أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 1504

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم الديواني، وعبد العليم الدهشان.

(229)
الطعن رقم 505 لسنة 34 القضائية

( أ ) محكمة الموضوع. سلطة محكمة الموضوع. "في تفسير العقود".
استقلال محكمة الموضوع بتفسير العقود واستظهار نية طرفيها. مناط ذلك.
(ب) عقد. "تنفيذ العقد". "الدفع بعدم التنفيذ". التزام.
الدفع بعدم التنفيذ في العقود الملزمة للجانبين. شرطه. ألا يوجب العقد على المتعاقدين الذي أبداه البدء بتنفيذ التزامه قبل المتعاقد الآخر.
(ج) عقد. "فسخ العقد".
الشرط الفاسخ الصريح. أثره. سلب كل سلطة تقديرية للمحكمة في صدد الفسخ. تحقق المحكمة من قيام المخالفة الموجبة له. الحكم بالفسخ. لا موجب لإعطاء مهلة للوفاء أو منح أجل للطرفين لتبين مدى استعداد كل منهما للوفاء بالتزامه.
(د) حكم. "عيوب التدليل". "القصور". "ما يعد كذلك".
إبداء الطاعن دفاعاً جديداً أمام محكمة الاستئناف يقوم على حقه في حبس العين المبيعة تحت يد مقابل ما أنفقه عليها. المادة 246 من القانون المدني. دفاع قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى. إغفال الرد عليه. قصور.
1 - تفسير العقود واستظهار نية طرفيها أمر تستقل به محكمة الموضوع ما دام قضاؤها في ذلك يقوم على أسباب سائغة وطالما أنها لم تخرج في تفسيرها للعقد واستظهار نية المتعاقدين عن المعنى الظاهر لعباراته.
2 - يشترط لقبول الدفع بعدم التنفيذ في العقود الملزمة للجانبين ألا يوجب العقد على المتعاقد الذي أبدى هذا الدفع أن يبدأ بتنفيذ التزامه قبل المتعاقد الآخر إذ يمتنع عليه في هذه الحالة أن ينتفع بالدفع ويتعين عليه أن يفي بما التزم به دون أن ينتظر وفاء المتعاقد الآخر لالتزامه.
3 - متى كانت المحكمة قد انتهت إلى وجود شرط فاسخ صريح فإنها تكون - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - قد سلبت نفسها كل سلطة تقديرية في صدد الفسخ ولا يبقى لها للحكم باعتبار الفسخ حاصلاً فعلاً إلا أن تتحقق من حصول المخالفة الموجبة له، وإذ تحققت المحكمة في ضوء الوقائع السابقة على رفع الدعوى من أن المدين لم ينفذ التزامه وحكمت بالفسخ دون أن تعطي المشتري مهلة أثناء نظر الدعوى للوفاء بالتزاماته أو تمنح أجلاً للطرفين لتتبين مدى استعداد كل منهما للوفاء بالتزاماته فإنها تكون قد التزمت صحيح القانون.
4 - إذا كان الطاعن قد أورد في مذكرته أمام محكمة الاستئناف والمعلنة إلى المطعون عليها قوله "للطاعن الحق في حبس العين المبيعة تحت يده مقابل المصروفات التي أنفقها في إصلاح الأطيان وردمها"، وكان هذا الدفاع يختلف في أساسه عن الدفاع الذي أبداه الطاعن أمام محكمة أول درجة بأنه اتفق مع البائعة على خصم المصروفات التي ينفقها على الأطيان المبيعة من الثمن وقد ردت تلك المحكمة في حكمها على هذا الدفاع بما ينفيه، وكانت المادة 246 من القانون المدني إذ أوردت في الفقرة الأولى منها القاعدة العامة في حق الحبس قد نصت بفقرتها الثانية على إحدى حالاته البارزة فقالت "يكون ذلك بوجه خاص لحائز الشيء أو محرزه إذا هو أنفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة فإن له أن يمتنع عن رد هذا الشيء حتى يستوفي ما هو مستحق له إلا أن يكون الالتزام بالرد ناشئاً عن عمل غير مشروع"، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه إعمال حكم هذا النص بشأن دفاع الطاعن المشار إليه لبيان مدى انطباقه عليه وما يحق للطاعن حبسه وفقاً للقانون مما قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى وقضى الحكم بتسليم الأطيان المبيعة إلى المطعون عليها الأولى، فإنه يكون مشوباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 32 سنة 1963 مدني كلي الزقازيق بصحيفة معلنة في 13/ 1/ 1963 وطلبت الحكم ضد الطاعن وفي مواجهة المطعون عليهما الثاني والثالث بفسخ عقد البيع المؤرخ 22/ 11/ 1960 وتسليم الأطيان المبيعة. وقالت بياناً للدعوى إنها باعت إلى الطاعن بمقتضى العقد المذكور أطياناً زراعية مساحتها 4 ف و13 ط موضحة الحدود والمعالم بالعقد وبصحيفة الدعوى مقابل ثمن قدره 1362 ج و500 م دفع منه الطاعن وقت تحرير العقد 362 ج و50 م واتفق في العقد على سداد الباقي على أقساط ثلاثة، الأول وقدره 250 ج يدفع في آخر ديسمبر سنة 1961 والثاني وقدره 400 ج يدفع في آخر ديسمبر سنة 1962 والباقي وقدره 350 ج يدفع عند التوقيع على العقد النهائي، وقد نص في البند الرابع من العقد على أنه إذا تأخر الطاعن في سداد أي قسط أو جزء منه في ميعاده يعتبر العقد مفسوخاً وتسترد البائعة الأطيان المبيعة دون تنبيه أو إنذار، وإذ تأخر الطاعن في سداد القسطين الأولين ولم تجد مطالبته رغم إنذاره وكان المطعون عليهما الثاني والثالث يضعان اليد على الأطيان المبيعة، فقد أقامت دعواها بالطلبات المشار إليها. وفي 24/ 6/ 1963 قضت محكمة أول درجة للمطعون عليها الأولى بطلباتها. استأنف الطاعن هذا الحكم وقيد الاستئناف برقم 190 سنة 6 ق استئناف المنصورة. وقضت محكمة الاستئناف في 3/ 6/ 1964 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب يتحصل أولها في النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أقام قضاءه بفسخ العقد المؤرخ 22/ 11/ 1960 على أن شروطه تفيد تعهد الطاعن بسداد مبلغ 650 ج قبل طلب التوقيع على عقد البيع النهائي وأنه ليس للطاعن أن يطلب ذلك التوقيع قبل سداد كامل الثمن، وأن الحكم المطعون فيه أضاف في صدد تفسير العقد المذكور أن شرط تسجيله قبل حلول الأقساط وضع لصالح البائعة وأنه كان يتعين على الطاعن أن يفي بالتزامه بدفع الثمن في المواعيد المحددة، هذا في حين أن شروط العقد تخالف هذا التفسير ذلك أنها خلت من النص على تعليق نقل الملكية على تمام الوفاء بأقساط الثمن كما خلت من تحديد موعد للتوقيع على العقد النهائي، مما مؤداه أن للمشتري الحق في أن يطالب البائعة بتقديم مستندات التمليك وبتنفيذ التزامها بنقل الملكية في أي وقت يشاء، فإذا امتنعت كان من حقه أن يدفع بعدم التنفيذ ويمتنع من جانبه عن تنفيذ التزامه بأداء الثمن.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون أورد حاصل شروط العقد المؤرخ 22/ 11/ 1960 في قوله إن "الثابت من الاطلاع على عقد البيع أنه اشترط في البند الثاني من العقد دفع مبلغ 250 ج في آخر ديسمبر سنة 1961 و400 ج في آخر ديسمبر سنة 1962 والباقي وقدره 350 ج عند التوقيع على العقد النهائي كما نص في البند الرابع على أنه إذا أرادت البائعة التسجيل في أي وقت خلال فترة دفع الأقساط فعلى المشتري سداد باقي الثمن عند التوقيع على العقد النهائي وإذا تأخر التسجيل فعلى المشتري دفع القسطين الأول والثاني في موعدهما وإذا تأخر في دفع قسط أو جزء منه فيعتبر العقد لاغياً وتستلم البائعة الأرض المبيعة بدون إنذار". واستخلص الحكم من ذلك. "أن شرط التسجيل قبل حلول الأقساط وضع لصالح البائعة وقد تراخى المستأنف - الطاعن - وهو المشتري في سداد القسطين المستحقين في آخر ديسمبر سنة 1961 وآخر ديسمبر سنة 1962 في موعدهما مما اضطر المستأنف عليها الأولى إلى رفع دعواها منذرة إياه في عريضتها بضرورة سداد المبلغ المستحق لها خلال ثمانية أيام من تاريخ إعلانه وإلا حق لها السير في دعوى الفسخ، ورغم ذلك كله فإنه لم يحرك ساكناً ولم يظهر استعداداً نحو قيامه بسداد ما استحق عليه طبقاً لشروط العقد... فعدم التنفيذ راجع إليه وحده لعدم قيامه بتنفيذ ما التزم به طبقاً لشروط التعاقد وهو سداد المبالغ المستحقة في ديسمبر سنة 1961 وديسمبر سنة 1962.... وواضح مما تقدم أن شروط التعاقد توجب على المستأنف وهو المشتري أن يبدأ بتنفيذ ما التزم به وهو سداد الأقساط المستحقة في آخر ديسمبر سنة 1961 وآخر ديسمبر سنة 1962 وقدرها على التوالي 250 ج و400 ج أما ولم يقم بتنفيذ هذا الالتزام فلا حق له في الدفع بعدم التنفيذ إذ كان المتعين عليه أولاً أن يفي بما التزم به". وأورد الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه في خصوص العقد المشار إليه قوله: "لم يثبت من وقائع الدعوى أن البائعة غير مالكة للمبيع أو أن أحداً تعرض للمشتري في الأطيان التي اشتراها والثابت منها أن المشتري استلم الأطيان المبيعة وأن أحداً لم يتعرض له فيها وقد تعهد بسداد مبلغ 650 ج قبل طلب التوقيع على عقد البيع النهائي". ولما كان تفسير العقود واستظهار نية طرفيها أمر تستقل به محكمة الموضوع ما دام قضاؤها في ذلك يقوم على أسباب سائغة وطالما أنها لم تخرج في تفسيرها للعقد واستظهار نية المتعاقدين عن المعنى الظاهر لعباراته، وكان يبين مما أورده الحكم بشأن تفسير العقد المؤرخ 22/ 11/ 1960 والمحرر بين الطاعنة والمطعون عليها الأولى أنه لم يخرج في تفسيره عن المعنى الظاهر لعبارات العقد ومقتضاها أن اتفاقاً تم بين الطرفين على اعتبار العقد مفسوخاً وتتسلم البائعة الأطيان المبيعة بدون إنذار بمجرد تأخير المشتري - الطاعن - في أداء قسط من الثمن أو جزء منه عن موعده وأن شروط التعاقد توجب عليه أن يبادر بسداد القسطين الأول والثاني في موعد استحقاقهما في ديسمبر سنة 1961 وديسمبر سنة 1962 دون أن يعلق هذا السداد على أي التزام من جانب البائعة - المطعون عليها الأولى، وكان يشترط لقبول الدفع بعدم التنفيذ في العقود الملزمة للجانبين ألا يوجب العقد على المتعاقد الذي أبدى هذا الدفع أن يبدأ بتنفيذ التزامه قبل المتعاقد الآخر إذ يمتنع عليه في هذه الحالة أن ينتفع بالدفع ويتعين عليه أن يفي بما التزم به دون أن ينتظر وفاء المتعاقد الآخر لالتزامه، فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إذ انتهى إلى أن موعد القسطين المشار إليهما كان قد حل ولم يقم الطاعن بأدائهما وقضي بالفسخ على هذا الأساس، ومن ثم يكون النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن حاصل السبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون، ويقول الطاعن في بيان ذلك إن الحكم المطعون فيه استند في قضائه بفسخ عقد البيع إلى ما قرره من أن الطاعن لم يتقدم بأي مستند يفيد مطالبته للمطعون عليها الأولى بمستندات التمليك، هذا في حين أنه كان يتعين على هذه الأخيرة أن تبادر هي إلى تسليم الطاعن هذه المستندات.
وحيث إن هذا النعي مردود أنه لما كان الثابت مما حصله الحكم المطعون فيه وسبق الرد به على السبب الأول أن موعد القسطين الأولين المشار إليهما كان قد حل وتراخى الطاعن في سدادهما وامتنع عليه من أجل ذلك أن يطالب البائعة بتنفيذ التزامها بنقل الملكية، فإنه لا يجدي الطاعن الحديث عن مطالبة المطعون عليها الأولى بمستندات التمليك، ولا على الحكم إن استند ضمن ما استند إليه في قضائه بفسخ العقد بناء على طلب البائعة إلى ما حصله من أن أوراق الدعوى جاءت خلواً مما يفيد مطالبة المشتري للبائعة بأي مستند من مستندات التسجيل أو تقصير من جانب هذه الأخيرة في إعطائه هذه المستندات، ويكون النعي على الحكم بهذا السبب غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ويقول في بيان ذلك إنه دفع أمام محكمة الاستئناف بأن العقد لا ينطوي على شرط فاسخ صريح وأن ما ورد به لا يعدو أن يكون شرطاً فاسخاً ضمنياً يزول بالوفاء في أية مرحلة من مراحل الدعوى وأبدى استعداده لدفع المتبقي من الثمن إذا ما قدمت المطعون عليها الأولى مستندات التمليك، غير أن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع ولم تمنح أجلاً لتتبين مدى استعداد كل من الطرفين في الوفاء بالتزامه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الثابت مما حصله الحكم المطعون فيه من بنود العقد المؤرخ 22/ 11/ 1960 أنه كان مشروطاً به "إذا تأخر المشتري عن أداء أي قسط من الثمن يعتبر العقد لاغياً وتستلم البائعة الأرض المبيعة بدون إنذار". ولما كان الحكم قد التزم هذه العبارة من العقد باعتبار أنها تنبئ بوضوح عن شرط فاسخ صريح وقضي بفسخ العقد إعمالاً للشرط لتأخر الطاعن في سداد القسطين الأولين من الثمن بعد حلول أجلهما، فإن الحكم يكون قد أقيم على اعتبارات تبرره وتجمل الرد على ما أثاره الطاعن من دفاع في هذا الخصوص بأن ما ورد بالعقد لا يعدو أن يكون شرطاً فاسخاً ضمنياً. ولما كانت المحكمة قد انتهت إلى وجود شرط فاسخ صريح فإنها تكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قد سلبت نفسها كل سلطة تقديرية في صدد الفسخ ولا يبقى لها للحكم باعتبار الفسخ حاصلاً فعلاً إلا أن تتحقق من حصول المخالفة الموجبة له، وإذ تحققت المحكمة في ضوء الوقائع السابقة على رفع الدعوى من أن المدين لم ينفذ التزامه وحكمت بالفسخ دون أن تعطي المشتري مهلة أثناء نظر الدعوى للوفاء بالتزاماته أو تمنح أجلاً للطرفين لتتبين مدى استعداد كل منهما للوفاء بالتزاماته، فإنها تكون قد التزمت صحيح القانون ويكون النعي على الحكم بهذا السبب غير صحيح.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الرابع القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك بما هو ثابت بالعقد من أن الأطيان المبيعة كانت بوراً ومستنقعات وأنه قام بردمها وإصلاحها حتى أصبحت أرضاً جيدة صالحة للزراعة وأنه تكبد في هذا السبيل مبلغ 645 ج وطلب بصفة احتياطية إذا ما رأت المحكمة فسخ العقد أن يكون من حقه حبس الأطيان في يده حتى يتقاضى من المطعون عليها الأولى ما أنفقه عليها من مصروفات، غير أن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الدفاع الجوهري وقضى بتسليم الأطيان للمطعون عليها الأولى مما يعيبه بالقصور في هذا الخصوص.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الأوراق أن الطاعن وإن قصر دفاعه أمام محكمة أول درجة بصدد مصروفات الأطيان المبيعة وردمها التي يدعي بأنه أنفقها على القول بأنه اتفق مع البائعة على خصم هذه المصروفات من الثمن، ولئن ردت محكمة أول درجة على هذا الدفاع بنفي حصول مثل هذا الاتفاق مع البائعة، إلا أن الثابت من مذكرة الطاعن التي قدمها إلى محكمة الاستئناف لجلسة 3 يونيه سنة 1964 والمعلنة إلى المطعون عليها الأولى قوله "للطاعن الحق في حبس العين المبيعة تحت يده مقابل المصروفات التي أنفقها في إصلاح الأطيان وردمها". لما كان هذا الدفاع يختلف في أساسه عن الدفاع الذي أبداه الطاعن أمام محكمة أول درجة، وكانت المادة 246 من القانون المدني إذ أوردت في الفقرة الأولى منها القاعدة العامة في حق الحبس قد نصت بفقرتها على إحدى حالاته البارزة فقالت: "يكون ذلك بوجه خاص لحائز الشيء أو محرزه إذا هو أنفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة فإن له أن يمتنع عن رد هذا الشيء حتى يستوفى ما هو مستحق له إلا أن يكون الالتزام بالرد ناشئاً عن عمل غير مشروع"، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه إعمال حكم هذا النص بشأن دفاع الطاعن المشار إليه لبيان مدى انطباقه عليه وما يحق للطاعن حبسه وفقاً للقانون مما قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، وقضى الحكم بتسليم الأطيان المبيعة إلى المطعون عليها الأولى، فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يستوجب نقضه في هذا الشق من قضائه.