أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 1386

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم علام، وإبراهيم الديواني.

(208)
الطعن رقم 388 لسنة 34 القضائية

وكالة. "سلطة نائب الوكيل في مقاضاة الموكل".
نائب الوكيل. حقه في الرجوع على الموكل بدعوى مباشرة يطالبه بما التزم به نحو الوكيل الأصلي. المصروفات الضرورية التي أنفقها من ماله الخاص واستلزمها تنفيذ الوكالة. المادتان 708 و710 من القانون المدني.
مفاد المادتين 708 و710 من القانون المدني مرتبطتين أنه يجوز لنائب الوكيل أن يرجع بدعوى مباشرة على الموكل يطالبه فيها بما التزم به نحو الوكيل الأصلي. ذلك سواء أكان الموكل قد رخص للوكيل الأصلي بتوكيل غيره في تنفيذ الوكالة أو لم يرخص له بذلك ويكون رجوع نائب الوكيل على الموكل شأنه في ذلك شأن ما يرجع به الوكيل الأصلي على الموكل - من المطالبة بالمصروفات الضرورية المشروعة التي أنفقها من ماله الخاص والتي استلزمها تنفيذ الوكالة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعنة - شركة الاتحاد المصرية - تقدمت إلى قاضي الأمور الوقتية بمحكمة القاهرة الابتدائية بطلب قالت فيه بأنها قامت بناء على طلب المطعون عليها الثالثة - شركة الشرق الأوسط للهندسة والمقاولات - ولحسابها بالتخليص على الأدوات والمهمات والبضائع المستوردة من الخارج لمشروع محطة مياه شمال القاهرة. وإذ لم تقم المطعون عليها الثالثة بوفاء المبالغ الباقية من رسوم التخليص الجمركي وأجور النقل والشحن ومقدارها 3786 ج و450 م فقد تقدمت بالطلب المشار إليه لتقدير الدين المستحق لها بالمبلغ السالف البيان والإذن بتوقيع الحجز على ما يكون للمطعون عليها الثالثة من ديون لدى المطعون عليها الثانية - شركة ستروى أكسبورت - رفض القاضي إصدار الأمر وحدد جلسة لنظر الدعوى التي قيدت برقم 241 سنة 1960 تجاري كلي القاهرة وفيها طلبت الطاعنة إلزام المطعون عليهما الثانية والثالثة متضامنين بأداء هذا المبلغ وأثناء نظر الدعوى أدخلت الطاعنة المطعون عليه الأول - مرفق مياه القاهرة - ووزارة التموين خصمين في الدعوى وطلبت الحكم عليهما وعلى المطعون عليها الثانية متضامنين مع المطعون عليها الثالثة بالطلبات سالفة البيان. والمحكمة قضت في 10/ 4/ 1963 بإلزام المطعون عليها الثالثة بصفتها مدينة والمطعون عليهما الأول والثانية بصفتهما متضامنين بأن يدفعوا للشركة الطاعنة مبلغ 3786 ج و450 م استأنفت المطعون عليها الثانية هذا الحكم بالاستئناف رقم 681 سنة 80 ق القاهرة والمحكمة قضت في 14/ 1/ 1964 بسقوط الحق فيه لرفعه بعد الميعاد. كما استأنف المطعون عليه الأول الحكم وقيد الاستئناف برقم 473 سنة 80 ق القاهرة ثم استأنفت المطعون عليها الثانية هذا الحكم منضمة إلى المطعون عليه الأول وقيد استئنافها برقم 716 سنة 80 ق القاهرة وبتاريخ 28/ 4/ 1964 قضت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً وبإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للمطعون عليهما الأول والثانية ورفض الدعوى قبلهما. فقررت الطاعنة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
عن الطعن فيما قضى به الحكم في الاستئناف رقم 473 سنة 80 ق المرفوع من المطعون عليه الأول.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على هذا الشق من الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأن المهمات والأدوات والماكينات التي وردت من الخارج إلى المطعون عليه الأول من المطعون عليها الثانية قد أرسلت جميعها بموجب سندات شحن باسم ولأمر المطعون عليه الأول فقام بتظهيرها إلى المطعون عليها الثالثة التي قامت بدورها بتظهيرها إلى الطاعنة حتى تستطيع التخليص على البضائع الواردة في الدائرة الجمركية واستلامها وإذ قامت الطاعنة فعلاً بذلك ثم نقلت البضائع إلى القاهرة فإنه يحق لها الرجوع على المطعون عليه الأول بما دفعته من رسوم جمركية وأجور نقل من الدائرة الجمركية بالإسكندرية إلى القاهرة استناداً إلى تظهير سندات الشحن إليها تظهيراً توكيلياً. غير أن الحكم المطعون فيه لم يشر إلى هذا الدفاع وقضى برفض الدعوى قبل المطعون عليه الأول استناداً إلى أنه لا توجد رابطة بين الطاعنة وبين المطعون عليه الأول مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه لما كانت المادة 708 من القانون المدني تنص على أنه "إذا أناب الوكيل غيره في تنفيذ الوكالة دون أن يكون مرخصاً له في ذلك كان مسئولاً عن عمل النائب كما لو كان هذا العمل قد صدر منه هو، ويكون الوكيل ونائبه في هذه الحالة متضامنين في المسئولية. أما إذا رخص للوكيل في إقامة نائب عنه دون أن يعين شخص النائب فإن الوكيل لا يكون مسئولاً إلا عن خطئه في اختيار نائبه أو عن خطئه فيما أصدره له من تعليمات ويجوز في الحالتين السابقتين للموكل ولنائب الوكيل أن يرجع كل منهما مباشرة على الآخر"، وكانت المادة 710 من القانون المدني تنص "على الموكل أن يرد للوكيل ما أنفقه في تنفيذ الوكالة - التنفيذ المعتاد -..." فقد أفادت هاتان المادتان مرتبطتين أنه يجوز لنائب الوكيل أن يرجع بدعوى مباشرة على الموكل يطالبه فيها بما التزم به نحو الوكيل الأصلي وذلك سواء أكان الموكل قد رخص للوكيل الأصلي بتوكيل غيره في تنفيذ الوكالة أو لم يرخص له بذلك ويكون رجوع نائب الوكيل على الموكل - شأنه في ذلك شأن ما يرجع به الوكيل الأصلي على الموكل - من المطالبة بالمصروفات الضرورية المشروعة التي أنفقها من ماله الخاص والتي استلزمها تنفيذ الوكالة. وإذ يبين من مراجعة مذكرة الطاعنة المقدمة لمحكمة الاستئناف بجلسة 28/ 4/ 1964 أنها تمسكت في دفاعها قبل المطعون عليه الأول بأن البضائع كلها أرسلت بموجب سندات شحن باسم ولأمر مرفق مياه القاهرة وأن المرفق قام بتظهير كل سند إلى المطعون عليها الثالثة التي ظهرتها بدورها إلى الطاعنة تظهيراً توكيلياً حتى تستطيع هذه الأخيرة القيام بالتخليص على البضائع الواردة في الدائرة الجمركية واستلامها وشحنها بعدئذ إلى موقع العمل بمحطة مياه القاهرة، وأن لها باستلامها سندات الشحن مظهرة إليها من المرسل إليه - المطعون عليه الأول - صفة الوكالة في استلام البضاعة من ربان السفينة واستيفاء كافة الإجراءات الجمركية فيحق لها المطالبة بالمصروفات الضرورية المشروعة التي أنفقتها في هذا السبيل، وكان هذا الدفاع دفاعاً جوهرياً قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، وإذ أقام الحكم قضاءه برفض دعوى الطاعنة تأسيساً على أنه لا توجد رابطة بين الطاعنة وبين المطعون عليه الأول وأغفل الإشارة إلى هذا الدفاع ولم يرد عليه، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب بما يستوجب نقضه لهذا السبب في هذا الشق فيما قضى به دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
"عن الطعن فيما قضى به الحكم في الاستئناف رقم 716 سنة 80 ق القاهرة المرفوع من المطعون عليها الثانية":
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على هذا الشق من الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها دفعت بعدم قبول الاستئناف المرفوع من المطعون عليها الثانية الذي قدمته أثناء نظر الاستئناف المرفوع من المطعون عليه الأول واستندت في ذلك إلى أن الأخير طلب في استئنافه إلغاء الحكم الابتدائي ورفض الدعوى قبله على أساس أن المسئولية عن المبلغ المطالب به تقع على عاتق المطعون عليها الثانية وحدها وإلى أنه لا توجد حالة تضامن بين المطعون عليه الأول والمطعون عليها الثانية وأن الحالة المطروحة من حالات التضامن التي وإن اتفق فيها محل الالتزام إلا أن مصدره متعدد بالنسبة لكل من المطعون عليهما الأول والثانية فلا يجوز للمطعون عليها الثانية وقد فوتت ميعاد الاستئناف في الحكم وقضي في الاستئناف المرفوع منها برقم 716 سنة 80 ق استئناف القاهرة بسقوط حقها فيه أن تطعن ثانية في ذات الحكم بعد الميعاد منضمة إلى المطعون عليه الأول استناداً لنص المادة 384/ 2 من قانون المرافعات غير أن الحكم المطعون فيه قضى بقبول الاستئناف المشار إليه مستنداً في ذلك إلى أن الحكم الابتدائي قضى على المطعون عليهما الأول والثانية بأنهما متضامنان وهو من الحكم لا يحمل الرد على دفاع الطاعنة مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة 384 مرافعات تنص على إنه "إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين جاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته" وكان الحكم المطعون فيه بعد أن حصل عدم مسئولية المطعون عليه الأول عن طلبات الطاعنة لأن المطعون عليها الثانية مسئولية عن تسليمه المهمات والأدوات المستوردة وأنه ولا شأن للمطعون عليه الأول بما تتخذه المطعون عليها الثانية من إجراءات خاصة بالشحن والتخليص وقد قضي رغم هذا الإيضاح الذي ينم عن اختلاف مصدري الالتزام بالنسبة لكل من المطعون عليهما الأول والثانية بقبول استئناف المطعون عليها الثانية الذي انضمت فيه إلى المطعون عليه الأول استناداً إلى أن الحكم الابتدائي - الذي قضى الحكم المطعون فيه بإلغائه، قد قضى على المطعون عليهما الأول والثانية بالتضامن دون أن يعنى الحكم المطعون فيه بالتحقق من الضوابط سالفة البيان التي تجيز لمن فوت ميعاد الاستئناف أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع من أحد زملائه في الميعاد ودون أن ينزل هذه الضوابط الخاصة بالتضامن على واقعة الدعوى على النحو الذي حصله بما يعجز محكمة النقض عن مراقبة قضاء الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص، فإن الحكم يكون قد خالف القانون وشابه القصور في التسبيب بما يقتضي نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.