أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 24 - صـ 470

جلسة 22 من مارس سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وأحمد صفاء الدين.

(84)
الطعن رقم 82 لسنة 38 القضائية

(1) مباني. "الترخيص بإقامة المباني". اختصاص. قرار إداري.
الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم. سلطتها في الترخيص للأفراد بإقامة المباني أو توسعتها أو تعديلها أو تدعيمها أو هدمها. رفض الترخيص بأي من هذه الأعمال. قرار إداري.
(2) حيازة. "دعوى منع التعرض". اختصاص. "الاختصاص الولائي". نقض. "حالات الطعن". قرار إداري.
التعرض المستند إلى قرار إداري لا يصلح أساساً لرفع دعوى بمنع هذا التعرض. نسبة عيب من عيوب عدم المشروعية إلى القرار. اختصاص جهة القضاء الإداري بذلك طالما لم يلحق القرار عيب ينحدر به إلى درجة العدم. صدور حكم على خلاف ذلك. جواز الطعن فيه بطريق النقض ولو صدر من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية.
1 - ناط القانون رقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني في مادته الأولى بالجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم سلطة الترخيص للأفراد بإقامة المباني أو توسعتها أو تعديلها أو تدعيمها أو هدمها، كما حظر القيام بأي عمل من الأعمال المذكورة إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك منها، ومن ثم فإن رفض الجهة الإدارية الترخيص بعمل من تلك الأعمال التي عددها القانون يعتبر قراراً إدارياً صدر من هذه الجهة الإدارية المختصة في حدود سلطتها بقصد إحداث أثر قانوني.
2 - التعرض المستند إلى قرار إداري لا يصلح - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - أساساً لرفع دعوى بمنع هذا التعرض، لما يترتب حتماً على الحكم لمصلحة رافعها من تعطيل هذا القرار ووقف تنفيذه، وهو ما يمتنع على المحاكم العادية، ولا يغير من ذلك عدم قيام المطعون عليها بالتظلم من هذا القرار إلى اللجنة الإدارية التي حددها القانون أو أن ينسب إلى القرار عيب من عيوب عدم المشروعية لأن النظر في ذلك كله يكون من اختصاص جهة القضاء الإداري طالما كان القرار لم يلحقه عيب ينحدر به إلى درجة العدم، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الكتاب المرسل من مجلس مدينة المنصورة إلى المطعون عليها - بعدم الاعتراف بملكيتها لأرض النزاع - تعرضاً لها في حيازتها، دون أن يأخذ في اعتباره أن هذا التعرض كان مستنداً لقرار إداري سابق برفض الترخيص لها ببناء تلك الأرض، فإنه يكون قد خالف القانون في مسألة اختصاص متعلق بولاية المحاكم ويكون الطعن فيه بطريق النقض جائزاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن السيدة/ ...... (المطعون عليها) أقامت الدعوى رقم 505 سنة 1965 أمام محكمة بندر المنصورة الجزئية على السيد محافظ الدقهلية وآخرين (الطاعنين) طالبة الحكم بمنع تعرضهم لها في بناء قطعة الأرض الموضحة بصحيفتها، وقالت بياناً للدعوى إنها تمتلك قطعة أرض بشارع الأسواق بالمنصورة بموجب عقد بيع مسجل في 24/ 3/ 1963 برقم 1445 وقد رفض مجلس مدينة المنصورة الترخيص لها ببنائها بكتابه المؤرخ 9/ 12/ 1964 بحجة أن الأرض مملوكة لوزارة الأوقاف كما تعرض لها تعرضاً مادياً عند شروعها في البناء فاضطرت إلى إقامة الدعوى بطلباتها المشار إليها. دفع المدعى عليهم بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى لأنها تتضمن طعناً في القرار الإداري الصادر من مجلس المدينة برفض الترخيص. وبتاريخ 29/ 12/ 1965 حكمت المحكمة بمنع تعرض المدعى عليهم للمدعية في بناء قطعة الأرض المذكورة مؤسسة قضاءها برفض الدفع على أن قرار رفض الترخيص في خصوصية هذه الدعوى لا يعتبر قراراً إدارياً، لأن قيام نزاع قضائي على الملكية ليس من الحالات التي أجازت المادة الثالثة من القانون رقم 45 سنة 1962 الخاص بالمباني رفض الترخيص فيها. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة المنصورة الابتدائية طالبين إلغاءه والحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، واحتياطياً بعدم قبولها أو رفضها، وقيد هذا الاستئناف برقم 79 لسنة 1966 مستأنف المنصورة. وبتاريخ 26/ 5/ 1966 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم الاختصاص وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالدقهلية لتحقيق وضع اليد على العقار موضوع النزاع وأسست قضاءها برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي على أن الثابت من الاطلاع على الخطاب المرسل من مجلس مدينة المنصورة إلى المطعون عليها بتاريخ 18/ 3/ 1965 والذي تعتبره بدء التعرض لها ليس قراراً إدارياً، لأنه قصد منه عدم اعتراف مجلس المدينة بملكيتها للأرض موضوع النزاع. وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت في 21/ 12/ 1967 وحكمت برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذين الحكمين بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت الحكم بعدم جواز الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب حاصله أن الحكم الصادر بتاريخ 26/ 5/ 1966 خالف القانون وأخطأ في تطبيقه في مسألة اختصاص متعلق بولاية المحاكم، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن المطعون عليها تقدمت إلى مجلس مدينة المنصورة بطلب استخراج رخصة لبناء قطعة الأرض موضوع النزاع ورفض المجلس طلبها بالكتاب رقم 2649 المؤرخ 9/ 12/ 1964 وأن هذا الرفض يعتبر قراراً إدارياً يخرج الطعن فيه عن اختصاص المحاكم العادية، ذلك أن التظلم من قرارات الجهة الإدارية القائمة على شئون التنظيم بمنح الترخيص أو برفضه، يكون - طبقاً لنص المادة الثالثة من القانون 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني - من اختصاص اللجنة الإدارية التي نص هذا القانون على تشكيلها، فإذا لم يرتض ذوو الشأن قرار اللجنة المذكورة كان لهم أن يطعنوا فيه أمام محكمة القضاء الإداري طبقاً لنص المادة الحادية عشرة من القانون رقم 55 لسنة 1959 باعتباره قراراً نهائياً صادراً من جهة إدارية ذات اختصاص قضائي، ولا يغير من ذلك ما أوردته المطعون عليها في صحيفة الدعوى من أن مجلس مدينة المنصورة قد تعرض لها تعرضاً مادياً عند محاولتها البناء لأن التعرض الذي يستند إلى قرار إداري لا يصلح أساساً لرفع دعوى بمنع التعرض.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان القانون رقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني قد ناط في مادته الأولى بالجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، سلطة الترخيص للأفراد بإقامة المباني أو توسعتها أو تعديلها أو تدعيمها أو هدمها، كما حظر القيام بأي عمل من الأعمال المذكورة إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك منها، وكان رفض الجهة الإدارية الترخيص بعمل من تلك الأعمال التي عددها القانون يعتبر قراراً إدارياً صدر من هذه الجهة الإدارية المختصة في حدود سلطتها وبقصد إحداث أثر قانوني. وكان التعرض المستند إلى قرار إداري لا يصلح - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أساساً لرفع دعوى بمنع هذا التعرض لما يترتب حتماً على الحكم لمصلحة رافعها من تعطيل هذا القرار ووقف تنفيذه وهو ما يمتنع على المحاكم العادية، ولا يغير من ذلك عدم قيام المطعون عليها بالتظلم من هذا القرار إلى اللجنة الإدارية التي حددها القانون، أو أن ينسب إلى القرار عيب من عيوب عدم المشروعية لأن النظر في ذلك كله يكون من اختصاص جهة القضاء الإداري طالما كان القرار لم يلحقه عيب ينحدر به إلى درجة العدم. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه الصادر في 26/ 5/ 1966 إذ اعتبر الكتاب المرسل بتاريخ 18/ 3/ 1965 من مجلس مدينة المنصورة إلى المطعون عليها تعرضاً لها في حيازتها دون أن يأخذ في اعتباره أن هذا التعرض كان مستنداً لقرار إداري سابق برفض الترخيص، فإنه يكون قد خالف القانون في مسألة اختصاص متعلق بولاية المحاكم ويكون الطعن فيه بطريق النقض جائزاً.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم الصادر برفض الدفع بعدم الاختصاص وهو ما يستتبع نقض الحكم الصادر في الموضوع باعتباره مترتباً عليه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه. فإنه يتعين الحكم في الاستئناف رقم 79 لسنة 966 مستأنف المنصورة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص جهة القضاء العادي بنظر الدعوى وإحالتها إلى مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري عملاً بنص المادة 110 من قانون المرافعات.


[(1)] نقض 9/ 6/ 1970 مجموعة المكتب الفني س 21 ص 1008.