أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 24 - صـ 452

جلسة 20 من مارس سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ عباس حلمي عبد الجواد، وعضوية السادة المستشارين: عبد العليم الدهشان، وعدلي بغدادي، ومحمود المصري، ومحمد طايل راشد.

(81)
الطعن رقم 63 لسنة 38 القضائية

(1) نيابة عامة. بطلان. دعوى. "تدخل النيابة العامة في قضايا القصر".
جواز تدخل النيابة العامة في قضايا القصر. م 100 مرافعات سابق. إغفال كاتب المحكمة إخطار النيابة العامة بتلك القضايا. بطلان نسبي مقرر لصاحب المصلحة فيه دون غيره.
(2) تنفيذ عقاري.
سلطة قاضي البيوع في الحكم بوقف البيع أو الاستمرار فيه في أحوال الوقف الجوازي. انحصارها في تقدير مدى جدية طلب الوقف دون التعرض لبحث الموضوع الذي من أجله يطلب الوقف.
(3) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". نقض.
سلطة محكمة الموضوع في الأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة. لا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى قام قضاؤها على أسباب كافية لحمله.
1 - لئن أجاز المشرع بمقتضى المادة 100 من قانون المرافعات السابق أن تتدخل النيابة العامة أمام محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية في قضايا حددها من بينها القضايا الخاصة بالقصر، وأوجب في المادة 102 من هذا القانون على كاتب المحكمة إخبار النيابة العامة في هذه الحالات بمجرد قيد الدعوى حتى تتاح لها فرصة العلم بالنزاع وتقدير مدى الحاجة إلى تدخلها وإبداء رأيها فيه وأنه يترتب على إغفال هذا الإجراء الجوهري بطلان الحكم، إلا أن هذا البطلان مقصور على أصحاب المصلحة فيه دون غيرهم من الخصوم، وذلك على ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)]، وإذ كان الثابت من الأوراق أن الوصية على القاصر لم تتمسك بالبطلان فإنه لا يجوز للطاعنة التحدي بعدم إخبار النيابة بقيام الدعوى.
2 - سلطة قاضي البيوع في الحكم بوقف البيع أو الاستمرار فيه في أحوال وقف البيع الجوازية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - إنما تنحصر في تقدير مدى جدية طلب الوقف فيأمر بوقف البيع إذا بدا له أن الطلب جدي أو يرفض الوقف ويأمر بالاستمرار في إجراءات التنفيذ إذا ظهرت له عدم جديته دون أن يتعرض لبحث الموضوع الذي من أجله يطلب الوقف.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه العاشر اتخذ إجراءات التنفيذ على عقار مملوك للطاعنة بالدعوى رقم 79 سنة 1956 بيوع القاهرة، وأعلن بها المطعون عليهم من الأول إلى التاسع بوصفهم من أصحاب الحقوق المقيدة، وأثناء سير الدعوى قرر الدائن مباشر الإجراءات بأنه تخالص عن دينه فطلب باقي المطعون عليهم الحلول محله في تلك الإجراءات، وطلبت الطاعنة وقف البيع تأسيساً على أنها أوفت الدين المنفذ من أجله وعلى أنها أقامت دعوى براءة الذمة رقم 2646 سنة 1966 مدني كلي القاهرة، وبتاريخ 31/ 5/ 1966 قضى قاضي البيوع بوقف السير في إجراءات البيع حتى يفصل نهائياً في دعوى براءة الذمة المشار إليها. استأنف المطعون عليهم من الأول إلى التاسع هذا الحكم بالاستئناف رقم 1178 سنة 83 ق القاهرة، وبتاريخ 29/ 12/ 1967 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من وقف السير في الدعوى وبالاستمرار في إجراءات البيع. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، تنعى الطاعنة بالثالث منها على الحكم المطعون فيه البطلان في الإجراءات، وتقول في بيان ذلك إن "نجيب إلياس عبد الله" مورث المطعون عليهم الستة الأول توفى أثناء سير الدعوى أمام محكمة أول درجة عن ورثته الذين قاموا مقامه ومن بينهم قاصر، ومع ذلك فصلت تلك المحكمة في الدعوى دون أن تكلف كاتب المحكمة بإخبار النيابة العامة وفقاً لنص المادة 102 من قانون المرافعات السابق حتى تتدخل في الدعوى، كما أن محكمة الاستئناف لم تأمر باتخاذ هذا الإجراء مما يترتب عليه بطلان حكمها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن أجاز المشرع بمقتضى المادة 100 من قانون المرافعات السابق أن تتدخل النيابة العامة أمام محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية في قضايا حددها من بينها القضايا الخاصة بالقصر، وأوجب في المادة 102 من هذا القانون على كاتب المحكمة إخبار النيابة العامة كتابة في هذه الحالات بمجرد قيد الدعوى حتى تتاح لها فرصة العلم بالنزاع وتقدير مدى الحاجة إلى تدخلها وإبداء رأيها فيه، وأنه يترتب على إغفال هذا الإجراء الجوهري بطلان الحكم، إلا أن هذا البطلان مقصور على أصحاب المصلحة فيه دون غيرهم من الخصوم، وذلك على ما جرى به قضاء هذه المحكمة، لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الوصية على القاصر لم تتمسك بالبطلان، فإنه لا يجوز للطاعنة التحدي بعدم إخبار النيابة بقيام الدعوى، وبذلك يكون النعي بهذا السبب غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وتقول في بيان ذلك، إنها طلبت من قاضي البيوع وقف إجراءات البيع استناداً إلى أن الدائن مباشر الإجراءات (المطعون عليه العاشر) أقر بتخالصه عن دينه ولم يمض في السير في تلك الإجراءات، وأنها أقامت على باقي المطعون عليهم الذين حلوا محله دعوى ببراءة ذمتها من دينهم قيدت برقم 2646 سنة 1966 مدني كلي القاهرة، كما رفعت دعوى الحساب رقم 6923 سنة 1966 مدني كلي القاهرة ضد الحارس المعين على العقار المطلوب بيعه، وندبت المحكمة خبيراً لفحص الحساب، غير أن الحكم المطعون فيه تعرض لبحث موضوع الدعويين المشار إليهما، وقضى بعدم صحة طلباتها فيهما، ورتب على ذلك قضاءه بالمضي في إجراءات البيع على الرغم من أن موضوع هاتين الدعويين لم يكن معروضاً على قاضي البيع مما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن سرد وقائع الدعوى وأسانيدها واستعرض دفاع الطاعنة بخصوص إقامتها دعوى براءة الذمة ودعوى الحساب أورد قوله: - "إن الواضح من المستندات المقدمة من المستأنفين (المطعون عليهم من الأول إلى التاسع) خاصة الشهادة الصادرة من محكمة الأمور المستعجلة، أن الحارس المعين على العقار موضوع دعوى البيع لم يقم بإيداع شيء من غلة العقار خزانة محكمة الأمور المستعجلة، ومن ثم لم يقم بأداء شيء من غلة العقار المذكور إلى المستأنفين، ويكون ما ذهبت إليه المستأنف عليها الأولى (الطاعنة) من أن الحارس المذكور قام بتحصيل مبلغ يربو على خمسة آلاف جنيه وأنه قام بأداء دين المستأنفين، قولاً لا يتفق وما هو ثابت في أوراق الدعوى، وأنه واضح من مراجعة صحيفة دعوى براءة الذمة رقم 2646 سنة 1966 المقدمة من المستأنف عليها، أن دين المستأنفين قد تم سداد بعضه بموجب إيصالات قدمتها لمحكمة أول درجة ثم عادت وسحبتها، وأن بعضه الآخر تم سداده بمعرفة الحارس من غلة العقار موضوع إجراءات البيع، وأنه فضلاً عن أن المستأنف عليها الأولى لم تقدم إيصالات السداد التي قررتها، والتي ذهبت إلى أنها سددت بموجبها بعض الدين المنفذ به فإنه قد ثبت للمحكمة على النحو السابق بيانه أن الحارس المعين على العقار لم يسلم المستأنفين أي مبلغ مما هو مستحق لهم.
وأنه متى تقرر ذلك، يكون ظاهر الأمر في الدعوى يؤيد عدم جدية دعوى براءة الذمة، ويؤكد عدم صحة ما ذهبت إليه المستأنف عليها الأولى من أداء دين المستأنفين وتخالصهم مما هو مستحق لهم" ويبين من هذا الذي قرره الحكم أنه رفض طلب وقف البيع لما تبين له من ظاهر الأوراق أنه طلب غير جدي ولما كانت سلطة قاضي البيوع في الحكم بوقف البيع أو الاستمرار فيه في أحوال وقف البيع الجوازية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما تنحصر في تقدير مدى جدية طلب الوقف، فيأمر بوقف البيع إذا بدا له أن الطلب جدي أو يرفض الوقف ويأمر بالاستمرار في إجراءات التنفيذ إذا ظهرت له عدم جديته، دون أن يتعرض لبحث الموضوع الذي من أجله يطلب الوقف. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذه الحدود على النحو السالف بيانه فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه جاء معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أنه استظهر عدم جدية دعوى براءة الذمة من أمرين: (الأول) أن الشهادة المقدمة من المطعون عليهم تفيد أن الحارس لم يودع شيئاً من غلة العقار، مع أن هذه الشهادة تؤيد دفاع الطاعنة إذ أنها أقامت دعوى الحساب على الحارس لما تبينته من أنه استأثر بغلة ذلك العقار. (الأمر الثاني) أن الطاعنة لم تقدم إيصالات سداد الدين في حين أن هذه الإيصالات كانت أمام محكمة أول درجة وسحبت لتقديمها في دعوى براءة الذمة ولم تكلفها محكمة الاستئناف بإعادتها، وإذ عول الحكم المطعون فيه على هذين الأمرين فإن قضاءه يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال علاوة على قصوره في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه - وعلى ما سلف بيانه - في الرد على السبب الأول - قد استظهر عدم جدية منازعة الطاعنة من واقع المستندات المقدمة في الدعوى ودلل على ذلك بأسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه ولا فساد فيها. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - السلطة المطلقة في الأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة وإطراح ما عداه، ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب تكفي لحمله وتسوغ النتيجة التي انتهت إليها، فإن النعي بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض مدني 18/ 3/ 1971 مجموعة المكتب الفني السنة 22 ص 359.