أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 1362

جلسة 14 من نوفمبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

(205)
الطعن رقم 487 لسنة 34 القضائية

( أ ) مواريث. "تصرفات المورث حال صحته". وارث. "حق الوارث".
تصرفات المورث المنجزة حال صحته وأهليته صحيحة ولو ترتب عليها حرمان بعض ورثته أو تعديل أنصبائهم في الميراث. حق الوارث ولا يقوم إلا على ما يخلفه المورث وقت وفاته.
(ب) صورية. "صورية نسبية". وصية. "إثبات أن البيع يخفي وصية". إثبات.
الطعن بأن البيع يستر وصية. صورية نسبية. على الطاعن عبء إثبات هذه الصورية.
(ج) وصية. "ماهيتها". بيع. "الاحتفاظ بالانتفاع وشرط المنع من التصرف".
تكييف العقد بأنه بيع منجز. لا يمنع من ذلك احتواؤه على شرط احتفاظ البائع بالانتفاع بالعين المبيعة مدة حياته وشرط منع المتصرف إليه من التصرف متى ثبت أن الثمن المسمى بالعقد قد دفع بأكمله مما يتنافى مع معنى الوصية وهي من التبرعات.
(د) نقض. "أسباب جديدة". "أسباب يخالطها واقع". محاماة. "أداء المحامي الشهادة".
التمسك ببطلان شهادة المحامي. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. اعتباره سبباً جديداً يخالطه واقع هو معرفة ما إذا كانت واقعة الشهادة قد علم بها المحامي عن طريق مهنته أم لا وما إذا كان عدم الاعتراض على سماع الشهادة يعد إذناً ضمنياً بأدائها مما يجوّز هذا الأداء أم لا.
(هـ) وكالة. "تجاوز الوكيل حدود الوكالة". "إقرار الموكل التصرف". "أثره".
إقرار الموكل عقد البيع الذي أبرمه وكيله بتوكيل عام. ارتداد أثره إلى وقت التعاقد. نفاذه في حق الموكل من هذا الوقت. علم الغير المتعاقد بتجاوز الوكيل حدود الوكالة وقت تعاقده معه. تقيده بإيجابه حتى يعلن الموكل موفقه فإن أقره فليس للغير أن يتحلل من التعاقد.
1 - التصرفات المنجزة الصادرة من شخص كامل الأهلية في حال صحته تكون صحيحة ولو كان يترتب عليها في المستقبل حرمان بعض ورثته أو تعديل أنصبتهم في الميراث لأن التوريث لا يقوم إلا على ما يخلفه المورث وقت وفاته، أما ما يكون قد خرج من ملكه حال حياته فلا حق للورثة فيه.
2 - الطعن بأن عقد بيع يستر وصية ولم يدفع فيه ثمناً هو طعن بالصورية النسبية بطريق التستر ويقع على الطاعنة عبء إثبات هذه الصورية فإن عجزت وجب الأخذ بظاهر نصوص العقد الذي يعد حجة عليها.
3 - لا يقدح في تكييف العقد بأنه بيع منجز احتواؤه على شرط احتفاظ البائع بالانتفاع بالعين المبيعة مدة حياته وشرط منع المتصرف إليه من التصرف في هذه العين إذا ثبت أن الثمن المسمى في العقد قد دفع بأكمله إذ هذا يتنافى مع معنى الوصية التي هي من التبرعات.
4 - إذا كان الثابت أن الطاعن لم يعترض أمام محكمة الموضوع على سماع شهادة محام ولم يتمسك ببطلان هذه الشهادة أمام تلك المحكمة فإن إثارة هذا البطلان لأول مرة أمام محكمة النقض يعتبر سبباً جديداً لا يجوز قبوله لما يخالطه من واقع كان يتعين عرضه على محكمة الموضوع هو معرفة ما إذا كانت الواقعة التي شهد بها هذا المحامي قد علم بها عن طريق مهنته أم لا وما إذا كان عدم اعتراض الطاعن على سماع شهادته يعد إذناً ضمنياً منه بأداء هذه الشهادة يجوّز له أداءها طبقاً لمفهوم المادة 208 من قانون المرافعات أو لا يعد كذلك.
5 - إقرار الموكل عقد البيع الذي أبرمه وكيله - بتوكيل عام - يرتد أثره إلى وقت التعاقد فيعتبر التصرف نافذاً في حق الموكل من هذا الوقت وما دام الغير الذي تعاقد مع الوكيل كان يعلم بتجاوز الوكيل حدود وكالته وقت تعاقده معه فإنه يتقيد بإيجابه حتى يعلن الموكل موقفه من حيث إقرار التصرف أو عدم إقراره فإذا أقره لم يكن لهذا الغير أن يتحلل من تعاقده مع الوكيل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 345 سنة 1961 كلي قنا على الطاعنة وقالا شرحاً لها إنه بمقتضى عقد بيع مؤرخ أول فبراير سنة 1961 باعت والدتهما الطاعنة إليهما أطياناً مساحتها 100 ف شائعة في 199 ف و15 ط و18 س مبينة الحدود والمعالم بالعقد والصحيفة نظير ثمن قدره 30000 ج قبضته منهما وإنها امتنعت عن التوقيع لهما على العقد النهائي ولهذا فقد رفعا عليها الدعوى طالبين الحكم بصحة ونفاذ العقد المذكور. وطلبت الطاعنة رفض الدعوى تأسيساً على أن العقد في حقيقته وصية مضافة إلى ما بعد الموت وإنها رجعت عنها ودللت على أن العقد يخفي وصية بأن المطعون ضدهما المتصرف لهما لم يدفعا لها ثمناً وبأنها نصت في العقد على منعهما من التصرف في الأطيان المبيعة واحتفظت بحقها في الانتفاع بها مدى حياتها وطلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذا الدفاع واحتياطياً توجيه اليمين الحاسمة إليهما على واقعة دفعهما الثمن المنصوص عليه في العقد. وفي 16 يناير سنة 1961 قضت المحكمة بإثبات صحة التعاقد الحاصل بين الطاعنة والمطعون ضدهما بمقتضى العقد العرفي المؤرخ أول فبراير سنة 1961 والمتضمن بيعها لهما عن رقبة 100 ف مشاعاً في 165 ف و11 ط و12 س نظير ثمن قدره 30000 ج ورفضت المحكمة في أسباب هذا الحكم طلب التحقيق وتوجيه اليمين الحاسمة إلى المطعون ضدهما. فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 27 سنة 38 ق طالبة إلغاءه ورفض الدعوى وتمسكت أمام محكمة الاستئناف بدفاعها السابق وفي 23 ديسمبر سنة 1963 قضت تلك المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المستأنفة (الطاعنة) بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود أنها قصدت من العقد الصادر منها إلى المستأنف ضدهما (المطعون ضدهما) المؤرخ أول فبراير سنة 1961 الإيصاء لهما بالمائة فدان التي تضمن هذا العقد أنها قد باعتها لهما وأنها لم تقبض شيئاً من الثمن الذي نص عليه بذلك العقد وأنها كانت قد أودعته في مظروف بصمته وجعلته أمانة لدى المستأنف عليه الثاني (المطعون ضده الثاني) لا يفضه إلا بعد وفاتها - وصرحت للمستأنف عليهما بالنفي بذات الطرق واستندت المحكمة في إجازة الإثبات بشهادة الشهود إلى وجود مانع أدبي يحول دون الحصول على ورقة. وبعد أن سمعت شهود الطرفين قضت بتاريخ 21 مايو سنة 1964 بتأييد الحكم المستأنف. وبتقرير تاريخه 20 يوليه سنة 1964 طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون حين كيف العقد موضوع النزاع بأنه عقد بيع منجز أو هبة مستترة في صورة عقد بيع وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن هذا العقد صدر منها. بعد أن اعتنقت الدين الإسلامي. إلى ولديها المسيحيين (المطعون ضدهما) وبما يوازي حصتهما الميراثية لو كانا وارثين ونص فيه على احتفاظها بالانتفاع بالمبيع وعلى منع المطعون ضدهما من التصرف فيه مدة حياتها. وأن العقد على هذه الصورة ينطوي على تحايل على قواعد الإرث التي تجعل اختلاف الدين مانعاً من الميراث وبالتالي فهو عقد باطل بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام وكان على محكمة الموضوع أن تقضي بهذا البطلان من تلقاء نفسها. كما أن هذا الحكم إذ اعتبر العقد بيعاً تكاملت أركانه القانونية استناداً إلى بعض نصوصه التي تفيد قبض الثمن واستلام المبيع قد نسخ عباراته وأهدر ما ورد به من النص على احتفاظ الطاعنة البائعة بحق الانتفاع بالمبيع ومنع المطعون ضدهما المشتريين من التصرف فيه مدة حياتها وهي نصوص وإن لم تعتبر قرينة قانونية على أن العقد وصية لأن المتصرف إليهما غير وارثين فإنه يمكن اعتبارها قرينة قضائية وقد تأيدت هذه القرينة بما هو ثابت من المستندات المقدمة في الدعوى من عجز المطعون ضدهما ووالدهما عن أداء الثمن المنصوص عليه في العقد. وإذ جرى قضاء الحكم المطعون فيه على ما يخالف هذا النظر وأخطأ في تكييف العقد فإنه يكون مخالفاً للقانون ويتحصل السبب الثاني في أن الحكم المطعون فيه شابه القصور ذلك أن الطاعنة تمسكت بأن العقد يعتبر غشاً نحو القانون لانطوائه على تحايل على أحكام الإرث وأن نفاذه سيؤدي إلى حرمان الورثة من حقهم في الأطيان المبيعة وقدمت المستندات المؤيدة لهذا الدفاع الجوهري وقد رد الحكم على هذا الدفاع بأن ظاهر عبارات العقد تدل على أنه بيع اكتملت أركانه القانونية أو هبة في صورة عقد بيع وترى الطاعنة أن هذا القول من الحكم لا يصلح رداً على دفاعها آنف الذكر لأن من يتحايل على القانون يحاول أن يخفي هذا التحايل في صورة عقد مشروع ولأن في الأخذ بظاهر نصوص هذا العقد تمكين للتحايل.
وحيث إن النعي بهذين السببين غير سديد ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن العقد يخفي وصية وأنها لم تقبض شيئاً من الثمن المنصوص عليه فيه وتحقيقاً لهذا الدفاع قضت محكمة الاستئناف بتاريخ 23 ديسمبر سنة 1963 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت الطاعنة بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود أنها قصدت من العقد الصادر منها إلى المطعون ضدهما والمؤرخ أول فبراير سنة 1961 الإيصاء لهما بالمائة فدان التي تضمن ذلك العقد أنها قد باعتها لهما. وأنها لم تقبض شيئاً من الثمن المنصوص عليه في ذلك العقد وصرحت للمطعون ضدهما بالنفي بذات الطرق وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين استعرضت في حكمها المطعون فيه دفاع الطاعنة وأقوال شهود الطرفين والمستندات المقدمة في الدعوى وناقشت كل ذلك وانتهت بأسباب سائغة إلى أن الطاعنة قد عجزت عن إثبات ما ادعته وأنه ثبت للمحكمة أن الطاعنة قد باعت للمطعون ضدهما رقبة المائة فدان وقبضت منهما الثمن المنصوص عليه في العقد وأن النص في ذلك العقد على احتفاظ البائعة بحق الانتفاع بالمبيع واشتراط منع المطعون ضدهما المشتريين من التصرف فيه مدى حياتها لا تتوافر به القرينة القانونية المنصوص عليها في المادة 917 من القانون المدني لتخلف أحد شروطها وهو وجوب أن يكون المتصرف إليه وارثاً للمتصرف لأن هذه الصفة لا تتحدد إلا بعد وفاة المتصرف (الطاعنة) وهي لا تزال على قيد الحياة الأمر الذي لا يصح معه وصف المطعون ضدهما بأنهما وارثان لها - ولم تر المحكمة اعتبار هذا الشرط قرينة قضائية على أن التصرف مضاف إلى ما بعد الموت تأسيساً على أنه لا يفيد سوى أن المبيع قد انصب على رقبة المائة فدان موضوع التصرف دون الانتفاع بها مدة حياة الطاعنة التي رأت تأميناً لحقها في الانتفاع ولعدم رغبتها في إيجاد صلة أشبه بصلة الشيوع أن تشرط على المطعون ضدهما عدم التصرف في الرقبة إلى حين وفاتها وهو شرط جائز قانوناً ولا يفيد وحده نية الإيصاء وانتهت المحكمة من ذلك إلى اعتبار العقد عقد بيع منجز تكاملت أركانه القانونية. وهذا الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه لا مخالفة فيه للقانون ذلك أن التصرفات المنجزة الصادرة من شخص كامل الأهلية في حال صحته تكون صحيحة ولو كان يترتب عليها في المستقبل حرمان بعض ورثته أو تعديل أنصبتهم في الميراث لأن التوريث لا يقوم إلا على ما يخلفه المورث وقت وفاته أما ما يكون قد خرج من ملكه حال حياته فلا حق للورثة فيه. لما كان ذلك وكانت النصوص الواردة في العقد المختلف على تكييفه صرحية في أنه عقد بيع منجز فإن ما طعنت به الطاعنة على هذا العقد. وهي أحد طرفيه. من عدم صحة ما أثبت فيه من أنه عقد بيع وأن الثمن المسمى فيه قد دفع وأن الصحيح هو أنه يستر وصية ولم يدفع فيه أي ثمن. هذا الذي طعنت به الطاعنة على العقد إنما هو طعن بالصورية النسبية بطريق التستر وعليها يقع عبء إثبات هذه الصورية فإن عجزت وجب الأخذ بظاهر نصوص العقد لأنها تعتبر عندئذ حجة عليها. ولما كانت محكمة الاستئناف قد أجازت للطاعنة إثبات طعنها على العقد بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود وذلك لما رأته من قيام المانع الأدبي الذي يحول دون حصولها على ورقة ضد من ولديها المتصرف إليهما وكانت المحكمة قد انتهت بأسباب سائغة إلى أن الطاعنة قد عجزت عن إثبات ما تدعيه وثبت للمحكمة فوق هذا أن الثمن المذكور في العقد قد دفع فعلاً وأنه كان في مقدور المتصرف إليهما ووالدهما دفعه فإن هذا حسب الحكم المطعون فيه لاعتبار العقد بيعاً كظاهر نصوصه ولا يقدح في ذلك احتواؤه علي شرط احتفاظ الطاعنة المتصرفة بالانتفاع بالعين المبيعة مدى حياتها. وشرط منع المطعون ضدهما المتصرف إليهما من التصرف في هذه العين لأن هذين الشرطين لا يؤديان إلى اعتبار التصرف وصية إذا ثبت أن الثمن المسمى في العقد قد دفع بأكمله إذ هذا يتنافى مع معنى الوصية التي هي من التبرعات - لما كان ما تقدم وكان ما قرره الحكم في شأن إمكان اعتبار العقد هبة مستورة في صورة عقد بيع إنما كان في معرض الرد على طلب توجيه اليمين الحاسمة وفي مجال بحث فرض جدلي بعدم أداء الثمن كله أو بعضه وإذ كان الحكم قد فرغ قبل التعرض لهذا الفرض الجدلي من إثبات عجز الطاعنة عن إثبات الصورية التي ادعتها فإن النتيجة الحتمية لذلك هي اعتبار العقد بيعاً على مقتضى ظاهر نصوصه التي تعتبر عندئذ حجة عليها وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه فعلاً في أسبابه وقضى به في منطوقه ومن ثم يكون ما ورد في أسبابه عن احتمال أن يكون العقد هبة مستورة زائداً على حاجة الدعوى يستقيم الحكم بدونه وبالتالي يكون النعي عليه في هذا الخصوص غير منتج.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في بطلان الحكم المطعون فيه لبنائه على شهادة باطلة بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الأستاذ راغب بطرس المحامي الذي عول الحكم المطعون فيه على شهادته كان وكيلاً عنها وقت تحرير ذلك العقد ووقت الإدلاء بشهادته عنه أمام محكمة الاستئناف وهو بحكم هذه الوكالة وعملاً بالمادة 310 من قانون العقوبات والمادتين 207 و208 من قانون المرافعات ممنوع من إفشاء سر موكلته الطاعنة لكنه خالف حكم هذه المواد وأفشى سر موكلته حين شهد بأنها أقرت له بقبضها الثمن من المطعون ضدهما مما يجعل شهادته باطلة بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام وإذ اعتمد الحكم المطعون فيه بصفة أساسية على هذه الشهادة الباطلة فإنه يكون باطلاً بطلاناً يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان الثابت من أوراق الملف المضموم أن الطاعنة لم تعترض أمام محكمة الموضوع على سماع شهادة الأستاذ راغب بطرس المحامي عندما أعلنه المطعون ضدهما للشهادة كما أنها لم تتمسك ببطلان هذه الشهادة أمام تلك المحكمة فإن إثارة هذا البطلان لأول مرة أمام محكمة النقض يعتبر سبباً جديداً لا يجوز قبوله لما يخالطه من واقع كان يتعين عرضه على محكمة الموضوع وهو معرفة ما إذا كانت الواقعة التي شهد بها هذا المحامي قد علم بها عن طريق مهنته أم لا وما إذا كان عدم اعتراض الطاعنة على سماع شهادته يعد إذناً ضمنياً منها بأداء هذه الشهادة يجوز له أداءها طبقاً لمفهوم المادة 208 من قانون المرافعات أو لا يعد كذلك.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنها دفعت ببطلان عقد البيع موضوع الدعوى لعدم انعقاده إذ أن المطعون ضده لم يحضر مجلسه. ولم يوقع على العقد وأن توقيع الأستاذ راغب بطرس المحامي نيابة عنه لا يصحح هذا العقد لأن وكالته عن المطعون ضده وكالة عامة والمادة 702 من القانون المدني تشترط لصحة البيع وكالة خاصة وبذلك يكون الأستاذ راغب بطرس حين وقع على العقد نيابة عن المطعون ضده الأول قد تجاوز حدود وكالته مما يجعل العقد باطلاً وإذ رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفاع وقضى بصحة العقد تأسيساً على أن الطاعنة قبلت وكالة الأستاذ راغب بطرس عن المطعون ضده الأول الذي أقر هذه الوكالة فإنه يكون مخالفاً للقانون ذلك أنه لم يقم دليل على أن الطاعنة قبلت تلك الوكالة كما أن إقرار المطعون ضده الأول لعمل الوكيل جاء لاحقاً لعدول الطاعنة عن إيجابها بالإنذار الذي وجهته لمكتب الشهر العقاري بقنا في 19 يوليه سنة 1961 وقبل إعلانها بصحيفة هذه الدعوى والذي حذرته فيه من التأشير على أي طلب مساحي خاص بهذا العقد.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت بأدلة سائغة أن المطعون ضده الأول قد أقر عقد البيع الذي أبرمه الأستاذ راغب بطرس نيابة عنه مع الطاعنة وأن الأخيرة قد قبلت وكالته مع علمها بأن توكيله توكيل عام لا يجيز له إبرام ذلك العقد فإنه ليس للطاعنة بعد ذلك أن تتحلل من تعاقدها مع هذا الوكيل لأن إقرار الموكل يرتد أثره إلى وقت تعاقد الوكيل فيعتبر التصرف نافذاً في حق الموكل من هذا الوقت وما دام الغير الذي تعاقد مع الوكيل كان يعلم بتجاوز الوكيل حدود وكالته وقت تعاقده معه فإنه يتقيد بإيجابه حتى يعلن الموكل موقفه من حيث إقرار التصرف أو عدم إقراره فإذا أقره فإنه لا يجوز لهذا الغير أن يتحلل من تعاقده مع الوكيل.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه مسخ المستندات المقدمة من الطاعنة للتدليل على فقر المطعون ضدهما ووالدهما كما مسخ المستندات المقدمة من المطعون ضدهما لإثبات ثرائهما وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنها قدمت لمحكمة الاستئناف مستندات عديدة بينتها في تقرير الطعن وقالت إنها تقطع بفقر المطعون ضدهما ووالدهما وعدم قدرتهما على الوفاء بالثمن المسمى في العقد وأن المستندات المقدمة من المطعون ضدهما لا تدل على يسارهما وقدرتهما على الوفاء بهذا الثمن إلا أن الحكم المطعون فيه مسخ هذه المستندات واستند في إثبات يسار المطعون ضدهما إلى ما لا دليل عليه في الأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه ليس فيما أورده الحكم المطعون فيه عن مستندات الطرفين أي تحريف أو تشويه لمعناها بل إن محكمة الموضوع قد وازنت بين هذه المستندات ورأت الأخذ بما قدمه المطعون ضدهما منها وذلك لما رأته مؤيداً لهذه المستندات من أقوال الشهود الذين اطمأنت إليهم وأطرحت لذلك مستندات الطاعنة. وإذ كان تقدير قيمة الأدلة بما فيها المستندات والموازنة بينها مما تستقل به محكمة الموضوع فإن النعي بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته غير سديد متعيناً رفضه.