أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 1417

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد شبل عبد المقصود، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

(215)
الطعن رقم 29 لسنة 36 ق أحوال شخصية

أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين". "النفقة". "الفقر". "تحديده". وقف. "الاستحقاق في الوقف". "شرطه".
الفقير غني بغنى ولده الذي يجب عليه نفقته.
الرأي عند الحنفية على أن الفقير - رجلاً كان أو امرأة - غني بغنى ولده الذي تجب عليه نفقته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مطران الدقهلية بصفته ناظراً على وقف المرحوم البربري العبد أقام الدعوى رقم 66 لسنة 1965 المنصورة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد زكي بانوب نخله يطلب الحكم بإبطال حكم النفقة الصادر له على جهة الوقف في الدعوى رقم 119 لسنة 1960 المنصورة الابتدائية ومنع تعرضه بهذا الحكم مع إلزامه بمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لدعواه إن المرحوم البربري العبد وقف في سنة 1902 ما يقرب من المائة فدان وقفاً خيرياً أقيم هو في النظر عليه بموجب قرار صادر من محكمة القاهرة الابتدائية الشرعية في مادة التصرفات رقم 774 لسنة 1952، وإذ كان المدعى عليه من أقارب الواقف وادعى أنه فقير وحكم له على جهة الوقف بنفقة قدرها 2 ج شهرياً في الدعوى رقم 119 لسنة 1960 المنصورة الابتدائية للأحوال الشخصية عدلت إلى 5 ج في الاستئناف رقم 5 سنة 1963 المنصورة، وكانت حالة الفقر الموجبة للنفقة قد زالت عنه بترتيب معاش له على الدولة مقداره 7.635 ج شهرياً اعتباراً من 1/ 7/ 1963 وبوجود ولد له يشتغل بالتجارة وملزم بنفقته شرعاً مما يسقط عنه موجب الدخول في الوقف فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته - وطلب المدعى عليه الحكم برفض الدعوى وبتاريخ 16/ 1/ 1966 حكمت المحكمة حضورياً برفض الدعوى وألزمت المدعي بصفته بالمصاريف وبمبلغ 100 قرش مقابل أتعاب المحاماة، واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالباً إلغاءه والحكم بطلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 13 سنة 1966 " كلي". وبتاريخ 2/ 6/ 1966 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف بصفته بالمصروفات وبمبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم في خصوص السبب الثاني.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في السبب الثاني أنه أقام قضاءه برفض الدعوى على أن يسار ولد المطعون عليه لا يمنع من فرض نفقة له على جهة الوقف ما دام فقيراً ولم يقم الدليل على الحكم له بالنفقة على ولده الموسر وعلى أن هذا الولد يؤديها فعلاً لوالده، وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون لأن يسار الابن يمنع الأب من استحقاق نفقة على جهة الوقف المرصود على الفقراء وإن كان فقيراً بنفسه إذ شرط استحقاق الفقير لها أن يكون منقطعاً - أي ليس له فرع موسر - لأن هذا الفرع أولى من جهة الوقف بفرض النفقة عليه لأصله.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه بالرجوع إلى الإشهاد المؤرخ 25 من رجب سنة 1320 "17 أكتوبر سنة 1902" يبين أن الواقف أنشأ وقفه على نفسه مدة حياته ومن بعده تكون خمسون فداناً شائعة في الأطيان المذكورة وقفاً خيرياً يصرف ريعه على الفقراء والمساكين المنقطعين الواردين والمترددين من أبناء الطائفة القبطية الأرثوذكسية بالكنيسة والديرين الموضحين بالإشهاد وإذ كان ذلك وكان الرأي عند الحنفية على أن الفقير - رجلاً كان أو امرأة - غني بغنى ولده الذي تجب عليه نفقته فلا يدخل بذلك في الوقف على الفقراء ولم يقيدوا ذلك بشرط، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقيد غنى الأب بغنى ولده الذي تجب عليه نفقته بأنه لم يقم دليل على أنه تقرر له على ابنه المذكور فعلاً نفقته وأن هذا الابن يؤديها له فإنه يكون قد قيد غنى الأب شرعاً بقيد غير لازم تحجب به عن تحقيق دفاع الطاعن، مما يعيبه بالقصور والخطأ في تطبيق القانون.