أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 1432

جلسة 28 من نوفمبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

(218)
الطعن رقم 546 لسنة 34 القضائية

( أ ) دعوى. "انقطاع سير الخصومة". بطلان. "البطلان النسبي".
بطلان الإجراءات التي تتم بعد قيام سبب انقطاع سير الخصومة بطلان نسبي لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايتهم وهم خلفاء المتوفى أو من يقومون مقام من فقد الأهلية أو تغيرت صفته. ليس للخصم الآخر التمسك بهذا البطلان.
(ب) نقض. "أسباب الطعن". وكالة. محاماة.
عدم منازعة الطاعن أمام محكمة الموضوع فيما قرره محامي الخصم عن توكيله. عدم جواز إثارة هذه المنازعة لأول مرة أمام محكمة النقض.
(جـ) إثبات. "الإثبات بالكتابة". "حجية الرسائل".
للرسائل الموقع عليها قوة الدليل الكتابي من حيث الإثبات.
(د) إثبات "الإقرار". "الإقرار غير القضائي". "تجزئته".
الإقرار الوارد في خطاب إقرار غير قضائي. خضوعه لتقدير القاضي. له تجزئته والأخذ ببعضه دون البعض الآخر.
1 - بطلان الإجراءات التي تتم بعد قيام سبب انقطاع سير الخصومة في الدعوى هو - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - بطلان نسبي قرره القانون لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايتهم وهم خلفاء المتوفى أو من يقومون مقام من فقد الأهلية أو تغيرت صفته وذلك حتى لا تتخذ هذه الإجراءات دون علمهم ويصدر الحكم في الدعوى في غفلة منهم ومن ثم فلا يجوز للخصم الآخر التمسك بهذا البطلان.
2 - متى أرشد المحامي الحاضر عن ممثل الشركة عن رقم توكليه ولم ينازع الطاعن في ذلك أمام محكمة الموضوع فليس له بعد ذلك أن يثير هذه المنازعة لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - للرسائل الموقع عليها قوة الدليل الكتابي - من حيث الإثبات - فتكون حجة على المرسل بصحة المدون فيها إلى أن يثبت هو العكس بالطرق المقررة قانوناً للإثبات [(1)].
4 - الإقرار الوارد في خطاب إقرار غير قضائي وهو بهذه المثابة يخضع لتقدير القاضي الذي يجوز له تجزئته والأخذ ببعضه دون البعض الآخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن الثاني أقام الدعوى رقم 4770 سنة 1958 مدني كلي القاهرة على الشركة المطعون ضدها يطلب الحكم بإلزامها أن تدفع له مبلغ 3700 ج وقال شرحاً لدعواه إنه بعقد مؤرخ 22 من مارس سنة 1928 باع إلى الشركة المذكورة مصنع الأسمنت الذي كان يملكه في حلوان بجميع مشتملاته ونص في البند الثالث عشر منه على أن يكون مستشاراً لها في الأمور المتعلقة بالأوضاع المحلية والاستعلامات. وحرر تنفيذاً لهذا الشرط عقد مؤرخ 22/ 6/ 1929 نص فيه على ذلك وعلى أن يكون مستشاراً للشركة طيلة حياته بمقابل قدره 1200 ج سنوياً وقد روعي في تقدير قيمة بيع المصنع أن يكون مستشاراً لأعماله مدى حياته لقاء المبلغ المذكور وبهذا يكون هذا الجعل السنوي جزءاً من ثمن بيع المصنع وضع في صورة التزام تقوم الشركة بأدائه له مدى حياته - وقد ظلت تؤديه إليه إلى أن توقفت دون مبرر عن الوفاء به من آخر أغسطس سنة 1955 ثم عرضت عليه مبلغ عشرة آلاف جنيه لتسوية الموقف بينهما إلا أنه امتنع عن قبوله وأقام الدعوى ضدها بطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 3700 ج قيمة المتأخر له من أول سبتمبر سنة 1955 إلى آخر أكتوبر سنة 1958 على أساس مائة جنيه شهرياً دفعت الشركة المطعون ضدها الدعوى فيما دفعتها به بسقوط حق المدعي في المطالبة بمضي سنة على إنهاء عقد العمل الذي كان يربطه بها. وفي 26 يناير سنة 1959 قضت محكمة الدرجة الأولى بإلزام المدعى عليه ممثل الشركة بأن يدفع للطاعن الثاني مبلغ 3700 ج مؤسسة قضائها على أن الاتفاق بين الطرفين ينطوي على عقد عمل وقد أنهته الشركة دون إخطار فلا يسقط حقه في مطالبتها بأجره بمضي سنة من تاريخ امتناعها عن أداء الأجر عملاً بمفهوم المادة 698 من القانون المدني - استأنفت الشركة الحكم المذكور وقيد الاستئناف برقم 406 سنة 78 ق القاهرة واستندت الشركة في صحيفة الاستئناف إلى أسباب منها أن العقد المحرر في 22/ 6/ 1929 باطل لعدم مشروعية المحل والسبب لأن المستأنف عليه "الطاعن" معترف في خطاب موجه منه للشركة بأن الغرض من المبلغ المتفق على دفعه له سنوياً هو إنجاز مصالحها لدى الجهات الحكومية وأن المبلغ لا يعتبر مرتباً لأنه لم يكن موظفاً لديها وبتاريخ 12 مايو سنة 1964 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى - طعن الطاعن في الحكم المذكور بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعن في أولهما على الحكم المطعون فيه بطلانه وفي بيان ذلك يقول إن الاستئناف رفع من السيد/ أنطون تيجارو بصفته رئيس مجلس إدارة شركة أسمنت بورتلاند بحلوان وعضو مجلس إدارتها المنتدب وقد أممت هذه الشركة قبل صدور الحكم المطعون فيه وبذلك زالت صفة ممثلها وكان يتعين على محكمة الاستئناف أن تقضي بانقطاع سير الخصومة حتى يختصم الممثل الجديد للشركة. وقد حضر محام أمام تلك المحكمة عن الأستاذ أحمد إبراهيم خليل باعتباره الممثل الجديد للشركة وتأجلت الدعوى لتقرر الشركة موقفها بخصوص من يمثلها وليقدم الحاضر عنها ما يثبت أن الأستاذ أحمد إبراهيم خليل الذي يحضر عنه هو ممثل الشركة - ولكن المحكمة عادت وفصلت في الدعوى بحالتها دون أية إشارة لذلك في حكمها ودون أن تتحقق من أن الأستاذ أحمد إبراهيم خليل يمثل الشركة ولا من توكيل الحاضر عنه بهذه الصفة وبهذا جاء الحكم المطعون فيه باطلاً.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن بطلان الإجراءات التي تتم بعد قيام سبب انقطاع سير الخصومة في الدعوى هو - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بطلان نسبي قرره القانون لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايتهم وهم خلفاء المتوفى أو من يقومون مقام من فقد أهليته أو تغيرت صفته وذلك حتى لا تتخذ هذه الإجراءات دون علمهم ويصدر الحكم في الدعوى في غفلة منهم - فلا يجوز للخصم الآخر التمسك بهذا البطلان - لما كان ذلك فإنه على فرض وقوع بطلان في الحكم المطعون فيه لصدوره خلال فترة انقطاع سير الخصومة دون اختصام الممثل الحقيقي للشركة بعد تأميمها - فإن الشركة المطعون ضدها هي وحدها صاحبة الحق في التمسك بهذا البطلان ولا يجوز للطاعن التحدي به - أما عن القول بأن المحكمة لم تتحقق من التوكيل الصادر للمحامي الحاضر عن ممثل الشركة بعد تأميمها فمردود بأن الثابت من الأوراق أن المحامي أرشد عن رقم التوكيل ولم ينازع الطاعن في ذلك فليس له بعد ذلك أن يثير هذه المنازعة لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه قصور أسبابه وتخاذلها والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن ذلك الحكم أقام قضاءه برفض دعواه على أن مؤدى ما ذكره الطاعن في صحيفة دعواه وفي خطابه المؤرخ 31 مارس سنة 1955 المرسل منه إلى الشركة المطعون ضدها أن السبب الذي ذكر في العقد المؤرخ 22 يونيه سنة 1929 لاستحقاقه مبلغ الـ 1200 ج المنصوص عليه في هذا العقد هو سبب صوري وأن السبب الحقيقي هو أن هذا المبلغ إنما هو جزء من ثمن ما باعه للشركة بعقد البيع المحرر في 22مارس سنة 1928 وأنه لا يوجد في القانون ما يحول دون الأخذ بما ورد في خطاب الطاعن كدليل لإثبات صورية السبب المذكور في العقد الأول لأن ما ورد بهذا الخطاب يعتبر بمثابة اعتراف صريح من الطاعن بهذه الصورية ويرى الطاعن أن الحكم باستناده إلى ذلك في قضائه قد التفت كلية عن دفاعه وجزأه كما جزأ دفاع الشركة المطعون ضدها فذكر منهما ما يسند قضاءه وأغفل الباقي مما يتعارض مع هذا القضاء ذلك أن الثابت من مذكرة الشركة المطعون ضدها المقدمة بجلسة 11 مايو سنة 1959 ومن مذكرتها التكميلية المقدمة بجلسة 11 مايو سنة 1959 ومن مذكرتها التكميلية المقدمة بجلسة 3 نوفمبر سنة 1960 أنها انتهت فيهما إلى أن عقد الاتفاق المبرم بينها وبين الطاعن هو عقد عمل ودفعت ببطلان هذا العقد لعدم مشروعية سببه ثم ذهب إلى القول بأنها أنهته اعتباراً من 31 أغسطس سنة 1955 بما لها من حق مخول لها بالعقد في إنهائه وأخيراً دفعت بسقوط الحق في المطالبة بالمبلغ الذي يطالب به الطاعن على أساس أنه أجر عمل يتقادم بسنة طبقاً للمادة 698 من القانون المدني - كذلك فإن الطاعن ذكر في صحيفة دعواه وفي مذكراته وفي خطابه المرسل للشركة أن المبلغ المتفق عليه في عقد 22 يونيه سنة 1929 هو مقابل قيامه بأعمال الاستشارة في الأمور المبينة في هذا العقد وبذلك تلاقى كل من الطاعن والشركة المطعون ضدها في وصف هذا العقد بأنه عقد عمل وأنه عقد صحيح ومنتج لكافة آثاره القانونية فإذا رفض الحكم بعد ذلك اعتبار العقد المذكور عقد عمل أخذاً ببعض ما جاء في دفاع الطرفين ومغفلاً البعض الآخر فإنه يكون قاصراً بما يعيبه أما ما ذكره الطاعن في خطابه من أن الجعل المتفق على دفعه له ليس مرتباً وإنما هو جزء من ثمن ما باعه للشركة ولتعطيه المصاريف الفعلية اللازمة للسهر على مصالحها أمام مصالح الحكومة المصرية وغيرها فقد كان قصد الطاعن من ذكره تبرير عدم خضوع هذا الجعل لضريبة كسب العمل ولا يمكن اعتبار هذا القول مفسراً للاتفاق الذي تم بين الطرفين أو معدلاً له لأن التعديل لا يكون إلا باتفاقهما - كذلك فإن الطاعن وإن ذكر في صحيفة دعواه أن الجعل المتفق على دفعه له يعتبر جزءاً من ثمن بيع المصنع إلا أنه أردف ذلك بقوله إنه كان يعمل مستشاراً لأعمال المصنع ولا يجوز تجزئة هذه العبارات والأخذ ببعضها وترك ما عداه وقد أخطأ الحكم المطعون فيه في القانون في قوله بأن ما ورد في الخطاب يعتبر اعترافاً صريحاً بصورية السبب الوارد في العقد ذلك لأن ما جاء بهذا الخطاب لا يمكن أن يكون تعديلاً أو تفسيراً لاتفاق أبرم ونفذ في حدود القانون واعتبرته الشركة صحيحاً ولأن هذا الخطاب إنما حرر للتخلص من ضريبة كسب العمل.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه استند في القول بصورية السبب المذكور في عقد 22 يونيه سنة 1929 - لاستحقاق الطاعن المبلغ المتفق على دفعه له - إلى أن الطاعن قال في صحيفة افتتاح دعواه وفي خطابه المؤرخ 31/ 3/ 1955 إن مبلغ الـ 1200 ج المنصوص عليه في العقد المؤرخ 22/ 6/ 1929 إنما هو جزء من ثمن ما باعه للشركة بعقد البيع المحرر في 22/ 3/ 1928 وأنه قال في الصحيفة أيضاً إنه ظل يعمل بالشركة كمستشار لها إلا أنه ينكر في خطابه هذه الصفة بإنكاره العمل كموظف لديها وبإقراره أن هذا المبلغ جزء من الثمن ومصاريف السهر على مصالحها لدى الحكومة. وقال الحكم إنه ما دامت الشركة تنكر صحة السبب المذكور في العقد وتؤكد أن الثمن قد دفع بأكمله كما تنكر صفته في رعاية مصالحها والسهر عليها بالصورة الواردة في خطابه فلا يجوز الرجوع عليها بالاستناد إلى السبب المذكور في العقد المؤرخ 22/ 6/ 1929 ومطالبتها بالمبلغ المدعى به ما دامت قد ثبتت صورية هذا السبب وهو العمل لديها كمستشار لها - وقال الحكم عن طلب الطاعن عدم الاعتداد بخطابه "إن ما ورد بهذا الخطاب يعتبر بمثابة اعتراف صريح منه بصورية السبب الوارد بالعقد وليس هناك مانع في القانون من الأخذ به كدليل في الإثبات، وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضاءه بصورية السبب المذكور في عقد 22 يونيه سنة 1929 لا مخالفة فيه للقانون ولا قصور فيه، ذلك أنه بمراجعة صحيفة افتتاح الدعوى يبين أن الطاعن أورد فيها ما نصه "وحيث إنه يبين من مراجعة شروط بيع المصنع أنه روعي في تقدير قيمته أن يكون الطالب (الطاعن) مستشاراً لأعمال المصنع مدى حياته نظير التزام الشركة بأن تدفع له سنوياً مبلغ 1200 ج" فهذا الجعل السنوي يعتبر جزءاً من ثمن بيع المصنع وضع في صورة التزام تقوم به الشركة للطالب مدى حياته ولا أدل على ذلك من أن الشركة لكي تتحلل من هذا العقد قيدت نفسها بقيود وأوجبت على نفسها أن تدفع للطالب التعويض بالمقادير المختلفة تعباً للمدة التي أمضاها الطالب في أعمال الاستشارة. وجاء بخطاب الطاعن المؤرخ 31 مارس سنة 1955 كما نقله الحكم المطعون فيه "عندما كونت الشركة شميدت كانت الشروط التي وضعتها تقتضي صرف 1200 ج سنوياً مدى الحياة كجزء من ثمن البيع وكمصاريف لتمثيل الشركة وتغطية المصاريف الفعلية للسهر على مصالح الشركة أمام مصالح الحكومة المصرية وغيرها ولم يكن هذا المبلغ مرتباً بالمرة لأنني لست موظفاً بالشركة وقد لفت نظر كبار موظفي الشركة مراراً بأن دفع ضريبة كسب العمل على هذا المبلغ يعتبر خطأ وإنني اعتبر ذلك المبلغ جزءاً من ثمن ما بعت من أراضي وامتيازات" كما يبين من الأوراق أن الشركة المطعون ضدها استندت إلى ما جاء في هذا الخطاب للقول بأن الغرض من اشتراط الجعل المتفق على دفعه للطاعن في العقد المؤرخ 22 يونيه سنة 1929 هو استغلال نفوذه وأن العقد لذلك يكون باطلاً لعدم مشروعية محله وسببه وأنه إذا فرض جدلاً أن الخدمة التي تعهد الطاعن بأدائها للشركة غير مخالفة للنظام العام فإن العقد يكون أيضاً باطلاً لتأييد التزام الطاعن وأضافت الشركة في مذكرتها المودعة برقم 13 من الملف الابتدائي أنه وقد أقر الطاعن بصورية السبب المذكور في العقد فإنه يقع عليه عبء إثبات السبب الحقيقي المشروع الذي يدعيه وقد تمسكت الشركة المطعون ضدها بدفاعها السابق أمام محكمة الموضوع بدرجتيها وأخذت في صحيفة استئنافها على الحكم الابتدائي اعتباره العقد المذكور عقد عمل مع إنكار المستأنف عليه (الطاعن) هذا الوصف وقالت إنها عالجت في دفاعها هذا التكييف فاقترضت أن هذا العقد عقد عمل ودفعت دعوى المستأنف عليه بعدم القبول لرفعها بعد مضي السنة المنصوص عليها في المادة 698 مدني كما دفعت بأنها أنهت هذا العقد. ويبين من ذلك كله أن الشركة المطعون ضدها - خلافاً لما يقوله الطاعن - لم تسلم بصحة عقد 22 يونيه سنة 1929 بل إنها تمسكت ببطلانه كما تمسكت بصورية السبب المذكور فيه لاستحقاق الطاعن مبلغ 1200 ج المنصوص عليه في هذا العقد. لما كان ذلك وكان ما حصلته محكمة الموضوع من صحيفة افتتاح الدعوى ومن أن خطاب الطاعن المؤرخ 31 مارس سنة 1955 يحوي اعترافاً منه بصورية السبب المذكور في ذلك العقد هو استخلاص سائغ لا خروج فيه على المعنى الظاهر لعبارات الصحيفة والخطاب وكان أخذ الحكم بما جاء بهذا الخطاب كدليل لإثبات صورية السبب الوارد في عقد 22 يونيه سنة 1929 لا مخالفة فيه للقانون ذلك أن المادة 396 من القانون المدني تنص على أن "تكون للرسائل الموقع عليها قيمة الورقة العرفية من حيث الإثبات" ومقتضى ذلك أن تكون لهذه الرسائل قوة الدليل الكتابي فتكون حجة على المرسل بصحة المدون فيها إلى أن يثبت هو العكس بالطرق المقررة قانوناً للإثبات، ومن ثم فإن للشركة المطعون ضدها أن تحتج على الطاعن بما هو وارد في الخطاب المرسل منه إليها حاملاً توقيعه. لما كان ذلك وكان إقرار الطاعن الوارد في خطابه آنف الذكر هو إقرار غير قضائي وبهذه المثابة يخضع لتقدير القاضي الذي يجوز له تجزئته والأخذ ببعضه دون البعض الآخر - لما كان ما تقدم وكان أيضاً لا جدوى من تعييب الحكم المطعون فيه لنفيه عن عقد 22 يونيه سنة 1929 وصف عقد العمل إذ أنه بفرض أن الحكم أخطأ في هذا الوصف وأن الوصف الصحيح له هو أنه عقد عمل فإن ذلك لا يمنع من اعتبار السبب المذكور فيه - لاستحقاق الطاعن الجعل المتفق عليه - سبباً صورياً متى قام الدليل على هذه الصورية. لما كان ذلك جميعه فإن النعي بهذا السبب يكون في جميع ما تضمنه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] راجع نقض 14/ 1/ 1965 مج المكتب الفني س 16 ص 57 و11/ 1/ 1966 س 17 ص 71.