أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 1376

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم علام، وإبراهيم الديواني.

(207)
الطعن رقم 292 لسنة 34 القضائية

( أ ) عقد. "عقد الصلح". محكمة الموضوع. "سلطتها في التصديق على الصلح".
محضر الصلح المصدق عليه بالمحكمة. عقد. سلطة قاضي الموضوع في تفسيره.
(ب) تسجيل. "تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد". شهر عقاري. بيع. دعوى.
تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد ثم التأشير بالحكم. أثرهما. جعل حق المدعي حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعوى.
(ج) دعوى. دعوى صحة التعاقد. بيع. "الالتزام بنقل الملكية". تسجيل. شهر عقاري.
صدور حكم بصحة التعاقد. لا يعفي المشتري من تقديم كافة المستندات الدالة على ملكية البائع. المادة 27 من القانون 114 لسنة 1946 بشأن الشهر العقاري.
(د) تسجيل. تسجيل التصرفات الناقلة للملكية. تسجيل عقد البيع. المفاضلة عند تزاحم المشترين. "الأسبقية في التسجيل".
إجراء المفاضلة عند تزاحم المشترين في شأن عقار واحد. مناطها. الأسبقية في الشهر. أسبقية تقديم الطلب إلى جهة الشهر لا أثر له. عدم مراعاة المواعيد والإجراءات المنصوص عليها في المادتين 33 و34 من القانون 114 لسنة 1946 لا أثر له. الخطاب فيهما موجه إلى المختصين بمأموريات الشهر العقاري.
(هـ) حكم. تسبيب الحكم. "الأسباب القانونية الخاطئة".
الأسباب القانونية الخاطئة في الحكم. لا أهمية لها. ما دام منطوقه متفقاً مع صحيح القانون.
1 - محضر الصلح المصدق عليه بالمحكمة لا يخرج - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - عن كونه عقداً قابلاً للتفسير وأنه ما دام تفسير قاضي الموضوع له مستساغاً فلا معقب عليه فيما يراه فيه.
2 - يترتب على تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد - على مقتضى نص المادتين 15/ 2، 17 من قانون تنظيم الشهر العقاري - أن حق المدعي إذا تقرر بحكم مؤشر به طبقاً للقانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعوى [(1)].
3 - مفاد نص المادة 27 من القانون 114 لسنة 1946 بشأن تنظيم الشهر العقاري أن صدور الحكم بصحة التعاقد لا يعفي المشتري من تقديم كافة المستندات الدالة على ملكية البائع وما تطلبه مأمورية الشهر العقاري من بيانات.
4 - مفاد نص المادة التاسعة من القانون 114 لسنة 1946 إجراء المفاضلة عند تزاحم المشترين في شأن عقار واحد على أساس الأسبقية في الشهر طالما أن التعاقد حصل مع مالك واحد حقيقي لا يشوب سند ملكيته عيب يبطله، ولا يغير من ذلك وجود أسبقية لآخر في تقديم الطلب إلى جهة الشهر العقاري إذ أن مجرد الأسبقية في تقديم الطلب لا تنال من الآثار القانونية المترتبة لصاحب التسجيل السابق، كما أنه لا يغير من هذا النظر عدم مراعاة الإجراءات والمواعيد المنصوص عليها بالمادتين 33 و34 من قانون تنظيم الشهر العقاري. ذلك أن ما انتظمته هذه النصوص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يعدو أن يكون تبياناً للقواعد الإدارية المحددة للإجراءات والمواعيد الواجب على مأموريات الشهر العقاري إتباعها عند بحث الطلبات أو مشروعات المحررات المقدمة للشهر بشأن عقار واحد، فالخطاب بهذه النصوص موجه إلى المختصين بمأموريات الشهر العقاري، وإذ لم يرتب المشرع بطلان الشهر على مخالفتهما فإن الأفضلية تكون لمن سبق في تسجيل التصرف الصادر له ولو كان هو صاحب الطلب اللاحق [(2)].
5 - لا أهمية لما يرد في أسباب الحكم من أخطاء قانونية ما دام منطوقه متفقاً مع التطبيق الصحيح للقانون على الوقائع الثابتة فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 356 سنة 1956 مدني كلي الزقازيق ضد مورث المطعون عليهما الأولى والثاني والمطعون عليه الثالث وطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 11 يناير سنة 1954 الصادر له من مورث المطعون عليهما الأولى والثاني والمتضمن بيع 20 ف المبينة بصحيفة الدعوى مقابل الثمن وقدره 1050 ج وشطب ومحو التسجيلات الموقعة على هذه العين بناء طلب المطعون عليه الثالث، وقال الطاعن بياناً لدعواه إنه بموجب العقد المشار إليه باعه مورث المطعون عليهما الأولى والثاني هذه المساحة من الأطيان بثمن قدره 1050 ج دفع منه الطاعن عند التعاقد مبلغ 600 ج واتفق على دفع 100 ج في الأول من فبراير سنة 1954 والباقي من الثمن وقدره 350 ج يدفع عند التوقيع على العقد النهائي في أول أكتوبر سنة 1954، غير أن البائع تأخر عن التوقيع على العقد النهائي حتى اعتقل الطاعن في شهر أكتوبر سنة 1954 لانتمائه إلى جماعة الإخوان المسلمين ولم يفرج عنه إلا في ديسمبر سنة 1955 وعلم الطاعن أن البائع وهو مورث المطعون عليهما الأولى والثاني تواطأ مع المطعون عليه الثالث وحررا عقداً يتضمن بيع الأطيان ذاتها إليه وأقام هذا الأخير الدعوى رقم 653 سنة 1955 مدني كلي الزقازيق وقام بتسجيل صحيفتها وطلب فيها الحكم بصحة عقد البيع وانتهت الدعوى صلحاً وسجل محضر الصلح، وأنه إذ يضع الطاعن اليد على الأطيان المبيعة له وكان العقد الصادر إلى المطعون عليه الثالث عقداً صورياً صورية مطلقة فقد أقام دعواه بالطلبات السالفة البيان، ومحكمة أول درجة قضت في 21/ 6/ 1961 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أن عقد البيع الصادر من مورث المطعون عليهما الأولى والثاني إلى المطعون عليه الثالث عقد صوري صورية مطلقة وبعد أن نفذ حكم التحقيق بسماع شهود الطاعن والمطعون عليه الثالث قضت المحكمة بتاريخ 3 يناير سنة 1961 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد الاستئناف برقم 25 سنة 1964 (مأمورية الزقازيق). وبتاريخ 4 مارس سنة 1964 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. فقرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه والخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن الصلح الذي حصل بين مورث المطعون عليهما الأولى والثاني وبين المطعون عليه الثالث في الدعوى رقم 653 سنة 1955 مدني كلي الزقازيق التي أقامها بصحة عقد البيع الصادر إليه - بأن هذا الصلح لم يشمل إلا الموافقة على البيع من طرفي التعاقد دون أركان هذا البيع وشروطه وأنه بهذه المثابة لا يقبل التسجيل، وإذا تم هذا التسجيل فلا يجوز التمسك به أو بتسجيل صحيفة الدعوى ضد الطاعن إذ لا يعدو أن يكون هذا الصلح متضمناً صحة توقيع البائع على العقد. غير أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت بالأوراق واعتبر صحيفة دعوى صحة التعاقد متضمنة كافة البيانات الخاصة بالبيع وأركانه وأن إرادة المتعاقدين قد توافقت على إنهاء النزاع صلحاً وأن عقد الصلح المبرم بينهما قد انطوى على البيع وشمل أركانه ورتب الحكم على هذا الفهم الخاطئ عدم تحول الدعوى إلى دعوى بصحة التوقيع واعتبار الصلح إقراراً بذلك. أما ما ذهب إليه الحكم من أن لمأموريات الشهر أن تكلف المتصالحين عندما يتبين لها عدم كفاية البيانات المساحية التي بني عليها محضر الصلح بتحرير إقرار يشتمل على البيانات الناقصة ليلحق به ويسجل معه فإن هذا القول لا سند له من الأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن في خصوص ما أثاره من أن الصلح المعقود بين مورث المطعون عليهما الأولى والثاني وبين المطعون عليه الثالث لم يشمل سوى الإقرار بصحة التوقيع وذلك في قوله "وأن المستأنف عليه الأخير (المطعون عليه الثالث) قد أقام دعواه الرقمية 653 سنة 1955 مدني كلي الزقازيق مبيناً فيها بكل سبيل واضح. أنه يرغب إثبات التعاقد المؤرخ 18 من نوفمبر سنة 1955 ثم استطرد إلى إيضاح كل عناصره من مبيع وثمن وبائع ومشتر ثم توافقت إرادة العاقدين على إنهاء دعواهما صلحاً وأوضحا في بنود ذلك العقد ما يرميان إليه فإنه ليس من شأن إثبات ذلك الصلح في محضر الجلسة وجعله في قوة سند واجب التنفيذ أن ينقلب كنه الدعوى من دعوى بصحة التعاقد إلى دعوى بصحة التوقيع فهذا منطق غير مفهوم بأي حال. أن عقد الصلح قد انطوى على ما فيه الكفاية من عقد البيع الأصلي شاملاً أركانه وكافة عناصره مما اكتفى به العاقدان وارتضياه مثبتاً لتراضيهما". ولما كان الثابت من صورة عريضة الدعوى رقم 653 سنة 1955 مدني كلي الزقازيق المرفوعة من المطعون عليه الثالث ضد مورث المطعون عليهما الأولى والثاني والمقدمة إلى محكمة الاستئناف أنها تضمنت بياناً كاملاً للعين المبيعة وحدودها ثم ورد بها ما يلي "بمقتضى عقد البيع الابتدائي الرقيم 18 نوفمبر سنة 1955 باع المدعى عليه (مورث المطعون عليهما الأولى والثاني) للطالب (المطعون عليه الثالث) مقدار عشرين فداناً أطيان زراعية كائنة بزمام ناحية بلبيس حسب البيانات أعلاه وذلك في نظير مبلغ وقدره 1500 ج ودفع هذا المبلغ جميعه من يد المشتري المذكور ليد البائع وأقر باستلامه وقد تعهد المدعى عليه المذكور بأنه يستحضر مستندات التمليك وتوقيع عقد البيع النهائي" ثم انتهى المطعون عليه الثالث في طلباته في هذه الدعوى إلى طلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 18 نوفمبر سنة 1955 الخاص ببيع الأطيان السالفة مقابل الثمن المبين بالصحيفة كما ورد في الصورة المسجلة لمحضر الصلح المقدمة إلى محكمة الاستئناف ما يلي "محضر صلح محرر بين كل من السيد/ الحاج محمد علي الطباخ (المطعون عليه الثالث) طرف أول وبين السيد/ الشيخ الحاج أحمد صبري أحمد البطريق (مورث المطعون عليهما الأولى والثاني) طرف ثاني اتفقا الطرفان - على الآتي: (أولاً) رفع الطرف الأول ضد الطرف الثاني دعواه أمام محكمة الزقازيق الكلية الوطنية ومحدد لها جلسة 17/ 1/ 1956 أمام السيد قاضي التحضير بطلب إثبات صحة ونفاذ البيع الحاصل منه للطرف الأول بعقد البيع العرفي الرقيم 18/ 11/ 1955 ببيع 20 ف أطيان زراعية كائنة بزمام بلبيس موضحة الحدود والمعالم حسب بيانات مصلحة الشهر العقاري وحسب الموضح بالعريضة وحسبما للنزاع ولمصلحة الطرفين فقد اتفقا على ما يأتي: يوافق الطرف الثاني على صحة ونفاذ البيع وقبض الثمن وعلى جميع طلبات الطرف الأول الوارد بصحيفة الدعوى والتسليم بدون قيد ولا شرط ولا منازعة". لما كان ذلك وكان محضر الصلح المصدق عليه بالمحكمة لا يخرج - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - عن كونه عقداً قابلاً للتفسير وأنه ما دام تفسير قاضي الموضوع له مستساغاً فلا معقب عليه فيما يراه فيه، وكان الحكم المطعون فيه قد فسر ما ورد بالصلح مرتبطاً بما ورد في صحيفة الدعوى التي تم الصلح فيها وهي الدعوى رقم 653 سنة 1955 مدني كلي الزقازيق بأنه تضمن إثبات عقد البيع بين الطرفين شاملاً لجميع أركانه وذلك في أسباب مقبولة لها أصل ثابت في الأوراق، وإذ يترتب على تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد على مقتضى نص المادتين 15/ 2، 17 من قانون تنظيم الشهر العقاري أن حق المدعي إذا تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعاوى، وكان الحكم قد انتهى إلى أن تسجيل عريضة دعوى المطعون عليه الثالث وتسجيل الصلح الحاصل في هذه الدعوى ينتجان ذات الأثر المترتب على تسجيل صحف دعاوى صحة التعاقد، فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو خالف الثابت في الأوراق إذ اعتد بتسجيل محضر الصلح السالف البيان. لما كان ما تقدم وكانت المادة 27 من القانون 114 لسنة 1946 بشأن تنظيم الشهر العقاري قد نصت على "وللمأمورية من تلقاء نفسها أو بناء على طلب صاحب الشأن أن تستوفي البيانات فيما يتعلق بوصف العقار وأصل الملكية أو الحق العيني ما يكون قد قدم إليها من طلبات أو مستندات متى كانت لديها أصولها أو صورها وفي هذه الحالة يجب تصوير كل مستند يستعان به على نفقة صاحب الشأن"، فقد أفادت أن صدور الحكم بصحة التعاقد لا يعفي المشتري من تقديم كافة المستندات الدالة على ملكية البائع وما تطلبه مأمورية الشهر العقاري من بيانات، وإذ انتهى الحكم إلى أن مأموريات الشهر العقاري قد جرت على أن تطلب من الخصوم استكمال ما يعتور محاضر الصلح من نقص وأن تسجل هذه الأوراق المكملة مع محضر الصلح ذاته، فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك ببطلان تسجيل المطعون عليه الثالث لمحضر الصلح ذلك أن الطاعن كان قد تقدم بطلب شهر عقد البيع الصادر إليه من مورث المطعون عليهما الأول والثاني إلى مكتب الشهر العقاري في 27 فبراير سنة 1954 قبل أن يقدم المطعون عليه الثالث طلب شهر عقده وأن مصلحة الشهر العقاري أصدرت منشوراً إلى مكاتب الشهر بعدم إتمام إجراءات أي طلب أو مشروع محرر يتعلق بأموال جماعة الإخوان المسلمين المنحلة كما تضمن المنشور أسماء بعض الأشخاص ومنهم الطاعن الذين لا يقبل منهم أي طلب أو مشروع ولا تتم الإجراءات الخاصة بما سبق أن قدموه من طلبات وقد ترتب على هذا المنشور أن أوقف الطلب الذي كان الطاعن قد قدمه وأهدرت أسبقيته على الرغم من أن المادة 34 من قانون تنظيم الشهر العقاري تلزم في حالة عدم التمكن من إتمام الإجراءات الخاصة بالطلب الأسبق بسبب نقص أو عيب في البيانات والأوراق الخاصة بهذا الطلب أن يخطر صاحب الشأن باستكمال الأوراق فإن لم يفعل أصدر أمين مكتب الشهر العقاري قراراً مسبباً بسقوط الأسبقية أو يوقف الإجراءات الخاصة بالطلبات التالية، إلا أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بأن محل إعمال المادة 34 من قانون تنظيم الشهر العقاري إنما يكون حين يوجد تزاحم بين مقدمي الطلبات وإن هذا التزاحم لم يكن موجوداً لأن طلب الطاعن اعتبر كأن لم يكن لفوات سنة على تقديمه دون أن يتم شهر المحرر خلالها.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه وإن كان الثابت من الحكم المطعون فيه إن الطاعن قدم طلب شهر عقده في تاريخ سابق على الطلب المقدم من المطعون عليه الثالث إلى مأمورية الشهر العقاري إلا أن الثابت من هذا الحكم أيضاً أن المطعون عليه الثالث لما أقام الدعوى رقم 653 سنة 1955 مدني كلي الزقازيق بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر له من مورث المطعون عليهما الأولى والثاني قام بتسجيل صحيفة دعواه في 18 ديسمبر سنة 1955 فلما انتهت الدعوى صلحاً سجل هذا الصلح في 3 إبريل سنة 1956 بينما سجل الطاعن صحيفة دعواه المطعون في حكمها بتاريخ 12 يونيه سنة 1956 بعد أن كان قد تم تسجيل صحيفة الدعوى ومحضر الصلح الحاصل بين المطعون عليه الثالث ومورث المطعون عليهما الأولى والثاني. لما كان ذلك وكان قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 سنة 1946 الذي تمت في ظله الطلبات والتسجيلات سالفة البيان يقضي في المادة التاسعة منه بوجوب شهر جميع التصرفات المنشئة للحقوق العينية العقارية الأصلية ورتب على عدم الشهر ألا تنشأ هذه الحقوق ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة للغير، مما مفاده إجراء المفاضلة عند تزاحم المشترين في شأن عقار واحد على أساس الأسبقية في الشهر طالما أن التعاقد حصل مع مالك واحد حقيقي لا يشوب سند ملكيته عيب يبطله، ولا يغير من ذلك وجود أسبقية لآخر في تقديم الطلب إلى جهة الشهر العقاري إذ أن مجرد الأسبقية في تقديم الطلب لا تنال من الآثار القانونية المترتبة لصاحب التسجيل السابق، كما أنه لا يغير من هذا النظر عدم مراعاة الإجراءات والمواعيد المنصوص عليها بالمادتين 33، 34 من قانون تنظيم الشهر العقاري ذلك أن ما انتظمته هذه النصوص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يعدو أن يكون تبياناً للقواعد الإدارية المحددة للإجراءات والمواعيد الواجب على مأموريات الشهر العقاري إتباعها عند بحث الطلبات أو مشروعات المحررات المقدمة للشهر بشأن عقار واحد، فالخطاب بهذه النصوص موجهاً إلى المختصين بمأموريات الشهر العقاري، وإذ لم يرتب المشرع بطلان الشهر على مخالفتها فإن الأفضلية تكون لمن سبق في تسجيل التصرف الصادر له ولو كان هو صاحب الطلب اللاحق. لما كان ذلك وكان لا أهمية لما يرد في أسباب الحكم من أخطاء قانونية ما دام منطوقه متفقاً مع التطبيق الصحيح للقانون على الوقائع الثابتة فيه وكان الحكم قد انتهى إلى نتيجة صحيحة بأفضلية شهر محرر المطعون عليه الثاني، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون بهذا السبب يكون غير منتج في الطعن.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف ببطلان العقد الصادر للمطعون عليه الثالث من مورث المطعون عليهما الأولى والثاني لعدم مشروعية محل العقد إذ أن الطاعن كان عضواً في جماعة الإخوان المسلمين واعتقل في سنة 1954 بعد أن كان قد قدم طلباً بشهر التصرف الحاصل له من مورث المطعون عليهما الأولى والثاني وأنه أي الطاعن ظل معتقلاً حتى ديسمبر سنة 1955 وكان التعاقد على أطيانه محظوراً في ذلك الوقت بمقتضى الإعلان الصادر من القائد العام للقوات المسلحة في 17/ 1/ 1953 الذي صودرت بمقتضاه أموال الأحزاب المنحلة والقانون رقم 648 سنة 1953 والذي حظر التعامل في أموال الأحزاب المنحلة وقد صدر قرار مجلس قيادة الثورة بعد ذلك في 14/ 1/ 1954 بحل جماعة الأخوان المسلمين واعتبرها حزباً سياسياً ثم صدر المنشور رقم 2 بتاريخ 6/ 11/ 1954 من مصلحة الشهر العقاري إلى مكاتبها بعدم إتمام إجراءات أي طلب أو مشروع محرر وعدم شهر أي محرر يتعلق بأموال تلك الجماعة كما صدر المنشور رقم 22 بتاريخ 11/ 11/ 1954 من نفس المصلحة متضمناً أسماء أشخاص من بينهم الطاعن يوجب عدم إجراء شهر أي محرر يتعلق بأموالهم فأصبحت بذلك أطيان الطاعن غير قابلة للتصرف فيها غير أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بأن الطاعن لم يصبح مالكاً للأطيان محل النزاع وأنه ليس لهذا المنشور صفة القانون وأن مجرد عدم إتمام التسجيل طبقاً للمنشور الأخير لا يحرم الأشخاص الواردين فيه من التصرف وأن شرط عدم التصرف الوارد في المنشور مقرر لصالح الدولة وأنها بقيامها بشهر عقد المطعون عليه الثالث قد تنازلت عن التمسك بالبطلان النسبي المقرر لصالحها مع أن المنشور رقم 22 سالف البيان قد صدر تنفيذاً لقرار حل الأحزاب وقد تعلقت للطاعن حقوق على أرض النزاع وقد صدر المنشور بحظر التصرف حماية للدولة وتأميناً لسلامتها فلا تلحق الإجازة بعقد المطعون عليه الثالث مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص بقوله "إنه (أي الطاعن) خلق لنفسه حقاً عينياً على القدر من الأطيان المتنازع بشأنه لمجرد تعاقده العرفي مع أن هذا الحق لا ينبعث إلا بالتسجيل الذي لم يصادف محله أصالة" وهذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون ويكفي لحمله ذلك أنه من المقرر وعلى ما ورد في الرد على السبب الثاني وجوب شهر جميع التصرفات المنشئة للحقوق العينية العقارية الأصلية. وإذ رتب المشرع على عدم الشهر ألا تنشأ هذه الحقوق ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة للغير، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن ملكية الأطيان محل النزاع لم تنتقل إلى الطاعن بل ظلت على ملك مورث المطعون عليهما الأولى والثاني حتى تصرف فيها بمحرر سجل إلى المطعون عليه الثالث ورتب الحكم على ذلك رفض دفاع الطاعن الذي أبداه في خصوص مشروعية تسجيل العقد، فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. ولا يغير من ذلك ما يكون قد تزيد فيه - بفرض خطئه - من أسباب أخرى بشأن المنشور الذي أصدرته مصلحة الشهر العقاري ما دام أن قضاءه قد بني على دعامة قانونية صحيحة تصلح لحمله وتكفي للرد على الطاعن ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.


[(1)] نقض 13/ 4/ 1967 - الطعن 337 لسنة 33 ق. مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 828. نقض 19/ 10/ 1967 الطعن 206 لسنة 34 ق - المرجع السابق ص 1542.
[(2)] نقض 15/ 2/ 1966 - الطعن 213 لسنة 31 ق. مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 295.