أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 24 - صـ 440

جلسة 15 من مارس سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وأحمد صفاء الدين.

(79)
الطعن رقم 527 لسنة 37 القضائية

(1) أحوال شخصية. "ولاية على المال". حكم. "تسبيب الحكم. تسبيب كاف". اختصاص.
تعيين الوصي الخاص من الجهة صاحبة الولاية. إغفال الحكم بحث علة ذلك وقوفاً على وجه التضارب بين مصلحة القاصر في البيع ومصلحة الوصي عليه. لا عيب.
(2) نقض. "أسباب الطعن. السبب المتعلق بالواقع".
تقدير الأدلة المقدمة في الدعوى. الجدل في ذلك بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي انتهى إليها الحكم. موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(3) إثبات. "إجراءات الإثبات. الإحالة إلى التحقيق". محكمة الموضوع.
طلب إجراء التحقيق أو الانتقال للاطلاع على ملف تركة المورث من الرخص التي تملك محكمة الموضوع عدم الاستجابة إليها.

1 - متى كان تعيين الوصي الخاص قد تم من الجهة صاحبة الولاية في تعيينه فلا على الحكم إذا أغفل البحث عن علة صدور هذا القرار وقوفاً على وجه التضارب بين مصلحة القاصرين في البيع ومصلحة الوصية عليهما لانعدام جدواه.
3 - طلب إجراء التحقيق أو الانتقال للاطلاع على ملف تركة المورث ليسا حقاً للخصوم وإنما هما من الرخص التي تملك محكمة الموضوع عدم الاستجابة إليها متى وجدت في أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدتها فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 525 لسنة 1963 كلي الجيزة ضد المطعون عليهم للحكم ببراءة ذمتهم من دين الرهن البالغ قدره 260 ج وإلزامهم برد العين المرهونة المبينة بصحيفتها، وقالوا شرحاً للدعوى إنه بموجب عقد مؤرخ 10/ 8/ 1911 رهن مورثهم طلبة خليل الشريف للمرحومين رضا صالح الأكوح وأخيه صالح مورثي المطعون عليهم نصف فدان مقابل 100 ج لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد، كما أنه بموجب إقرار مؤرخ 15/ 11/ 1923 أقر المرتهن الأول كتابة بأنه وأولاد أخيه المرتهن الثاني يضعون اليد على فدان بموجب عقد الرهن المؤرخ 20/ 9/ 1914 لمدة 3 سنوات تجددت وتنتهي في 14/ 11/ 1926 ضماناً لدين قدره 260 ج، ولما كانت العين المرهونة في وضع يد المطعون عليهم وكان دين الرهن قد استهلك من غلتها، فقد أقاموا الدعوى بالطلبات السابقة، وطلب المطعون عليهم رفض الدعوى استناداً إلى أن العين المرهونة آلت بعد وفاة المدين الراهن إلى ولديه القاصرين وقتئذ وهما عباس وعبد العاطي طلبة خليل (الطاعنان الثاني والثالث) وأن مجلس حسبي إمبابة قد أذن ببيعها فاشتراها رضا صالح الأكوح وأولاد أخيه صالح الأكوح بتاريخ 17/ 1/ 1928 وصدق على العقد رسمياً في محكمة إمبابة في 14 مارس سنة 1928 وتم شهره في 16/ 9/ 1948 بمكتب الشهر العقاري بالقاهرة، وفي 5 يناير سنة 1965 حكمت المحكمة برفض الدعوى، واستأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه والقضاء لهم بطلباتهم بالاستئناف رقم 474 سنة 82 ق، وبتاريخ 14/ 4/ 1966 حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء بالجيزة للاطلاع على أوراق الدعوى ومستنداتها والانتقال إلى الأرض موضوع النزاع لتطبيق الحدود الواردة بمستندات الطرفين على الطبيعة لتحديد ما إذا كان الفدان المبيع بالعقد المؤرخ 17/ 1/ 1928 والمسجل في 16/ 9/ 1948 هو نفس الفدان الذي قام مورث الطاعنين برهنه لمورثي المطعون عليهم أم لا، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت في 2 نوفمبر سنة 1967 وحكمت برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل (أولهما) الخطأ في تطبيق القانون والقضاء بما ليس له أصل في الأوراق من وجوه (أولها) أن الحكم اعتبر عقد البيع المؤرخ 17/ 1/ 1928 والمسجل في 16/ 4/ 1948 والصادر من جوهر عثمان بصفته وصياً خاصاً على كل من عبد الرحمن وعبد العاطي قاصري المرحوم طلبة خليل إبراهيم الشريف (الطاعنين الثاني والثالث) سارياً في حق الطاعنين الأول والرابعة وهما من غير أطرافه و(ثانيهما) أنه لم يرد بالعقد المذكور ما يدل على وجود تضارب بين مصلحة القاصرين ومصلحة الوصية عليهما يبرر تعيين وصي خاص يتولى البيع لحسابهما كما لم يرفق به قرار المجلس الحسبي الصادر بتعيينه، وخلا العقد مما يشير إلى الرهن كما خلت الأوراق مما يفيد اختصاص القاصرين البائعين بالعين المرهونة و(ثالثها) أن الثمن الذي حدد في العقد بمبلغ 320 ج لا يمثل دين الراهن البالغ 260 ج.
وحيث إن النعي مردود في الوجه الأول بما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من أن الفدان المرهون هو بذاته الفدان المبيع، وإذ كان البائعان يملكان حصة في العين تشمل الفدان المبيع، فإن النعي في هذا الوجه يكون على غير أساس، ومردود في الوجه الثاني بأن تعيين الوصي الخاص قد تم من الجهة صاحبة الولاية في تعيينه. فلا على الحكم إن أغفل البحث عن علة صدور هذا القرار وقوفاً على وجه التضارب بين مصلحة القاصرين في البيع ومصلحة الوصية عليهما لانعدام جدواه، والنعي مردود في باقي ما تضمنه بأنه عار عن الدليل، إذ لم يقدم الطاعنون عقد البيع الصادر للمطعون عليهم للتدليل على خلوه مما يشير إلى الرهن، كما وأن القول بأن ثمن المبيع يغاير دين الرهن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة المقدمة في الدعوى بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي انتهى إليها الحكم مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل الوجه الأخير من السبب الأول والسبب الثاني القصور في التسبيب، إذ جرى الحكم المطعون فيه على أن البيع تم لسداد دين الرهن دون بيان أو تفصيل، وأن ما قرره الحكم من أنه عهد إلى الوصي بإتمام البيع وقبض الثمن وسداده فوراً للمشترين وهم الدائنون المرتهنون ليس له أصل في الأوراق كما رفض طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن العين المرهونة تغاير العين المبيعة بمقولة إن الطاعنين الثلاثة الأول أقروا في محاضر أعمال الخبير يومي 28/ 11/ 1966، 25/ 12/ 1966 أن الفدان المرهون قد تحدد في الطبيعة على أساس أنه الفدان المبيع الذي يضع المطعون عليهم اليد عليه، مع أن ما ذكروه كان منصباً على الفدان المرهون ولم يشر أي منهم إلى البيع الذي تم بشأنه لعدم علمهم به، لأن الطاعن الأول لم يكن طرفاً فيه وأن الطاعنين الثاني والثالث كانا قاصرين عند إجرائه. وحيث إن هذا النعي، مردود في شقيه الأول والثاني بأنه عار عن الدليل إذ تبين من الحكم المطعون فيه أنه استخلص أن البيع تم سداداً لدين الرهن مما جاء بعقد البيع، كما عول على ما جاء بتقرير الخبير من أن الفدان المرهون هو بذاته الفدان المبيع أخذاً بما أقر به الطاعنون الثلاثة الأول بمحاضر الأعمال ولم يقدم الطاعنون صورة من العقد ومحاضر أعمال الخبير للتدليل على أن ما استخلصه الحكم ليس له أصل فيهما. إذ كان ذلك، وكان طلب إجراء التحقيق أو الانتقال للاطلاع على ملف تركة المورث ليس حقاً للخصوم وإنما هما من الرخص التي تملك محكمة الموضوع عدم الاستجابة إليها متى وجدت في أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدتها فيها، وكان الحكم قد استند في رفض هذين الطلبين إلى ما قرره من أن الطاعنين الثلاثة الأول قد أقروا في محاضر أعمال الخبير بأن الفدان المرهون تحدد في الطبيعة بنفس الفدان الذي يضع المطعون عليهم اليد عليه بوصفه الفدان المبيع، وإلى أنهم لم يحركوا ساكناً من تاريخ وفاة مورثهم في سنة 1925 حتى تاريخ رفع الدعوى في سنة 1963، وأنهم لم يتمسكوا بهذا الدفاع أمام الخبير وأثناء المعاينة، وكانت هذه الأسباب سائغة تكفي لحمل قضاء الحكم برفض طلبات الطاعنين سالفة البيان، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.