أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 24 - صـ 667

جلسة 24 من إبريل سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ عباس حلمي عبد الجواد، وعضوية السادة المستشارين: عبد العليم الدهشان، وعدلي بغدادي، ومحمود المصري، ومحمد طايل راشد.

(117)
الطعن رقم 157 لسنة 38 القضائية

(1) إيجار. "التنبيه بالإخلاء". إثبات.
التنبيه بالإخلاء. تصرف قانوني من جانب واحد. خضوعه في الإثبات للقواعد العامة.
(2) إثبات. "البينة". نظام عام. محكمة الموضوع.
عدم تعلق قاعدة عدم جواز الإثبات بالبينة في الأحوال التي يجب فيها الإثبات بالكتابة بالنظام العام. جواز الاتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمناً. لمحكمة الموضوع سلطة استخلاص القبول الضمني.
(3) استئناف. "نطاق الاستئناف". إثبات. "طرق الإثبات". "البينة". إيجار. "التنبيه بالإخلاء".
استخلاص محكمة الاستئناف عدم حصول تنازل ضمني عن الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة. قضاؤها بعدم جواز إثبات التنبيه بالإخلاء بالبينة خلافاً لما ذهبت إليه محكمة أول درجة. النعي عليها بعدم الأخذ بأقوال شاهد سمعته محكمة أول درجة. لا محل له.
1 - إذا كان التنبيه بالإخلاء هو تعبير عن إرادة أحد طرفي العقد في إنهاء الإيجار، فإنه يعتبر بذلك تصرفاً قانونياً من جانب واحد، يخضع في إثباته للقواعد العامة، فإذا كانت قيمة الإيجار تجاوز عشرة جنيهات وجب إثبات التنبيه بالكتابة أو ما يقوم مقامها إلا إذا اتفق الطرفان على خلاف ذلك.
2 - من المقرر أن قاعدة عدم جواز الإثبات بالبينة في الأحوال التي يجب فيها الإثبات بالكتابة ليست من النظام العام، فيجوز الاتفاق صراحة أو ضمناً على مخالفتها، ولقاضي الموضوع السلطة التقديرية في استخلاص القبول الضمني من سلوك الخصم، ولا يخضع في ذلك لرقابة محكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
3 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد استخلص في حدود سلطته الموضوعية استخلاصاً سائغاً من وقائع الدعوى ومستنداتها عدم حصول تنازل ضمني من المطعون عليه عن الدفع بعدم جواز الإثبات بغير الكتابة، وكانت محكمة الاستئناف قد قضت بعدم جواز إثبات التنبيه بشهادة الشهود باعتباره تصرفاً قانونياً تزيد قيمة الإيجار الصادر بشأنه هذا التنبيه على عشرة جنيهات، وذلك خلافاً لما ذهبت إليه محكمة أول درجة، ورتب الحكم المطعون فيه على ذلك قضاءه باعتبار عقد الإيجار قائماً، فإنه لا يسوغ النعي على الحكم بعدم أخذه بأقوال شاهد استمعت إليه محكمة أول درجة نفاذاً للحكم الصادر منها بإحالة الدعوى إلى التحقيق والذي ألغته محكمة الاستئناف.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه تقدم إلى السيد رئيس محكمة أسوان الابتدائية بطلب إصدار أمر أداء ضد الطاعن بمبلغ 840 جنيهاً، وقال بياناً لطلبه إنه بمقتضى عقد مؤرخ أول سبتمبر سنة 1963 استأجر منه الطاعن قطعة أرض فضاء لإقامة دار للسينما عليها لقاء أجرة سنوية قدرها 420 جنيه، وأنه تأخر في الوفاء بأجرة سنتي 1964/ 1965، 1965/ 1966 رغم تكليفه بذلك رسمياً. وقد رفض رئيس المحكمة إصدار الأمر وحدد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة وقيدت برقم 38 سنة 1966 كلي أسوان. طلب الطاعن رفض الدعوى استناداً إلى أنه أخطر المطعون عليه شفاهة في أكتوبر سنة 1964 برغبته في عدم تجديد العقد فوافقه على ذلك وتسلم العين المؤجرة وطلب الطاعن إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذا الدفاع بشهادة الشهود. قدم المطعون عليه مذكرة بجلسة 12/ 1/ 1966 دفع فيها بعدم جواز الإثبات بهذا الطريق وبتلك الجلسة قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود أنه أخطر المطعون عليه في أكتوبر سنة 1964 برغبته في إنهاء عقد الإيجار موضوع الدعوى ولينفي المطعون عليه ذلك بذات الطرق، وبعد أن سمعت المحكمة شاهدي الطاعن وتمسك المطعون عليه بدفعه السابق، قضت بتاريخ 27/ 12/ 1966 بإلزام الطاعن بدفع مبلغ 420 جنيهاً قيمة أجرة سنة 1964/ 1965 ورفضت ما خالف ذلك. استأنف المطعون عليه هذا الحكم فيما لم يقض له به، وقيد استئنافه برقم 10 سنة 42 ق أسيوط، ومحكمة الاستئناف قضت في 25/ 1/ 1968 بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه مبلغ 840 جنيهاً. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بها على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون، ويقول في بيان ذلك إن هذا الحكم اعتبر الإخطار بالرغبة في عدم تجديد عقد الإيجار تصرفاً قانونياً لا يجوز إثباته إلا بالكتابة متى كانت قيمة الإيجار تزيد على عشرة جنيهات، ورتب على عدم تقديم الطاعن دليلاً كتابياً على ذلك إلزامه بأجرة العين عن سنة 1965/ 1966، ويرى الطاعن أن هذا من الحكم خطأ في القانون، ذلك أن التنبيه بالرغبة في إنهاء الإيجار يعد واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات القانونية، هذا إلى أن المطعون عليه لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بعدم جواز إثبات التنبيه بشهادة الشهود إلا بعد صدور الحكم القاضي بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك بهذا الطريق بدليل أن هذا الحكم لم يشر إلى مذكرة المطعون عليه التي ضمنها هذا الدفع، كما أن المطعون عليه نفذ الحكم المذكور بأن ارتضى شهادة الشاهد الأول من شهود الطاعن الذي سمعت المحكمة أقواله. وأن ذلك منه يعتبر قبولاً للإثبات بالبينة لا يجوز له بعده أن يتمسك بعدم جواز الإثبات بهذا الطريق بسقوط حقه في التحدي بهذا الدفع لأن قاعدة عدم جواز الإثبات بالبينة في الأحوال التي يجب فيها الإثبات بالكتابة ليست من النظام العام، ويضيف الطاعن أن الحكم المطعون فيه لم يعتد بما قرره شاهده محمد وجيه عبد اللطيف من أن المطعون عليه قد وضع يده على العين المؤجرة في تاريخ سابق على أكتوبر سنة 1964، في حين أن هذه الواقعة التي تكفي بذاتها للتدليل على إنهاء العلاقة الإيجارية بين الطرفين تعتبر واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات القانونية، وهذا كله من شأنه أن يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان التنبيه بالإخلاء هو تعبير عن إرادة أحد طرفي العقد في إنهاء الإيجار، فإنه يعتبر بذلك تصرفاً قانونياً من جانب واحد يخضع في إثباته للقواعد العامة فإذا كانت قيمة الإيجار تجاوز عشرة جنيهات وجب إثبات التنبيه بالكتابة أو ما يقوم مقامها إلا إذا اتفق الطرفان على خلاف ذلك، ولما كان من المقرر أن قاعدة عدم جواز الإثبات بالبينة في الأحوال التي يجب فيها الإثبات بالكتابة ليست من النظام العام، فيجوز الاتفاق صراحة أو ضمناً على مخالفتها، وكان لقاضي الموضوع السلطة التقديرية في استخلاص القبول الضمني من سلوك الخصم وأنه لا يخضع في ذلك لرقابة محكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الخصوص قوله....... بالرجوع إلى مذكرة المستأنف (المطعون عليه) المقدمة بجلسة 12/ 5/ 1966 مستند رقم 11 دوسيه أمام محكمة أول درجة يبين أنه ثبت فيها "فإننا نرفض ما أثاره المدعى عليه - الطاعن - من طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات عدم انتفاعه بالعين، ثم إثبات عدم استلامه للعين ثم الإثبات في وجود صلح فإن هذه الوقائع لا يجوز إثباتها بالبينة طالما نظمها التعاقد المبرم بين المدعي - المطعون عليه - وبين المدعى عليه...." ومؤدى هذه العبارات الصريحة تمسك المستأنف - المطعون عليه - بالدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة، ورغم ذلك لم تأخذ بهذا الدفع في حكمها الصادر بجلسة 12/ 5/ 1966 والقاضي بإحالة الدعوى إلى التحقيق ومن ثم فلا يمكن اعتبار عدم إثبات اعتراض المستأنف بمحضر جلسة التحقيق أو حتى مناقشته للشهود ارتضاء منه بهذا الحكم التمهيدي الصادر استقلالاً عن الحكم الذي يصدر في موضوع الدعوى..... ولما كان الحال في الدعوى كما سبق البيان أن المستأنف قد اعترض صراحة على جواز الإثبات بالبينة، وتمسك بوجوب إثباته بالكتابة طبقاً للقواعد العامة، مما يدل دلالة واضحة على أنه لم يقبل ما حكم به وأما سكوته عن إبداء أي تحفظ في الجلسة التي سمعت فيها الشهود بعد الحكم بإحالة الدعوى إلى التحقيق لا يكفي في الدلالة على أنه قبله بعد ذلك وارتضاه، لأن الرضا الذي يفيد قبول الحكم يجب أن يكون صادراً عن اختيار لا عن إلزام...... ويؤيد هذا النظر إصرار المستأنف على الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة بمذكرته التي قدمها بعد تنفيذ حكم الإحالة على التحقيق - مستند رقم 12 دوسيه أمام محكمة أول درجة - لما كان ذلك فتكون الدعوى خالية من الدليل القانوني الذي أثبت إخطار المستأنف عليه للمستأنف برغبته في إنهاء العقد طبقاً لما هو متفق عليه في البند الثالث من عقد الإيجار، وبالتالي يكون التعاقد لا يزال قائماً، ويحق المطالبة بأجرة سنة 1965" وكان يبين من هذا الذي قرره الحكم المطعون فيه أنه قد استخلص في حدود سلطته الموضوعية استخلاصاً سائغاً من وقائع الدعوى ومستنداتها عدم حصول تنازل ضمني من المطعون عليه عن الدفع بعدم جواز الإثبات بغير الكتابة. لما كان ذلك وكانت محكمة الاستئناف قد قضت بعدم جواز إثبات التنبيه بشهادة الشهود باعتباره تصرفاً قانونياً تزيد قيمة الإيجار الصادر بشأنه هذا التنبيه على عشرة جنيهات وذلك خلافاً لما ذهبت إليه محكمة أول درجة، ورتب الحكم المطعون فيه على ذلك قضاءه باعتبار عقد الإيجار قائماً، فإنه لا يسوغ النعي على الحكم بعدم أخذه بأقوال شاهد استمعت إليه محكمة أول درجة نفاذاً للحكم الصادر منها بإحالة الدعوى إلى التحقيق والذي ألغته محكمة الاستئناف. لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم المطعون فيه يكون على غير أساس ويتعين لذلك رفض الطعن.