أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 1354

جلسة 14 من نوفمبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد سيد أحمد حماد.

(204)
الطعن رقم 446 لسنة 34 القضائية

( أ ) إثبات. "قواعد الإثبات". نظام عام. نقض. "أسباب الطعن".
قواعد الإثبات - في ظل قانون المرافعات السابق - ليست من النظام العام. النعي بمخالفة قواعد الإثبات. عدم جواز التمسك به لأول مرة لدى محكمة النقض.
(ب) نقض. "أسباب الطعن". "حجز". أحوال شخصية. أهلية.
التدليل على عدم صحة البيانات الخاصة بتاريخ تقديم طلب الحجر. عدم جوازه أمام محكمة النقض بمستند لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع.
(ج) أهلية. "تصرف السفيه وذي الغفلة". بطلان. حجر.
بطلان التصرف للسفه أو الغفلة. عدم اشتراط اجتماع الأمرين. بطلان تصرف السفيه الصادر نتيجة استغلال ولو كان صادراً قبل توقيع الحجر عليه.
(د) أهلية. "السفه والغفلة". "استغلال السفه والغفلة".
الاستغلال - في حكم المادة 115/ 2 مدني - هو أن يغتنم الغير فرصة سفه شخص أو غفلته فيستصدر منه تصرفات يستغله بها ويثرى من أمواله. ثبوت الاستغلال. بطلان التصرف ولو صدر قبل تسجيل طلب الحجر أو تسجيل قرار الحجر.
1 - لما كانت قواعد الإثبات ليست من النظام العام - في ظل قانون المرافعات السابق - يجوز الاتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمناً فإنه لا يجوز إثارة النعي بمخالفة قواعد الإثبات لأول مرة لدى محكمة النقض.
2 - إذا كان الطاعنان لم ينازعا في صحة البيانات الخاصة بتاريخ تقديم طلب الحجر التي صدر الحكم الابتدائي على أساسها ولم يطعنا في صحتها أمام محكمة الاستئناف فإنه لا يجوز لهما التدليل على عدم صحة هذه البيانات أمام محكمة النقض بمستند لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع.
3 - يكفي للحكم ببطلان التصرف وفقاً لنص المادة 115 من القانون المدني أن يكون صادراً من سفيه أو ذي غفلة ولا يشترط اجتماع الأمرين (السفه والغفلة) ومتى أثبت الحكم أن التصرف الصادر من السفيه كان نتيجة استغلال فإن ذلك يكفي لإبطاله ولو كان صادراً قبل توقيع الحجر عليه.
4 - المقصود بالاستغلال - في حكم الفقرة الثانية من المادة 115 من القانون المدني - أن يغتنم الغير فرصة سفه شخص أو غفلة فيستصدر منه تصرفات يستغله بها ويثرى من أمواله. فإذا أثبت الحكم المطعون فيه في حدود سلطة المحكمة الموضوعية أن الطاعنين قد استغلا سفه المطلوب الحجر عليه وشدة حاجته إلى المال فاستصدرا منه التصرف المحكوم ببطلانه بمقابل يقل كثيراً عما تساويه الأرض المبيعة وذلك إرضاء لشهوة الاغتناء لديهما فإن الحكم بذلك يكون قد أثبت أن التصرف الصادر إلى الطاعنين كان نتيجة استغلال وبالتالي يكون هذا التصرف باطلاً ولو صدر قبل تسجيل طلب الحجر أو تسجيل قرار الحجر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن. تتحصل في أن المطعون ضدها بصفتها قيمة على ابنها محمد محمد علي حسن أقامت الدعوى رقم 159 لسنة 1960 كلي الجيزة تطلب فيها بالنسبة للطاعنين الحكم ببطلان العقد الصادر لهما من ابنها المذكور ببيع 1 ف و4 ط و2 س والمسجل في 26/ 5/ 1958 برقم 1634 لسنة 1958 جيزة نظير ثمن قدره 330 جنيه وقالت في بيان دعواها إنها بتاريخ 27/ 10/ 1957 طلبت إلى محكمة الجيزة الابتدائية للأحوال الشخصية توقيع الحجر على ابنها المذكور للسفه والغفلة وقضت المحكمة في 14/ 11/ 1958 بتوقيع الحجر عليه وبإقامتها قيمة عليه إلا أن الطاعنين انتهزا فرصة حاجته إلى المال لاستغلاله والحصول على جزء من أرضه نظير ثمن زهيد فاستصدرا منه العقد المراد إبطاله رغم عملهما بحالته وقيام إجراءات الحجر - وبتاريخ 25 يناير سنة 1961 قضت المحكمة بندب مكتب الخبراء لمعاينة الأرض موضوع النزاع وتقدير قيمتها وقت التعاقد بحسب صقعها ورغبات الناس فيها. وبعد أن باشر المكتب هذه المأمورية وقدر قيمة الأرض بمبلغ 842 ج و500 م دفع الطاعنان بأن الثمن الوارد بالعقد المسجل قد روعي تخفيضه للتقليل من رسوم التسجيل فقضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنان بكافة طرق الإثبات صورية الثمن الوارد بالعقد المسجل أن الثمن الحقيقي الذي قبضه البائع لهما هو الثابت بالعقود الابتدائية الثلاثة المقدمة منهما. وفي 28 مارس سنة 1962 وبعد سماع شهود الطرفين قضت المحكمة ببطلان عقد البيع موضوع النزاع فاستأنف الطاعنان قضاءها لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 968 سنة 79 ق وبتاريخ 25 فبراير سنة 1964 قضت تلك المحكمة قبل الفصل في الموضوع باستجواب المستأنفين (الطاعنين) في علاقتهما بالمستأنف عليها (المطعون ضدها) وولدها المحجور عليه وهل تربطهما به قرابة أو صلة وكذلك في مبررات تحرير ثلاثة عقود ابتدائية بدلاً من عقد واحد يضم المساحات المبيعة وفي سبب اختلاف الأثمان الواردة بهذه العقود عما ورد بعقدها المسجل وبيان ما إذا كانت قد حررت ورقة ضد في هذا الشأن وبعد أن تم استجواب المستأنفين قضت المحكمة في 12 مايو سنة 1964 برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعنان في حكمها بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب حاصل السبب الأول منها الخطأ في القانون ومخالفة قواعد الإثبات وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بالبطلان على وجود بخس في ثمن الأرض التي باعها لهما المحجور عليه قبل توقيع الحجر استناداً إلى أن الخبير قدر ثمنها عند التعاقد بمبلغ 842 ج و500 م بينما ثمنها المسمى بالعقد النهائي المسجل هو 330 ج في حين أن هذا الذي قرره الحكم يناقض ما ورد بالعقود الابتدائية الثلاثة التي باع بها المحجور عليه أرضه للطاعنين والثابت بها أن ثمن الأرض الذي قبضه البائع هو 950 ج وخفض في العقد النهائي إلى 330 ج للتدليل من رسوم التسجيل وقد أهدرت المحكمة العقود الابتدائية وأقامت قضاءها بوجود بخس في الثمن على أقوال الشهود خلافاً لما تقضي به قواعد الإثبات من عدم جواز الإثبات بالبينة فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي.
وحيث إن هذا النعي مردود بما هو ثابت في الأوراق من أن الطاعنين قد ارتضيا الحكم الذي أصدرته محكمة أول درجة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ونفذاه بإحضار شهودهما ولم يطعنا فيه أمام محكمة الاستئناف. ولما كانت قواعد الإثبات ليست من النظام العام ويجوز الاتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمناً فإنه لا يجوز إثارة هذا النعي لأول مرة لدى محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب الثاني الخطأ في الإسناد ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما أثبته الحكم المستأنف من أن المحجور عليه تصرف بالبيع للطاعنين في تاريخ لاحق لطلب توقيع الحجر وأنهما كانا يعلمان بإجراءات الحجر بسبب القرابة التي تربطهما بالمحجور عليه. في حين أن أوراق الدعوى خالية من أية ورقة رسمية تدل على تاريخ تقديم طلب الحجر ولم تقدم المطعون ضدها إلا شهادة لم يذكر بها تاريخ تقديم ذلك الطلب أو سببه ومع ذلك أسست المحكمة قضاءها بالبطلان على أن الحجر كان للسفه والغفلة معاً وفقاً لما أوردته المطعون ضدها في صحيفة الدعوى ومذكرتها الشارحة مع أن الحجر لم يوقع إلا للسفه وحده. كما هو ثابت من نص الشهادة المرفقة بتقرير الطعن والفرق كبير بين حالتي السفه الغفلة وأثر كل منهما في تكوين اقتناع المحكمة بحصول الاستغلال. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه أخطأ في اتخاذ صلة القرابة بين الطرفين دليلاً على علم الطاعنين بإجراءات الحجر لأن تلك القرابة لا وجود لها.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها قد أقامت دعواها وذكرت في صحيفة افتتاحها أنها تقدمت بطلب الحجر على ابنها في 27/ 10/ 1957 وأن الحجر قد توقع بسبب السفه والغفلة وقدمت شهادة رسمية من محكمة الأحوال الشخصية تدل على أن الطلب قيد برقم 645 سنة 1957 الجيزة وهو ما يفيد أن تاريخ تقديمه سابق على عقد البيع الصادر للطاعنين والمسجل في 26 مايو سنة 1958. ولما كان الطاعنان لم ينازعا في صحة هذه البيانات التي صدر الحكم الابتدائي على أساسها كما لم يطعنا في صحتها أمام محكمة الاستئناف فإنه لا يجوز لهما التدليل على عدم صحة هذه البيانات أمام محكمة النقض بمستند لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع والنعي مردود في الشق الثاني منه بأنه غير منتج ذلك أنه يكفي للحكم ببطلان التصرف وفقاً لنص المادة 115 من القانون المدني أن يكون صادراً من سفيه أو ذي غفلة ولا يشترط اجتماع الأمرين وقد أثبت الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه أن الطاعنين انتهزا فرصة سفه المحجور عليه لاستغلاله واستصدار عدة عقود بيع منه للإثراء من ماله - ومتى كان الحكم قد أثبت أن التصرف الصادر من السفيه كان نتيجة استغلال فإن ذلك يكفي لإبطاله ولو كان صادراً قبل توقيع الحجر عليه. والنعي مردود في شقه الأخير بأن الطاعنين قد أقرا أمام محكمة الموضوع بوجود صلة مصاهرة بينهما وبين المحجور عليه وهذه الصلة نوع من القرابة ولئن كان الطاعنان قد ادعيا بانتهاء هذه الصلة إلا أن ذلك لا يؤثر في صحة ما رتبه الحكم عليها وقد استخلص علم الطاعنين بإجراءات الحجر استخلاصاً سليماً من ظروف النزاع وملابساته وذلك في حدود سلطة المحكمة الموضوعية.
وحيث إن حاصل السبب الثالث الخطأ ومخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن الحكم المطعون فيه عول في قضائه بالبطلان على أن تصرف المحجور عليه كان لاحقاً لتاريخ تقديم طلب الحجر وعلى علمهما بإجراءات الحجر في حين أن القانون لا يجيز الاحتجاج عليهما بقرار الحجر إلا من تاريخ تسجيل الطلب أو من تاريخ تسجيل الحكم بالحجر وإذ كان الحكم قد سجل في 5/ 11/ 1958 وكان تصرف المحجور عليه لهما قد وقع قبل ذلك فإن هذا التصرف يكون صحيحاً لصدوره من شخص أهل للتعاقد طبقاً لنص المادة 109 من القانون المدني وإن كانت تصرفاته قابلة للبطلان أو الإبطال إذا جاءت نتيجة للاستغلال أو التواطؤ.
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة 115 من القانون المدني تنص على "أن التصرف الصادر قبل تسجيل قرار الحجر لا يكون باطلاً أو قابلاً للإبطال إلا إذا كان نتيجة استغلال أو تواطؤ" ويقصد بالاستغلال أن يغتنم الغير فرصة سفه شخص أو غفلته فيستصدر منه تصرفات يستغله بها ويثرى من أمواله. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حدود سلطة المحكمة الموضوعية أن الطاعنين قد استغلا سفه المطلوب الحجر عليه وشدة حاجته إلى المال فاستصدرا منه التصرف المحكوم ببطلانه بمقابل يقل كثيراً عما تساويه الأرض المبيعة وذلك إرضاء لشهوة الاغتناء لديهما فإن الحكم يكون بذلك قد أثبت أن التصرف الصادر إلى الطاعنين كان نتيجة استغلال وبالتالي يكون هذا التصرف باطلاً ولو صدر قبل تسجيل طلب الحجر أو تسجيل قرار الحجر ومن ثم يكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الرابع الخطأ في القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن الحكم المطعون فيه استند في قضائه ببطلان العقد إلى ما ذهب إليه الحكم المستأنف من أن التصرف الصادر لهما من المحجور عليه كان لاحقاً لتاريخ تقديم طلب الحجز وإلى بخس الثمن الوارد في العقد النهائي وإلى علم الطاعنين بحالة المحجور عليه باعتبارهما من أقاربه ولم يشر الحكم إلى النص القانوني الذي أقام عليه هذا القضاء ولما كان القانون المدني لا يجيز بطلان البيع الصادر من شخص قبل توقيع الحجر عليه لمجرد وقوعه في تاريخ لاحق لتقديم طلب الحجر أو لمجرد وجود بخس في الثمن وإنما تستوجب المادة 115 من القانون المدني لإبطاله أن يكون التصرف نتيجة استغلال أو تواطؤ فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يتحدث عن توافر الاستغلال وصورته فإنه يكون خاطئاً قاصر البيان.
وحيث إنه بالرجوع إلى الأوراق يبين أن محكمة أول درجة قد أشارت في حكمها المؤرخ 27/ 12/ 1961 الصادر بإحالة الدعوى إلى التحقيق إلى نص المادة 115 من القانون المدني باعتباره الواجب التطبيق على واقعة النزاع ثم عادت وتناولت هذا النص بالشرح في حكمها المستأنف وبعد أن أوضح هذا الحكم علم الطاعنين بحالة المحجور عليه وسفهه وبتقديم المطعون ضدها طلب للحجر عليه خلص إلى القول بأن "تلك الظروف والملابسات لم تكن لتمنع المدعى عليهم من قبول تصرف المحجور عليه إليهم وإنما شهوة الاغتناء من وراء المحجور عليه وانتهاز فرصة سفهه وغفلته جعلتهم يقدمون على قبول التصرفات الصادرة إليهم منه الأمر الذي ترى معه المحكمة..... إلخ" وأضاف الحكم المطعون فيه إلى أسباب الحكم المستأنف التي أحال إليها "إن المستأنفين ومنهم الطاعنان لم يقدموا مبرراً يسوغ تحرير عدة عقود بيع في فترة قصيرة بعد تقديم طلب الحجر وقبل توقيعه وعجزوا عن إثبات صحة ادعائهما بشأن الأثمان المحددة بتلك العقود ومبررات خفضها في العقد النهائي" وما قرره الحكم المطعون فيه من اغتنام الطاعنين فرصة سفه المحجور عليه مع علمهما بهذه الحالة واستصدارهما عقوداً متتالية منه في فترة قصيرة بعد تقديم طلب الحجر وتملك شهوة الاغتناء لديهما للحصول على جزء من أرضه بثمن بخس كاف لإبراز ركن الاستغلال بالمعنى المقصود في المادة 115/ 2 من القانون المدني وعلى ما سبق بيانه في الرد على السبب الثالث ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الخامس الخطأ ومخالفة الثابت في الأوراق وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن الحكم المطعون فيه عول في قضائه بالبطلان على ما ذهب إليه الحكم المستأنف من إهدار حجية البيانات التي اشتملت عليها العقود الابتدائية ومنها الاتفاق على الثمن وقبض البائع له مستنداً في ذلك إلى عجز الطاعنين عن إثبات صحة ادعائهما بأن الثمن خفض في العقد النهائي عن الثمن الحقيقي الوارد بالعقود الابتدائية للتخفف من رسوم التسجيل في حين أن الثابت بالأوراق أن شهود الطاعنين وشهود المطعون ضدها قد اجمعوا على أن عادة الكثيرين من أهل بلدتهم التخفف من الثمن الحقيقي عند التسجيل وقد استعرض الطاعنان في عريضة الاستئناف أقوال الشهود وبينا أن ما ورد بالحكم الابتدائي على لسانهم يغاير أقوالهم الثابتة بمحضر التحقيق.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه لم يعول في قضائه بوجود بخس في ثمن الأرض المبيعة على أقوال الشهود وإنما على عجز الطاعنين عن إثبات صورية الثمن الوارد في العقد النهائي وعلى أن هذا العقد دون العقود الابتدائية هو الذي تستقر به العلاقة بين الطرفين ويصبح قانون المتعاقدين - وإذ كانت الموازنة بين العقود الابتدائية والعقد النهائي في حالة وجود خلاف بينها وترجيح أيها على الآخر هو مما تستقل به محكمة الموضوع وكان ما شهد به شهود الطرفين من أن عادة الكثيرين من أهل بلدتهم جرت على التقليل من الثمن الحقيقي عند ذكره في العقود النهائية لا يؤدي إثبات صورية الثمن الوارد في العقد النهائي موضوع هذه الدعوى فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب السادس الإخلال بحق الدفاع ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يتعرض لبحث أسباب الاستئناف المرفوع من الطاعنين ولم يبين وجهة نظر المحكمة فيها.
وحيث إن هذا السبب غير مقبول لما يشوبه من تجهيل إذ لم يبين الطاعنان أوجه الدفاع التي أغفلت محكمة الاستئناف الرد عليها.
وحيث إن حاصل السبب السابع أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بالبطلان على أن حالة المحجور عليه لم تكن خافية على الطاعنين عند تعاقدهما معه وذلك لاعتقاد المحكمة خطأ بأن الحجر قد توقع عليه للسفه والغفلة معاً في حين أن الحجر كان للسفه وحده ولما كان من يتصف بالسفه لا تظهر عليه أية أعراض تحذر الناس من التعامل معه فإن محكمة الموضوع إذ قررت أن الحجر كان للسفه والغفلة معاً وبنت على ذلك قضاءها ببطلان التصرف الصادر لهما تكون قد استندت إلى واقعة لا أصل لها في الأوراق ويكون حكمها خاطئاً.
وحيث إن هذا النعي غير منتج لما سبق بيانه عند الرد على السبب الثاني من أسباب الطعن إذ يكفي للحكم ببطلان التصرف وفقاً لنص المادة 115 من القانون المدني أن يكون صادراً من سفيه أو ذي غفلة ولا يشترط اجتماع الأمرين وقد أثبت الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه أن التصرف الصادر إلى الطاعنين كان نتيجة استغلال وهو على ما سلف بيانه ما يكفي لإبطاله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.