أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 1407

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وإبراهيم الديواني، وعبد العليم الدهشان.

(213)
الطعن رقم 450 لسنة 34 القضائية

( أ ) دعوى. "نظر الدعوى أمام المحكمة". "التدخل في الدعوى". "التدخل الانضمامي". استئناف. "التدخل الانضمامي في الاستئناف".
متى كانت طلبات المتدخل قاصرة على تأييد طلبات الخصم الذي حصل الانضمام إليه كان التدخل انضمامياً. جواز التدخل الانضمامي لأول مرة أمام محكمة الاستئناف.
(ب) حراسة. سلطة الحراس. "سلطته في أعمال التصرف".
دعوى تثبيت الملكية المقامة من الحارس القانوني على وقف. انضمام المستحقين للحارس في الدعوى يزيل العيب الذي شاب تمثيله لهم. أثر ذلك على إجراءات الدعوى بالنسبة لجميع الخصوم.
(ج) محكمة الموضوع. سلطة محكمة الموضوع. "في تقدير الدليل".
تقدير أقوال الشهود مما تستقل به محكمة الموضوع. سلطتها في الأخذ بمعنى للشهادة دون معنى آخر. مناط ذلك.
1 - مفاد نص المادة 412 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أنه إذا اقتصرت طلبات المتدخل على إبداء أوجه دفاع لتأييد طلبات الخصم الذي حصل الانضمام إليه ولم يطلب الحكم لنفسه بحق ذاتي يدعيه في مواجهة طرفي الخصومة فإن التدخل على هذا النحو أياً كانت مصلحة المتدخل فيه لا يعد تدخلاً هجومياً وإنما هو تدخل انضمامي مما يجوز طلبه ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف.
2 - متى كان مفاد نص المادة 735 من القانون المدني أنه يجوز للحارس أن يجري أعمال التصرف برضاء ذوي الشأن، فإن تدخل المستحقين في الوقف منضمين إلى الحارس القانوني على الوقف في طلباته في دعوى تثبيت الملكية التي أقامها بصفته من شأنه أن يزيل العيب الذي شاب تمثيله لهم وبزواله تصبح إجراءات التقاضي صحيحة ومنتجة لآثارها في حق الخصوم على السواء منذ بدايتها.
3 - محكمة الموضوع تستقل بتقدير أقوال الشهود ولها أن تأخذ ببعض أقوالهم وتطرح أقوال الآخرين حسبما يطمئن إليه وجدانها كما أن لها أن تأخذ بمعنى للشهادة دون معنى آخر تحمله متى كان المعنى الذي أخذت به وهو مما لا يتجافى مع مدلولها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه الأول بصفته حارساً قانونياً على وقف والده المرحوم محمد حسن غيته أقام الدعوى رقم 294 سنة 1960 مدني كلي بني سويف ضد الطاعن وطلب الحكم بتثبيت ملكيته بصفته لمساحة 13 ط و16 س مبينة بصحيفة الدعوى، وقال بياناً لدعواه إن هذه الأطيان تدخل ضمن أعيان وقف والده وواردة في كتاب الوقف، غير أن الطاعن اغتصبها ووضع اليد عليها منذ سنة 1945 فرفع المطعون عليه الأول مع باقي المستحقين وهما المطعون عليهما الثاني والثالث دعوى بالمطالبة بالريع وقضي لهم به ابتدائياً، وإذ استأنف الطاعن هذا الحكم وقضت محكمة الاستئناف بوقف دعوى الريع لحين الفصل نهائياً في الملكية، فقد أقام المطعون عليه الأول بصفته الدعوى الحالية بطلباته سالفة البيان. دفع الطاعن الدعوى بأن المساحة المشار إليها لا تدخل ضمن أطيان الوقف وأنها مملوكة له بالميراث عن والده الذي كان قد ورث بعضها واشترى البعض الآخر من إخوته ووضع الطاعن اليد عليها ووالده من قبله لمدة تزيد على خمسين سنة سابقة على رفع الدعوى. وبتاريخ 26/ 2/ 1962 قضت المحكمة بندب خبير لتطبيق مستندات الطرفين على أرض النزاع وبحث أصل ملكيتها، وبعد أن قدم الخبير تقريره وبتاريخ 26/ 11/ 1962 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أنه تملك العين المتنازع عليها بالتقادم المكسب وبعد سماع الشهود قضت المحكمة بتاريخ 29/ 4/ 1963 بتثبيت ملكية المطعون عليه الأول بصفته إلى الأعيان محل النزاع - استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف بني سويف بالاستئناف رقم 162 لسنة 1 ق وطلب إلغاءه والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة لأنها دعوى ملكية لا يجوز رفعها من الحارس وفي الموضوع برفضها. تدخل المطعون عليهما الثاني والثالث منضمين للمطعون عليه الأول - في طلباته - وبتاريخ 12/ 5/ 1964 قضت محكمة الاستئناف بقبول تدخل المطعون عليهما الثاني والثالث خصمين في الاستئناف منضمين للمطعون عليه الأول وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وبقبولها وفي موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه دفع أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير صفة استناداً إلى أن المطعون عليه الأول بصفته حارساً قانونياً على وقف المرحوم محمد حسين غيته تقتصر سلطته على إدارة أموال الوقف ولا يقبل منه أن يرفع الدعوى بملكية أعيانه، غير أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع وبقبول الدعوى استناداً إلى أن الطاعن لم يتمسك بهذا الدفع أمام المحكمة الابتدائية وإلى أن المطعون عليهما الثاني والثالث قد تدخلا أمام محكمة الاستئناف منضمين للمطعون عليه الأول في طلباته فصححا بتدخلهما شكل الدعوى، هذا في حين أن الدفع بعدم القبول دفع موضوعي يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى طبقاً لما تقضي به المادة 142 مرافعات، كما أن تدخل المطعون عليهما الثاني والثالث لم يكن في حقيقته إلا تدخلاً هجومياً قصدا به المطالبة بذات الحق المرفوعة به الدعوى وهو ما يعادل نصيبهما في الاستحقاق في الوقف هذا التدخل منهما لا يجوز قبوله في الاستئناف بما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بقبول تدخل المطعون عليهما الأول والثاني وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى استناداً إلى قول "إن المستحقين في الوقف قد تدخلا في الاستئناف منضمين للمستأنف عليه - المطعون عليه الأول - في طلباته باعتبار أن لهما مصلحة في ذلك فأقرا بهذا التدخل والانضمام عمل ممثلهما القانوني، وأصبحت بذلك إجراءات التقاضي صحيحة ومنتجة لآثارها منذ بدايتها وتنتفي بذلك كل مصلحة في الطعن عليها" ولما كانت المادة 412 من قانون المرافعات تقضي بأنه لا يجوز التدخل في الاستئناف إلا ممن يطلب الانضمام إلى أحد الخصوم، وكان مفاد هذا النص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا اقتصرت طلبات المتدخل على إبداء أوجه دفاع لتأييد طلبات الخصم الذي حصل الانضمام إليه ولم يطلب الحكم لنفسه بحق ذاتي يدعيه في مواجهة طرفي الخصومة فإن التدخل على هذا النحو أياً كانت مصلحة المتدخل فيه لا يعد تدخلاً هجومياً وإنما هو تدخل انضمامي مما يجوز طلبه ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف لما كان ذلك وكان المطعون عليهما الثاني والثالث قد تدخلا في الاستئناف باعتبارهما المستحقين في الوقف مع المطعون عليه الأول والذين آلت إليهم ملكية أعيانه بمقتضى القانون 180 سنة 1952 وانضما للأخير في طلب تأييد الحكم المستأنف الذي قضى بتثبيت ملكيته بصفته للأطيان المتنازع عليها، وكان تدخلهما على هذا النحو يعد تدخلاً انضمامياً وإن قصدا به تأييد المطعون عليه في طلبه تثبيت الملكية للأطيان بصفته والذي قضت به محكمة أول درجة وذلك ما دام لم يطلب المتدخلان حال تدخلهما بأي حق ذاتي لنفسيهما. لما كان ما تقدم وكان مفاد ما تقضي به المادة 735 من القانون المدني أنه يجوز للحارس أن يجري أعمال التصرف برضاء ذوي الشأن فإنه بتدخل المطعون عليهما الثاني والثالث قد زال العيب الذي شاب تمثيل المطعون عليه الأول لهما وبزواله تصبح إجراءات التقاضي صحيحة ومنتجة لآثارها في حق الخصوم على السواء منذ بدايتها. ولما كانت المصلحة هي مناط الدفع كما هي مناط الدعوى فإن المحكمة لا تكون قد أخطأت في تطبيق القانون إذ قضت برفض الدفع بعدم قبول الدعوى. ولما كانت هذه الدعامة تكفي لحمل الحكم فلا يؤثر في سلامته ما أثير بسبب النعي في شأن دعامته الأخرى أياً كان وجه الرأي فيها ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه اعتمد في قضائه على ما ورد بتقرير الخبير الذي انتهى إلى انطباق حجة الوقف على عين النزاع وإلى أن عقدي البيع اللذين قدمهما الطاعن لا ينطبقان عليها لأن اسم الحوض فيهما هو "قبالة داير الناحية" وليس "حوض حسان أفندي" الواقع فيه أرض النزاع فضلاً عن اختلاف حدود هذه الأطيان الواردة بالعقدين عن حدودها على الطبيعة مع أن هذا الحوض هو بذاته الحوض الكائنة فيه أرض النزاع وإنما قد تغير اسمه إلى حوض "حسان أفندي" كما أن مستندات الطاعن تنطبق في حدين من أرض النزاع وأن سبب اختلاف باقي الحدود هو تغير الملاك. ولم يحاول الخبير أن يتقصى أصل ملكية الواقف ولم يتعرض الحكم لدفاع الطاعن الذي ضمنه هذه المآخذ اكتفاء منه باعتماد تقرير الخبير للأسباب التي بني عليها - ويضيف الطاعن أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لم يعتمد شهادة شاهدي الطاعن في إثبات وضع يده على أرض النزاع على أساس أن أحد الشاهدين قد قرر أن سبب وضع يد الطاعن هو الميراث بما يخالف قول الطاعن بأن سبب وضع اليد هو الميراث والعقد وأن شهادة الشاهد الثاني سماعية، مع أن شهادة الشاهد الأول تتفق مع ما قرره الطاعن من أنه ورث الأرض عن والده الذي ورث بعضها واشترى الباقي وشهادة الشاهد الثاني ليست سماعية لأن مصدر علمه بوضع يد الطاعن هو قيامه بزراعة أرض مجاورة لأرض النزاع. ولم يعرض الحكم لشهادة شهود النفي مع أن شهادتهم قاصرة عن تأييد المطعون عليه الأول في دفاعه - وأضاف الحكم المطعون فيه أنه يعتمد في إثبات وضع يد الوقف على أرض النزاع إلى ما شهد به شاهد المطعون عليه الأول أمام الخبير المنتدب في الدعوى، مع أن هذا الشاهد كان يعمل لدى الواقف ولم يشهد بوضع اليد إلا في الفترة من سنة 1937 إلى سنة 1941 مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه رد على دفاع الطاعن فيما أثاره من انطباق عقوده على أرض النزاع ومغايرة الحدود الواردة في حجة الوقف لحدود أرض النزاع على الطبيعة في قوله "أما ما جادل به المستأنف "الطاعن" بالسببين الثاني والثالث من أن العين محل النزاع ورث بعضها عن والده وباقيها مشتراة من أختيه بعقود مسجلة تنطبق على الطبيعة بدليل أن التحديد الوارد بحجة الوقف يختلف عن التحديد الثابت بالطبيعة وبصحيفة الدعوى مردود بما جاء بتقرير الخبير المنتدب والذي تأخذ به المحكمة لسلامة الأسس التي أقيم عليها من أنه قد اتضح له من المعانية أن شكل الأرض محل النزاع في الطبيعة مائل بحيث يمكن اعتبار مركز البوليس الموجود بباقي القطعة الثانية البالغ مساحتها 7 ط و15 س بحوض حسان/ 42 قطعة 94 المستجدة من ضمن القطعة 19 هو الحد البحري أو الشرقي لأطيان النزاع كما اتضح أن هذه القطعة متداخلة بالمشروع 18 محاكم وأنه بتطبيق حجة الوقف على الطبيعة اتضح أن الـ 13 ط و16 س موضوع النزاع تدخل ضمن الـ 14 ط و6 س الموضحة بالصحيفة 10 من حجة الوقف المسجلة في 18/ 7/ 1934 وأضاف الخبير بأنه بتطبيق عقود البيع المسجلة التي يستند عليها المستأنف على الطبيعة اتضح أنها لا تشمل أرض النزاع". ولما كان يبين من هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه أنه استند في تفنيد المطاعن التي وجهها الطاعن لتقرير الخبير إلى أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإن ما يثيره الطاعن بالشق الأول من سبب الطعن لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير المحكمة للدليل الذي اعتمدت عليه - وهو تقرير الخبير - مما لا يجوز التحدي به أمام محكمة النقض - والنعي في شقه الثاني المتعلق بتعييب الحكم فيما استخلصه من شهادة الشهود مردود بأنه لما كانت محكمة الموضوع تستقل بتقدير أقوال الشهود ولها أن تأخذ ببعض أقوالهم وتطرح أقوال الآخرين حسبما يطمئن إليه وجدانها كما أن لها أن تأخذ بمعنى للشهادة دون معنى آخر تحمله متى كان المعنى الذي أخذت به هو مما لا يتجافى مع مدلولها وإذا لم يخرج الحكم المطعون فيه في ما استخلصه من أقوال الشهود عما يؤدي إليه مدلولها فإنه لا يصح الجدل في تقديره ولا معقب عليه فيه لمحكمة النقض ويكون النعي لهذا السبب على غير أساس. لما كان ما تقدم فإنه يتعين رفض الطعن.