أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 1526

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدي، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام.

(233)
الطعن رقم 464 لسنة 34 القضائية

( أ ) أوراق تجارية. "السند الإذني". التزام.
إثبات المديونية في سند إذني لا يحرم المدين من المنازعة في صحة الدين أو المنازعة في انقضائه.
(ب، جـ) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع" إفلاس. "تقدير جدية المنازعة في الدين المرفوع بشأنه دعوى الإفلاس".
تقدير مدى جدية المنازعة في الدين - في دعوى الإفلاس - متروك لمحكمة الموضوع بلا معقب عليها.
استخلاص الحكم المطعون فيه هذه الجدية من المستندات المقدمة قبل الفصل في دعويين طلب المدين ضمهما. عدم الاعتداد بالحكم بالصادر فيهما. لا عيب.
1 - إثبات المديونية في سند إذني لا يحرم المدين من المنازعة في صحة هذا الدين الذي توقف عن دفعه أو المنازعة في انقضائه.
2 - تقدير مدى جدية المنازعة في الدين المرفوع بشأنه دعوى الإفلاس هو من المسائل التي يترك الفصل فيها إلى محكمة الموضوع بلا معقب عليها متى أقامت قضاؤها على أسباب سائغة.
3 - متى كان الحكم المطعون فيه قد قدر جدية المنازعة في الدين الذي رفعت بشأنه دعوى الإفلاس من وقائع هذه الدعوى والمستندات المقدمة فيها قبل الفصل في دعويي الحساب والتظلم في أمر الأداء - برفضها وتأييد أمر الأداء - التي طلب الطاعن ضمهما إلى دعوى الإفلاس للتدليل على عدم جدية المنازعة في الدين المشار إليه - ومن ثم فلا يعتد بالحكم الصادر في هاتين الدعويين لتعييب الحكم المطعون فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1 سنة 1963 إفلاس شبين الكوم ضد المطعون عليه الأول طلب فيها الحكم بإشهار إفلاسه وتحديد يوم 19/ 8/ 1962 تاريخاً مؤقتاً لتوقفه عن الدفع. وقال شرحاً لها إنه يداين المطعون عليه الأول وهو تاجر في مبلغ 1200 ج بمقتضى سند إذني مؤرخ 19/ 8/ 1962 ومستحق الأداء في 1/ 12/ 1962 وعمل عنه احتجاج عدم الدفع أعلن إليه في 3/ 12/ 1962 فضلاً عن أنه يداينه في مبلغ 7000 ج لم يقم بسداده واتخذ الإجراءات لاستصدار أمر أداء به، وإذ ثبت توقف المطعون عليه الأول عن الوفاء بالدين الأول المحرر عن السند الإذني المؤرخ 19/ 8/ 1962 وهو ما يكفي للحكم بإشهار إفلاسه، فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته. وبتاريخ 20/ 11/ 1963 حكمت المحكمة بإشهار إفلاس المطعون عليه الأول واعتبار يوم 3/ 12/ 1962 تاريخاً مؤقتاً للتوقف عن الدفع وبتعيين المطعون عليه الثاني وكيلاً للدائنين. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 97 سنة 13 ق تجاري طنطا. ومحكمة الاستئناف حكمت بتاريخ 16/ 5/ 1964 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الإفلاس. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثالث منها على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب وفساد الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه في خصوص جدية منازعة المطعون عليه الأول في الدين موضوع دعوى الإفلاس على أنه كان يقوم بتوريد أقطان إلى الطاعن نظير مبالغ يدفعها له ويصفي حسابها من حين لآخر، وأنه بعد تصفية الحساب بينهما في شهر أغسطس سنة 1962 وتحرير السند الإذني المؤرخ 19/ 8/ 1962 بمبلغ 1200 ج، ظلت عمليات التوريد مستمرة ومتداخلة دون أن يصفي الحساب بينهما، مما دعا المطعون عليه الأول إلى المنازعة في الدين موضوع هذا السند والامتناع عن الوفاء بقيمته، هذا في حين أن الثابت بالأوراق أن عمليات التوريد التالية لتحرير السند المشار إليه تستند إلى عقد جديد عن موسم 1962/ 1963 ومستقلة عن عمليات الموسم السابق التي صفى حسابها وحرر عنها هذا السند، مما يعيب الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق. وقد خالف الحكم المطعون فيه ما قرره الحكم الابتدائي في هذا الخصوص من استقلال عمليات التوريد الجديدة عن العمليات السابقة دون أن يورد أسباباً لهذه المخالفة أو يبين سنده فيما قرره من تداخل هذه العمليات جميعها مما يعيب الحكم بالقصور. هذا إلى أن الحكم استخلص تداخل العمليات من مجرد تعاقبها مع أنه ليس هناك ما يمنع من تعاقب العمليات بين شخصين مع بقاء كل منها مستقلاً في ترتيب المديونية. كما أن الحكم استند فيما قرره من جدية المنازعة في الدين موضوع السند المؤرخ 19/ 8/ 1962 إلى مجرد اعتقاد المطعون عليه الأول بأن تصفية حساب 1962/ 1963 لم تسفر عن أنه يداين الطاعن بما يزيد على قيمة هذا السند، وهو تدليل غير كاف. فضلاً عن أن مديونية المطعون عليه الأول للطاعن ثابتة في سندات ثلاثة وهذه المديونية مستقلة عن العلاقة الأصلية التي نشأت عنها، وكان يتعين عليه حتى يتمسك ببراءة ذمته من الالتزام الثابت في هذه السندات وهي أوراق تجارية أن يقدم الدليل على بطلان الالتزام أو على انقضائه، وهو ما لم يفعله مما يعيب الحكم بالقصور والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض طلب شهر إفلاس المطعون عليه الأول على ما يلي "يبين من استقراء وقائع الدعوى وظروفها أن المستأنف - المطعون عليه الأول - يقوم بتوريد الأقطان إلى المستأنف ضده - الطاعن - منذ سنة 1961 وظل يقوم بهذا العمل حتى أواخر سنة 1962 لقاء استلامه مبالغ يصفي حسابها من وقت لآخر أي أن عمليات التوريد المذكورة ظلت مستمرة ومتداخلة حتى تاريخ رفع هذه الدعوى، وإذا كان الحساب قد صفى في شهر أغسطس سنة 1962 وحرر عن ذلك السند الإذني المؤرخ 19/ 8/ 1962 فإن الثابت أن عمليات التوريد استمرت بعد ذلك تنفيذاً للاتفاق الذي حرر في 15/ 9/ 1962 وأن هذه العمليات لم تصف بعد، الأمر الذي حدا بالمستأنف إلى الامتناع عن سداد قيمة السند الإذني سالف الذكر لأنه يرى أن تصفية الحساب سوف تنتهي بمديونية المستأنف ضده بعد خصم قيمة هذا السند، وقد أثبت ذلك في بروتستو عدم الدفع المؤرخ 3/ 12/ 1962 فلما رفع المستأنف ضده دعوى الإفلاس دفعها بذلك وقدم ما يفيد استمراره في توريد الأقطان إلى المستأنف ضده بعد تاريخ تحرير السند المذكور وقبل ميعاد استحقاقه في 1/ 12/ 1962... ورفع دعوى حساب، كل ذلك يدل على أن منازعة المستأنف في الدين منازعة جدية يمتنع معها الحكم بإشهار الإفلاس. وهذا الذي قرره الحكم يفيد أن المحكمة كانت على بينة من أن عمليات التوريد الجديدة التي تمت بعد تحرير السند المؤرخ 19/ 8/ 1962 - موضوع دعوى الإفلاس - كانت تنفيذاً لعقد آخر مؤرخ 15/ 9/ 1962 عن موسم 1962/ 1963، إلا أنها استخلصت من المستندات المقدمة في الدعوى أن المطعون عليه الأول استمر في توريد الأقطان إلى الطاعن بعد تحرير السند المشار إليه وحتى تاريخ رفع دعوى الإفلاس دون أن تصفى هذه العمليات الجديدة، وأن المطعون عليه الأول أصبح يداين الطاعن بثمن هذه الأقطان التي قام بتوريدها وصار الأمر يحتاج إلى تصفية جديدة أقام من أجلها المطعون عليه الأول دعوى حساب عن هذه العمليات، وخلص الحكم إلى اعتبار العمليات الجديدة استمراراً للعمليات السابقة على تحرير السند المؤرخ 19/ 8/ 1962 ومتداخلة معها بما يمكن أن يؤدي إلى خصم قيمة هذا السند من ناتج تصفية العمليات الجديدة ويجعل منازعة المطعون عليه الأول في الدين موضوع هذا السند منازعة جدية يمتنع معها الحكم بإشهار إفلاسه. وإذ استخلص الحكم المطعون فيه على النحو سالف البيان وفي أسباب سائغة تداخل العمليات السابقة على تحرير السند المؤرخ 19/ 8/ 1962 مع العمليات اللاحقة عليه، وكانت هذه الأسباب تكفي لحمل قضائه في هذا الخصوص ولا عليه إن هو رفض الأخذ بنتائج أخرى لم يطمئن إليها وجدان المحكمة، وكان هذا حسب الحكم دون أن يكون بحاجة للرد على ما أورده الحكم الابتدائي. لما كان ذلك وكان إثبات المديونية في سند إذني لا يحرم المدين من المنازعة في صحة هذا الدين الذي توقف عن دفعه أو المنازعة في انقضائه، وكان تقدير مدى جدية المنازعة في الدين المرفوع بشأنه دعوى الإفلاس هو من المسائل التي يترك الفصل فيها إلى محكمة الموضوع بلا معقب عليها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر في أسباب سائغة جدية المنازعة في الدين المحرر عنه السند الإذني المؤرخ 19/ 8/ 1962 موضوع دعوى الإفلاس مما ثبت لديه من أن المطعون عليه الأول صار دائناً للطاعن بقيمة الأقطان التي وردها إليه حتى تاريخ رفع دعوى الإفلاس، ومن رفع المطعون عليه الأول دعوى على الطاعن بتصفية الحساب بينهما عن هذه العمليات، لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق وفساد الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قرر أن أمر الأداء الذي صدر بإلزام المطعون عليه الأول بأن يدفع له مبلغ 7000 ج كان نتيجة لحساب سنة 1962/ 1963 الذي استقل الطاعن بتقديره دون موافقة المطعون عليه الأول، هذا في حين أن الثابت أن أمر الأداء لم يصدر بمقتضى كشف الحساب عن تلك السنة وإنما صدر استناداً إلى سندين إذنيين حرر أولهما بمبلغ 4000 ج في 16/ 10/ 1962 وحرر الثاني بمبلغ 3000 ج في 17/ 10/ 1962، وقد أفسدت هذه المخالفة تقدير الحكم المطعون فيه بأن قرر أن الدين موضوع دعوى الإفلاس يشتمل على نتيجة حساب سنة 1962/ 1963 بالإضافة إلى السند المؤرخ 19/ 8/ 1962 المحرر بنتيجة حساب 1961/ 1962، مع أن دعوى الإفلاس رفعت عن هذا الدين الأخير وحده.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه قرر في خصوص أمر الأداء الذي استصدره الطاعن ضد المطعون عليه الأول ما يلي: "وتظلم المطعون عليه الأول، من أمر الأداء الصادر بإلزامه بدفع 7000 ج للمستأنف ضده - الطاعن - نتيجة للحساب الذي استقل المستأنف ضده بتقديره دون أخذ موافقته عليه ورفع دعوى حساب - كل ذلك يدل على أن منازعة المستأنف المطعون عليه الأول في الدين منازعة جدية يمتنع معها الحكم بإشهار الإفلاس"، ولما كان يبين من هذا الذي أورده الحكم أن المطعون عليه الأول تظلم من أمر الأداء وأقام دعوى حساب تأسيساً على دخول مبلغ الـ 7000 ج موضوع أمر الأداء في التصفية الجديدة التي يتعين عملها بسبب استمراره في توريد أقطان إلى الطاعن، وكان الحكم لم يخطئ في تحديد الدين موضوع دعوى الإفلاس إذ يبين من مدوناته أنه قرر إنه هو الدين الذي حرر عنه السند الإذني المؤرخ 19/ 8/ 1962 وحده. لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الرابع قصور الحكم المطعون فيه في التسبيب، ذلك أنه الطاعن استدل أمام محكمة الاستئناف على توقف المطعون عليه الأول عن دفع ديونه بأنه رتب رهناً لصالح شقيق زوجته وفاء لدين صوري وأنه نقل ملكية منزله وسيارات النقل الخاصة به إلى أولاده القصر. كما تمسك في دفاعه أمامها بأن المستندات التي قدمها المطعون عليه الأول للتدليل على استمراره في توريد الأقطان لا صلة لها بالنزاع وإنما تخص أشخاصاً آخرين، وأن هذا قد تأيد بما قرره المطعون عليه الأول في استجوابه أمام محكمة الاستئناف بجلسة 4/ 4/ 1964، لكن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع، مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان الثابت من الاطلاع على مذكرة الطاعن التي قدمها أمام محكمة الاستئناف لجلسة 4/ 1/ 1964 أنه رد على المستندات التي قدمها المطعون عليه الأول للتدليل على قيامه بتوريد أقطان للطاعن بعد تاريخ تحرير السند الإذني المؤرخ 19/ 8/ 1962 الذي رفعت بشأنه دعوى الإفلاس، رد بأن كثيراً من هذه المستندات يخص عملاء آخرين، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أشار في مدوناته إلى أن المطعون عليه الأول قدم إيصالات تفيد توريده أقطاناً لحساب الطاعن بعد تاريخ السند الإذني المشار إليه، وكان الحكم قد استند إلى هذه الإيصالات في معرض التدليل على جدية النزاع في الدين موضوع دعوى الإفلاس وذلك على ما سلف بيانه في الرد على السبب الثالث، وكان مؤدى هذا من الحكم أنه اكتفى بهذه المستندات للاقتناع بجدية المنازعة في الدين، فإن في ذلك ما يحمل الرد على ما تمسك به الطاعن في مذكرته من أن كثيراً من إيصالات توريد الأقطان تخص عملاء آخرين. كما أن فيما انتهى إليه الحكم من جدية المنازعة في الدين موضوع الإفلاس ما يعتبر رداً على ما أثاره الطاعن من أوجه دفاع أخرى بشأن توقف المطعون عليه الأول عن دفع هذا الدين، ومن ثم يكون النعي على الحكم بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه تناقض أسبابه، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم بعد أن قرر أن المطعون عليه الأول كان يقوم بتوريد أقطان إلى الطاعن نظير استلامه مبالغ يصفي حسابها من وقت لآخر وأن حساب سنة 1961/ 1962 صفى وحرر عنه السند الإذني المؤرخ 19/ 8/ 1962 عاد الحكم وأهدر هذه التصفية بقوله إن هذا الحساب تداخل في العمليات الجديدة، هذا إلى أن الحكم تناقض في تحديد الدين موضوع دعوى الإفلاس إذ ذكر في بدايته أنه الدين المحرر عنه السند الإذني المؤرخ 19/ 8/ 1962، ثم لم يلبث أن جمع بين منازعة المطعون عليه الأول في شأن هذا الدين وبين منازعته في الدين الناشئ عن السندين موضوع أمر الأداء، وخلص إلى القول بأن "كل ذلك يدل على أن منازعة المطعون عليه الأول في الدين منازعة جدية" والحكم يشير في ذلك إلى الدين الناشئ عن مجموع السندات الإذنية الثلاثة، مع أن الدين موضوع دعوى الإفلاس هو المحرر عنه السند الإذني المؤرخ 19/ 8/ 1962.
وحيث إن النعي في شقه الأول مردود بما سبق الرد به على السببين الأول والثالث من الحكم المطعون فيه خلص إلى أنه رغم تصفية الحساب بين الطرفين عن سنة 1961/ 1962 وتحرير السند الإذني المؤرخ 19/ 8/ 1962 بالدين الناتج عن هذه التصفية إلا أنه لا يمكن اعتبار المطعون عليه الأول متوقفاً عن سداد هذا الدين لأنه استمر في توريد أقطان إلى الطاعن بعد تحرير السند الإذني المشار إليه دون أن تصفى هذه العمليات الجديدة بما يستدعي إجراء تصفية جديدة، مما مفاده أن الحكم لم يهدر التصفية الأولى وإنما جعل ناتج هذه التصفية متداخلاً في تصفية العمليات اللاحقة، ويكون النعي على الحكم بالتناقض في هذا الخصوص على غير أساس، والنعي في شقه الثاني مردود ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه عندما عرض لبحث جدية المنازعة في الدين قصد به الدين الثابت في السند الإذني المؤرخ 19/ 8/ 1962 دون أي دين آخر، وإذ كان هذا الدين هو الذي قرر الحكم في مدوناته أنه موضوع دعوى الإفلاس، فإن تعييب الحكم بأنه تناقض في تحديد الدين الذي رفعت بشأنه دعوى الإفلاس يكون في غير محله.
وحيث إنه عن طلب الطاعن بالجلسة ضم ملف دعويي الحساب والتظلم من أمر الأداء بعد أن تم الفصل فيهما أخيراً برفضهما وتأييد أمر الأداء، وذلك للتدليل على عدم جدية منازعة المطعون عليه الأول في الدين موضوع دعوى الإفلاس فلا ترى المحكمة محلاً لإجابة هذا الطلب ذلك أن الحكم المطعون فيه - على ما سلف بيانه في الرد على السببين الأول والثالث - قدر جدية المنازعة في الدين الذي رفعت بشأنه دعوى الإفلاس - من وقائع هذه الدعوى والمستندات المقدمة فيها قبل الفصل في هاتين الدعويين وهما لم تكونا بين المفردات المعروضة على محكمة الموضوع عند إصدار حكمها المطعون فيه في طلب شهر الإفلاس الذي كان مطروحاً عليها، ومن ثم فلا يعتد بالحكم الصادر في هاتين الدعويين لتعييب الحكم المطعون فيه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.