أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 1229

جلسة 27 من يونيه سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي ومحمد سيد أحمد حماد.

(184)
الطعن رقم 493 لسنة 34 القضائية

( أ ) التزام. "حق الحبس". بيع. "فسخ عقد البيع". "أثره".
حق المشتري في حبس العين المحكوم بفسخ عقد البيع الصادر عنها حتى يستوفي من البائع ما دفعه من الثمن. انقضاء حق المشتري في الحبس بوفاء البائع التزامه.
(ب) التزام. "حق الحبس". بيع. "فسخ عقد البيع". أثره. عقد.
للمدين الوفاء بدينه عن طريق إيداعه مباشرة دون عرضه على الدائن إذا كانت هناك أسباب جدية تبرر ذلك منها حالة ما إذا كان المدين يطالب بالتزام مقابل لم يتيسر له استيفاؤه قبل تنفيذ التزامه. للبائع - بعد فسخ عقد البيع - أن يوفي التزامه برد الثمن عن طريق إيداعه مباشرة لذمة المشتري دون حاجة إلى عرضه عليه وذلك في حالة رفض المشتري تسليمه المبيع مقابل رد الثمن.
1 - للمشتري حق حبس العين المحكوم بفسخ عقد البيع الصادر له عنها حتى يوفيه البائع ما دفعه من الثمن تأسيساً على أن التزامه بتسليم العين بعد الحكم بالفسخ يقابله التزام البائع برد ما تسلمه من الثمن إلا أن حق المشتري في الحبس ينقضي بوفاء البائع بالتزامه.
2 - نص المادة 338 من القانون المدني يجيز للمدين الوفاء بدينه عن طريق إيداعه مباشرة دون عرضه على الدائن إذا كانت هناك أسباب جدية تبرر ذلك ومن هذه الأسباب - على ما صرحت به المذكرة الإيضاحية - حالة ما إذا كان المدين يطالب بالتزام مقابل لم يتيسر له استيفاؤه قبل تنفيذ التزامه ومن ثم يكون للبائع بعد فسخ البيع في حالة رفض المشتري تسليمه المبيع مقابل استيفائه ما دفعه من الثمن أن يوفي بالتزامه برد الثمن الذي قبضه عن طريق إيداعه مباشرة لذمة المشتري دون حاجة إلى عرضه عليه.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعة الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 4916 سنة 1960 - كلي القاهرة على الطاعنين بطلب الحكم بإلغاء وفسخ عقد الإيجار الصادر من الطاعن الأول - عبد العزيز علي عاشور - للطاعن الثاني - علي محمد عاشور - بتأجير الأطيان المبينة الحدود والمعالم بصدر العريضة والمسجل في 10/ 6/ 1960 رقم 227 سنة 1960 توثيق كفر الشيخ وطرد الطاعنين من الأطيان وتسليمها تسليماً فعلياً مع إلزامهما متضامنين بمبلغ 750 ج تعويضاً عما لحقهم من ضرر. وقال المطعون ضدهم في بيان دعواهم إن الطاعن الأول كان قد اشترى منهم 19 ف و5 ط و1 س المبينة بالعريضة بعقد حكم بفسخه مع التعويض في الدعوى رقم 2834 سنة 1957 كلي مصر وتأيد هذا الحكم استئنافياً بتاريخ 17/ 3/ 1959 في الاستئناف رقم 414 سنة 57 ق القاهرة وأنه لما كان هذا الحكم لم يقض بالتسليم فقد استصدروا الحكم رقم 4558 سنة 1958 كلي مصر ضد الطاعن الأول بتسليم تلك الأطيان إلا أنه نازعهم في التسليم وحرر لابن أخيه الطاعن الثاني الذي يقيم معه في معيشة واحدة عقد إيجار مسجل في 10/ 6/ 1960 وقدم الطاعن الثاني هذا العقد للمحضر عند تنفيذ حكم التسليم فاكتفى المحضر بتسليم العين تسليماً قانونياً ولما كان هذا العقد قد سجل بعد صدور حكم الفسخ وتأييده استئنافياً وبعد صدور حكم التسليم وكان الهدف منه منعهم من استغلال أطيانهم واحتفاظ الطاعنين بها لمنفعتهما الخاصة فقد أقاموا الدعوى بطلباتهم سالفة الذكر وفي 16/ 1/ 1961 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى محكمة كفر الشيخ الابتدائية للاختصاص فقيدت في جدولها برقم 22 سنة 1961 وبتاريخ 24/ 9/ 1962 قضت تلك المحكمة بطرد الطاعنين من عين النزاع الموضحة الحدود والمعالم بعريضة الدعوى وبتسليمها للمطعون ضدهم ورفضت المحكمة طلب التعويض فاستأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 377 سنة 12 ق وبتاريخ 21/ 5/ 1964 قضت محكمة الاستئناف برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وبتقرير تاريخه 19/ 7/ 1964 طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وصممت على هذا الرأي بالجلسة المحددة لنظر الطعن.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن الحكم الابتدائية والحكم الاستئنافي المطعون فيه أسسا قضاءهما بطردهما من عين النزاع على أن وضع يدهما عليها كان غصباً وبغير سند مع أن الطاعن الأول لا يعتبر غاصباً إذ يستند في وضع يده عليها إلى حقه في حبسها وعدم تسليمها رغم الحكم بفسخ العقد حتى يرد له المطعون ضدهم ما سبق أن دفعه لهم من مقدم الثمن وفوائده كما لا يعتبر الطاعن الثاني غاصباً لأنه يستمد حقه في وضع يده على العين من العلاقة الإيجارية المنعقدة بينه وبين الطاعن الأول الذي له حق الحبس فضلاً عن حقه في البقاء فيها ما دام يقوم بوفاء الإيجار المستحق عنها إذ ليس للطاعن الأول ولا للمطعون ضدهم طرده منها وانتزاعها من تحت يده إلا إذا خالف ما تقضي به قوانين الإصلاح الزراعي الخاصة بامتداد عقود الإيجار.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن الحكم المطعون فيه رد على ما يثيره الطاعنان في هذا السبب بقوله "وحيث إن الثابت من مطالعة الحكم الصادر في الدعوى رقم 4558 سنة 1959 مدني كلي مصر المرفوعة من المستأنف ضده الأول (المطعون ضده الأول) بصفته ولياً طبيعياً على أولاده باقي المستأنف عليهم ضد المستأنف الأول (الطاعن الأول) وعلى محضر الحجز التحفظي المتوقع تحت يد كبير كتاب محكمة القاهرة أن المستأنف ضده الأول بصفته قد قام من جانبه بإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل عقد البيع المقضي بفسخه وذلك بإيداع مبلغ 2100 ج خزينة محكمة القاهرة بتاريخ 9 فبراير سنة 1960 على ذمة المشتري المستأنف الأول وذلك قيمة ما دفعه من الثمن ومن ثم فلا يسوغ لهذا الأخير التحدي بحق الحبس والادعاء بأن وضع يده على الأطيان محل النزاع كان بناء على سبب قانوني. وحيث إنه فضلاً عما تقدم فإنه وقد استظهرت محكمة أول درجة بحق أن عقد الإيجار الذي حرره المستأنف الأول إلى ابن أخيه المستأنف الثاني بعد صدور الحكم النهائي بالفسخ وإعلانه به قد بني على غش وتدليس للقرائن التي ساقتها والتي تضيف إليها هذه المحكمة القرائن المستفادة من تحقيق الشكوى رقم 1069 سنة 1960 إداري سيدي سالم وما قرره المستأنف الأول فيها من أنه لا علاقة له بالأطيان وأنه أجرها إلى ابن أخيه وما عاد وقرره في محضر أعمال الخبير المودع في الاستئناف رقم 375 سنة 12 ق مدني طنطا من أنه لم يتخل عن الأطيان وأنها ما زالت في وضع يده وما قرره الشهود ومنهم العمدة أمام الخبير من أن عقد الإيجار المبرم بين المستأنفين صوري وأن الأول هو الذي يضع اليد على الأطيان. لما كان ذلك فإنه يبنى على التدليس والغش بطلان التصرف وعدم نفاذ عقد الإيجار في حق المستأنف عليهم" وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضاءه لا خطأ فيه ذلك أنه وإن كان للمشتري حق حبس العين المحكوم بفسخ عقد البيع الصادر له عنها حتى يوفيه البائع ما دفعه من الثمن تأسيساً على أن التزامه بتسليم العين بعد الحكم بفسخ البيع يقابله التزام البائع برد ما تسلمه من الثمن إلا أن حق المشتري في الحبس ينقضي بوفاء البائع بالتزامه هذا، ولما كان نص المادة 338 من القانون المدني يجيز للمدين الوفاء بدينه عن طريق إيداعه مباشرة دون عرضه على الدائن إذا كانت هناك أسباب جدية تبرر ذلك وكان من هذه الأسباب - على ما صرحت به المذكرة الإيضاحية - حالة ما إذا كان المدين يطالب بالتزام مقابل لم يتيسر له استيفاؤه قبل تنفيذ التزامه فله أن يقوم بالإيداع في هذه الحالة، وكان الطاعنان من جهة أخرى لم يعيبا في أسباب هذا الطعن الإيداع الحاصل من المطعون ضدهم فإن الحكم المطعون فيه إذ قرر بأنه لا يسوغ للطاعن الأول التحدي بحق الحبس بعد أن قام المطعون ضدهم (البائعين) بإيداع ما دفعه من الثمن وقدره 2100 ج خزانة محكمة القاهرة بتاريخ 9 فبراير سنة 1960 يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ولا يجوز للطاعن أن يتعلل في بقاء حقه في حبس العين بعدم وفاء المطعون ضدهم له فوائد ما دفع من الثمن ذلك لأن التزامهم بدفع هذه الفوائد إنما يقابله التزامه برد الثمرات وما دام الثابت أنه امتنع عن ردها للبائعين المطعون ضدهم مما اضطرهم لرفع دعوى عليه بطلب قيمتها فإن من حقهم أن يحبسوا فوائد ما دفعه لهم من الثمن حتى يرد إليهم تلك الثمار. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى بأسباب سائغة ليست محل نعي من الطاعنين إلى أن عقد الإيجار الصادر من الطاعن الأول إلى الطاعن الثاني هو عقد صوري صورية مطلقة حرر بطريق الغش والتدليس بعد الحكم النهائي بفسخ عقد البيع المبرم بين الطاعن والمطعون ضده الأول بصفته وبعد الحكم بتسليم العين إليهم وذلك بقصد الإضرار بالأخير والحيلولة دون استلامه الأرض ورتب الحكم المطعون فيه على ذلك أن هذا العقد لا يسري في حق المطعون ضدهم وهي نتيجة صحيحة في القانون مبنية على مقدمات تؤدي إليها فإن النعي في جميع ما تضمنه يكون على غير أساس ويتعين لذلك رفض الطعن.