القانون وكان لذلك على محكمة أول درجة أن تحدد بدء سريان الفوائد من هذا التاريخ وليس من تاريخ المطالبة الرسمية كما جاء بحكمها" ومفاد ذلك أن الطاعنة لم تنازع أمام محكمة الموضوع في صحة طلب المطعون ضده الفوائد اعتباراً من 5 من إبريل سنة 1962 وذلك بالنسبة للمبلغ الذي كان موضوع طلبه في التاريخ المذكور وهو 2285 ج و125 م بل وأنها ارتضت صراحة إلزامها بفوائده من ذلك التاريخ. وإذ كان المطعون ضده قد عاد وطلب في صحيفة تعديل الطلبات المعلنة للطاعنة في 30 من يناير سنة 1963 الفوائد عن مبلغ 3657 ج و14 م الذي عدل إليه المبلغ الذي طلبه أصلاً وقدره 2285 ج و125 م فإنه يتعين لما سلف تعديل الحكم المستأنف في خصوص قضائه بتحديد مبدأ سريان الفوائد واعتبار مبدأ سريانها يوم 5 من إبريل سنة 1962 بالنسبة لمبلغ 2285 ج و125 م و30 من يناير سنة 1963 بالنسبة لباقي المبلغ المقضى به وذلك حتى تمام الوفاء.