أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 24 - صـ 725

جلسة 9 من مايو سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: جودة أحمد غيث, وإبراهيم السعيد ذكري، والدكتور محمد زكي عبد البر، وإسماعيل فرحات عثمان.

(129)
الطعن رقم 472 لسنة 35 القضائية

(1، 2) بيع. "التزامات البائع". تسجيل.
(1) عقد البيع غير المسجل. أثره. التزام البائع بتسليم المبيع ونقل الملكية للمشتري. التزام المشتري بأداء الثمن.
(2) البائع في عقد البيع غير المسجل. ليس له أن يدعي ملك المبيع على المشتري، إذ هو ضامن لنقل الملكية إليه.
(3) حكم. "عيوب التدليل". بيع. حجز.
اعتبار الحكم أن البيع الصادر من المشتري بعقد غير مسجل بيعاً لملك الغير، وأنه لا يصح توقيع الحجز على باقي الثمن من دائن البائع. خطأ في تطبيق القانون.
1 - بيع العقار قبل أن يسجل، لا يزال من طبيعته نقل الملكية إذ ينشئ التزاماً بنقلها في جانب البائع، وكل ما أحدثه قانون التسجيل ومن بعده قانون الشهر العقاري من تغيير في أحكام البيع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو أن نقل الملكية بعد أن كان نتيجة لازمة للبيع الصحيح، أصبح متراخياً إلى ما بعد شهره، ولذلك يبقى البائع ملزماً بموجب العقد بتسليم المبيع وبنقل الملكية للمشتري، كما يبقى المشتري ملزماً بأداء الثمن، إلى غير ذلك من الالتزامات التي ترتبت بينهما على التقابل بمجرد حصول البيع.
2 - ليس للبائع لعدم تسجيل العقد وتراخي نقل الملكية بسببه أن يدعي لنفسه ملك المبيع على المشتري لأن من يضمن نقل الملكية لغيره، لا يجوز أن يدعيها لنفسه.
3 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر تصرف المطعون عليه الأول - المشتري بعقد غير مسجل - ببيع الأرض إلى صغار المشترين بيعاً لملك الغير، لا يسري في حق البائع إليه وهو المطعون عليه الثاني، إلا إذا أجازه، وأن إجازته موقوفة على استيفاء باقي الثمن المستحق له بتحويل أقساط الثمن في البيوع الصادرة إلى صغار المشترين إليه، ورتب الحكم على ذلك أن المبالغ قد أودعت خزانة المحكمة من صغار المشترين لحساب المطعون عليه الثاني - البائع الأصلي - ولا يصح توقيع الحجز عليها من الطاعنة - مصلحة الضرائب - اقتضاء لدينها قبل المشتري الأول، لما كان ذلك فإن الحكم يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن معهد الفرير للمدارس المسيحية - المطعون عليه الثاني - أقام الدعوى رقم 1995 سنة 1957 مدني الإسكندرية الابتدائية ضد المطعون عليه الأول في مواجهة المطعون عليه الثالث بصحيفة معلنة في 17/ 12/ 1957 قال فيها إنه بموجب عقد ابتدائي مؤرخ 4/ 2/ 1954 باع إلى المطعون عليه الأول قطعة أرض فضاء مساحتها 31931.76 متراً مربعاً بثمن قدره 73000 ج تدفع على أربعة أقساط ويستحق القسط الأول وقدره 10000 ج في 16/ 3/ 1954، وقام المشتري بتقسيم الأرض وباعها إلى صغار المشترين، ولتأخره عن سداد القسط الثاني أقام عليه المعهد الدعوى رقم 4689 سنة 1954 مستعجل الإسكندرية بطرده من الأرض وتسليمها إليه، وأقام المشتري الدعوى رقم 5066 سنة 1954 مستعجل الإسكندرية بفرض الحراسة الفضائية على الأرض المبيعة ووافق المعهد على ذلك وتنازل عن دعوى الطرد، وتدخل صغار المشترين في الدعوى طالبين بدورهم ذات الطلبات، وبتاريخ 30/ 1/ 1955 حكمت محكمة الأمور المستعجلة بوضع الأرض تحت الحراسة القضائية حتى ينتهي النزاع بشأن بيعها وتعيين حارس من الجدول - استبدل به المطعون عليه الثالث فيما بعد - لإدارتها وتحصيل المبالغ المستحقة في ذمة المشترين من الباطن وإيداعها خزانة المحكمة على ذمة الفصل في النزاع، وإذ يعتبر عقد البيع الصادر من المعهد مفسوخاً ومن حقه طبقاً للعقد أن يحصل على مبلغ العشرة الآلاف جنيه المدفوعة إليه من المشتري تعويضاً عن الضرر الذي أصابه من الفسخ، فقد أقام دعواه طالباً الحكم بانفساخ عقد البيع المؤرخ 4/ 2/ 1954 وبأحقيته في مبلغ العشرة الآلاف جنيه وإلزام المطعون عليه الأول بتسليم الأرض بما عليها من بناء وغراس، ثم عدل المعهد طلباته إلى طلب الحكم بإلزام المشتري بأن يدفع له باقي الثمن وقدره 63000 ج والفوائد وتقرير حق امتياز البائع على الأرض المبيعة ضماناً لسداد الثمن والملحقات والتصريح له بقبض المبالغ المسددة للحارس والمودعة خزانة المحكمة خصماً من الثمن وبتاريخ 18/ 2/ 1962 وقعت مصلحة الضرائب - الطاعنة - حجزاً إدارياً تنفيذاً تحت يد قلم الكتاب على المبالغ المودعة خزانة المحكمة وفاء لمبلغ 15106 ج و243 م قيمة الأربح التجارية المستحقة على المشتري عن سنتي 1954 و1955، وطلبت قبولها خصماً في الدعوى والحكم بأحقيتها لهذا المبلغ بالتقدم على باقي الدائنين، وقدم المعهد إلى المحكمة عقد صلح بينه وبين المشتري يتضمن إقرار الأخير بأحقية المعهد في مبلغ 63000 ج باقي الثمن وصرفه من المبالغ المودعة خزانة المحكمة، على أن يحل المعهد محل المشتري في كافة حقوقه قبل المشترين من الباطن ويلتزم بنقل الملكية إليهم بعقود مسجلة، وبتاريخ 27/ 4/ 1963 صدقت المحكمة على عقد الصلح، وحددت جلسة لنظر طلبات مصلحة الضرائب المتدخلة. دفعت المصلحة بعدم قبول دعوى المعهد لرفعها بغير الطريق القانوني لأنه كان يتعين اتخاذ إجراءات التقسيم المنصوص عليها في المادة 724 وما بعدها من قانون المرافعات السابق، وبتاريخ 30/ 6/ 1964 حكمت المحكمة برفض الدفع وبرفض دعوى المتدخلة وبإلغاء الحجز الإداري الموقع على المبالغ المودعة خزانة المحكمة على ذمة الفصل في الدعوى وبأحقية المعهد في صرفها. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف رقم 576 سنة 20 ق مدني الإسكندرية طالبة إلغاءه والحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني، واحتياطياً بأحقيتها في صرف مبلغ 15106 جنيهاً 243 مليماً من الوديعة بالتقدم على سائر الدائنين. وبتاريخ 11/ 5/ 1965 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلغاء الحجز الإداري الذي وقعته وبعدم أحقيتها في صرف دين الضريبة من المبالغ المودعة تأسيساً على أن تصرف المشتري الأول - المطعون عليه الأول - بالبيع في الأرض إلى صغار المشترين وقبل أن تنتقل إليه الملكية بالتسجيل يعتبر بيعاً لملك الغير، ويتوقف نفاذه على إجازة معهد الفرير البائع له - المطعون عليه الثاني - وأن إجازة الأخير مشروطة بأن تحول إليه أقساط الثمن في البيوع العرفية الصادرة إلى صغار المشترين حتى يستوفى باقي الثمن المستحق له ويمكنه بالتالي نقل الملكية رأساً إليهم، وبذلك تكون المبالغ قد أودعت خزانة المحكمة من صغار المشترين لحساب البائع الأصلي، وهو من الحكم مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه، ذلك أن عقد البيع الصادر من المعهد إلى المشترى الأول يرتب جميع الحقوق والالتزامات التي يرتبها عقد البيع غير المسجل ومن بينها التزام المعهد بضمان التعرض والاستحقاق وبنقل الملكية إلى المشتري الأول، فلا يجوز له لعدم تسجيل العقد وتراخي نقل الملكية أن يدعي لنفسه ملك المبيع على المشتري خاصة، وأن المعهد قد تمسك بالعقد وطالب بنفاذه، إذ تنازل عن طلب الفسخ وعدل طلباته إلى طلب إلزام المشتري الأول بدفع باقي الثمن وبالتالي يكون تصرف الأخير بالبيع إلى صغار المشترين قد وقع في حدود ما آل إليه من حقوق ولا يعتبر بيعاً لملك الغير، وتكون المبالغ قد أودعت خزانة المحكمة من صغار المشترين وفاء للثمن المستحق للمشتري الأول مدين الطاعنة ويكون الحجز عليها صحيحاً ومرتباً آثاره القانونية.
وحيث إنه لما كان بيع العقار قبل أن يسجل لا يزال من طبيعته نقل الملكية إذ ينشئ التزاماً بنقلها في جانب البائع، وكل ما أحدثه قانون التسجيل ومن بعده قانون الشهر العقاري من تغيير في أحكام البيع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو أن نقل الملكية بعد أن كان نتيجة لازمة للبيع الصحيح أصبح متراخياً إلى ما بعد شهره، ولذلك يبقى البائع ملتزماً بموجب العقد بتسليم المبيع وبنقل الملكية للمشتري، كما يبقى المشتري ملتزماً بأداء الثمن إلى غير ذلك من الالتزامات التي ترتبت بينهما على التقابل بمجرد حصول البيع، كما أنه ليس للبائع لعدم تسجيل العقد وتراخي نقل الملكية بسببه أن يدعي لنفسه ملك المبيع على المشتري، لأن من يضمن نقل الملكية لغيره لا يجوز أن يدعيها لنفسه، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر تصرف المطعون عليه الأول ببيع الأرض إلى صغار المشترين بيعاً لملك الغير لا يسري في حق البائع إليه وهو المطعون عليه الثاني إلا إذا أجازه وأن إجازته موقوفة على استيفاء باقي الثمن المستحق له بتحويل أقساط الثمن في البيوع الصادرة إلى صغار المشترين إليه، ورتب الحكم على ذلك أن المبالغ قد أودعت خزانة المحكمة من صغار المشترين لحساب المعهد ولا يصح توقيع الحجز عليها من الطاعنة اقتضاء لدينها قبل المشتري الأول. لما كان ذلك فإن الحكم يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.