أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 24 - صـ 644

جلسة 19 من إبريل سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وعلي صلاح الدين، وأحمد صفاء الدين.

(114)
الطعن رقم 228 لسنة 38 القضائية

تأمينات عينية. "الرهن". إثبات. حيازة. ملكية.
الرهن الحيازي التجاري. عدم تطلبه وثيقة خاصة. جواز إثباته بكافة طرق الإثبات المقبولة في المواد التجارية. م 76 من قانون التجارة.
الحيازة قرينة قانونية على الملكية. حسن نية الحائز مفترض إلى أن يقوم الدليل على العكس.
متى كان الثابت من مدونات الحكم أن الرهن الحيازي موضوع الدعوى رهن تجاري، وأن الراهن تاجر قدم الموتورات للبنك الطاعن ضماناً لدينه. وكانت حيازة الراهن للموتورات قرينة قانونية على ملكيته لها، وكان رهنها حيازياً لا يتطلب وثيقة رهن خاصة تشتمل على أرقامها وأوصافها لما هو مقرر من جواز إثبات هذا الرهن سواء بالنسبة للمتعاقدين أو للغير بكافة طرق الإثبات المقبولة في المواد التجارية، عملاً بالمادة 76 من قانون التجارة بعد تعديلها بالقانون رقم 655 لسنة 1954. إذ كان ذلك، وكان حسن النية يفترض دائماً في الحائز إلى أن يقوم الدليل على العكس الذي يقع عبء إثباته على من يدعيه، والذي عليه أن يثبت أن الدائن المرتهن كان يعلم وقت إبرام الرهن أو كان في مقدوره أن يعلم أن الراهن غير مالك للشيء المرهون، أو أن ملكيته له مهددة بالزوال، فإن استدلال الحكم على سوء نية الطاعن بالقرائن التي أوردها، والتي لا تؤدي إلى ما استخلصه منها يكون فاسداً ومخالفاً للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن بنك مصر (الطاعن) أقام الدعوى رقم 17 لسنة 1966 تجاري كلي القاهرة ضد ممثل شركة انجلو اجيبشيان موتورز (المطعون عليها) طالباً الحكم بإلزام المدعى عليه بصفته بتسليم الموتورات الأربعة التي استولت عليها الشركة والمبينة الأرقام - بالعريضة وفي حالة عدم تسليمها بإلزامه بأداء مبلغ 2550 ج كتعويض عن سلب الحيازة، وقال في بيانها إنه فتح في 6/ 5/ 1964 اعتماداً لأحمد محمد الدش التاجر بضمان بضائع تودع لديه على سبيل الرهن الحيازي، ونفاذاً لهذا العقد أودع أحمد محمد الدش لدى البنك بضائع من بينها الأربعة موتورات الموصوفة بالعريضة، أوقعت عليها شركة مصر لحليج الأقطان حجزاً تحت يده كما أوقع المدعى عليه بصفته حجزاً آخر، ولما استشكل مندوب البنك في التنفيذ تنازل المدعى عليه عن الحجز فترك البنك الخصومة في الإشكال إلا أن المدعى عليه رغم تنازله عن الحجز طلب استبدال الحارس مع التصريح للحارس الجديد بنقلها إلى جراج الشركة مخفياً واقعة التنازل عن الحجز، ولما صدرت الأوامر باستبداله سخر المدعى عليه من استشكل في تنفيذها دون علم من البنك وقضى برفض الإشكال، ثم حكم لصالح البنك بعدم الاعتداد بالحجوز السابق توقيعها إلا أن المدعى عليه عاد واستصدر أوامر بتوقيع الحجز التحفظي على الموتورات مع تعيين مندوب الشركة حارساً عليها وتسليمها إليه لنقلها إلى مقر الشركة فاستشكل مندوب البنك في تنفيذها، وحكم استئنافياً بوقف تنفيذها وبعدم الاعتداد بالحجوز، وأثناء ذلك استصدر المدعى عليه أمراً من النيابة العامة بتسليم الموتورات لمندوبه وتسليمها فوراً، وانتهى إلى طلب الحكم برد الموتورات أو إلزامه بقيمتها البالغة 2550 ج تعويضاً عن الحجوز التي أوقعها المدعى عليه وحكم بعدم الاعتداد بها وعن تزييفه الحقيقة عند طلب استبدال الحارس وتجاهله تنازله عن الحجوز وعن سلب حيازته للموتورات المرهونة له رهناً حيازياً ضماناً لدينه واستيلائه عليها بالمخالفة لقرار المحامي العام، وطلب المدعى عليه رفض الدعوى بمقولة إن موظفي البنك الطاعن حاولوا تغطية تصرفهم الناجم عن فتحهم اعتماد للمدين دون ضمان، فاتفقوا معه على شراء الموتورات بالتقسيط بموجب عقد بيع مع الاحتفاظ بالملكية، ولما اشتراها قبلوا رهنها رهناً حيازياً، ولما كان رهنها باطلاً لأنها غير مملوكة للراهن، وكانت الأحكام المقدمة من البنك قد صدرت في دعاوى مستعجلة ولا أثر لها على الموضوع، فإن سلب الحيازة لا يصلح في ذاته لأن يكون سنداً للتعويض وفي 30/ 11/ 1966 حكمت المحكمة في مادة تجارية بإلزام الشركة المدعى عليها بتسليم المدعي الموتورات الأربعة المبينة بصحيفة الدعوى، ورفضت طلب التعويض في الأسباب، واستأنف المدعي بصفته هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 29 لسنة 84 ق، وقصر طلباته بمذكرته الختامية على الحكم له بالمبلغ المطلوب كتعويض عن الموتورات التي سلبت حيازتها والتي باعها المدعى عليه بصفته، كما استأنفه المدعى عليه بصفته بالاستئناف رقم 70 لسنة 84 ق طالباً إلغاءه ورفض الدعوى، وفي 19/ 3/ 1968 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وفساد استدلاله من وجهين (أولهما) أنه يؤخذ من نص الفقرة الثالثة من المادة 976 والفقرة الثانية من المادة 1118 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 965 من القانون المدني والمادة 76 من قانون التجارة المعدلة بالقانون رقم 655 لسنة 1954 أنه وقد ثبتت حيازة البنك الطاعن للموتورات من صور الأحكام الصادرة في القضايا المتداولة بينهما والمقدمة منه وقدم العقد المبرم بينه وبين الراهن الدال على فتح البنك الاعتماد بالحساب الجاري بضمان رهن ما يودعه الراهن لدى البنك من موتورات، وسلمت المطعون عليها بقيام الرهن وعلى الأخص في صحيفة استئنافها فإن من حق البنك حبس الموتورات المرهونة واسترداد حيازتها إذا سلبت إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 1110 من القانون المدني، فإن قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدعوى استناداً إلى عدم تقديم البنك مستندات إيداع الموتورات المرهونة يكون فضلاً عن خروجه على صريح نص القانون الذي يجيز إثبات الرهن التجاري بكافة الطرق قد مسخ الوقائع. (وثانيهما) أن الحكم المطعون فيه افترض سوء نية البنك الدائن المرتهن لمجرد القول بسوء نية المدين الراهن ولعدم مطالبة الراهن بالمستندات المثبتة لملكيته للموتورات المرهونة للتعرف على حقيقة هذه الملكية ومقدار خلوصها له، وهو من الحكم مخالفة للقانون، إذ فضلاً عن أن حسن النية يفترض في الدائن المرتهن الحائز للمنقولات عملاً بصريح نص الفقرة الثالثة من المادة 976 والفقرة الثانية من المادة 965 من القانون المدني، فإنه يتعين إثبات سوء نية الدائن المرتهن عملاً بالفقرة الثانية من المادة 1118 منه، والتي تعطي للدائن المرتهن التمسك بحقه في الرهن إذا كان حسن النية ولو كان الراهن لا يملك التصرف في الشيء المرهون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على قوله "وحيث إنه يبين مما تقدم أن التاجر الذي فتح البنك اعتماداً لصالحه قد أودع لدى البنك المذكور 4 موتورات اشتراها من الشركة المستأنف ضدها بعد أسبوعين من تاريخ مشتراه، ولم يكن قد سدد معظم أثمانها مما يكشف عن أنه لم يكن قد اشتراها بقصد استعمالها بل بقصد تقديمها ضماناً لدين لبنك المستأنف الذي كان عليه بخصوص حسن النية أن يطالب المدين بمستندات ملكيته لتلك الموتورات الجديدة للتعرف على حقيقة أمر ملكيته لها ومقدار خلوصها، ولم يقدم البنك مستندات الإيداع للتحقق من أرقام الموتورات المودعة وأوصافها في تلك المستندات، الأمر الذي يجعل دعوى البنك لا تقوم على أساس من القانون وينتفي معها أمر حسن النية". وهذا الذي قرره الحكم ينطوي على مخالفة للقانون لاستخلاصه سوء نية الدائن المرتهن (الطاعن) من أن الموتورات المرهونة جديدة، وأن رهنها تم بعد شرائها ومن عدم مطالبة الراهن بمستندات ملكيته لها، ومن عدم تقديمه مستندات الإيداع للتحقق من أرقامها وأوصافها، ذلك أنه لما كان الثابت من مدوناته أن الرهن الحيازي موضوع الدعوى رهن تجاري، وأن الراهن تاجر قدم الموتورات للبنك الطاعن ضماناً لدينه، وكانت حيازة الراهن للموتورات قرينة قانونية على ملكيته لها، وكان رهنها حيازياً لا يتطلب وثيقة رهن خاصة تشتمل على أرقامها وأوصافها لما هو مقرر من جواز إثبات هذا الرهن سواء بالنسبة للمتعاقدين أو للغير بكافة طرق الإثبات المقبولة في المواد التجارية عملاً بالمادة 76 من قانون التجارة بعد تعديلها بالقانون رقم 655 لسنة 1954. لما كان ذلك، وكان حسن النية يفترض دائماً في الحائز إلى أن يقوم الدليل على العكس الذي يقع عبء إثباته على من يدعيه، والذي عليه أن يثبت أن الدائن المرتهن كان يعلم وقت إبرام الرهن أو كان في مقدوره أن يعلم - أن الراهن غير مالك للشيء المرهون أو أن ملكيته له مهددة بالزوال، فإن استدلال الحكم على سوء نية الطاعن بالقرائن التي أوردها والتي لا تؤدي إلى ما استخلصه منها يكون فاسداً ومخالفاً للقانون بما يوجب نقضه.