أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 1184

جلسة 19 من يونيه سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمد ممتاز نصار، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد شبل عبد المقصود، ومحمد أبو حمزة مندور.

(177)
الطعن رقم 20 لسنة 30 القضائية

تزوير. "دعوى التزوير". "الاطلاع على المحرر". بطلان. دعوى.
الورقة المطعون عليها بالتزوير أو الإنكار. صميم الخصومة ومدارها. إغفال قاضي الدعوى الاطلاع عليها. بطلان الحكم.
إغفال قاضي الدعوى الاطلاع على الورقة المطعون فيها بالتزوير أو الإنكار مما يعيب الحكم الصادر بشأن الورقة ويبطله إذ هي صميم الخصومة ومدارها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار/ المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدات/ أنا أنطوان جريجورا كس وأوترب فيلبويو زوجة ينى نولجاريس وأسبير يدولا زوجة أنسطاس إستفانيس والسيد/ أنطون نقولا ستيفانا كس أقاموا الدعوى رقم 185 لسنة 1954 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية للأجانب ضد السيدة/ ماريكا جريجورا كس وآخرين يطلبون الحكم أصلياً بتزوير وبطلان نسختي الوصية المنسوب صدورها من مورثهم المرحوم سقراط جريجورا كس ومن باب الاحتياط وقبل الفصل في الموضوع بتحقيق شواهد التزوير وأوجه البطلان المبينة بالصحيفة مع إلزام السيدة/ ماريكا جريجورا كس بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقالوا شرحاً لدعواهم إن المورث المذكور توفى بتاريخ 25/ 9/ 1954 بغير عقب وآلت تركته طبقاً لأحكام القانون اليوناني الذي يحكم النزاع إلى زوجته السيدة ماريكا جريجورا كس بحق النصف وإلى شقيقاته الثلاث وأولاد شقيقيه المتوفيين قبله ويستحقون النصف الباقي إلا أنه بتاريخ 2/ 10/ 1954 أودعت الزوجة بالقنصلية اليونانية العامة بالقاهرة مظروفاً مغلقاً كتب عليه باللغة الفرنسية عبارة ترجمتها "هذه هي وصيتي" مؤرخة في أول مايو سنة 1951 وموقع عليها بإمضاء غير مقروء تحت اسم "س. أ - جريجورا كس" وقالت إن زوجها أودع هذا المظروف لديها قبل وفاته وبفضه بمعرفة القنصلية تبين أنه يحتوي على ورقة محررة باللغة الفرنسية منسوب صدورها من المورث سقراط - أ - جريجورا كس وتتضمن إيصائه بجميع أمواله إلى زوجته ماريكا جريجورا كس على أن تقوم بدفع مبلغ 3000 ج إلى شقيقته "أنا" ومبلغ 2000 ج إلى شقيقته "يونولجاريس" كما قدم السيد فيلكس رومانو نسخة ثانية من هذه الوصية إلى المحكمة في دعوى تحقيق الوفاة والوراثة، وإذ كانت كل من هاتين الورقتين لم تكتب بخط المورث وأن التوقيعات المنسوبة إليه فيهما وعلى المظروفين لم تصدر منه وتاريخهما غير صحيح فقد انتهوا إلى طلب الحكم لهم بطلباتهم، كما أقامت السيدة يوو السيد أنطوان جريجورا كس الدعوى رقم 114 لسنة 1955 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية للأجانب ضد السيدة ماريكا جريجورا كس وضد باقي الورثة يطلبان الحكم بإثبات وفاة المرحوم سقراط جريجورا كس وانحصار إرثه في زوجته وشقيقاته وأولاد شقيقيه المتوفيين قبله مستندين في ذلك إلى أن مجرد تمسك الزوجة بوصية عرفية لا يحول دون الحكم بإثبات الوراثة وأنهما ينكران صدور هذه الوصية من المورث إلى أن تثبت الموصى لها إنها مكتوبة بخطه وموقع عليها بإمضائه طبقاً لأحكام القانون اليوناني وطلبت السيدة يو إثبات تركها للخصومة في الدعوى رقم 185 لسنة 1954، وبعد أن قررت المحكمة ضم الدعويين حكمت بتاريخ 19/ 2/ 1957 حضورياً (أولاً) بترك المدعية الثالثة السيدة يو زوجة يني فولجاريس وكريمة أنطوان جريجورا كس الخصومة في الدعوى رقم 185 لسنة 1954 القاهرة كلي أحوال شخصية أجانب مع إلزامها بخمس مصروفات هذه الدعوى (ثانياً) وقبل الفصل في موضوع الدعويين 185 لسنة 1954 و114 لسنة 1955 بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي ليعهد إلى أحد خبرائه بمضاهاة التوقيعات المنسوب صدورها من المورث المرحوم سقراط جريجورا كس والثانية على نسختي الوصية المحررتين باللغة الفرنسية والمؤرختين أول مايو لسنة 1951 وكذا المظروفين اللذين أرفقت في كل منهما إحدى نسختي الوصية والمودعة إحداهما بمظروفها خزانة المحكمة والأخرى بالقنصلية اليونانية والمؤشر عليهما جميعاً بتوقيع رئيس الدائرة على التوقيعات الصادرة من المورث على الورقتين المؤرختين 22 نوفمبر 1951، 22 نوفمبر سنة 1952 والمودعتين تحت رقم 5 و6 من الحافظة رقم 38 المقدمة من الشركة "صن لايف أوف كندا" للتأمين كذا على التوقيعات الثابتة على النموذج المودع بالحافظة رقم 39 وذلك لبيان إن كانت التوقيعات الثابتة على نسختي الوصية ومظروفيهما مطابقة لتوقيع الموصى على أوراق المضاهاة سالفة الذكر أم أنها مزورة، وباشر خبير الطب الشرعي هذه المأمورية وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن التوقيعات الأربعة المنسوبة للمورث سقراط جريجورا كس الموقع بها على نسختي الوصية ومظروفيهما هي توقيعات مزورة على صاحبها بطريق التقليد وإذ اعترضت السيدة ماريكا جريجورا كس على هذا التقرير وقدمت تقرير استشارياً على خلافه من الخبير عبد العزيز الدمرداش وطلبت مناقشة الخبير المنتدب أو ندب ثلاثة خبراء لإعادة إجراء المضاهاة فقد حكمت المحكمة بتاريخ 11 مارس سنة 1958 بندب الخبراء محمد مرتضى ويوسف المرزوقي ومترى هواوينى للاطلاع على تقرير خبير قسم أبحاث التزييف والتزوير وتقرير الخبير إبراهيم إدريس المقدم من المدعيين وتقرير الخبير عبد العزيز الدمرداش المقدم من المدعى عليها الأولى ومراجعة أوراق الدعوى ومستنداتها ومضاهاة التوقيعات المنسوب صدورها من المرحوم سقراط جريجوركس على نسختي الوصية والمظروفين اللذين أودعت في كل منهما إحدى النسختين على التوقيعات الصادرة من المورث في الأوراق المبينة في الحكم الصادر بتاريخ 19 فبراير سنة 1957 وعلى ما يتفق عليه الطرفان من الأوراق الموجودة في المحل المخلف عن المورث وعلى ما يتفقان عليه من أوراق أخرى على أن تكون معاصرة للتاريخ الثابت على الوصية لبيان ما إذا كانت التوقيعات على نسختي الوصية والمظروفين صحيحة أم مزورة، وقد باشر الخبراء مأموريتهم وقدم الخبيران يوسف المرزوقي ومترى هواوينى تقريراً مؤرخاً 30/ 4/ 1958 كما قدم الخبير محمد مرتضى تقريراً مستقلاً تاريخه 5/ 5/ 1958 واتفقت آراء الخبراء الثلاثة على أن توقيعات المورث على نسختي الوصية ومظروفيهما هي توقيعات صحيحة واعترض المدعون على هذين التقريرين ودفعوا ببطلانهما، وبتاريخ 18/ 11/ 1958 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) برفض الدفع من المدعين ببطلان تقرير الخبراء الثلاثة المندوبين بالحكم الصادر في 11 مارس سنة 1958 (ثانياً) بصحة توقيع المرحوم سقراط جريجورا كس على نسختي الوصية المؤرخة في أول مايو سنة 1951 والمودعة إحداهما خزانة المحكمة والثانية في قنصلية اليونان العامة بالقاهرة (ثالثاً) وقبل الفصل في موضوع الدعويين بإحالتهما إلى التحقيق لتثبيت المدعى عليها السيدة ماريكا جريجورا كس بجميع طرق الإثبات القانونية بما فيها شهادة الشهود والقرائن أن نسختي الوصية المؤرخة أول مايو سنة 1951 قد كتبهما وكتب التاريخ على كل منهما المرحوم سقراط جريجورا كس وللمدعيين في الدعويين النفي بالطرق ذاتها وبعد أن سمعت المحكمة أقوال شهود الطرفين عادت وبتاريخ 5 مايو سنة 1959 فحكمت حضورياً (أولاً) بصحة وصية المرحوم سقراط جريجورا كس المؤرخة أول مايو سنة 1951 وبرفض الدعوى رقم 185 لسنة 1954 أحوال شخصية أجانب وتغريم كل من السيدة أنا أنطون جريجورا كس والسيدة أوترب أنطوان جريجورا كس أرملة المرحوم جورج فيلبو أنطوان نيقولا ستيفانا كس وسبير يدولا زوجة جورج جريجورا كس مبلغ 25 ج مصرياً وإلزامهم بأربعة أخماس مصروفاتها ومبلغ ثلاثين جنيهاً أتعاب المحاماة للسيدة ماريكا جريجورا كس المدعى عليها في الدعوى (ثانياً) برفض الدعوى رقم 114 لسنة 1955 أحوال شخصية أجانب القاهرة وتغريم كل من المدعيين فيها السيدة يوينى نولجاريس والسيد أنطوان جريجورا كس مبلغ عشرة جنيهات وإلزامهما بمصروفات الدعوى وبمبلغ خمسة عشر جنيهاً أتعاب محاماة للمدعى عليها السيدة ماريكا جريجورا كس. واستأنف المدعون في الدعويين هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وكانوا قد استأنفوا من قبل الحكم الصادر بتاريخ 18/ 11/ 1958 فور صدوره وطلبوا في الاستئنافين إلغاء الحكمين والحكم برد وبطلان الوصية المنسوب صدورها من المرحوم سقراط جريجورا كس وإثبات وفاته وانحصار إرثه في ورثته الشرعيين وأحقيتهم لأنصبائهم في التركة مع إلزام المستأنف عليها الأولى بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وقيد استئناف الحكم الأول برقم 1190 سنة 75 قضائية وقيد استئناف الحكم الأخير الصادر في 5/ 5/ 1959 برقم 659 سنة 76 قضائية وقررت المحكمة ضم الاستئنافين، وبتاريخ 23/ 3/ 1960 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع (أولاً) بإلغاء الحكمين الصادرين في 18/ 11/ 1958 و5/ 5/ 1959 فيما قضيا به من صحة الوصية وما رتبته المحكمة على ذلك من تغريم الطاعنين ومن اعتبار الوصية نافذة في حقهم (ثانياً) في الدعوى رقم 114 لسنة 1955 كلي القاهرة أحوال شخصية أجانب برد وبطلان صلب الوصية المؤرخة 1/ 5/ 1951 وبعدم الاعتداد بالوصية المذكورة وعدم قبول الدعوى في خصوص الطعن على صحة التوقيع (ثالثاً) بعدم قبول دعوى التزوير رقم 185 سنة 1954 أحوال شخصية أجانب كلي القاهرة (رابعاً) إلزام المستأنف عليها ماريكا جريجورا كس بكافة المصروفات عن الدرجتين بالنسبة للطلبات المقضى بها ومبلغ خمسين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة (خامساً) إعادة القضية لمحكمة أول درجة للحكم في طلب إثبات الوراثة في الدعوى رقم 114 سنة 1955 كلي القاهرة أحوال شخصية أجانب. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهم رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكراتها السابقة وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الثاني عشر أن الحكم المطعون فيه قد شابه البطلان والقصور إذ الثابت في الدعوى أن الوصية المطعون فيها بالتزوير والإنكار وضعت في مظروف مختوم وأرسلت من محكمة أول درجة إلى محكمة الاستئناف وبعد صدور الحكم المطعون فيه أعيدت المفردات الابتدائية ومعها المظروف المحتوي على الوصية بذات الأختام التي كانت عليه من محكمة أول درجة الأمر الذي يؤكد أن محكمة الاستئناف لم تفتح المظروف ولم تطلع على الوصية في حين أن القانون يوجب على المحكمة أن تطلع على المستندات المقدمة في الدعوى لتقول رأيها فيها وإلا كان حكمها معيباً، وبالإضافة إلى ذلك فإن محكمة أول درجة قد اطلعت على الوصية وعولت في قضائها على ما شاهدته بنفسها فكان يتعين على محكمة الاستئناف أن تشاهد هي أيضاً الوصية حتى تستطيع أن ترد على ما استند إليه الحكم الابتدائي في هذا الخصوص أما وهي لم تفعل ولم تعن بهذا الاطلاع فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً مما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا السبب في محله ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه وإلى محاضر الجلسات في المرحلة الاستئنافية يبين أنها قد خلت من إثبات أن محكمة الاستئناف قامت بفض المظروف المنطوي على أصل الوصية المطعون فيها بالتزوير والإنكار كذلك وبالاطلاع على هذا المظروف تبين أنه مختوم بخاتم موريس سكلا (سكرتير دائرة الأحوال الشخصية بالمحكمة الابتدائية) ومؤشر عليه منه بأنه قد تم إغلاقه وختمه بتاريخ 7/ 5/ 1959 وهو سابق على تاريخ أول جلسة كانت محددة لنظر الاستئنافين - وهي جلسة 28 أكتوبر سنة 1959 وتبين أن المظروف لم يفض. وفضلاً عن ذلك فإن محكمة النقض قد قامت بفض هذا المظروف في فترة حجز القضية للحكم واطلعت على أصل الوصية وتبين أن التأشيرات الواردة فيها مؤرخة بتاريخ 6/ 10/ 1954 و18/ 11/ 1955 و5/ 5/ 1959 وهي أيضاً سابقة جميعها على تاريخ أول جلسة كانت محددة لنظر الاستئنافين ويقطع كل ذلك بأن محكمة الاستئناف لم تفض المظروف وأنها فصلت في الدعوى دون أن تطلع على أصل الوصية، وإذ كان ذلك، وكان إغفال قاضي الدعوى الاطلاع على الورقة المطعون فيها بالتزوير أو الإنكار مما يعيب الحكم الصادر بشأن هذه الورقة ويبطله إذ هي صميم الخصومة ومدارها ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي الأسباب.