أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 24 - صـ 509

جلسة 28 من مارس سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجودة أحمد غيث، والدكتور محمد زكي عبد البر، وإسماعيل فرحات عثمان.

(89)
الطعن رقم 215 لسنة 35 القضائية

(1، 2، 3، 4، 5) ضرائب "تقادم الضريبة". تقادم. "تقادم مسقط". جمارك. دفع غير المستحق.
(1) تقادم الحق في المطالبة باسترداد الضرائب والرسوم بمضي ثلاث سنوات من يوم دفعها م 377/ 2 مدني. شرطه. أن يكون تحصيل تلك المبالغ قد تم بغير وجه حق.
(2) صدور قرار بإعفاء صاحب الشأن من الرسوم الجمركية عن فترة سابقة. اعتبار الرسوم السابق تحصيلها ديناً عادياً. سقوط الحق في طلب استردادها بمضي 15 سنة من تاريخ صدور قرار الإعفاء.
(3) تحصيل رسوم جمركية بغير وجه حق. تقادم الحق في استردادها بمضي ثلاث سنوات من يوم دفعها.
(4) رد مصلحة الجمارك جزء من رسوم جمركية أخرى بخلاف الرسوم الجمركية المتنازع عليها. غير قاطع لتقادم الحق في استرداد هذه الرسوم الأخيرة.
(5) طلب استرداد الرسوم المحصلة بدون وجه حق بخطاب موصى عليه مع علم الوصول قبل صدور القانون 646 لسنة 1953 غير قاطع للتقادم. هذه المطالبة - بعد صدور ذلك القانون - لا تقطع التقادم إذا تمت بعد اكتمال مدته.
1 - النص في الفقرة الثانية من المادة 377 من القانون المدني على أنه "يتقادم بثلاث سنوات أيضاً الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق، ويبدأ سريان التقادم من يوم دفعها". يدل على أنه يشترط لتطبيق حكم هذه الفقرة أن يكون المبلغ الذي حصلته الدولة قد دفع باعتباره ضريبة أو رسماً وأن يكون تحصيله قد تم بغير وجه حق. ولما كانت مصلحة الجمارك إذ حصلت من الشركة المطعون عليها - شركة الطيران - المبالغ المطالب بردها باعتبارها رسوماً جمركية إعمالاً لأحكام اللائحة الجمركية الصادر بها الأمر العالي المؤرخ في 2/ 4/ 1884 السارية وقتذاك، فتكون قد حصلتها بحق استناداً إلى أحكام اللائحة المذكورة، ذلك إلى أن أعفيت منها الشركة بموجب قرار مجلس الوزراء الصادر في 1/ 2/ 1948.
2 - إذا كان من شأن تطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 1/ 2/ 1948 أن يكون للمطعون عليها - شركة الطيران - حق استرداد ما دفع من تاريخ استئنافها العمل في 10/ 11/ 1945، فلا يصح أن تواجه المطعون عليها بحكم المادة 377/ 2 من القانون المدني حتى تاريخ صدور القرار، لأن ما حصل حتى هذا التاريخ إنما حصل بحق، ولكن بقاءه تحت يد مصلحة الجمارك أصبح بعد صدور القرار المذكور بغير سند، ولذلك يصبح ديناً عادياً يسقط الحق في اقتضائه بمدة التقادم المقررة في القانون المدني، ولا يجوز قياس حالة ما تحصله المصلحة بغير حق وقت تحصيله، بما يصبح بمقتضى قرار لاحق من مجلس الوزراء واجب الرد، ذلك أن نص المادة 377/ 2 من القانون المدني، هو نص استثنائي لا يجوز التوسع فيه بطريق القياس، ولما كان الثابت في الدعوى أن هذه المدة وهي خمسة عشر عاماً لم تكن قد اكتملت من تاريخ صدور قرار المجلس في 1/ 2/ 1948 حتى رفع الدعوى في 5 و12/ 7/ 1956 فإن الحق في الرسوم المطالب بردها عن الفترة من 10/ 11/ 1945 حتى 31/ 1/ 1948 وهو اليوم السابق على صدور قرار المجلس لا يكون قد سقط بالتقادم.
3 - إذا كانت الرسوم الجمركية المطالب بردها قد تم تحصيلها - بعد صدور قرار مجلس الوزراء بالإعفاء - بغير وجه حق، فإن الحق في استردادها يتقادم بثلاث سنوات تبدأ من يوم دفعها تطبيقاً لنص المادة 377/ 2 من القانون المدني.
4 - تقادم الحق في استرداد الرسوم الجمركية - محل النزاع - لا يقطعه قيام مصلحة الجمارك برد جزء من الرسوم الجمركية التي اقتضتها على مواد الوقود والزيت، إذ هي بخلاف الرسوم موضوع النزاع المحصلة عن مواد أخرى، فتعتبر ديناً مستقلاً بذاته عن الرسوم المحصلة على المواد الأولى، وبالتالي فإن سداد الرسوم الأخيرة لا يقطع التقادم بالنسبة للرسوم المتنازع عليها.
5 - لا يقطع التقادم - المسقط - إرسال الشركة المطعون عليها إلى مصلحة الجمارك الخطابين المؤرخين 13/ 10/ 1952 و24/ 4/ 1954 للمطالبة بالرسوم موضوع النزاع - الرسوم الجمركية المحصلة بغير وجه حق - ذلك أن أولهما أرسل قبل صدور القانون رقم 646 لسنة 1953 الذي اعتبر الكتاب الموصى عليه مع علم الوصول المرسل من الممول إلى الجهات المختصة بطلب رد ما دفع بغير حق قاطعاً للتقادم، أما الخطاب الثاني فقد أرسل بعد أن اكتملت مدة التقادم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن شركة الخطوط الجوية الهولندية الملكية - المطعون عليها - أقامت الدعوى رقم 3398 سنة 1956 مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية بصحيفة معلنة في 5 و12/ 7/ 1956 ضد مصلحة الجمارك ووزارة المالية والاقتصاد - الطاعنتين - طالبة الحكم بإلزامهما بأن تدفعا لها مبلغ 2100 ج وفوائده من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام السداد، وقالت شرحاً لدعواها إنها تحصلت في سنة 1936 على ترخيص بتنظيم خدمات جوية بالأراضي المصرية، وتضمن هذا الترخيص إعفاءها من الرسوم الجمركية المقررة على مواد الوقود ومواد التزييت التي تأخذها طائراتها عند تأهبها للسفر من الأراضي المصرية، وظلت تتمتع بهذا الإعفاء حتى وقعت الحرب العالمية الثانية حيث اضطرت إلى وقف نشاطها، ثم استأنفته بتاريخ 10/ 11/ 1945 بعد الحرب بموجب ترخيص جديد غير أنه جاء خلواً من الإعفاء السابق، وبتاريخ أول فبراير سنة 1948 صدر قرار مجلس الوزراء بإعفاء شركات الطيران من دفع الرسوم الجمركية المقررة على مواد الوقود ومواد التزييت وأن يكون هذا الإعفاء بأثر رجعي بالنسبة للشركات التي سبق أن تمتعت به بموجب قرارات سابقة، فتقدمت المطعون عليها بتاريخ 9/ 3/ 1948 بطلب استرداد الرسوم الجمركية التي سبق أن دفعتها خلال مدتين الأولى من 10/ 11/ 1945 إلى 31/ 7/ 1947، والثانية من 1/ 8/ 1947 إلى 31/ 7/ 1948، وردت لها الطاعنتان مبلغ 47271 ج و647 م في 10/ 6/ 1951 ثم مبلغ 7974 ج و70 م في 20/ 9/ 1951 قيمة الرسوم الجمركية التي دفعت في المدة من 10/ 11/ 1945 حتى 31/ 7/ 1948 عن مواد الوقود ومواد التزييت، أما الرسوم الخاصة بالسائل المذيب للجليد والزيت الهيدروليكي فلم يتسن لها استردادها لعدم وجود المستندات الخاصة بهذين الصنفين تحت يدها، وإذ حصلت على هذه المستندات وتقدمت بتاريخ 10/ 10/ 1952 إلى مصلحة الجمارك للمطالبة بهذه الرسوم وقدرها 2100 ج ورفضت ردها فقد أقامت دعواها للحكم لها بطلباتها. دفعت الطاعنتان بسقوط حق المطعون عليها في استرداد الرسوم موضوع النزاع بالتقادم استناداً إلى المادة 377 من القانون المدني لمضي أكثر من ثلاث سنوات على دفعها، وبتاريخ 22/ 1/ 1959 حكمت المحكمة برفض الدفع وبندب مكتب الخبراء بوزارة العدل لأداء المأمورية المبينة بمنطوق هذا الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره عدلت المطعون عليها طلباتها إلى طلب الحكم بإلزام الطاعنتين متضامنتين بأن تدفعا لها مبلغ 2580 ج و251 م والفوائد، وبتاريخ 21/ 2/ 1963 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 783 سنة 80 ق مدني، وبتاريخ 25/ 1/ 1965 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعنتين بأن تدفعا للمطعون عليها مبلغ 2580 ج و251 م والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 5/ 7/ 1956 حتى تمام السداد. طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت في الأولى منهما الرأي برفض الطعن، ثم عدلت عن هذا الرأي في مذكرتها الثانية وطلبت نقض الحكم. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن تنازلت الطاعنتان عن السبب الثاني الخاص بتنصيب الحكم لاعتباره الخطاب المؤرخ 24/ 4/ 1954 قاطعاً للتقادم، وأصرت النيابة على رأيها الأخير.
وحيث إن حاصل السبب الأول من سببي الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بالتقادم بالنسبة للرسوم الجمركية الخاصة بالسائل المذيب للجليد والزيت الهيدروليكي استناداً إلى أن التقادم انقطع بقيام الطاعنتين برد جزء منها في 10/ 6/ 1951، 20/ 9/ 1951 مما يعتبر نزولاً منهما عن التمسك به، وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، ذلك أن الوفاء الجزئي الذي تم في سنة 1951 متعلق بالرسوم الجمركية الخاصة بمواد الوقود ومواد التزييت فلا يقطع التقادم بالنسبة للرسوم الجمركية الخاصة بالسائل المذيب للجليد والزيت الهيدروليكي موضوع النزاع وهي مواد تخضع لرسوم خاصة تختلف عن المواد الأخرى.
وحيث إن النص في الفقرة الثانية من المادة 377 من القانون المدني على أنه "يتقادم بثلاث سنوات أيضاً الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق، ويبدأ سريان التقادم من يوم دفعها"، يدل على أنه يشترط لتطبيق حكم هذه الفقرة أن يكون المبلغ الذي حصلته الدولة قد دفع باعتباره ضريبة أو رسماً وأن يكون تحصيله قد تم بغير وجه حق، ولما كانت مصلحة الجمارك إذ حصلت من الشركة المطعون عليها المبالغ المطالب بردها باعتبارها رسوماً جمركية مقررة على السائل المذيب للجليد والزيت الهيدروليكي إعمالاً لأحكام اللائحة الجمركية الصادر بها الأمر العالي المؤرخ 2/ 4/ 1884 السارية وقتذاك فتكون قد حصلتها بحق استناداً إلى أحكام اللائحة المذكورة، وذلك إلى أن أعفيت منها الشركة بموجب قرار مجلس الوزراء الصادر في 1/ 2/ 1948، إذ أصدر المجلس مراعاة لاعتبارات خاصة قراراً في هذا التاريخ يقضي بأن تعفى شركات الطيران ذات الخطوط الجوية الدولية المنتظمة "من الرسوم الجمركية المقررة على الوقود والزيوت اللازمة لطائراتها عند شرائها في المطارات بشرط ألا تستعمل إلا فيما يتعلق بتشغيل الطائرات عند سفرها للخارج وعلى أن يكون الإعفاء من تاريخ استئناف العمل فعلاً بالنسبة للشركات التي سبق أن تمتعت بالإعفاء بموجب قرارات من مجلس الوزراء"، ولما كان من شأن تطبيق هذا القرار أن يكون للمطعون عليها حق استرداد ما دفع من تاريخ استئنافها العمل في 10/ 11/ 1945، فلا يصح أن تواجه المطعون عليها بحكم المادة 377/ 2 من القانون المدني سالفة الذكر حتى تاريخ صدور القرار، ذلك لأن ما حصل حتى هذا التاريخ إنما حصل بحق ولكن بقاءه تحت يد مصلحة الجمارك أصبح بعد صدور القرار المذكور بغير سند ولذلك يصبح ديناً عادياً يسقط الحق في اقتضائه بمدة التقادم المقررة في القانون المدني، ولا يجوز قياس حالة ما تحصله المصلحة بغير حق وقت تحصيله بما يصبح بمقتضى قرار لاحق من مجلس الوزراء واجب الرد، ذلك أن نص المادة 377/ 2 من القانون المدني هو نص استثنائي لا يجوز التوسع فيه بطريق القياس، ولما كان الثابت في الدعوى أن هذه المدة وهي خمسة عشر عاماً لم تكن قد اكتملت من تاريخ صدور قرار المجلس في 1/ 2/ 1948 حتى رفع الدعوى في 5 و12/ 7/ 1956، فإن الحق في الرسوم المطالب بردها عن الفترة من 10/ 11/ 1945 حتى 31/ 1/ 1948 وهو اليوم السابق على صدور قرار المجلس لا يكون قد سقط بالتقادم، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة بالنسبة للفترة المذكورة فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، أما بالنسبة للرسوم الجمركية المطالب بردها عن الفترة من 1/ 2/ 1948 حتى 31/ 8/ 1948 فإنه لما كان تحصيلها بعد صدور قرار بالإعفاء قد تم بغير وجه حق، فإن الحق في استردادها يتقادم بثلاث سنوات تبدأ من يوم دفعها تطبيقاً لنص المادة 377/ 2 من القانون المدني، ومن ثم يكون حق المطعون عليها في استرداد هذه الرسوم قد سقط بالتقادم لانقضاء المدة المذكورة قبل تاريخ رفع الدعوى، ولما كان التقادم المذكور لا يقطعه قيام مصلحة الجمارك برد جزء من الرسوم الجمركية في 10/ 6/ 1951، 20/ 9/ 1951 ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه أن ما دفعته المصلحة هو الرسوم الجمركية التي اقتضتها على مواد الوقود والزيوت وهي بخلاف الرسوم موضوع النزاع المحصلة عن السائل المذيب للجليد والزيت الهيدروليكي عند شراء هذه المواد خلال الفترة من 1/ 3/ 1948 حتى 31/ 8/ 1948 فتعتبر ديناً مستقلاً بذاته عن الرسوم المحصلة على المواد الأخرى وبالتالي فإن سداد الرسوم الأخيرة لا يقطع التقادم بالنسبة للرسوم المتنازع عليها، وكان لا يقطع التقادم أيضاً إرسال الخطابين المؤرخين 13/ 10/ 1952 و24/ 4/ 1954 من الشركة المطعون عليها إلى مصلحة الجمارك للمطالبة بهذه الرسوم, وذلك لأن أولهما أرسل قبل صدور القانون رقم 646 لسنة 1953 الذي اعتبر الكتاب الموصى عليه مع علم الوصول المرسل من الممول إلى الجهات المختصة بطلب رد ما دفع بغير حق قاطعاً للتقادم، أما الخطاب الثاني فقد أرسل بعد أن اكتملت مدة التقادم، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنتين برد هذه الرسوم المتحصلة في الفترة من 1/ 2/ 1948 حتى 31/ 8/ 1948 إلى الشركة المطعون عليها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.