أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 1141

جلسة 11 من يونيه سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد صادق الرشيدي، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.

(171)
الطعن رقم 326 لسنة 34 القضائية

(أ، ب) حكم. حجية الحكم. حجية الأمر المقضي. خصومة. "إنهاء الخصومة".
( أ ) الحكم الصادر بإنهاء الخصومة في دعوى استرداد الحيازة لا يعتبر قضاء حاسماً في موضوع الحيازة. لا تتقيد به المحكمة في بحث طلب مقابل الحيازة.
(ب) حجية الحكم قاصرة على طرفي الخصومة حقيقة أو حكماً.
(ج) محكمة الموضوع. "سلطة محكمة الموضوع". "في تقدير الدليل".
لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث وتقدير الدلائل والمستندات المقدمة له تقديماً صحيحاً. أخذ المحكمة الاستئنافية بالمستندات المقدمة أمام محكمة أول درجة مطروحة ما قدم إليها لأول مرة. رد مسقط على هذه المستندات.
(د) صورية. "إثبات الصورية". عقد. "تفسير العقد". "ما لا يعد مسخاً له". إيجار. غير. محكمة الموضوع. "سلطة محكمة الموضوع". "في تفسير العقود".
اعتبار وكيل الدائنين في تفليسة المدين من الغير في أحكام الصورية بالنسبة لعقد صدر باسم زوجة المدين. عدم تقيده في إثبات الحقيقة بعبارات العقد ونصوصه. استناد الحكم إلى ما قدمه وكيل الدائنين من أدلة وقرائن في إثبات أن المدين هو المستأجر الحقيقي في العقد ليس فيه مسخ للعقد أو خروج على قواعد التفسير.
1 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد اكتفى في قضائه بإنهاء الخصومة في الدعوى بما ثبت له من استلام الطاعن للجراج واسترداده للحيازة بعد رفع دعواه واستغنى بذلك عن البحث في حقيقة الحيازة وأصلها وكان قضاؤه بمسئولية المطعون عليه عن مصروفات تلك الدعوى مؤسساً على أنه هو المتسبب في طرح الخصومة على المحكمة ومنقطع الصلة ببحث موضوع الحيازة ولا يعتبر قضاء حاسماً فيها فإن الحكم المطعون فيه إذ قرر بصدد النزاع المتعلق بطلب الطاعن مقابل حيازة المطعون عليه بصفته للجراج أنه غير مقيد بقضاء سابق فإنه لا يكون قد خالف الأمر المقضى فيه.
2 - حجية الأحكام القضائية في المسائل المدنية لا تقوم إلا بين من كانوا طرفاً في الخصومة حقيقة أو حكماً ولا يستطيع الشخص الذي صدر لمصلحته حكم سابق الاحتجاج به على من كان خارجاً عن الخصومة ولم يكن ممثلاً فيها وفقاً للقواعد القانونية المقررة في هذا الشأن.
3 - لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة له تقديماً صحيحاً وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما يطمئن إليه منها وفى استخلاص ما يراه متفقاً مع واقع الدعوى [(1)]. فإذا كانت المحكمة - في الحكم المطعون فيه - قد أخذت بالمستندات المقدمة أمام محكمة أول درجة وأطرحت ما قدم لأول مرة في الاستئناف، فإن في هذا الإطراح ما يتضمن الرد المسقط على هذه المستندات ما دامت أسباب الحكم واضحة في تكوين عقيدة المحكمة وكافية لحمل قضائها.
4 - لما كان المطعون عليه (وكيل الدائنين في تفليسة المدين) يعتبر من الغير في أحكام الصورية بالنسبة لعقد الإيجار الصادر عن الجراج باسم زوجة المدين المفلس ولا يتقيد في إثبات حقيقة العقد بعباراته ونصوصه. فإن الحكم المطعون فيه إذ استند إلى الأدلة والقرائن التي ساقها في إثبات أن المدين هو المستأجر الحقيقي في هذا العقد إنما يكون قد استظهر الحقيقة من الظروف التي أحاطت تنفيذ العقد ولا يكون قد مسخه أو خرج عن قواعد التفسير.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1161 سنة 1959 تجاري كلي الإسكندرية ضد المطعون عليه بصفته وكيل الدائنين في تفليسة ريمون بونار طلب فيها الحكم بملكيته للمنقولات المبينة بصحيفة الدعوى وتسليمها له وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ 950 ج، وقال بياناً للدعوى إنه بموجب عقد مؤرخ 22/ 12/ 1955 وثابت التاريخ في 5/ 1/ 1956 استأجر من السيدة سيمون بونار الجراج الكائن بطريق الحرية رقم 405 قسم الرمل بالإسكندرية وقدمت له المؤجرة قبل التعاقد المستندات الدالة على ملكيتها للجراج واستئجارها الأرض التي أقيم عليها من ورثة نخلة دياب المالكين لها بمقتضى عقد مؤرخ 31/ 8/ 1943، ولكن السيدة اليس روفيه أقامت الدعوى رقم 33 سنة 1956 تجاري الإسكندرية في 25/ 3/ 1956 بإشهار إفلاس ريمون بونار لتوقفه عن دفع دينها وطلبت فيها وضع الأختام على الجراج رغم علمها بأن المالكة قامت بتأجيره، وقد طلب التدخل في هذه الدعوى باعتباره مستأجراً للجراج، وفي 28/ 12/ 1967 قضت المحكمة برفض طلب تدخله وبإشهار إفلاس ريمون بونار وبوضع الأختام على الجراج وحددت يوم 11/ 7/ 1955 تاريخاً للتوقف عن الدفع. وإذ امتنع المطعون عليه بصفته عن أن يرد إليه موجودات الجراج التي استلمها بمقتضى المحضر المؤرخ 30/ 12/ 1957، فقد أنذره بتسليمها، ثم أقام دعواه الحالية بطلب الحكم بملكية موجودات الجراج وردها إليه وبالمبلغ السابق بيانه ويمثل قيمة الريع الذي حصله المطعون عليه من تاريخ تسليمه الجراج في 30/ 12/ 1957 والمحكمة قضت في 28/ 11/ 1960 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 87 لسنة 17 ق إسكندرية والمحكمة قضت في 24/ 3/ 1964 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ويقول في بيان ذلك إنه تمسك في دفاعه بحجية الحكم الصادر في 28/ 4/ 1959 بين الخصوم أنفسهم في الدعوى رقم 559 سنة 1958 مدني الرمل إذ قضى بانتهاء الخصومة وحسم النزاع بشأن حيازة الجراج فيما أورده بأسبابه من أن المطعون عليه بصفته أقر بالحيازة للطاعن وبأنه رد إليه الجراج بمحضر تسليم وفيما رتبه على ذلك بالمنطوق من إلزام المطعون عليه بالمصروفات. ورغم أن هذا الحكم أصبح حائزاً قوة الأمر المقضي فإن الحكم المطعون فيه رفض القضاء للطاعن بمقابل الانتفاع بالجراج مدة حيازته له من 30/ 12/ 1957 حتى 10/ 2/ 1959 ولم يتقيد بأسباب الحكم الانتهائي السابق والتي كانت لازمة لمنطوقه مع تعلقها بذات الحق محلاً وسبباً مخالفاً بذلك قوة الأمر المقضي. كما خالف الحكم المطعون فيه حجية الحكم الصادر في الدعوى رقم 409 سنة 1956 مدني الرمل والذي قضى بملكية المنقولات التي وقع عليها الحجز في الجراج موضوع النزاع للسيدة سيمون بونار وللطاعن باعتباره خلفاً لها ولا يكفي لتبرير مخالفة حجيته أن المطعون عليه لم يكن طرفاً في تلك الدعوى طالما أنه اقتصر في هذه الدعوى على التشكيك في مستندات تمليك الطاعن ولم يقدم الدليل على ملكية المفلس لها. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه خالف حجية الحكم الصادر في الدعوى رقم 466 سنة 1956 مستعجل إسكندرية التي رفعتها السيدة سيمون بونار بالاستشكال في تنفيذ أمر أداء لصالح بنك بونيان ضد ريمون بونار المفلس بالحجز على الجراج موضوع النزاع والتي قضي فيها بوقف التنفيذ تأسيساً على أن حيازة الجراج للسيدة سيمون بونار وليست لزوجها ريمون بونار.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه يبين من الحكم الصادر في الدعوى رقم 559 لسنة 1958 مدني الرمل المودعة صورته الرسمية بحافظة مستندات الطاعن في ملف الاستئناف المنضم أنه عرض في أسبابه إلى ما قرره المطعون عليه من أنه بوصفه وكيل الدائنين في التفليسة رفعت عليه المالكة لأرض الجراج الدعوى رقم 4025 لسنة 1958 مستعجل إسكندرية بطلب طرده منها وحكم لها بذلك وأنه نفاذاً لهذا الحكم قد أخلي الجراج للطاعن بموجب محضر التسليم المؤرخ 10/ 2/ 1959 وأنه أصبح بذلك غير حائز للجراج ولا مصلحة للطاعن في تلك الدعوى وقد أصبحت الخصومة بشأنها منتهية. ولما كان يبين مما أورده ذلك الحكم أنه اكتفى في قضائه بإنهاء الخصومة في الدعوى بما ثبت له من استلام الطاعن للجراج واسترداده للحيازة بعد رفع دعواه واستغنى بذلك عن البحث في حقيقة الحيازة وأصلها وكان قضاؤه بمسئولية المطعون عليه عن مصروفات تلك الدعوى مؤسساً على أنه هو المتسبب في طرح الخصومة على المحكمة ومنقطع الصلة ببحث موضوع الحيازة ولا يعتبر قضاء حاسماً فيها فإن الحكم المطعون فيه إذ قرر بصدد النزاع المتعلق بطلب الطاعن مقابل حيازة المطعون عليه بصفته للجراج أنه غير مقيد بقضاء سابق فإنه لا يكون قد خالف حجية الأمر المقضى فيه. لما كان ذلك وكانت حجية الأحكام القضائية في المسائل المدنية لا تقوم إلا بين من كانوا طرفاً في الخصومة حقيقة أو حكماً ولا يستطيع الشخص الذي صدر لمصلحته حكم سابق الاحتجاج به على من كان خارجاً عن الخصومة ولم يكن ممثلاً فيها وفقاً للقواعد القانونية المقررة في هذا الشأن، وكان الثابت بأسباب الحكم الابتدائي التي أحال إليها الحكم المطعون فيه أنه قضى في الدعوى رقم 409 لسنة 1956 مدني الرمل لمصلحة السيدة سيمون بونار وللطاعن بملكية المنقولات موضوع النزاع الحالي وبإلغاء الحجز في مواجهة الحاجز والمدين ريمون بونار، كما أن الثابت بهذه الأسباب أن المطعون عليه بصفته وكيل الدائنين في تفليسة هذا المدين لم يختصم في تلك الدعوى، وإذ لا يعتبر المدين ممثلاً للمطعون عليه فيها، فإنه لا يجوز الاحتجاج عليه بحجية الأمر المقضي التي لا سبيل لنقضها اعتماداً على وحدة الموضوع. لما كان ما تقدم وكان الثابت بأسباب الحكم الابتدائي أن الدعوى رقم 466 لسنة 1956 الإسكندرية أقامتها السيدة سيمون بونار بالاستشكال في تنفيذ أمر أداء صدر لصالح بنك بونيان ضد المدين ولم يختصم فيها المطعون عليه بصفته وكان الحكم الصادر في دعوى الإشكال لا يمس موضوع الحق ولا يعتبر فاصلاً فيه فإنه لا محل للتحدي بأن الحكم المطعون فيه برفضه القضاء بملكية الطاعن للمنقولات موضوع الحكم الصادر لمصلحة السيدة سيمون بونار في دعوى الإشكال قد خالف حجية الأمر المقضى فيه. لما كان ذلك فإن النعي في جميع ما تضمنه هذا السبب يكون غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مسخ الأوراق والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ويقول في بيان ذلك إن الثابت بعقد الإيجار المؤرخ 31/ 8/ 1943 الصادر من ورثة نخلة دياب عن الأرض المقام عليها الجراج أن السيدة سيمون بونار هي المستأجرة وقد ورد بديباجة العقد المحرر باللغة الفرنسية أن ريمون بونار وقع عليه مع زوجته سيمون بونار بوصفه ضامناً لها، كما أن بنود العقد واضحة في أن هذه السيدة هي المستأجرة فيه والملتزمة بشروطه وأن زوجها ضامن لها في تنفيذه، ولكن الحكم المطعون فيه خالف الثابت بالعقد واعتبر الزوج مستأجراً مع أنه وقع عليه بالتطبيق للقانون الفرنسي الذي يعتبر الزوجة ناقصة الأهلية في التعاقد إلا إذا وقع زوجها معها، وهذا من الحكم مسخ للعقد وفساد في الاستدلال. هذا إلى أن الحكم استخلص حيازة الزوج واستغلاله للجراج من قيامه بسداد الأجرة وتقديم السنديك إيصالات السداد باسمه مع أن السنديك لم يقدم سوى إيصالين باسم الزوج في سنة 1948 كان السداد فيهما لحساب زوجته وهو ضامن لها. ويضيف الطاعن أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن الإعلانات الموجودة على الجراج باسم ريمون بونار ترجع إلى أنه كان يشغل الأرض الملاصقة له وأن نماذج الضرائب المقدمة من السنديك عن نشاط الزوج سابقة على تاريخ عقد الإيجار المحرر عن الجراج موضوع النزاع ولا تصلح للاحتجاج بها على استغلاله، غير أن الحكم اكتفى بالإحالة إلى أسباب الحكم الابتدائي ولم يبحث هذا الدفاع الذي لم يكن معروضاً على محكمة أول درجة كما لم يبحث ما قرره الطاعن رداً على الحكم الابتدائي في خصوص حضوره أمام الخبير في الدعوى رقم 2240 سنة 1955 مستعجل الإسكندرية من أن الثابت بمحاضر أعمال هذا الخبير أنه كان قد حضر أمامه بصفته صديقاً لريمون بونار لا بصفته وكيلاً عنه. وقد أغفل الحكم الرد على ما قرره الطاعن من أن أقوال السيدة سيمون بونار وزوجها في دعوى البيع الجبري للجراج وفاء لدين على المؤجرين بأن مباني الجراج ملك لها هي أقوال ذكرت على سبيل الدفاع في تلك الدعوى ولا تعتبر من قبيل الإقرار القضائي فلا يحتج بها في النزاع الحالي. كما أغفل الحكم الرد على ما تمسك به الطاعن في دفاعه من قيامه بسداد مبالغ كثيرة إلى مصلحة الضرائب بموجب إيصالات باسم السيدة سيمون بونار ومن أن نماذج الضرائب صادرة باسمها عن استغلالها للجراج من سنة 1943 حتى تنازلها له في سنة 1955 واقتصر الحكم المطعون فيه على الإحالة إلى الحكم الابتدائي في رده على هذا الدفاع رغم أن هذه المستندات قدمت في الاستئناف وهو ما يعيب الحكم بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أحال الحكم المطعون فيه إلى أسبابه عرض لنزاع الطرفين حول حيازة الجراج واستغلاله والمستندات المقدمة منهما وقال في هذا الخصوص "أن ما يدعيه المدعي (الطاعن) من أن السيدة/ سيمون بونار كانت تحوز الجراج محل التداعي وتستغله لحسابها دون زوجها ريمون بونار ادعاء على غير أساس لما يلي 1 - إن الثابت من الملف رقم 757/ 72 قسم التراخيص ببلدية إسكندرية أن ريمون بونار هو الذي تقدم بالطلبات والمكاتبات الخاصة برخصة الجراج منذ سنة 1947 حتى 18/ 1/ 1956 2 - إن الثابت من صحيفة الدعوى رقم 2240 سنة 1955 مدني مستعجل إسكندرية أن ريمون بونار أعلن بها مخاطباً مع زوجته في 21/ 5/ 1955 على أنه صاحب ورشة جراج سيارات رقم 405 طريق فؤاد الأول بمصطفى باشا قسم الرمل وهو الجراج محل النزاع. 3 - إن الثابت من عقد الشركة المؤرخ 22/ 12/ 1951 أن ريمون بونار أبرم ذلك العقد مع اليس روفيه على أنه هو المستغل للجراج والورشة الملحقة به. 4 - إن الثابت من الإيصالين المؤرخ أولهما 20/ 4/ 1948 وثانيهما 4/ 6/ 1948 والمقدمين من المدعى عليه (المطعون عليه) أن ريمون بونار هو الذي كان يقوم بدفع الأجرة المستحقة عن الجراج 5 - إن مصلحة الأموال المقررة حررت إنذاراً بدفع العوائد المستحقة على الملك رقم 732 والقائم بعض مباني الجراج عليه - وخاطب محرر الإنذار المسيو ريمون بونار شخصياً على أنه هو المستأجر. 6 - إن الثابت من العقد المؤرخ 31/ 3/ 1949 أن ريمون بونار استأجر من مرجريت باسيلي قطعة الأرض الثانية المقام عليها الجراج. 7 - إن المستندات المحررة بمعرفة مصلحة الضرائب في 25/ 2/ 1943 و1949 و1953 والخطاب المؤرخ 7/ 10/ 1953 والصادر من أصحاب الملك رقم 70 مصطفى باشا تفيد أن مسيو ريمون بونار هو المستغل للجراج - ولذلك تحررت له جنحة في 29/ 3/ 1943 لعدم تقديمه الإقرارات الخاصة نتيجة أعماله التجارية - 8 - إن التليفون الموجود بالجراج باسم بونار ريمون المفلس كالثابت من دليل التليفونات سنة 1952" ولما كان يبين من هذا الذي قرره الحكم أنه اعتمد في إطراح العقد الصادر من السيدة سيمون بونار والذي اتخذه الطاعن أساساً لدعواه بحيازة الجراج موضوع النزاع وملكيته لمنقولاته على ما حصله من وقائع الدعوى وظروفها من أن زوجها ريمون بونار هو الحائز فعلاً للجراج والمستغل الحقيقي له، وإذ استدل الحكم على ذلك بما ثبت له من المستندات المقدمة في الدعوى من أن ريمون بونار هو الذي قدم طلبات الترخيص عن الجراج لبلدية الإسكندرية من سنة 1947 حتى سنة 1956 واستأجر قطعة الأرض المجاورة للأرض المستأجرة باسم زوجته وأقام الجراج على القطعتين وقام بتركيب التليفون في الجراج باسمه وظهر في معاملاته مع ملاك القطعتين ومع مصلحة الضرائب بمظهر المستأجر والمستغل وأثبت في عقد أبرمه مع الغير سنة 1951 أنه هو المستغل للجراج وصاحب الورشة الملحقة به ووجهت إليه الإعلانات القضائية والإنذارات الرسمية بهذه الصفة، كما استدل الحكم بأن المطعون عليه الأول بصفته وكيلاً للتفليسة قدم إيصالين بسداده الأجرة باسمه في سنة 1948، وكانت هذه الأدلة التي أوردها الحكم والمستمدة من أوراق الدعوى تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكان لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة له تقديماً صحيحاً وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما يطمئن إليه منها وفي استخلاص ما يراه متفقاً مع واقع الدعوى، فإن مجادلة الطاعن بوجود مبررات لتقديم طلب الترخيص وتركيب التليفون وتحرير إيصالات الأجرة باسم ريمون بونار نيابة عن زوجته سيمون وبكتابة المستندات المقدمة من الطاعن على حيازة الزوجة للجراج وملكية منقولاته لا تعدو أن تكون مجادلة في تقدير الدليل وهو ما يستقل به قاضي الموضوع ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص يكون على غير أساس. ولا حاجة للحكم المطعون فيه وقد أخذ بالأسباب الواردة بالحكم الابتدائي على نحو ما تقدم إلى التحدث عن نماذج الضرائب وإيصالات السداد التي قدمها الطاعن باسم السيدة سيمون لأول مرة في الاستئناف تأييداً لدفاعه أمامها لأن دفاع الطاعن بدلالة هذه المستندات لا يخرج في جوهره عن دفاعه بدلالة المستندات التي كانت معروضة على محكمة أول درجة والتي أطرحتها مما يتضمن الرد المسقط على المستندات المقدمة في الاستئناف ما دامت الأسباب التي أوردتها واضحة في تكوين عقيدتها وكافية لحمل قضائها. ولا حاجة للحكم إلى الرد على ما أثاره الطاعن بشأن القرينة المستمدة من أقوال ريمون بونار وزوجته أمام الخبير في دعوى سابقة إذ أن محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على جميع ما يقدمه الخصوم من قرائن وحجج. أما اعتراض الطاعن على ما قرره الحكم عن استغلال ريمون بونار للجراج الثابت بنماذج الضرائب الصادرة باسم ريمون بونار بأن هذا الاستغلال سابق لتاريخ عقد الإيجار الصادر باسم زوجته عن هذا الجراج فإن هذا الذي قرره الحكم يعد تزيداً في البيان لا يضيره. لما كان ذلك وكان المطعون عليه يعتبر من الغير في أحكام الصورية بالنسبة لعقد الإيجار الصادر عن الجراج باسم زوجة المدين المفلس ولا يتقيد في إثبات حقيقة العقد بعباراته ونصوصه، فإن الحكم المطعون فيه إذ استند - على ما سلف بيانه - إلى الأدلة والقرائن التي ساقها في إثبات أن المدين هو المستأجر الحقيقي في هذا العقد إنما يكون قد استظهر الحقيقة من الظروف التي أحاطت تنفيذ العقد، ولا يكون قد مسخه أو خرج عن قواعد التفسير. وإذ قرر الحكم الابتدائي وهو بصدد الرد على دفاع الطاعن أن الزوج وقع على عقد الإيجار ضامناً في تنفيذه لنفي ما أبداه الطاعن من أنه وقع عليه لإتمام أهلية زوجته في التعاقد طبقاً للقانون الفرنسي الذي يحكم هذه الأهلية ومن أن زوجها ليست له صله بالعقد، وكان هذا الذي قرره الحكم لا يناقض استخلاصه بأن الزوج هو الذي قام باستغلال الجراج لحسابه، فإن الحكم المطعون فيه وقد أحال إلى أسباب الحكم الابتدائي لا يكون قد شابه فساد الاستدلال. ومن ثم يكون النعي في جميع ما تضمنه هذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب ويقول في بيان ذلك إنه طلب في دعواه تثبيت ملكيته لمنقولات محددة وقدم مستندات ملكيته لها، وعلى الرغم من أن الحكم الابتدائي أورد هذه المستندات في وقائع النزاع ومنها محضر بيع بالمزاد لبعض المنقولات فإن هذا الحكم لم يتعرض لبحث الطلب واكتفى بالقول بأن المستندات المتعلقة به يمكن اصطناعها وقد جاراه في ذلك الحكم المطعون فيه مما يعيبه بالقصور والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم الابتدائي أورد في سرده لوقائع النزاع المستندات المقدمة من الطاعن لتأييد دعواه بملكية المنقولات الموجودة في الجراج المدعى بأنه استأجره من السيدة سيمون بونار. ولما كان الحكم الابتدائي قد حصل بالأدلة السائغة التي أوردها على ما تقدم بيانه في الرد على السبب الثاني أن عقد الإيجار عن الجراج صدر صورياً باسم هذه السيدة وأن زوجها هو المستأجر الحقيقي للجراج والحائز له، وكان الحكم قد رتب على ذلك أن عقد الإيجار الصادر من السيدة المذكورة إلى الطاعن في 22/ 12/ 1955 بعد تاريخ توقف زوجها عن دفع ديونه المحدد في 11/ 2/ 1952 بحكم إشهار إفلاسه هو عقد تم بطريق التواطؤ للتهرب من دفع الديون، وإذ أطرح الحكم الفواتير المقدمة من الطاعن بملكية المنقولات الموجودة بالجراج لعدم اطمئنانه إليها وقرر أن هذه الفواتير يمكن اصطناعها خدمة للدعوى، فإن الحكم المطعون فيه وقد أحال إلى هذه الأسباب يكون قد نفى دلالة مستندات الطاعن على ادعائه بالملكية بما يكفي لحمل قضائه ويكون النعي عليه في هذا السبب على غير أساس.


[(1)] نقض 2/ 1/ 1963 - الطعن 23 لسنة 30 ق أحوال شخصية مجموعة المكتب الفني لسنة 14 رقم 1 ص 21.