أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 1173

جلسة 13 من يونيه سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.

(176)
الطعنان رقمي 418 و422 لسنة 34 ق

( أ ) نقض. "أسباب الطعن". "أسباب يخالطها واقع". استئناف. حراسة. "حراسة إدارية".
زوال صفة الحارس الخاص في تمثيل الخاضع للحراسة. عدم تمسك الحارس العام أمام محكمة الاستئناف بزوال الصفة وبرفع الاستئناف بعد ذلك. النعي بذلك سبب جديد لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض لأول مرة.
(ب) حراسة. "حراسة إدارية".
للحارس العام أن يعين حراساً خاصين تحدد اختصاصاتهم وفقاً للقرارات التي تصدر منه وله أن يبقى على اختصاص الحارس الخاص المعين من قبل لأية مدة يراها.
(جـ) نقض. "أسباب الطعن". "أسباب يخالطها واقع".
عدم تمسك الحارس العام أمام محكمة الموضوع ببطلان الدين المطالب به (سمسرة) طبقاً للمادة 12 من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1956 لعدم تقديم الدائن إقراراً به في الميعاد. تمسكه ببطلان عقد البيع المطالب بالسمسرة عنه على أساس صدور قرار من الحارس العام بإبطاله. تقديم الإقرار أو عدم تقديمه في الميعاد مسألة واقعية. النعي ببطلان الدين سبب جديد لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(د) حراسة. "حراسة إدارية" بطلان الاتفاقات لعدم تقديم بيان عنها.
البطلان المنصوص عليه في المادة 12 من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1956. تنازله الاتفاقات المنصوص عليها في المادة 11 فحسب. ليس منها الاتفاق على دفع سمسرة.
(هـ) سمسرة "استحقاق السمسار للأجر".
تمام الصفقة نتيجة لسعي السمسار ووساطته. استحقاق السمسار للأجر. لا يحول دون ذلك فسخ العقد أو إبطاله لسبب يجهله السمسار أو طرأ بعد تمام العقد.
1 - متى كان الطاعن (الحارس العام) لم يتمسك أمام محكمة الاستئناف بزوال صفة الحارس الخاص في تمثيل الخاضع للحراسة وكان الفصل فيما يدعيه الطاعن من أن الاستئناف رفع على الحارس الخاص بعد أن زالت صفته في تمثيل الخاضع للحراسة يقتضي تحقيق عنصر واقعي هو التحقق مما إذا كانت صفة الحارس الخاص قد زالت قبل رفع الاستئناف أو لم تزل فإن النعي بذلك يعتبر سبباً جديداً مما لا يقبل إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - إن المادة 3 من الأمر رقم 138 لسنة 1961 وإن خولت الحارس العام الذي يتولى إدارة أموال الأشخاص المفروضة الحراسة على أموالهم سلطات المدير العام المنصوص عليها في الأمر رقم 4 لسنة 1956 إلا أنها أجازت للحارس العام أن يعين حراساً خاصين على تلك الأموال والممتلكات تحدد اختصاصاتهم وفقاً للقرارات التي تصدر منه وبالتالي يكون للحارس العام أن يبقى على اختصاصات الحارس الخاص المعين من قبل لأية مدة يراها [(1)].
3 - متى كان الطاعن (الحارس العام) لم يتمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان الدين المطالب به طبقاً للمادة 12 من الأمر رقم 4 لسنة 1956 لعدم تقديم المطعون ضده (الدائن) إقراراً به في الميعاد وإنما تمسك ببطلان عقد البيع المطالب بالسمسرة عنه على أساس صدور قرار من الحارس العام بإبطاله وكان تقديم إقرار أو عدم تقديمه في الميعاد أمر واقعي لم يسبق عرضه على محكمة الموضع فإن النعي ببطلان الدين يكون سبباً جديداً لا يجوز قبوله لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع.
4 - لا ترتب المادة 12 من الأمر العسكري 4 لسنة 1956 البطلان إلا على عدم تقديم البيان عن الاتفاقات المنصوص عليها في المادة 11 ولا يدخل في هذه الاتفاقات الاتفاق على دفع السمسرة.
5 - متى تمت الصفقة نتيجة لسعي السمسار ووساطته فإنه لا يحول دون استحقاقه للأجر، أن يفسخ العقد الخاص بالصفقة أو يبطل فيما بعد بسبب كان السمسار يجهله وقت العقد أو طرأ بعد إتمامه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن "محمد عبد الغني عبده" أقام الدعوى رقم 1043 سنة 1961 كلي القاهرة على عبد اللطيف أبو رجيله والأمير دعيج السلمان الصباح طالباً الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 24720 جنيهاً وقال شرحاً لها إن السيد عبد العزيز العلي القناعي بصفته وكيل عن سمو الأمير دعيج السلمان الصباح فوضه في شراء عمارة مملوكة للسيد أو رجيلة وقد وافق الأخير على بيع عمارته المذكورة لسمو الأمير بالشروط المبينة في ذلك التفويض نظير ثمن قدره 694403 ج و800 م وتمت الصفقة فعلاً بفضل جهوده وأنه لذلك يستحق سمسرة عنها بواقع 5% من الثمن مناصفة بين البائع والمشتري وأن السيد أبو رجيلة البائع دفع له مبلغ 10000 ج من نصيبه في السمسرة وامتنع عن الوفاء له بالباقي وقدره 7360 ج أما سمو الأمير المشتري فقد امتنع عن أداء السمسرة المستحقة عليه وقدرها 17360 ج ولهذا فقد رفع الدعوى بطلب هذين المبلغين وإذ فرضت الحراسة على أموال السيد/ أبو رجيلة أثناء سير الدعوى قضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة في الدعوى وبصحيفة أعلنت في 27 و29 نوفمبر سنة 1961 عجلها المدعي "محمد عبد الغني عبده" واختصم فيها السيد عبد الفتاح لطفي بصفته حارساً خاصاً على أموال أبو رجيلة ومدير عام مؤسسة النقل وطلب الحارس الخاص على أموال أبو رجيلة رفض الدعوى تأسيساً على أن الحارس العام أصدر في 7/ 4/ 1962 قراراً ببطلان عقد البيع المبرم بين أبو رجيلة وسمو الأمير وأن هذا القرار أصبح نهائياً بعدم الاعتراض عليه في الميعاد المنصوص عليه في المادة 12 من الأمر العسكري رقم 4 سنة 1956 وبذلك أصبح عقد البيع المذكور معدوماً لا يترتب عليه أي أثر - كما طلب الأمير المشتري رفض الدعوى تأسيساً على أن اتفاق 25/ 4/ 1959 المبرم بين وكيله عبد العزيز العلي القناعي وبين المدعي محمد عبد الغني عبده لا يلزمه بأية سمسرة. وفي 21 يناير سنة 1963 قضت المحكمة برفض الدعوى فاستأنف "محمد عبد الغني عبده" هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 592 سنة 80 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة في 20 مارس سنة 1963 وأعلنت للمستأنف عليهما (الأمير دعيج الصباح والحارس الخاص على أموال السيد/ أبو رجيله) في 21 و25/ 3/ 1963 وفي 21 أغسطس و20 أكتوبر سنة 1963 اختصم المستأنف محمد عبد الغني عبده كلاً من الأستاذ أنور شلبي بصفته حارساً عاماً على أموال أبو رجيلة والأستاذ يوسف أحمد مكادي بصفته وكيلاً للحارس العام وباعتبارهما يمثلان الحراسة على أموال أبو رجيلة وطلب الحكم عليهما مع باقي المستأنف عليهم بطلباته الواردة بصحيفة الاستئناف وفي 29 إبريل سنة 1964 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى بالنسبة للسيد/ أبو رجيلة - والحكم بإلزام المستأنف ضده الأول "السيد أنور شلبي بصفته" بأن يؤدي للمستأنف "محمد عبد الغني عبده" مبلغ 7360 ج والمصروفات المناسبة عن الدرجتين ومبلغ خمسمائة قرشاً مقابل أتعاب المحاماة ورفض ما عدا ذلك من الطلبات - وبتقرير تاريخه 27 يونيه سنة 1964 طعن الطاعن محمد عبد الغني عبده في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم 418 سنة 34 ق كما طعن فيه الحارس العام بصفته بتقرير تاريخه 28 يونيه سنة 1964 وقيد طعنه برقم 422 سنة 34 ق وقدمت النيابة في كل من الطعنين مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه وبالجلسة المحددة لنظرهما قررت هذه المحكمة ضم الطعن 418 سنة 34 ق إلى الطعن رقم 422 سنة 34 ق وصممت النيابة على رأيها السابق.
عن الطعن رقم 422 سنة 34 ق:
المرفوع من السيد أنور شلبي بصفته مديراً عاماً لإدارة الأموال التي آلت إلى الدولة بالقانون رقم 150 لسنة 1964.
وحيث إن هذا الطعن أقيم على ثلاثة أسباب يتحصل أولها في وقوع بطلان في الإجراءات أثر في الحكم المطعون فيه وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحارس الخاص على أموال أبو رجيلة قد زالت صفته في تمثيله أمام القضاء من يوم 25 أكتوبر سنة 1961 تاريخ صدور الأمر رقم 140 لسنة 1961 الذي فرض الحراسة على أموال أبو رجيلة وأخضعه لأحكام الأمر رقم 138 سنة 1961 مما ترتب عليه أن أصبح الحارس العام (الطاعن) وحده صاحب الصفة في تمثيله - ولما كان المطعون ضده "محمد عبد الغني عبده" قد وجه استئنافه إلى الأستاذ عبد الفتاح لطفي بصفته حارساً خاصاً على أموال أبو رجيلة وقدم صحيفته إلى قلم كتاب محكمة الاستئناف بتاريخ 20 مارس سنة 1963 بعد زوال صفة هذا الحارس الخاص فإن الاستئناف يكون قد رفع على غير ذي صفة ولا يغير من ذلك أن يكون المطعون ضده قد اختصم الحارس العام "الطاعن" في الاستئناف بعد ذلك لأن اختصامه تم في 21 سبتمبر سنة 1963 بعد فوات ميعاد الاستئناف.
وحيث إن الواقع الذي سجله الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده أقام الدعوى ابتداء على السيد/ عبد اللطيف أبو رجيلة بطلب باقي السمسرة المستحقة عليه للطاعن ولما صدر الأمر رقم 109 لسنة 1961 بتاريخ 3 يوليه سنة 1961 بفرض الحراسة الإدارية على أمواله وصدر القرار الوزاري رقم 740 لسنة 1961 بتعيين الأستاذ عبد الفتاح لطفي حارساً خاصاً على هذه الأموال اختصم المطعون ضده هذا الحارس الخاص باعتباره ممثلاً للخاضع للحراسة وظل هذا الحارس الخاص يباشر الدعوى بصفته ممثلاً له إلى أن صدر الحكم الابتدائي بتاريخ 21 يناير سنة 1963 قاضياً برفض الدعوى فاستأنف المطعون ضده هذا الحكم ووجه الاستئناف إلى الحارس الخاص المذكور وأعلنه بصحيفته في الميعاد وعند إعذار المستأنف عليه المذكور وجه صحيفة الإعذار إلى الطاعن بصفته على أساس أنه أصبح يمثل السيد/ عبد اللطيف أبو رجيلة بعد صدور الأمر رقم 140 لسنة 1961 - ولما كان الثابت من الملف الاستئنافي المضموم أن الطاعن (الحارس العام) لم يتمسك أمام محكمة الاستئناف بزوال صفة الحارس الخاص في تمثيل الخاضع للحراسة وكان الفصل فيما يدعيه الطاعن من أن الاستئناف رفع على الحارس الخاص بعد أن زالت صفته في تمثيل الخاضع للحراسة يقتضي تحقيق عنصر واقعي هو التحقق مما إذا كانت صفة الحارس الخاص في تمثيل السيد/ أبو رجيلة قد زالت قبل رفع الاستئناف أو لم تزل وكان هذا الواقع لم يعرض على محكمة الاستئناف فإن هذا النعي يعتبر سبباً جديداً مما لا يقبل إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض ولا ينال من ذلك أن الأمر رقم 140 لسنة 1961 الذي أخضع السيد أبو رجيلة لأحكام الأمر رقم 138 لسنة 1961 قد صدر بتاريخ 25 أكتوبر سنة 1961 وترتب عليه تخويل الحارس العام الصفة في تمثيل الشخص الخاضع للحراسة ذلك أن صدور الأمر رقم 140 لسنة 1961 في ذلك التاريخ لا يدل بذاته على زوال صفة الحارس الخاص إذ أن المادة 3 من الأمر رقم 138 سنة 1961 وإن خولت الحارس العام الذي يتولى إدارة أموال الأشخاص المفروضة الحراسة على أموالهم سلطات المدير العام المنصوص عليها في الأمر رقم 4 لسنة 1956 إلا أنها أجازت للحارس العام أن يعين حراساً خاصين على تلك الأموال والممتلكات تحدد اختصاصاتهم وفقاً للقرارات التي تصدر منه ومتى كان للحارس العام أن يبقى على اختصاصات الحارس الخاص المعين من قبل على أموال السيد أبو رجيله لأية مدة يراها فإن ما نص عليه في الأمرين رقم 138 سنة 1961 و140 سنة 1961 لا يغني عن وجوب التحقق مما إذا كانت صفة الحارس الخاص قد زالت فعلاً قبل تاريخ رفع الاستئناف أو أنها استمرت إلى هذا التاريخ بتفويض من الحارس العام وهو بحث لواقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أن الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1956 يوجب على أصحاب الديون تقديم إقرار بالديون والاتفاقات في ميعاد غايته خمسة عشر يوماً من تاريخ فرض الحراسة تطبيقاً لقرار نائب رئيس الجمهورية رقم 3 لسنة 1961 وقد رتبت المادة 12 من ذلك الأمر جزاء البطلان على عدم تقديم الإقرار في الميعاد المذكور وإذ كان الطاعن لم يقدم هذا الإقرار عن دينه فإن محكمة الاستئناف إذ اعتبرت هذا الدين صحيحاً وألزمت الطاعن به فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون.
وحيث إنه لما كان الطاعن لم يسبق له أن تمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان الدين المطالب به طبقاً للمادة 12 من الأمر رقم 4 سنة 1956 لعدم تقديم المطعون ضده إقراراً به في الميعاد وكل ما تمسك به الطاعن هو بطلان عقد البيع المطالب بالسمسرة عنه على أساس صدور قرار من الحارس العام بإبطاله. وكان تحقيق دفاع الطاعن المشار إليه في هذا السبب يقتضي بحث أمر قيام المطعون ضده بتقديم الإقرار أو عدم تقديمه في الميعاد وهو أمر واقعي لم يسبق عرضه على محكمة الموضع وبالتالي فإن النعي بهذا السبب يكون جديداً لا يجوز قبوله لأول مرة أمام محكمة النقض. هذا إلى أن المادة 12 من الأمر العسكري رقم 4 سنة 1956 لا ترتب البطلان إلا على عدم تقديم البيان عن الاتفاقات المنصوص عليها في المادة 11 والتي لا يدخل فيها الاتفاق على دفع السمسرة.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه على الرغم من تسليم الحكم المطعون فيه بأن الحارس العام أصدر قراراً ببطلان عقد البيع وصار هذا القرار نهائياً بعدم الطعن فيه في الميعاد المحدد في الأمر رقم 4 سنة 1956 إلا أنه ذهب إلى أن هذا البطلان لا يؤثر على حق المطعون ضده في اقتضاء عمولته لأن السمسار يستحق أتعابه عن وساطته بمجرد إتمام العقد ويرى الطاعن أن هذا الذي قرره الحكم مخالف للقانون إذ السمسرة لا تستحق إذا أبطل العقد الخاص بالصفقة المطالب بالسمسرة عنها - كما أن ما قرره الحكم مساس بالقرار الصادر من الحارس العام ببطلان عقد البيع وهو أمر يحظره القانون رقم 599 سنة 1963 الذي منع سماع أية دعوى يكون الغرض منها الطعن في أي تصرف أو إجراء أو عمل أمرت به أو تولته الجهات القائمة على تنفيذ جميع الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على أموال وممتلكات بعض الأشخاص أو الهيئات.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه جاء به في هذا الصدد قوله. "وحيث إنه من ناحية أخرى وعلى فرض صحة ما دفع به المستأنف ضده الأول (الطاعن) من أن الحارس العام قد أصدر قراراً بتاريخ 7/ 4/ 1962 ببطلان عقد البيع الابتدائية الخاص بالعقار موضوع التفويض وأصبح هذا القرار نهائياً بعدم الطعن فيه من المشتري في خلال المدة المحددة بالمادة 12 من الأمر العسكري رقم 4 سنة 1956 فإن هذا القول إن صح لا يؤثر على حق المستأنف (المطعون ضده) في قيمة العمولة الثابتة له بموجب التفويض المعطى له - ذلك أن السمسار يستحق أتعابه كاملة عن وساطته بمجرد إتمام العقد الابتدائي بين البائع والمشتري ولا يمكن أن يضار بعد ذلك بسبب ما يطرأ بعد إتمام العقد من ظروف تدعو إلى فسخه أو إلغائه" - وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه صحيح في القانون ذلك أنه متى تمت الصفقة نتيجة لسعي السمسار ووساطته فإن لا يحول دون استحقاقه للأجر أن يفسخ العقد الخاص بالصفقة أو يبطل فيما بعد لسبب كان السمسار يجهله وقت العقد أو طرأ بعد إتمامه ولما كان القرار الصادر من الحارس العام بإبطال عقد البيع الابتدائي الخاص بالعقار موضوع التفويض قد صدر في 7 إبريل سنة 1962 بعد إتمام العقد وكان الإبطال مستنداً إلى القوانين التي صدرت بعد إتمامه ولا يرجع لعيب شاب التعاقد في ذاته فإن هذا الإبطال لا يحول استحقاق السمسار لأجره ولذلك يكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
عن الطعن رقم 418 سنة 34 ق:
وحيث إن هذا الطعن أقيم على سببين حاصل أولهما أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أنه أقام قضاءه على أن عبارة العقد المؤرخ 25/ 4/ 1959 المبرم بين السيد/ عبد العزيز القناعي بصفته وكيلاً عن أمراء آل الصباح وبين الطاعن صريحة في أنه قد ارتضى أن تكون السمسرة على البائع دون المشتري ويرى الطاعن أن هذا الذي أقام الحكم عليه قضاءه يتضمن إهداراً للمادة 150/ 1 من القانون المدني لأن عبارة ذلك العقد واضحة الدلالة على أن السيد القناعي لم يعقد هذا العقد بصفته وكيلاً عن أمراء آل الصباح وإنما عقده بالأصالة عن نفسه وأن وكالته إنما ذكرت في ديباجة العقد بياناً لوظيفته ولأنه لا يتصور أن يتفق السيد/ القناعي مع الطاعن على اقتسام الأتعاب التي يدفعها البائع وأن يكون اتفاقه هذا بصفته وكيلاً. وأضاف الطاعن أن الاتفاق الذي أبرمه السيد/ القناعي بصفته وكيلاً عن أمراء آل الصباح هو التفويض الذي أبرمه مع الطاعن في ذات التاريخ والذي بدأه بعبارة "بصفته وكيلاً عاماً عن سمو الأمير دعيج الصباح" وإذا كان هذا التفويض قد خلا من الإشارة إلى إعفاء المشتري من أداء السمسرة وكان عقد البيع قد أبرم فعلاً بين المشتري (المطعون ضده) وبين البائع السيد/ أبو رجيله بفضل جهود الطاعن فإنه يستحق قبل المشتري السمسرة التي جرى بها العرف وإذ رفض الحكم المطعون فيه القضاء له بها تأسيساً على تفسيره الخاطئ للاتفاق المؤرخ 25/ 4/ 1954 المبرم بين السيد/ القناعي وبين الطاعن فإنه يكون قد خالف المادة 150/ 1 من القانون المدني كما أن عبارة العقد التي استخلص منها الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد ارتضى أن تكون السمسرة على البائع دون المشتري واضحة في تقرير مبدأ استحقاق الطاعن للأتعاب قبل المشتري إذ النص على أنه ليس للطاعن أن يطالب بأية أتعاب "إلا ما يسمح به المشتري" لا معنى له سوى أن للطاعن الحق في الأتعاب التي يسمح بها المشتري فمبدأ استحقاق الأتعاب مسلم به وترك للمشتري أمر تحديد مقدار هذه الأتعاب وإذ خالف الحكم هذا المعنى الظاهر وذهب إلى أن الطاعن قد ارتضى أن تكون السمسرة على البائع وحده دون المشتري فإنه يكون قد خالف حكم المادة 150/ 1 من القانون المدني هذا إلى أنه لو فرض أن عبارة العقد غير واضحة فإنه كان يتعين طبقاً للمادة 150/ 2 من القانون المدني البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين والاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل ومما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين وفقاً للعرف الجاري وقد أغفل الحكم المطعون فيه كل ذلك فطبيعة التعامل عن عملية سمسرة يقوم بها سمسار محترف والثقة التي ينبغي توافرها بينه وبين الأمير الذي يتعامل معه كل ذلك كان يقتضي أن تفسر عبارة الاتفاق على أنها تترك لسمو الأمير المشتري تحديد مقدار الأتعاب المستحقة للطاعن بما عرف عن الأمراء من كرم وسخاء وألا يبدأ السمسار بالمطالبة فيخرج بذلك عما ألفه الأمراء وإنما ينتظر أن يؤدي له الأمير عن طيب خاطر كامل حقه وأضاف الطاعن أنه لو فرض أن هناك شكاً في معنى عبارة اتفاق 25/ 4/ 1959 الخاصة باستحقاق الأتعاب على المشتري فإنه كان يتعين طبقاً للمادة 151 من القانون المدني تفسير هذا الشك لمصلحة المدين وهو الطاعن الذي من شأن الشرط الغامض الوارد في العقد أن يضر بمصلحته.
ويتحصل السبب الثاني في أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب إذ انحرف عن العبارات الواضحة في العقد بتقريره أن السيد/ القناعي تعاقد بصفته نائباً عن آل الصباح وأن العقد يفيد إعفاء المشتري من السمسرة دون أن يورد أسباباً لعدوله عن المعنى الظاهر لما ورد في العقد كما أنه لم يبين الظروف والملابسات التي استدل منها على أن الطاعن عندما عرض الصفقة على وكيل المطعون ضده كان يحمل تفويض البائع له بإيجاد المشتري.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه جاء به قوله "وحيث إنه في خصوص الشق الأخير من الدعوى الموجه للمستأنف ضده الثاني الأمير دعيج السلمان الصباح (الطاعن) فإن عبارة عقد الاتفاق المبرم بين عبد العزيز العلي القناعي بصفته وكيلاً عاماً لأمراء آل الصباح وبين المستأنف (المطعون ضده) بتاريخ 25 من إبريل سنة 1959 جاءت صريحة قاطعة في أن هذا الأخير قد ارتضى أن تكون السمسرة على البائع فقط وأن ليس من حقه مطالبة المشتري بأية أتعاب مما لا يدع مجالاً للقول بأحقية المستأنف في الرجوع على المستأنف ضده الثاني بشيء ويبدو للمحكمة في جلاء ووضوح من ظروف الدعوى وملابساتها أن المستأنف حينما عرض الصفقة على وكيل المشتري كان يحمل تفويض البائع له بإيجاد المشتري وحتى لا تضيع عليه السمسرة التي اتفق بشأنها مع البائع وهي بمبلغ كبير فقد قبل عدم إلزام المشتري بدفع أية سمسرة له - أما تلك العبارة الواردة بالبند الثاني من عقد الاتفاق والتي تفيد بأن يؤدي الأمير ما يسمح به من الأتعاب عن طيب خاطر وأن ما يتسلمه المستأنف منها يقسم مناصفة بينه وبين الوكيل فإن هذه العبارة قد وضعها وكيل المستأنف ضده لمصلحته هو دون النظر لصالح المستأنف وبقصد تحديد العلاقة بينهما ولا تفيد بأية حال إلزام المستأنف ضده الثاني بشيء وبالتالي لا تنشئ أي حق للمستأنف قبله ومن ثم تكون الدعوى في الجزء الموجه للمستأنف ضده الثاني على غير أساس متعينة الرفض" - وهذا الذي قرره الحكم يفيد أن محكمة الموضوع استخلصت من نصوص الاتفاق المؤرخ 25 إبريل سنة 1959 المبرم بين السيد عبد العزيز العلي القناعي وبين الطاعن أن الأخير قد قبل ألا يطالب المطعون ضده المشتري بأية سمسرة اكتفاء بالسمسرة التي يتقاضاها من البائع وأن العبارة التي وردت بالبند الثاني من هذا الاتفاق والتي تتضمن اقتسام ما قد يجود به المطعون ضده عن طيب خاطر بين الطرفين إنما وضعها لسيد/ القناعي لمصلحته الخاصة وأنها لا تلزم المطعون ضده بشيء - ولما كان يبين من الاطلاع على العقد المؤرخ 25 إبريل سنة 1959 سالف الذكر أنه أبرم بين السيد/ عبد العزيز العلي القناعي وكيل عام سمو الأمراء آل الصباح وبين السيد/ محمد عبد الغني عبده (الطاعن) وجاء في ديباجته أن الطاعن سمسار يرغب في التعاون مع السيد/ القناعي بعرض ما لديه من عقارات ليتولى القناعي بدوره عرضها وإتمام يبعها لأصحاب السمو الأمراء أو غيرهم وقد تضمن البند الأول منه قبول الطاعن قسمة الأتعاب المحصلة من البائع مناصفة بينهما وذلك بالنسبة لجميع العقارات التي يتم بيعها بمعرفة الطرف الأول (القناعي) ونص البند الثاني على "موافقة الطرف الثاني (الطاعن) على ألا يطالب المشتري بأية سمسرة أو أتعاب في جميع العمليات التي تتم إلا ما يسمح به المشتري عن طيب خاطر وفي هذه الحالة أي إذا ما تسلم الطرف الثاني (الطاعن) أي مبلغ من المشتري فيكون مناصفة أيضاً بين الطرفين" ولما كانت عبارات هذا الاتفاق واضحة في الدلالة على المعنى الذي أخذ به الحكم المطعون فيه فإنه لا يكون قد انحرف عنها. ومتى كانت محكمة الموضوع في تفسيرها للاتفاق المشار إليه قد أخذت بالمعنى الظاهر لعباراته وضمنت حكمها أن هذا المعنى هو ما قصده العاقدان فإنها لا تكون بعد ملزمة بإيراد أسباب لتبرير أخذها بهذا المعنى لأن اقتضاء الأسباب محله أن تكون المحكمة قد صرفت اللفظ عن ظاهر معناه فيكون عليها أن تبين ما حملها على ذلك - لما كان ذلك وكانت عبارة العقد واضحة على ما تقدم ذكره ولا تحتمل شكاً فإن قول الطاعن بوجوب تفسير الشك لمصلحته لا يصادف محلاً. كما أنه لا محل أيضاً لما يعيبه الطاعن على الحكم من إغفاله البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين والاستهداء بطبيعة التعامل وبما ينبغي أن يتوافر من أمانه وثقة بين المتعاقدين وفقاً للعرف الجاري إذ محل ذلك، على ما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 150 من القانون المدني، عندما تكون عبارة العقد غير واضحة وتحتاج إلى تفسير ومن ثم يكون النعي بهذا السبب في جميع ما تضمنه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعنين.


[(1)] نقض 15/ 6/ 1967 مجموعة المكتب الفني س 18 ص 1275 بالنسبة للأمر رقم 5 لسنة 1956.