أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 1234

جلسة 27 من يونيه سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

(185)
الطعن رقم 492 لسنة 34 القضائية

(أ، ب) بيع "فسخ عقد البيع". "أثره". التزام. "حق الحبس". فوائد. حكم.
التزام المشتري برد الأرض المبيعة بعد فسخ عقد البيع. يقابله التزام البائع برد ما قبضه من الثمن. التزام المشتري برد ثمار العين المبيعة يقابله التزام البائع برد فوائد ما قبضه من الثمن. للمشتري حق حبس ما يستحقه البائع في ذمته من ثمار حتى يستوفي فوائد ما دفع من الثمن. ثبوت هذا الحق لا يمنع من الحكم بقيمة الثمار المستحقة للبائع على أن يكون تنفيذ هذا الحكم مشروطاً بأداء البائع للمشتري ما هو مستحق له في ذمته من فوائد الثمن المدفوع من تاريخ القبض حتى تاريخ الوفاء.
1 - التزام المشتري برد الأرض المبيعة - بعد فسخ عقد البيع - إنما يقابل التزام البائع برد ما قبضه من الثمن أما التزام المشتري برد ثمرات العين المبيعة فهو يقابل التزام البائع برد فوائد ما قبضه من الثمن ومن ثم فإن من حق المشتري أن يحبس ما يستحقه البائع في ذمته من ثمار حتى يستوفي منه فوائد ما دفعه من الثمن.
2 - ثبوت حق المشتري في حبس قيمة الثمار إلى أن يستوفي من البائع - بعد فسخ عقد البيع - ما هو مستحق له في ذمته من فوائد ما دفعه من الثمن، لا يمنع من الحكم بقيمة الثمار المستحقة للبائع على أن يكون تنفيذ هذا الحكم مشروطاً بأداء البائع للمشتري ما هو مستحق له في ذمته من فوائد ما قبضه من الثمن من تاريخ هذا القبض حتى تاريخ الوفاء.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول بصفته ولي أولاده القصر أقام على الطاعن الدعوى رقم 310 سنة 1960 مدني كلي كفر الشيخ قائلاً إنه بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 26 مايو سنة 1955 باع للطاعن أرضاً زراعية مملوكة لأولاده القصر مساحتها 19 ف و5 ط و1 س موضحة الحدود في العقد مقابل ثمن قدره 5424 ج و905 م دفع الطاعن منها وقت التعاقد 2100 ج واتفق على دفع الباقي على أقساط ولما تخلف الطاعن عن الوفاء به أقام عليه المطعون ضده الأول الدعوى رقم 2834 سنة 1959 كلي مصر بطلب فسخ عقد البيع وقضي له فيها نهائياً بطلبه ثم أقام عليه الدعوى رقم 4558 سنة 1959 كلي مصر بطلب تسليم الأطيان المبيعة بعد أن أودع خزانة المحكمة مبلغ 2100 ج قيمة ما قبضه من الثمن وقد قضي له فيها بالتسليم ثم أقام عليه هذه الدعوى الماثلة بطلب مبلغ 1354 ج و560 م قيمة ريع الأطيان المبيعة في المدة من تاريخ وضع يده عليها في 26/ 10/ 1955 لغاية 26/ 10/ 1959 وما يستجد من ريع بواقع 338 ج و664 م سنوياً حتى التسليم. وبعد أن ندبت المحكمة خبيراً لتقدير الريع عدل المطعون ضده الأول طلباته إلى طلب الحكم بإلزام المشتري "الطاعن" بمبلغ 2033 ج و184 م قيمة الريع عن المدة من 26/ 10/ 1955 إلى آخر أكتوبر سنة 1961 باعتبار أن ريع الفدان الواحد 17 ج و260 م وبتاريخ 24 سبتمبر سنة 1962 قضت محكمة كفر الشيخ الابتدائية بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده الأول بصفته مبلغ 1131 ج و456 م فاستأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا وقيد استئنافه برقم 375 سنة 12 ق كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 376 سنة 12 ق وبعد أن ضمت تلك المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ 21 مايو سنة 1964 بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده الأول بصفته قيماً على ابنته القاصر وللمطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين وهم "أولاد الأول الذين بلغوا سن الرشد" مبلغ 2133 ج و184 م وبرفض الاستئناف رقم 376. طعن المشتري في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم ولدى نظر الطعن أمام هذه الدائرة صممت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعن فيهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الاستئناف ألزمته بأداء كامل ريع الأطيان التي حكم بفسخ عقدها للمطعون ضدهم مع أن حقه طبقاً للمادة 160 من القانون المدني أن يحبس العين المبيعة وثمراتها حتى يسترد ما دفعه من الثمن وفوائده وأنه إذ كان مقدار ما دفعه من الثمن هو مبلغ 2400 ج وكان إيداع المطعون ضدهم مبلغ 2100 ج مما قبضه من الثمن غير مبرئ لذمتهم منه لأن هذا المبلغ المودع علاوة على أنه يقل عن المبلغ المدفوع من الثمن فإنه لم يسبق إيداعه عرض فعلي كما أن المطعون ضدهم لم يودعوا فوائد ما قبضوه من الثمن، لما كان ذلك فإن له الحق في أن يحبس العين وثمراتها حتى يستوفي ما دفعه من الثمن وفوائده وإذ قضت محكمة الاستئناف رغم هذا بإلزامه برد ثمرات العين المبيعة فإنها تكون قد خالفت القانون وقد خلطت بين ملكية الثمار التي لا ينازع الطاعن في أنها للبائعين وبين حقه في حبسها حتى يستوفي ما دفعه من الثمن وفوائده ولا صحة لما قررته تلك المحكمة من أن حق الطاعن في ذلك مقيد بأن يرفع به دعوى يدفع عنها الرسم المقرر لها حتى يمكن للمحكمة أن تفصل فيه ذلك لأنه وقد تمسك بحقه في الحبس كدفاع له في الدعوى فقد كان لزاماً على المحكمة أن تفصل فيه كما أن ما قررته من أنه ليس من العدالة أن يجمع المشتري بين ثمرات العين المبيعة المحكوم بفسخ عقد بيعها وبين فوائد ما دفعه من الثمن لا يصلح أن يكون رداً على ما طلبه لأنه لم يطلب هذا الجمع وإنما كل ما طلبه هو إعمال حقه في الحبس حتى يستوفي ما دفعه من الثمن وفوائده.
وحيث إنه لما كان الحكم الصادر في الدعوى رقم 2834 سنة 1957 كلي القاهرة بفسخ عقد البيع العرفي المؤرخ في 26 مايو سنة 1955 يترتب عليه إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد ومن مقتضى ذلك أن يسلم الطاعن الأرض المبيعة إلى البائعين المطعون ضدهم مقابل استرداده ما دفعه لهم من الثمن وكان الطاعن قد امتنع عن تسليم العين المبيعة فأقام عليه المطعون ضدهم البائعون الدعوى رقم 4558 سنة 1959 كلي مصر بطلب تسليمها فقضى لهم بذلك نهائياً بناء على أن ذمتهم قد برئت من الثمن الذي قبضوه بإيداعهم له على ذمته خزانة المحكمة ثم أقاموا هذه الدعوى المائلة بطلب إلزام الطاعن بثمرات العين المبيعة لما كان ذلك وكان التزام المشتري برد الأرض المبيعة إنما يقابل التزام البائع برد ما قبضه من الثمن وكان النزاع في هذا الشأن قد حسمه الحكم الصادر بالتسليم في الدعوى رقم 4558 سنة 1959 كلي مصر فإن كل ما يثيره الطاعن في هذا الطعن خاصاً بمقدم الثمن وطريقة إيداعه غير مجد في الدعوى الحالية التي اقتصرت على طلب رد الثمرات ولم تشمل طلب تسليم العين المبيعة ولما كان التزام المشتري برد ثمرات العين المبيعة يقابل التزام البائعين برد فوائد ما قبضوه من الثمن ومن حق المشتري أن يحبس ما يستحقه للبائع في ذمته من ثمار حتى يستوفي منه فوائد ما دفعه من الثمن وكان الثابت أن الطاعن تمسك أمام محكمة الاستئناف بحقه هذا في حبس الثمار فرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع بقوله إن ما يركن إليه بصحيفة استئنافه لا سند له من صحيح القانون ذلك أن حق المشتري في حبس العين المحكوم بفسخ البيع الصادر عنها حتى يوفي الثمن السابق دفعه وفوائده لا يترتب عليه الحق في تملك المشتري ثمار المبيع بعد أن أصبحت من حق مالك العين بحكم الفسخ إذ من حق هذا الأخير اقتضاء ريع العين من تاريخ البيع لأن حق الحبس إنما قرر للمشتري ضماناً لوفاء البائع بما دفعه إليه من الثمن نتيجة فسخ البيع وليس من شأن هذا الحق تمليك المشتري ثمار العين المبيعة بل يجب عليه ردها للمالك الذي قضي له بفسخ العقد لإخلال المشتري بالتزاماته فإنه مما ينافي العدالة أن يجمع المشتري بين الربح الذي يجنيه من ثمار العين وفوائد الثمن الباقي تحت يده بينما يحرم البائع من ثمرات ماله المبيع المسلم إلى المشتري من تاريخ التعاقد لحين تنفيذ حكم الفسخ وتسلم البائع لهذه العين فعلاً وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه لا يواجه دفاع الطاعن المؤسس على حقه في حبس الثمار حتى يستوفي ما له في ذمة البائع من فوائد ما دفعه من ثمن ولا يصلح رداً على هذا الدفاع ذلك أن الطاعن لم يدع أن له حقاً في تملك ثمار العين المبيعة التي فسخ التعاقد بشأنها وإنما كل ما تمسك به هو مجرد حقه في حبس هذه الثمار إلى أن يستوفي ما له في ذمة المطعون ضدهم من فوائد ما قبضوه من الثمن وهو الحق الذي تخوله له المادة 246 من القانون المدني ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعن بأداء مبلغ 2133 ج و184 م قيمة الثمرات إلى المطعون ضدهم وكان القضاء بذلك قائماً على ما قرره الحكم في أسبابه المرتبطة بالمنطوق والمكملة له من عدم أحقية الطاعن في حبس قيمة هذه الثمرات إلى أن يستوفي ما له من فوائد ما دفع من الثمن بما يدل على أن محكمة الاستئناف قد أجازت للمطعون ضدهم استيفاء قيمة الثمار المقضى لهم بها قبل أداء ما في ذمتهم للطاعن من فوائد فإن الحكم المطعون فيه يكون بذلك قد خالف القانون بإهداره حقاً قانونياً للطاعن بغير مقتض ويتعين لذلك نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه.
وحيث إن ثبوت حق الطاعن في حبس قيمة الثمار إلى أن يستوفي من المطعون ضدهم ما هو مستحق له في ذمتهم من فوائد ما دفعه لهم من الثمن لا يمنع من تقدير قيمة الثمار المستحقة لهؤلاء المطعون ضدهم ومن الحكم لهم بها على أن يكون تنفيذ هذا الحكم مشروطاً بأداء المطعون ضدهم للطاعن ما هو مستحق له في ذمتهم من فوائد ما قبضوه منه من الثمن من تاريخ قبضهم له حتى تاريخ إيداعه.