أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 1398

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

(211)
الطعن رقم 455 لسنة 34 القضائية

( أ ) ملكية. "أسباب كسب الملكية". بيع. "انتقال ملكية العقار المبيع". تسجيل. نزع الملكية للمنفعة العامة. "ملكية الدولة للمال المخصص". أموال عامة.
عدم انتقال الملكية في المواد العقارية والحقوق العينية الأخرى إلا بالتسجيل سواء بين المتعاقدين أم بالنسبة للغير. بقاء العين محل التعاقد الصادر من مصلحة الأملاك على ذمة المصلحة البائعة قبل التسجيل. تخصيصها للمنفعة العامة - في هذه الحالة - ورود هذا التخصيص على مال مملوك للدولة. اعتباره من الأموال العامة التي لا يجوز التصرف فيها.
(ب) دعوى. "دعوى صحة التعاقد".
الغرض من دعوى صحة التعاقد إجبار البائع على تنفيذ التزامه بنقل ملكية المبيع تنفيذاً عينياً. استحالة هذا التنفيذ لوروده على شيء غير قابل للتعامل فيه. وجوب رفض طلب صحة ونفاذ عقد البيع.
1 - لا تنتقل الملكية - في المواد العقارية - ولا الحقوق العينية الأخرى سواء بين المتعاقدين أم بالنسبة للغير إلا بالتسجيل. وما لم يحصل هذا التسجيل تبقى الملكية على ذمة المتصرف ولا يكون للمتصرف إليه في الفترة ما بين تاريخ التعاقد إلى وقت التسجيل سوى مجرد أمل في الملكية دون أي حق فيها. فإذا كان الثابت أن المشترين من مصلحة الأملاك لم يسجلا عقدهما فإن العين محل التعاقد تكون باقية على ذمة المصلحة البائعة فإذا خصصت للمنفعة العامة فإن تخصيصها يكون قد ورد على مال من أموال الدولة وليس على مال مملوك لأحد الأفراد وبالتالي تصبح من الأموال العامة التي لا يجوز التصرف فيها.
2 - الغرض من دعوى صحة التعاقد هو إجبار البائع على تنفيذ التزامه بنقل ملكية المبيع تنفيذاً عينياً فإذا كان هذا التنفيذ قد أصبح غير ممكن لوروده على شيء غير قابل للتعامل فيه فإن طلب صحة ونفاذ عقد البيع يكون متعين الرفض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنين وباقي المطعون ضدهم الدعوى الابتدائية رقم 203 سنة 59 كفر الشيخ وطلب الحكم له أصلياً ( أ ) بصحة ونفاذ البيع الصادر في 24/ 6/ 1946 من مصلحة الأملاك (الطاعنة) إلى المطعون ضده الثاني ومصطفى رضوان مورث باقي المطعون ضدهم عن قطعة أرض مساحتها 1 ط و13 س مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى. (ب) وبصحة ونفاذ العقد المؤرخ 21/ 8/ 1949 الصادر له من المشترين السابقين ببيع القدر الذي آل إليهما من مصلحة الأملاك وتسليمه إليه واحتياطياً إلزام البائعين له ومصلحة الأملاك البائعة لهما متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 647 ج و925 م - وقال شرحاً للدعوى إن مصلحة الأملاك باعت للمطعون ضده الثاني ومصطفى رضوان مورث باقي المطعون ضدهم قطعة الأرض محل النزاع بعد أن رسا مزادها عليهما بتاريخ 24/ 6/ 1946 واعتمدت المصلحة عطاءهما وأن المشترين قد تنازلا له عن هذا القدر في 21/ 8/ 1949 وأقرت المصلحة هذا التنازل وقامت بتسليم الأرض إليه فعلاً واقتضت منه مبالغ توطئة لإبرام العقد النهائي إلا أنها عادت ونزعت منه الأرض غصباً بعد أن ارتفع ثمنها بحجة لزومها للمنفعة العامة مما اضطره إلى إقامة هذه الدعوى بطلباته سالفة البيان. دفعت الحكومة بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وطلبت رفضها على سبيل الاحتياط - وفي 23/ 4/ 1961 قضت المحكمة برفض الدفع وبصحة ونفاذ عقدي البيع وبالتسليم - استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 221 سنة 11 ق طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى - وبتاريخ 14 مايو سنة 1964 قضت تلك المحكمة بتأييد الحكم المستأنف - فطعن الطاعنون في قضائها بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وبالجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون في سبب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تأويله وتطبيقه ويقولون بياناً لذلك إن الحكم ذهب إلى أن الأرض المبيعة التي خصصتها المصلحة الطاعنة للمنفعة العامة وأضافتها بذلك إلى المال العام وهي أرض مملوكة للمطعون ضدهم ولا يصلح الغصب سبباً لإلحاقها بالأموال العامة لأن اعتبار العين من الأموال العامة يفترض انتقالها من ذمة صاحبها من الأفراد إلى ذمة الإدارة ولا يجوز أن يتم هذا الانتقال إلا وفقاً لأحكام قانون نزع الملكية هذا في حين أن إتباع هذه الأحكام لا يكون إلا إذا كانت ملكية العقار قد آلت إلى المتصرف إليهم وهي لا تؤول لهم إلا بالتسجيل ولما كان الثابت أن المطعون ضده الأول لم يسجل عقد شرائه كما لم يسجل البائعين له عقد شرائهما الصادر لهما من المصلحة الطاعنة وكانت واقعة تخصيص العقار محل التعاقد للمنفعة العامة غير متنازع عليها فإن هذا التخصيص يكون قد جاء موافقاً للقانون لوروده على عقار لا زال مملوكاً للطاعنة - وإذ قضى الحكم رغم ذلك بصحة ونفاذ عقدي البيع موضوع التداعي فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الأوراق أن الطاعنين قد تمسكوا في دفاعهم لدى محكمة الموضوع بأن الأرض محل التعاقد المطلوب الحكم بصحته ونفاذه قد خصصت للمنفعة العامة بالفعل وهي باقية على ذمة مصلحة الأملاك لعدم تسجيل عقد المشترين وأنها بذلك أصبحت من الأموال العامة التي لا يجوز التصرف فيها ومع ذلك قضى الحكم المطعون فيه بصحة ونفاذ عقدي البيع الصادرين بشأنها استناداً إلى القول بأن اعتبار العين من الأموال العامة يفترض انتقالها من ذمة صاحبها من الأفراد إلى ذمة الإدارة ولا يجوز أن يتم هذا الانتقال إلا وفقاً لأحكام قانون نزع الملكية إذ أن الغصب لا يصلح سبباً لاكتساب العين الصفة العامة" وهذا القول من الحكم مخالف للقانون ذلك أنه في المواد العقارية لا تنتقل الملكية ولا الحقوق العينية الأخرى سواء أكان ذلك فيما بين المتعاقدين أم كان في حق الغير إلا بالتسجيل وما لم يحصل هذا التسجيل تبقى الملكية على ذمة المتصرف ولا يكون للمتصرف إليه في الفترة ما بين تاريخ التعاقد إلى وقت التسجيل سوى مجرد أمل في الملكية دون أي حق فيها ولما كان الثابت أن المشترين من مصلحة الأملاك لم يسجلا عقدهما فإن العين محل التعاقد تظل باقية على ذمة المصلحة البائعة ويكون تخصيصها للمنفعة العامة قد ورد على مال من أموال الدولة وليس على مال مملوك لأحد الأفراد خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه وإذ كان لا نزاع في أن العين المبيعة قد خصصت بالفعل للمنفعة العامة فإنها بهذا تصبح من الأموال العامة التي لا يجوز التصرف فيها - ولما كان الغرض من دعوى صحة التعاقد هو إجبار البائع على تنفيذ التزامه بنقل ملكية المبيع تنفيذاً عينياً وكان هذا التنفيذ قد أصبح غير ممكن لوروده على شيء غير قابل للتعامل فيه فإن طلب المطعون ضده الحكم بصحة ونفاذ عقده وعقد البائعين له يكون متعين الرفض وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه وذلك دون حاجة لبحث الوجه الثاني من سبب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه بالنسبة لطلب المطعون ضده الأول الخاص بصحة ونفاذ عقده وعقد البائعين له ويتعين لما تقدم إلغاء الحكم المستأنف والقضاء برفض هذا الطلب وإحالة القضية إلى محكمة الدرجة الأولى للفصل في الطلب الاحتياطي الذي لم تبحثه تلك المحكمة بسبب استجابتها إلى الطلب الأصلي الخاص بصحة ونفاذ العقدين.