أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 1465

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدي، وأمين فتح الله، وإبراهيم الديواني.

(222)
الطعن رقم 268 لسنة 34 القضائية

(أ، ب) تأميم. مسئولية. "مسئولية الدولة عن ديون المشرع المؤمم السابقة على التأميم". تأمينات عينية. رهن. تنفيذ.
( أ ) مسئولية الدولة عن ديون المشرع المؤمم السابقة على التأميم. المادة 3/ 4 من القانون 117 لسنة 1961. حدودها. تحمل المشروع بحق عيني - رهن - ضماناً لدين سابق على التأميم. أثر التأميم على حق الدائن.
(ب) للدائن المرتهن الحق في استيفاء حقه - في مرتبته - من الحق المترتب على التأميم لدى الجهة التي آل إليها المشروع. متى يجوز له التنفيذ على أموال المدين الخاصة.
1 - إنه وإن كانت الفقرة الرابعة من المادة الثالثة من القانون رقم 117 لسنة 1961 تنص على أن الدولة لا تسأل عن التزامات الشركات والمنشآت المؤممة إلا في حدود ما آل إليها من أموالها وحقوقها في تاريخ التأميم، ولئن كان مفاد هذا النص أن الدولة لا تسأل عن الالتزامات السابقة للمشروع المؤمم إلا ما كان منها ناشئاً عن نشاط المشروع وفي حدود ما آل إليه من أصوله في تاريخ التأميم، غير أنه إذا كان الدين مضموناً برهن على المشروع فإنه وإن لم يكن من شأن التأميم أن يطهره من هذا الحق العيني إلا أن حق الدائن المرتهن يصبح بموجب التأميم منصباً على الحق المترتب على التأميم لدى الجهة التي آل إليها المشروع المؤمم وذلك بالتقدم والأولوية على غيره من الدائنين العاديين والدائنين التاليين له في المرتبة ويظل الدين التزاماً على المشروع وتسأل عنه الدولة في الحدود الواردة بالنص سالف البيان، وذلك بغض النظر عن علاقة الدين بنشاط المشروع المؤمم.
2 - من مقتضى المادة 489 من قانون المرافعات والفقرة الرابعة من المادة الثالثة من القانون رقم 117 لسنة 1961 أن ينتقل المشروع المؤمم إلى الدولة محملاً بالرهن المقرر عليه ويكون للدائن المرتهن أن يستوفي حقه في مرتبته من الحق المترتب على التأميم لدى الجهة التي آل إليها المشروع المؤمم وذلك دون اعتبار لعلاقة الدين بنشاط هذا المشروع ولا يجوز للدائن المرتهن أن ينفذ على أموال المدينين (الطاعنين) الأخرى إلا عند عدم كفاية الحق المترتب على التأميم للوفاء بحقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 2/ 4/ 1963 استصدر بنك الإسكندرية - المطعون عليه الأول - من قاضي الأمور الوقتية بمحكمة الإسكندرية الأمر رقم 44 سنة 1963 بتوقيع الحجز التحفظي على كافة ما يوجد بمحلات الطاعنين من أمتعة ومنقولات وبضائع وعروض وكذلك على ما قد يوجد أو يستحق لهم في ذمة المطعون عليهم من الثانية إلى الخامس وآخرين - من أموال وحقوق بقدر ما يفي بمبلغ 4541 ج و842 م بخلاف ما يستجد من فوائد التأخير الاتفاقية، كما استصدر المطعون عليه الأول بتاريخ 25/ 4/ 1963 الأمر رقم 57 سنة 1963 بتوقيع الحجز على كافة ما يوجد لدى بنك بور سعيد والبنك الأهلي المصري بفرعيهما بالإسكندرية من أموال للطاعنين، وتوقيع الحجز على ما للطاعنين من أموال تحت يد البنك - المطعون عليه الأول - وفاء للمبلغ المشار إليه. واستند البنك في ذلك إلى عقد رسمي بالإقرار بالمديونية ورهن محل تجاري محرر بمكتب توثيق الإسكندرية في 14/ 8/ 1961 ومشهرة قائمته في 22/ 8/ 1961 تحت رقم 2543 سنة 1961، رهن بموجبه الطاعن الأول مضرباً للأرز مملوكاً له ضماناً للوفاء بدين عليه للبنك قدره 50.000 ج وأقر باقي الطاعنين بمديونيتهم مع الطاعن الأول وبمسئوليتهم عن هذا الدين بالتضامن وبمصادقتهم على الرهن. وأضاف البنك أن القسط الأول من دينه وقدره 2000 ج قد حل في 1/ 7/ 1962 يضاف إليه مبلغ 2447 ج و342 م قيمة الفوائد الاتفاقية بواقع 5% التي استحقت عن الدين بأكمله عن المدة من 19/ 7/ 1961 إلى تاريخ حلول أجل القسط الأول وكذلك مبلغ 94 ج و500 م قيمة الفوائد التأخيرية من 1/ 7/ 1962 حتى 28/ 2/ 1963، ومجموع ذلك مبلغ 4541 ج و842 م. ثم تقدم البنك إلى رئيس محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب لاستصدار أمر بإلزام الطاعنين بأن يؤدوا إليه المبلغ المشار إليه وبصحة الحجوز التحفظية الموقعة. رفض رئيس المحكمة إصدار هذا الأمر وحدد جلسة لنظر الموضوع، وقام المطعون عليه الأول بإعلان الخصوم بنفس الطلبات وقيدت الدعوى برقم 486 سنة 1963 تجاري كلي الإسكندرية. وكان الطاعنون قد تظلموا من أمري الحجز بالدعوي رقم 413 سنة 1963 تجاري كلي الإسكندرية. ومن بين ما استند إليه الطاعنون في تظلمهم أن البنك أوقع الحجز على أموالهم الخاصة مع أن دينه يتصل بنشاط المضرب المرهون لأنه كان نتيجة تمويل عمليات ضرب الأرز، وإذ صدر قانون بتأميم هذا المضرب فقد أصبحت الدولة مسئولة عن الدين في حدود ما آل إليها من أموال وحقوق في تاريخ التأميم ولا يجوز للبنك أن ينفذ على أموال الطاعنين الخاصة. ورد البنك - المطعون عليه الأول - بأن الدين مستحق في ذمة الطاعنين شخصياً لأنه لم ينشأ عن نشاط المضرب. وبتاريخ 30/ 6/ 1963 حكمت محكمة أول درجة برفض التظلم وفي ذات التاريخ حكمت في دعوى الموضوع بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعوا إلى البنك - المطعون عليه الأول - مبلغ 4541 ج و842 م وبصحة الحجوز التحفظية الموقعة. استأنف الطاعنون الحكم الصادر في الدعوى رقم 413 سنة 1963 تجاري كلي الإسكندرية بالاستئناف رقم 454 سنة 19 ق الإسكندرية، كما استأنفوا الحكم الصادر في الدعوى رقم 486 سنة 1963 تجاري كلي الإسكندرية بالاستئناف رقم 455 سنة 19 ق الإسكندرية. وقررت المحكمة ضم الاستئناف الثاني إلى الأول ليصدر فيهما حكم واحد. وبتاريخ 26/ 2/ 1964 حكمت المحكمة برفض الاستئنافين وتأييد الحكمين المستأنفين. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة برأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أقام قضاءه بإلزام الطاعنين بدين البنك تأسيساً على أن هذا الدين نشأ في ذمة الطاعن الأول شخصياً بضمانة باقي الطاعنين دون أن يتصل بنشاط المضرب ورتب على ذلك أن تأميم المضرب الذي رهنه الطاعن الأول تأميناً للوفاء بهذا الدين لا يجعل الدولة مسئولة عنه، في حين أن هذا الدين وهو مضمون برهن رسمي على المضرب يكون التزاماً على المشرع المؤمم ولو لم يكن ناشئاً عن نشاطه وينتقل إلى ذمة الدولة بالتأميم ويجيز للبنك أن يستوفي حقه من قيمة العين المؤممة مفضلاً عن أي دائن عادى أو أي دائن مرتهن يليه في المرتبة، ويمتنع عليه التنفيذ على ما عداها من أموال المدين التي لم تخصص للوفاء بالدين إلا إذا كانت قيمة العين المؤممة لا تكفي للوفاء به.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه وإن كانت المادة 3/ 4 من القانون رقم 117 لسنة 1961 تنص على أن الدولة لا تسأل عن التزامات الشركات والمنشآت المؤممة إلا في حدود ما آل إليها من أموالها وحقوقها في تاريخ التأميم، ولئن كان مفاد هذا النص أن الدولة لا تسأل عن الالتزامات السابقة للمشروع المؤمم إلا ما كان منها ناشئاً عن نشاط المشروع وفي حدود ما آل إليها من أصوله في تاريخ التأميم، غير أنه إذا كان الدين مضموناً برهن على المشرع فإنه وإن لم يكن من شأن التأميم أن يطهره من هذا الحق العيني إلا أن حق الدائن المرتهن يصبح بموجب التأميم منصباً على الحق المترتب على التأميم لدى الجهة التي آل إليها المشروع المؤمم وذلك بالتقديم والأولوية على غيره من الدائنين العاديين والدائنين التاليين له في المرتبة ويظل الدين التزاماً على المشروع وتسأل عنه الدولة في الحدود الواردة بالنص سالف البيان، وذلك بغض النظر عن علاقة الدين بنشاط المشروع المؤمم. لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعن الأول رهن بتاريخ 14/ 8/ 1961 مضرب الأرز المملوك له بوصفه محلاً تجارياً ضماناً للوفاء بالدين الذي عليه للبنك، وإذ صدر القانون رقم 42 لسنة 1962 بإضافة هذا المضرب إلى الجدول المرافق للقانون رقم 118 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت تأميماً جزئياً، ثم صدر القانون رقم 51 لسنة 1963 في 28/ 4/ 1963 ونص في مادته الأولى على نقل هذا المضرب من جدول الشركات والمنشآت المؤممة طبقاً للقانون رقم 118 لسنة 1961 إلى جدول الشركات والمنشآت المؤممة تأميماً كاملاً طبقاً للقانون رقم 117 لسنة 1961، وكانت المادة 489 من قانون المرافعات تقضي بأنه لا يجوز للدائن أن ينفذ على أموال المدين التي لم تخصص للوفاء بحقه إلا إذا كانت الأموال المخصصة لذلك غير كافية، فإن مؤدى ذلك جمعيه أن ينتقل المضرب المشار إليه إلى الدولة بهذا التأميم محملاً بالرهن المقرر عليه ويكون للبنك الدائن المرتهن أن يستوفي حقه في مرتبته من الحق المترتب على التأميم لدى الجهة التي آل إليها المشروع المؤمم وذلك دون اعتبار لعلاقة الدين بنشاط هذا المشروع، ولا يجوز للبنك أن ينفذ على أموال الطاعنين الأخرى إلا عند عدم كفاية الحق المترتب على التأميم للوفاء بحق البنك. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقرر أن المضرب انتقل إلى الدولة بالتأميم غير محمل بالدين موضوع النزاع لأنه دين شخصي على الطاعن الأول بضمانة باقي الطاعنين وليس ديناً على المنشأة، ثم خول الحكم للبنك الحق في التنفيذ على أموال الطاعنين الخاصة وبكامل الدين المطلوب دون أن يعمل حكم المادة 489 من قانون المرافعات على النحو سالف البيان، ورتب الحكم على ذلك القضاء بإلزام الطاعنين شخصياً بدفع الدين بأكمله وبصحة الحجوز الموقعة على أموالهم دون خصم ما حصل عليه البنك من الحق المترتب على التأميم من الجهة التي آل إليها المشروع المؤمم، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن، ويتعين أن يكون مع النقض الإحالة لتبحث محكمة الاستئناف - على ضوء ما تقدم - مدى كفاية الحق المترتب على تأميم المضرب لدى الجهة التي آل إليها - للوفاء بحق البنك.