أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 24 - صـ 435

جلسة 15 من مارس سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وأحمد صفاء الدين.

(78)
الطعن رقم 512 لسنة 37 القضائية

(1) اختصاص. "الاختصاص الولائي". إيجار. "إيجار الأماكن. المساكن الملحقة بالمرافق والمنشآت الحكومية".
المساكن الملحقة بالمرافق والمنشآت الحكومية والمخصصة لسكنى موظفيها وعمالها. شغل هؤلاء لها على سبيل الترخيص. حق السلطة المرخصة في إلغائه والرجوع فيه. ذلك من الأعمال الإدارية. لا ولاية للمحاكم العادية بشأنه.
(2) اختصاص. "الاختصاص الولائي". إيجار. "إيجار الأماكن. المساكن الملحقة بالمرافق والمنشآت الحكومية". حيازة. "دعاوى الحيازة". نقض. "حالات الطعن". دعوى. قرار إداري.
التعرض المستند إلى أمر إداري اقتضته مصلحة عامة لا يصلح أساساً لرفع دعوى بمنع هذا التعرض. شغل موظف مسكناً ملحقاً بمرفق حكومي ومخصصاً لسكنى موظفيه. صدور قرار إداري بإنهاء الترخيص بذلك. إقامة دعوى بطلب رد حيازة هذا المسكن. القضاء بإجابة هذا الطلب. مخالفة للقانون في مسألة اختصاص متعلق بولاية المحاكم جواز الطعن فيه بطريق النقض ولو صدر من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية.
1 - إذ نص المشرع في المادة الأولى من القانون رقم 564 لسنة 1955 على أن "لا تسري أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين على المساكن الملحقة بالمرافق والمنشآت الحكومية المخصصة لسكنى موظفي وعمال هذه المرافق". ونص في المادة الثالثة على أنه "يجوز إخراج المنتفع من المسكن بالطريق الإداري ولو كان شغله سابقاً على العمل بهذا القانون، وذلك إذا زال الغرض الذي من أجله أعطى المسكن". فقد دل على أن المساكن التي تلحق بالمرافق والمنشآت الحكومية، والتي تخصصها جهة الإدارة لسكنى موظفيها وعمالها إنما يكون شغلهم لها على سبيل الترخيص، وهو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - يبيح للسلطة المرخصة دواماً ولدواعي المصلحة العامة الحق في إلغائه والرجوع فيه، ولو قبل حلول أجله، وكل أولئك من الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام ولا ولاية للمحاكم في شأنها، ولا تخضع للقانون الخاص.
2 - إذ كان الواقع في الدعوى أن المطعون عليه بوصفه مديراً للجمعية الزراعية بمدينة مطروح شغل مسكناً مملوكاً للحكومة، وخصصته جهة الإدارة لسكنى الموظفين والعمال الذين يعملون بالمدينة، ثم أصدر رئيس مجلس المدينة قراراً إدارياً بإنهاء هذا الترخيص وإخلاء المسكن، وأقام المطعون عليه بعد إخراجه من المسكن الدعوى بطلب تمكينه منه ورد حيازته إليه، وكان التعرض المستند إلى أمر إداري اقتضته مصلحة عامة لا يصلح أساساً لرفع دعوى حيازة لمنع هذا التعرض، وذلك لما يترتب حتماً على الحكم في هذه الدعوى لمصلحة رافعها من تعطيل هذا الأمر ووقف تنفيذه، وهو ما يمتنع على المحاكم بنص المادة 16 من قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965، ولا يكون للحائز في هذه الحالة من سبيل لدفع هذا التعرض سوى الالتجاء إلى القضاء الإداري لوقف تنفيذ الأمر أو إلغائه. وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون في مسألة اختصاص تتعلق بولاية المحاكم، وهو ما يجيز الطعن في هذا الحكم بطريق النقض رغم صدوره من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن....... أقام الدعوى رقم 184 سنة 1966 مدني مستعجل مطروح طلب فيها تمكينه وإعادة حيازته للشقة الموضحة بالصحيفة والمملوكة لمجلس مدينة مطروح، وقال بياناً للدعوى إنه استأجر الشقة المذكورة بوصفه مديراً للجمعية التعاونية الزراعية للتوريد والتسليف بالصحراء الغربية، ولما أوقف عن عمله استولت المحافظة على شقته عنوة وسلمتها خالية للمدعى عليه الأول، ويعتبر كلاهما مغتصباً لها الأمر الذي أقام من أجله الدعوى وبتاريخ 22 يونيه سنة 1967 حكمت المحكمة بتمكين المدعي من الشقة ورد حيازته لها، واستأنف محافظ مطروح ورئيس مجلس المدينة هذا الحكم لدى محكمة الإسكندرية الابتدائية بهيئة استئنافية طالبين إلغاءه والحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى واحتياطياً برفضها، وقيد هذا الاستئناف برقم 1289 سنة 1967 الإسكندرية، واستندا في ذلك إلى أن ما صدر للمدعي هو ترخيص أو عقد إداري للانتفاع بالعين لا يختص القضاء العادي بنظر النزاع المتعلق به، وإلى أن القانون رقم 564 سنة 1955 أخرج المساكن الملحقة بالمرافق والمنشآت الحكومية والمخصصة لسكنى موظفي وعمال هذه المرافق من دائرة تطبيق القانون 121 سنة 1947 وأباح إخراج المنتفع بالطريق الإداري إذا زال الغرض الذي أعطى من أجله المسكن، وبتاريخ 21 أغسطس سنة 1967 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل سببي الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله في مسألة اختصاص متعلق بولاية المحاكم، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إنه لما كان القرار الذي أصدره رئيس مجلس مدينة مطروح بإخلاء المطعون عليه من المسكن هو قرار إداري صادر من جهة الإدارة باعتباره عملاً من أعمال السلطة العامة، وانصب على موضوع إداري هو الترخيص بالانتفاع بمال مخصص لخدمة عامة، وكان لرئيس مجلس المدينة صفة في إصداره بمقتضى قانون الإدارة المحلية ونصوص الترخيص التي تخول الجهة الإدارية سلطة التنفيذ المباشر ولم تجاوز هذه السلطة الصالح العام المقصود به توفير سبل الراحة والاستقرار لموظفي محافظة مرسى مطروح بما يكفل للمرفق السير بانتظام واضطراد فإن هذا القرار تكون قد توافرت له مقوماته كقرار إداري، وتصبح معه الدعوى بطلب رد حيازة المبنى والتمكين من الانتفاع في حقيقتها دعوى إلغاء لهذا القرار الإداري الصحيح ووقف تنفيذه، وهو ما يمتنع على المحاكم العادية بنص المادة 16 من القانون رقم 43 سنة 1965 في شأن السلطة القضائية.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى على ما قرره من أن العقد موضوع الدعوى إن هو إلا عقد إيجار مدني، إذ لا يتناول بالتنظيم تسيير مرفق عام وإنما ينظم تأجير مسكن للمستأنف عليه الأول مقابل أجر معين، وهذا المسكن ليس مرفقاً عاماً أو ملحقاً بمرفق عام بطريق التبعية أو التخصيص، كما أن مجلس المدينة لم يهدف من العقد تحقيق مصلحة عامة، ذلك أنه وإن كان هدفه من إنشاء تلك المساكن مصلحة عامة كما يذهب في دفاعه إلا أن تلك المصلحة لم تكن هدف التعاقد، إذ لا يهدف العقد إلا إلى تحقيق مصلحة خاصة لفرد مقابل مبلغ يتقاضاه مجلس المدينة. لما كان ذلك، فإن قضاء الحكم المستأنف لا يكون منطوياً على إلغاء أمر إداري، كما أن البادي من الأوراق أن جهة الإدارة قد تعدت السلطة المخولة لها واتخذت إجراء لا يتفق مع القانون ويهدد الحصانة الممنوحة للأمر الإداري، ويكون ما قام به المستأنفان إن هو إلا عمل عدواني يتعين القضاء بمحو أثره، وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، ذلك أن المشرع إذ نص في المادة الأولى من القانون رقم 564 سنة 1955 على أن "لا تسري أحكام القانون رقم 121 سنة 1947 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين على المساكن الملحقة بالمرافق والمنشآت الحكومية والمخصصة لسكنى موظفي وعمال هذه المرافق". ونص في المادة الثالثة على أنه: "يجوز إخراج المنتفع من المسكن بالطريق الإداري ولو كان شغله سابقاً على العمل بهذا القانون وذلك إذا زال الغرض الذي من أجله أعطى المسكن" فقد دل على أن المساكن التي تلحق بالمرافق والمنشآت الحكومية والتي تخصصها جهة الإدارة لسكنى موظفيها وعمالها إنما يكون شغلهم لها على سبيل الترخيص وهو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يبيح للسلطة المرخصة دواماً ولدواعي المصلحة العامة الحق في إلغائه أو الرجوع فيه ولو قبل حلول أجله، وكل أولئك من الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام ولا ولاية للمحاكم في شأنها ولا تخضع للقانون الخاص، وإذ كان الواقع في الدعوى أن المطعون عليه بوصفه مديراً للجمعية الزراعية بمدينة مطروح شغل مسكناً مملوكاً للحكومة، وخصصته جهة الإدارة لسكنى الموظفين والعمال الذين يعملون بالمدينة، ثم أصدر رئيس مجلس المدينة قراراً إدارياً بإنهاء هذا الترخيص وإخلاء المسكن، وأقام المطعون عليه بعد إخراجه من المسكن الدعوى بطلب تمكينه منه ورد حيازته إليه، وكان التعرض المستند إلى أمر إداري اقتضته مصلحة عامة لا يصلح أساساً لرفع دعوى حيازة لمنع هذا التعرض وذلك لما يترتب حتماً على الحكم في هذه الدعوى لمصلحة رافعها من تعطيل هذا الأمر ووقف تنفيذه، وهو مما يمتنع على المحاكم بنص المادة 16 من قانون السلطة القضائية رقم 43 سنة 1965، ولا يكون للحائز في هذه الحالة من سبيل لدفع هذا التعرض سوى الالتجاء إلى القضاء الإداري لوقف تنفيذ الأمر أو إلغائه. إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون في مسألة اختصاص تتعلق بولاية المحاكم وهو ما يجيز الطعن في هذا الحكم بطريق النقض رغم صدوره من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم اختصاص المحاكم العادية بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري عملاً بنص المادة 110 من قانون المرافعات.


[(1)] نقض 8/ 4/ 1971 مجموعة المكتب الفني. س 22. ص 473.