أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 24 - صـ 483

جلسة 24 من مارس سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حامد وصفي، وأديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل.

(86)
الطعن رقم 203 لسنة 37 القضائية

(1) نقض. "حالات الطعن". اختصاص. "اختصاص ولائي". قوة الأمر المقضي.
الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية. شرطه. مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله في مسألة اختصاص متعلق بولاية المحاكم. أو فصله في نزاع بين نفس الخصوم على خلاف حكم سابق حائز لقوة الشيء المحكوم فيه. المادتان 2، 3 ق 57 لسنة 1959.
(2) نقض. "حالات الطعن". عمل. "إعانة غلاء المعيشة". قوة الأمر المقضي. نظام عام.
الطعن على الحكم بالنقض لمخالفته حجية حكم سابق. جوازه سواء دفع أمام محكمة الموضوع بتلك الحجية أم لم يدفع. مثال بشأن مطالبة عمال البحر والملاحين بإعانة غلاء المعيشة.
1 - إذ كان الحكم المطعون فيه صادراً من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية وكان لا يجوز وفقاً للمادتين الثانية والثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959 - بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - الطعن بالنقض في هذا الحكم إلا إذا كان صادراً في مسألة اختصاص بولاية المحاكم ومبنياً على مخالفة للقانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، أو أن يكون هذا الحكم قد صدر خلافاً لحكم آخر سبق أن فصل في النزاع ذاته بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم به. وإذ كان وجها النعي يخرجان عن الحالتين سالفتي البيان اللتين يجوز فيهما الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية، فإن الطعن في الحكم بالوجهين المذكورين يكون غير جائز.
2 - مؤدى نص المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الطعن المبني على تناقض حكمين انتهائيين يصح حيث يكون قضاء الحكم المطعون فيه قد ناقض قضاء سابقاً حاز قوة الأمر المقضي في مسألة ثار حولها النزاع بين طرفي الخصومة واستقرت حقيقتها بينهما بالفصل فيها في منطوق الحكم السابق أو في أسبابه المرتبطة بالمنطوق، وإذ كان يبين من وقائع الدعوى أن محكمة العمال الجزئية بالإسكندرية ضمنت أسباب حكمها الصادر في 2/ 12/ 1963 أن نظام إعانة غلاء المعيشة المقررة بالأوامر العسكرية المختلفة وآخرها الأمر العسكري رقم 99 لسنة 1950 يسري على عمال البحر والملاحين سواء قبل صدور المرسوم بقانون رقم 253 لسنة 1952 والقرارات الصادرة تنفيذاً له أو بعد صدورها وأن الإعانة تضاف بالنسبة الواردة بالجداول المرافقة للأوامر العسكرية إلى مرتباتهم التي تحددت في تلك الأوامر، وقضت تلك المحكمة بندب خبير لبيان ما يستحقه مورث الطاعن من إعانة الغلاء على هذا الأساس في الخمس سنوات السابقة على......، وكانت هذه المسألة هي التي ثار حولها النزاع بين طرفي الخصومة، فإن تلك المحكمة تكون قد حسمت النزاع بشأنها بين مورث الطاعن والمطعون ضدها وقطعت باستحقاق مورث الطاعن لإعانة غلاء المعيشة بحكم حاز قوة الأمر المقضي لعدم استئنافه. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف الصادر في 19/ 1/ 1965 وباعتبار دعوى الطاعن منتهية استناداً إلى المادة الثانية من القانون رقم 76 لسنة 1964، فإنه يكون قد حرم مورث الطاعن من إعانة غلاء المعيشة على خلاف ما قضى له به الحكم السابق صدوره بين الخصوم أنفسهم من محكمة العمال الجزئية بالإسكندرية في 2/ 12/ 1963 بأحقيته لتلك الإعانة والذي حاز قوة الأمر المقضي، إذ كان ما تقدم فإن الطعن على الحكم المطعون فيه لمخالفة حجية حكم سابق يكون جائزاً وذلك سواء أكان الطاعن قد دفع أمام محكمة الموضوع بتلك الحجية أم لم يدفع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث الطاعن أقام الدعوى رقم 1591 لسنة 1963 عمال جزئي الإسكندرية بطلب الحكم بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تدفع له مبلغ 520 ج والفوائد بواقع 4% من تاريخ رفع الدعوى حتى السداد، وفي بيان ذلك يقول إنه يعمل على بواخر الشركة المطعون ضدها من 20/ 12/ 1956 بوظيفة ضابط ثالث وأنه يستحق إعانة غلاء المعيشة طبقاً لأحكام الأمر العسكري رقم 348 لسنة 1942 والأوامر التالية له وأن المبلغ المطالب به هو قيمة فروق إعانة الغلاء المستحقة له عن المدة من 20/ 12/ 1956 حتى 30/ 4/ 1963 وقد رفضت الشركة المطعون ضدها صرفها له بحجة عدم استحقاق بحارة السفن الذين عينوا بعد صدور الأمر العسكري رقم 99 لسنة 1950 لإعانة الغلاء باعتبار أن أجورهم شاملة للإعانة. وبتاريخ 2/ 12/ 1963 حكمت المحكمة الجزئية بقبول الدفع بسقوط الحق المدعى به فيما زاد من إعانة الغلاء عن الخمس سنوات السابقة على 8/ 4/ 1963 وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالإسكندرية للانتقال إلى مقر الشركة المطعون ضدها والاطلاع على دفاترها وسجلاتها وعقود تشغيل عمالها وكشوف أجورهم وذلك توصلاً لبيان ما لم يتقاضاه مورث الطاعن من إعانة الغلاء في حدود الخمس سنوات السابقة على 8/ 4/ 1963 بالتطبيق لأحكام الأمر العسكري رقم 99 لسنة 1950. وورد بأسباب ذلك الحكم أن المحكمة ترى أن نظام إعانة غلاء المعيشة المقررة بالأوامر العسكرية المختلفة وأخرها الأمر العسكري رقم 99 لسنة 1950 يسري على عمال البحر والملاحين سواء قبل صدور المرسوم بقانون رقم 253 لسنة 1952 والقرارات الصادرة تنفيذاً له أو بعد صدورها وتضاف الإعانة بالنسب الواردة بالجداول المرافقة للأوامر العسكرية إلى مرتباتهم التي تحددت في تلك الأوامر. وبعد أن قدم الخبير تقريره، حكمت المحكمة الجزئية بتاريخ 9/ 1/ 1965 بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تدفع للطاعن مبلغ 395 ج و807 م والفوائد بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد، وجاء بأسباب ذلك الحكم أن الحكم السابق صدوره بتاريخ 2/ 12/ 1963 والذي قضى بندب الخبير قطع بأحقية مورث الطاعن لإعانة غلاء المعيشة وهو في هذا الشأن قضاء قطعي في شق من الدعوى وتبعاً لذلك فهو يستأنف استقلالاً من تاريخ صدوره، وأن الشركة المطعون ضدها لم تستأنفه وبالتالي فقد أصبح قضاء موضوعياً حائزاً لقوة الأمر المقضي وأنه بذلك يكون حكماً نهائياً ولا يسري عليه نص المادة الثانية من القانون رقم 76 لسنة 1964 التي استلزمت لانطباقها ألا يكون قد صدر في النزاع حكم نهائي. استأنفت الشركة المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة الإسكندرية الابتدائية بهيئة استئنافية طالبة إلغاء الحكم المستأنف واعتبار دعوى مورث الطاعن منتهية استناداً إلى المادة الثانية من القانون رقم 76 لسنة 1964 سالفة الذكر، وقيد استئنافها برقم 218 لسنة 1965 عمال مستأنف. دفع الطاعن باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانه بالحضور خلال ثلاثين يوماً من تقديم صحيفة الاستئناف لقلم المحضرين. وبتاريخ 12/ 2/ 1967 حكمت المحكمة برفض الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن وبإلغاء الحكم المستأنف وباعتبار دعوى الطاعن منتهية تطبيقاً لحكم المادة الثانية من القانون رقم 76 لسنة 1964 وتأسيساً على أن الطاعن لم يتمسك بحجية الحكم الصادر في 2/ 12/ 1963 والذي قطع بأحقية مورث الطاعن لإعانة الغلاء. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها الحكم بقبول الطعن شكلاً وبالنسبة للوجه الثالث من السبب الأول وللسبب الثاني من أسباب الطعن وبنقض الحكم المطعون فيه في خصوصهما، وبعدم قبول باقي أوجه الطعن لورودها على حالة لا يجوز فيها الطعن بالنقض طبقاً للمادتين 2، 3 من القانون رقم 57 لسنة 1959، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه من الوجهين الأول والرابع من السبب الأول من سببي الطعن مخالفته للقانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم رفض الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن استناداً إلى أنه أعلن في الميعاد، في حين أن صحيفة الاستئناف كانت قد قدمت لقلم المحضرين في 13/ 2/ 1965 ولم يعلن الاستئناف للطاعن إعلاناً صحيحاً إلا في 19/ 12/ 1965 أي بعد فوات أكثر من ثلاثين يوماً من تقديم صحيفته لقلم المحضرين مما يترتب عليه اعتبار الاستئناف كأن لم يكن، كما أن الحكم المطعون فيه إذ قضى في الشكل والموضوع معاً دون إتاحة الفرصة للطاعن لإبداء دفاعه في الموضوع يكون باطلاً.
وحيث إن النعي بهذين الوجهين غير جائز، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه صادراً من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية وكان لا يجوز وفقاً للمادتين الثانية والثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959 - بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - الطعن بالنقض في هذا الحكم إلا إذا كان صادراً في مسألة اختصاص تتعلق بولاية المحاكم ومبنياً على مخالفة للقانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله أو أن يكون هذا الحكم قد صدر خلافاً لحكم آخر سبق أن فصل في النزاع ذاته بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم به. وكان النعي بهذين الوجهين يخرج عن الحالتين سالفتي البيان اللتين يجوز فيهما الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية فإن الطعن في الحكم بالوجهين المذكورين يكون غير جائز.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه في باقي سببي الطعن أنه جاء على خلاف حكم سابق حائز لقوة الشيء المحكوم به لأنه إذ قضى باعتبار الدعوى منتهية استناداً إلى المادة 2 من القانون رقم 76 لسنة 1964 فإن قضاءه هذا يعني أن الخصومة استمرت حتى مرحلة الاستئناف في خصوص استحقاق مورث الطاعن لإعانة غلاء المعيشة، في حين أن الحكم الصادر من المحكمة الجزئية بتاريخ 2/ 12/ 1963 قد قضى باستحقاق مورث الطاعن لتلك الإعانة وأصبح نهائياً لعدم الطعن عليه استقلالاً في الميعاد القانوني، وأنه لما كان هذا الحكم السابق قد صدر بين الخصوم أنفسهم وفي النزاع ذاته، وحاز قوة الأمر المقضي فإن الحكم المطعون فيه إذ ناقضه يكون مع صدوره من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية جائز الطعن فيه بطريق النقض تطبيقاً للمادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959.
وحيث إن المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض نصت على أن "للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في أي حكم انتهائي - أياً كانت المحكمة التي أصدرته فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم به سواء أدفع بهذا أم لم يدفع" وكان مؤدى هذا النص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الطعن المبني على تناقض حكمين انتهائيين يصح حيث يكون قضاء الحكم المطعون فيه قد ناقض قضاء سابقاً حاز قوة الأمر المقضي في مسألة ثار حولها النزاع بين طرفي الخصومة واستقرت حقيقتها بينهما بالفصل فيها في منطوق الحكم السابق أو في أسبابه المرتبطة بالمنطوق، وكان يبين من الوقائع السالف ذكرها أن محكمة العمال الجزئية بالإسكندرية ضمنت أسباب حكمها الصادر في 2/ 12/ 1963 أن نظام إعانة غلاء المعيشة المقررة بالأوامر العسكرية المختلفة وأخرها الأمر العسكري رقم 99 لسنة 1950 يسري على عمال البحر والملاحين سواء قبل صدور المرسوم بقانون رقم 253 لسنة 1952، والقرارات الصادرة تنفيذاً له أو بعد صدورها وأن الإعانة تضاف بالنسبة الواردة بالجداول المرافقة للأوامر العسكرية إلى مرتباتهم التي تحددت في تلك الأوامر، وقضت تلك المحكمة بندب خبير لبيان ما يستحقه مورث الطاعن من إعانة الغلاء على هذا الأساس في الخمس سنوات السابقة على 8/ 4/ 1963 وكانت هذه المسألة هي التي ثار حولها النزاع بين طرفي الخصومة، فإن تلك المحكمة تكون قد حسمت النزاع بشأنها بين مورث الطاعن والمطعون ضدها، وقطعت باستحقاق مورث الطاعن لإعانة غلاء المعيشة بحكم حاز قوة الأمر المقضي لعدم استئنافه، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف الصادر في 19/ 1/ 1965 وباعتبار دعوى الطاعن منتهية استناداً إلى المادة الثانية من القانون رقم 76 لسنة 1964 التي تنص على أنه "مع عدم الإخلال بالأحكام النهائية تعتبر الدعاوى المقامة أمام المحاكم من أفراد أطقم السفن البحرية للمطالبة بإعانة غلاء معيشة بالإضافة إلى مرتباتهم منتهية بمجرد صدور هذا القانون" فإنه يكون قد حرم مورث الطاعن من إعانة غلاء المعيشة على خلاف ما قضى له به الحكم السابق صدوره بين الخصوم أنفسهم من محكمة العمال الجزئية بالإسكندرية بتاريخ 2/ 12/ 1963 بأحقيته لتلك الإعانة والذي حاز قوة الأمر المقضي، لما كان ما تقدم، فإن الطعن على الحكم المطعون فيه لمخالفة حجية حكم سابق يكون جائزاً، وذلك سواء كان الطاعن قد دفع أمام محكمة الموضوع بتلك الحجية أم لم يدفع، وإذ كان الطعن في هذا الخصوص قد استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء الحكم المستأنف واعتبار دعوى الطاعنة منتهية.