أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 1470

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدي، وأمين فتح الله.

(223)
الطعن رقم 500 لسنة 34 القضائية

( أ ) إعلان. "الإعلان للنيابة".
إعلان الأوراق القضائية في النيابة. استثناء لا يصح اللجوء إليه إلا بعد القيام بتحريات كافية دقيقة للتقصي عن محل إقامة المعلن إليه وعدم الاهتداء إليه. لا يكفي لسلوك هذا الطريق مجرد رد الورقة بغير إعلان.
(ب) إعلان. "الإعلان في الموطن".
تضمن السند التنفيذي الذي تحت يد المطعون ضده بياناً بموطن الطاعنة غير المكان الذي وجه إليها فيه الإعلان. خلو الأوراق مما يفيد تركها له. وجوب إعلانها فيه. القول بسفرها إلى أمريكا لا يحول - بفرض صحته - دون ذلك.
1 - إعلان الأوراق القضائية في النيابة بدلاً من الإعلان لشخص أو محل إقامة المعلن إليه إنما أجازه القانون على سبيل الاستثناء ولا يصح اللجوء إليه إلا إذا قام المعلن بالتحريات الكافية الدقيقة التي تلزم كل باحث مجد حسن النية للتقصي عن محل إقامة المعلن إليه وأثبت أنه رغم ما قام به من البحث لم يهتد إلى معرفة محل إقامة المراد إعلانه، ولا يكفي أن ترد الورقة بغير إعلان ليسلك المعلن هذا الطريق الاستثنائي.
2 - متى تضمن السند التنفيذي الذي تحت يد المطعون عليه تعيين موطن الطاعنة بشارع..... وهو غير المكان الذي وجه فيه الإعلان ولم يرد بالأوراق ما يدل على أنها تركته وكان يتعين على المطعون عليه أن يسعى لإعلانها فيه رغم القول بأنها سافرت إلى أمريكا لأنه بفرض إقامتها في الخارج فإنه يصح - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - إعلانها في موطنها الأصلي بالبلاد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في الطاعنة أقامت الدعوى رقم 135 سنة 1961 كلي كفر الشيخ ضد بنك مصر - المطعون عليه - طلبت فيها الحكم ببطلان إجراءات التنفيذ العقاري التي اتخذها البنك في قضية البيوع رقم 15 لسنة 1960 كفر الشيخ وإلغاء جميع ما ترتب على هذه الإجراءات من آثار، وقالت شرحاً لدعواها إنه بموجب عقد رسمي مؤرخ 5/ 11/ 1953 بفتح اعتماد بحساب جار مضمون برهن عقاري - رهنت الطاعنة مع أخويها وحيد محمد علي كامل وأحمد حمدي محمد علي كامل أطياناً زراعية مساحتها 201 ف و10 ط و3 س ضماناً لسداد قيمة الاعتماد الذي فتحه البنك - المطعون عليه - لأخيها وحيد محمد علي كامل، واتخذ البنك إجراءات التنفيذ العقاري على هذه الأطيان في الدعوى رقم 15 سنة 1960 بيوع كفر الشيخ ضد الطاعنة وضد أخويها، وإذ وقعت هذه الإجراءات باطلة بالنسبة لها لعدة أوجه ذكرتها من بينها أن البنك وجه إليها إعلان السند التنفيذي وإعلان تنبيه نزع الملكية في شارع يعقوب رقم 29 بالقاهرة على اعتبار أنها تقيم في هذا المكان فلما أجيب بأنها لا تقيم به - أعلنها في مواجهة النيابة، مع أنه يتعين على البنك أن يعلنها في موطنها المعلوم له والثابت بسند التنفيذ المشار إليه وهو شارع السلاملك رقم 8 بجاردن سيتي بالقاهرة، مما يجعل هذا الإعلان الذي تم للنيابة باطلاً - وإذ وقعت هذه الإجراءات باطلة على النحو السالف بيانه فقد أقامت دعواها للحكم لها بطلباتها. وبتاريخ 26/ 11/ 1962 حكمت محكمة أول درجة بطلبات الطاعنة. استأنف البنك هذا الحكم بالاستئناف رقم 19 سنة 13 ق طنطا، وبتاريخ 28/ 5/ 1964 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه بصحة إعلان السند التنفيذي وتنبيه نزع الملكية تأسيساً على أن البنك أعلنها بكل منهما في مواجهة النيابة بعد أن وجه إليها الإعلان بشارع يعقوب رقم 29 بالقاهرة وأجيب بأنها سافرت إلى أمريكا، ولم يعتد الحكم بما تمسكت به من أنها تقيم بشارع السلاملك رقم 8 بجاردن سيتي واعتبر المكان الذي وجه فيه الإعلان إليها بشارع يعقوب رقم 29 آخر موطن معلوم لها في البلاد استناداً إلى ما دلت عليه تحريات البنك في هذا الخصوص وإلى أنه هو الذي أعلن فيه أخواها أحمد حمدي محمد علي كامل ووحيد محمد علي كامل اللذان اشتركا معها في رهن الأطيان إلى البنك، في حين أن هذا المكان لم يكن هو آخر موطن معلوم لها بالبلاد إذ أن موطنها الأصلي الذي تقيم فيه والمعلوم للبنك حسبما هو ثابت بالسند التنفيذي يقع بشارع السلاملك رقم 8 بجاردن سيتي وكان يتعين على البنك أن يعلنها في هذا الموطن وذلك رغم سفرها إلى أمريكا طالما أن موطنها الأصلي المشار إليه يوجد به من ينوب عنها وأن ما يتم إعلانها فيه يصل إلى علمها. هذا إلى أنه لم يثبت في ورقة الإعلان بيان بالتحريات التي قام بها البنك وتوصل بموجبها إلى معرفة المكان الذي وجه إليها فيه الإعلان حتى يمكن التعرف على قدر كفاية هذه التحريات.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الاطلاع على ورقة إعلان السند التنفيذي وورقة إعلان تنبيه نزع الملكية أن البنك المطعون عليه طلب إعلان الطاعنة في شارع يعقوب رقم 29 قسم السيدة زينب، ولما توجه المحضر لإعلانها بالسند التنفيذي في 26/ 4/ 1959 حرر محضراً بأنه لم يعلنها في هذا الموطن وأتت إجابة بواب المنزل الذي أريد إعلانها فيه بأنها سافرت إلى أمريكا، فقام المطعون عليه بإعلانها للنيابة في 10/ 6/ 1959، كما أن المحضر حرر محضراً بتاريخ 31/ 10/ 1959 بأنه لم يعلنها بتنبيه نزع الملكية في الموطن المشار إليه لأنها سافرت إلى أمريكا، وأعلنها المطعون عليه للنيابة في 15/ 11/ 1959. ولما كان إعلان الأوراق القضائية في النيابة بدلاً من الإعلان لشخص أو محل إقامة المعلن إليه إنما أجازه القانون على سبيل الاستثناء ولا يصح اللجوء إليه إلا إذا قام المعلن بالتحريات الكافية الدقيقة التي تلزم كل باحث مجد حسن النية بالتقصي عن محل إقامة المعلن إليه وأثبت أنه رغم ما قام به من البحث والتحري لم يهتد إلى معرفة محل إقامة المراد إعلانه ولا يكفي أن ترد الورقة بغير إعلان ليسلك المعلن هذا الطريق الاستثنائي، وإذ تضمن السند التنفيذي الذي تحت يد البنك - المطعون عليه - تعيين موطن للطاعنة بشارع السلاملك رقم 8 بجاردن سيتي وهو غير المكان الذي وجه فيه الإعلان إليه ولم يرد بالأوراق ما يدل على أنها تركته وكان يتعين على المطعون عليه أن يسعى لإعلانها فيه رغم القول بأنها سافرت إلى أمريكا لأنه برفض إقامتها في الخارج فإنه يصح - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إعلانها في موطنها الأصلي بالبلاد، وإذ لم يقم المطعون عليه بإعلان الطاعنة في هذا الموطن رغم وروده بالسند التنفيذي الذي تحت يده، وكانت الأوراق خلواً مما يثبت أنه استنفد كل محاولة في سبيل الاهتداء إلى أنه قد طرأ على هذا الموطن المحدد المشار إليه تغير بانتقال الطاعنة إلى شارع يعقوب رقم 29 وقبل أن يوجه المطعون عليه الإعلان إليها في النيابة فإن إعلانها بالسند التنفيذي وتنبيه نزع الملكية في النيابة يكون قد وقع باطلاً. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بصحة هذا الإعلان فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي الأسباب.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، ولما جاء بالحكم الابتدائي من أسباب يتعين رفض الاستئناف وتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من بطلان إجراءات التنفيذ العقاري في الدعوى رقم 15 سنة 1960 بيوع كفر الشيخ على أن يكون البطلان قاصراً على نصيب الطاعنة في العقارات موضوع التنفيذ.