أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 1137

جلسة 11 من يونيه سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وإبراهيم علام، وعثمان زكريا.

(170)
رقم الطعن 305 لسنة 34 القضائية

( أ ) إثبات. إجراءات الإثبات. "الإحالة إلى التحقيق".
تأجيل التحقيق يعتبر بمثابة تكليف بالحضور لمن يكون حاضراً من الشهود ما لم تعفهم المحكمة صراحة من الحضور.
(ب) بيع. آثار عقد البيع. التزامات البائع. "نقل الملكية". "دعوى صحة ونفاذ عقد البيع". تجزئة.
موضوع دعوى صحة ونفاذ عقد البيع مما يقبل التجزئة بطبيعته علة ذلك.
1 - تأجيل التحقيق على ما تقضي به المادة 194/ 2 من قانون المرافعات يعتبر بمثابة تكليف لمن يكون حاضراً من الشهود بالحضور لتلك الجلسة إلا إذا أعفتهم المحكمة من الحضور صراحة.
2 - موضوع دعوى صحة ونفاذ عقد بيع أطيان زراعية رفعها المشتري ضد ورثة البائع هو مما يقبل التجزئة بطبيعته ذلك أنه قد يصح البيع بالنسبة لمن أقر به من الورثة ولا يصح بالنسبة لمن طعن منهم فيه [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 861 سنة 1959 كلي المنصورة ضد المطعون عليهم يطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 4/ 3/ 1952 المتضمن بيع علي مسلم الجندي - مورثه ومورث المطعون عليهم الأربعة عشر الأولين والمطعون عليها السادسة عشرة - إلى الطاعن أطياناً زراعية مساحتها 16 ف و18 ط و10 س مبينة الحدود والمعالم بالعقد وبصحيفة الدعوى نظير ثمن قدره 5000 ج مع تسلم هذه الأطيان وذلك في مواجهة باقي المطعون عليهم. دفعت المطعون عليها الأولى وكذلك المطعون عليهما العاشر والحادي عشر بأنهم لا يعلمون أن بصمة الختم المنسوبة لمورثهم - والموقع بها على عقد البيع موضوع الدعوى - هي لهذا المورث وبعد أن أدوا أمام محكمة أول درجة يمين عدم العلم، قضت المحكمة بتاريخ 8/ 5/ 1961 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أن المرحوم علي مسلم الجندي قد وقع ببصمة ختمه على عقد البيع المؤرخ 4/ 3/ 1952. ولم ينفذ حكم التحقيق وقضت المحكمة بتاريخ 10/ 11/ 1962 برد عقد البيع وبرفض الدعوى - استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 11 سنة 15 ق المنصورة. وبتاريخ 9/ 3/ 1964 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي بنقض الحكم وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن حكم التحقيق الذي أصدرته محكمة أول درجة بتاريخ 8/ 5/ 1961 لم ينفذ بعد مد الميعاد المحدد لإجرائه ورفضت المحكمة إجابة الطاعن إلى طلبه بإصدار حكم تحقيق آخر. ورغم تمسك الطاعن بهذا الطلب أمام محكمة الاستئناف فإن الحكم المطعون فيه أقر محكمة أول درجة على رأيها استناداً إلى أن شهود الطاعن لم يحضروا وأنه عجز بذلك عن إثبات توقيع مورثه على العقد ورتب الحكم على ذلك قضاءه برد العقد ورفض الدعوى، هذا في حين أن الثابت أن شهود الطاعن كانوا قد حضروا بجلسة 22/ 1/ 1962 وقررت المحكمة تأجيل التحقيق إلى جلسة أخرى بناء على طلب المطعون عليها الأولى لإعلان شهودها، مما يعيب الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أثبت في أسبابه أن شهود الطاعن لم يحضروا، ثم رفض أن يجيب الطاعن إلى طلبه بإصدار حكم تحقيق آخر تأسيساً على أنه عجز عن إثبات توقيع مورثه على العقد موضوع النزاع في الفترة التي أتاحتها له محكمة أول درجة. ولما كان الثابت من الاطلاع على محاضر التحقيق أمام محكمة أول درجة أن شهود الطاعن قد حضروا بجلسة 22/ 1/ 1962 - وقررت المحكمة بهذه الجلسة تأجيل التحقيق بناء على طلب المطعون عليها الأولى لإعلان شهودها ونبهت المحكمة على شهود الطاعن بالحضور، وكان تأجيل التحقيق على ما تقتضي به المادة 194/ 2 من قانون المرافعات يعتبر بمثابة تكليف لمن يكون حاضراً من الشهود بالحضور لتلك الجلسة إلا إذا أعفتهم المحكمة من الحضور صراحة، وكان الطاعن على النحو المتقدم قد قام بما أوجبه عليه القانون من تكليف شهوده بالحضور للتحقيق، وإذ خالف الحكم المطعون فيه الثابت بمحاضر التحقيق على النحو السالف بيانه واستند إلى هذه المخالفة في قضائه برد العقد ورفض الدعوى، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه لهذا السبب.
وحيث إن حاصل السبب الثاني خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون، ذلك أنه قرر أن القضاء برفض دعوى الطاعن بصحة ونفاذ عقد البيع موضوع النزاع لا يقتصر على نصيب المطعون عليها الأولى التي طعنت على العقد بالتجهيل وإنما يمتد أثره إلى نصيب باقي ورثة البائع الذين أقروا أمام محكمة أول درجة بصحة عقد البيع وذلك لعدم قابلية موضوع النزاع للتجزئة، هذا في حين أن الحكم برفض الدعوى لا يجوز أن يتعدى أثره إلى باقي الورثة الذين أقروا بصحة عقد البيع لأن قاعدة عدم التجزئة لا تسري في حق المشتري بالنسبة لمن أقر بصحة العقد من الورثة.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعن أقام دعواه ضد المطعون عليهم يطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد الصادر له من مورثه ومورث المطعون عليهم الأربعة عشر الأولين والمطعون عليها السادسة عشر والمتضمن بيعه له أطياناً زراعية مساحتها 16 ف و18 ط و10 س وذلك في مواجهة باقي المطعون عليهم، ودفعت المطعون عليها الأولى وكذلك المطعون عليهما العاشر والحادي عشر أمام محكمة أول درجة بأنهم يجهلون بصحة ختم مورثهم على عقد البيع، وأقر الحاضرون من باقي ورثة البائع بصدور العقد من مورثهم ووافقوا على الحكم للطاعن بطلباته، وأحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن صحة عقده ثم قضت برد العقد ورفض الدعوى وتأيد هذا الحكم استئنافياً. ولما كان موضوع الدعوى على هذه الصورة - وهو صحة ونفاذ بيع أطيان زراعية رفعها المشتري ضد ورثة البائع - هو مما يقبل التجزئة بطبيعته ذلك أنه قد يصح بالنسبة لمن أقر به من الورثة ولا يصح بالنسبة لمن طعن منهم فيه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برد العقد ورفض الدعوى بالنسبة لمن أقر من الورثة بصحة البيع دون أن يعمل أثر هذا الإقرار، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب أيضاً.


[(1)] ورد هذا المبدأ في الحكم الصادر في الطعن 306 لسنة 34 ق في ذات الجلسة - ونقض 5/ 1/ 1967 طعن 5 لسنة 33 ق - مجموعة المكتب الفني السنة 18 رقم 14 ص 92.