أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 24 - صـ 799

جلسة 22 من مايو سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ عباس حلمي عبد الجواد، وعضوية السادة المستشارين: عبد العليم الدهشان، وعدلي بغدادي، ومحمد طايل راشد، ومصطفى الفقي.

(140)
الطعن رقم 211 لسنة 38 القضائية

(1) دعوى. "دعوى الضمان الفرعية". بيع. التزام. "حوادث طارئة". حكم. "المصلحة في الطعن".
تمسك المدعى عليه في دعوى الضمان الفرعية في مواجهة المدعي في الدعوى الأصلية بنظرية الظروف الطارئة تأسيساً على أن البيع انعقد بينهما ولم يكن طالب الضمان إلا اسماً مستعاراً. القضاء بإلزامه بأن يدفع لطالب الضمان ما حكم به عليه. رفض ضمني لطلبه قبل المدعي الأصلي تحقق مصلحته في الطعن فيه بالنسبة للدعويين.
(2، 3) صورية. إثبات. "طرق الإثبات". "مبدأ الثبوت بالكتابة". محكمة الموضوع. حكم. "ما يعد قصوراً".
(2) الصورية لا تثبت بين المتعاقدين إلا بالكتابة. قيام مبدأ الثبوت بالكتابة مقام الدليل الكامل متى عززته البينة أو القرائن.
(3) استقلال محكمة الموضوع بتقدير الورقة المراد اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة من حيث كونها تجعل المدعي به قريب الاحتمال. تمسك الخصم بورقة على اعتبار أنها مبدأ ثبوت بالكتابة وطلبه الإحالة إلى التحقيق. إغفال المحكمة الرد على ذلك السبب. قصور.
(4) التزام. "حوادث طارئة". "إصلاح زراعي". بيع.
قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952. حادث طارئ. نص م 147/ 2 مدني لم يقيد الحادث الطارئ بأن يكون عملاً أو واقعة مادية. انطباق نظرية الحوادث الطارئة على عقد البيع الذي اشترط فيه تقسيط الثمن.
1 - متى كان يبين من الأوراق أن المطعون عليه الثالث - المدعى عليه في الدعوى الأصلية - أدخل الطاعن في الدعوى أمام محكمة أول درجة للقضاء عليه أصلياً بطلبات المطعون عليهما الأولين واحتياطياً بما عسى أن يحكم به لهما، وقد تمسك الطاعن - المدعى عليه في دعوى الضمان الفرعية - في مواجهة المطعون عليهم بتطبيق نظرية الظروف الطارئة باعتبار أن التعاقد كان في حقيقته بينه وبين المطعون عليهما الأولين وأن المطعون عليه الثالث لم يكن إلا اسماً مستعاراً، وطلب الحكم على المطعون عليهما المذكورين بأن يردا له من ثمن المبيع مبلغ....... وكانت المحكمة الابتدائية قد قضت بإلزامه بأن يدفع للمطعون عليه الثالث المبلغ المحكوم به على هذا الأخير للمطعون عليهما الأولين، فإن ذلك يعد من تلك المحكمة رفضاً ضمنياً لطلبات الطاعن قبل المطعون عليهما المذكورين ويكون استئنافه لهذا الحكم وارداً على ما قضي به عليه في دعوى الضمان وعلى رفض طلباته قبل هذين المطعون عليهما على السواء، وإذ كانت محكمة الاستئناف قد سايرت المحكمة الابتدائية في قضائها المشار إليه، فإنه يكون للطاعن مصلحة في الطعن في حكمها بطريق النقض باعتباره خصماً محكوماً عليه.
2 - إنه وإن كان صحيحاً أن الصورية لا تثبت بين المتعاقدين إلا بالكتابة، إلا أن المشرع قد أجاز الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة ومتى تعزز هذا المبدأ بالبينة أو بالقرائن فإنه يقوم مقام الدليل الكتابي الكامل في الإثبات.
3 - لئن كان تقدير الورقة المراد اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة من حيث كونها تجعل الأمر المراد إثباته قريب الاحتمال أو لا تجعله، هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مما تستقل به محكمة الموضوع، إلا أنه يجب عليها متى تمسك الخصم أمامها بورقة مكتوبة صادرة من خصمه على اعتبار أنها تكون مبدأ ثبوت بالكتابة، وطلب الإحالة إلى التحقيق لتكملة هذا المبدأ بشهادة الشهود أن تقول كلمتها في هذه الورقة، فإن هي أغفلت ذلك وأطرحت الورقة بغير إبداء أسباب لهذا الإطراح، فإن حكمها يكون قاصر البيان.
4 - قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 توافرت فيه الشروط التي يتطلبها القانون في الحادث الطارئ، فهو بحكم كونه قانوناً يعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - حادثاً عاماً واستثنائياً لم يكن في الوسع توقعه ولا ممكناً دفعه، ولا يغير من ذلك كونه تشريعياً ذلك أن نص المادة 147/ 2 من القانون المدني قد أطلق التعبير عن الحادث فلم يقيده بأن يكون عملاً أو واقعة مادية، كما أنه لا يغير من تطبيق هذه المادة أن البيع - موضوع التداعي - وقد اشترط فيه تقسيط الثمن بأن لا تنطبق عليه أحكامها، إذ أن نظرية الحوادث الطارئة تنطبق على عقود البيع التي يكون الثمن كله أو بعضه مؤجلاً أو مقسطاً، ذلك أن تطبيق حكم المادة 147/ 2 من القانون المدني عليها لا يحول دون إعمال الجزاء المنصوص عليه فيها وهو رد الالتزام إلى الحد المعقول على الوجه الذي يتطلبه القانون، لأن القاضي لا يعمل هذا الجزاء إلا بالنسبة للقسط أو الأقساط التي يثبت له أن أداء المشتري لها قد أصبح بسبب وقوع الحادث الطارئ غير المتوقع مرهقاً له بحيث يهدده بخسارة فادحة، أما باقي الأقساط المستقبلة فإن القاضي لا يعمل في شأنها هذا الجزاء إذا تبين أن هناك احتمالاً بزوال أثر ذلك الحادث عند استحقاقها، ويكون شأن الأقساط في ذلك شأن الأداءات في عقود المدة من حيث التأثر بالظروف الطارئة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهما الأول والثاني تقدما إلى رئيس محكمة الزقازيق الابتدائية بطلب إصدار أمر أداء ضد المطعون عليه الثالث بمبلغ 3380 ج و300 م، وقالا بياناً لطلبهما إنهما باعا إليه بمقتضى عقد مؤرخ 21/ 5/ 1952 22 ف و14 ط أطياناً زراعية لقاء ثمن قدره 12420 ج و600 م دفع منه وقت التعاقد مبلغ 8498 ج و200 م، واتفق على سداد الباقي على أربعة أقساط يستحق أولهما في 20/ 6/ 1952 وباقيها في أول نوفمبر من السنوات 1952، 1953، 1954. رفض رئيس المحكمة إصدار الأمر وحدد جلسة لنظر الدعوى وقيدت برقم 445 لسنة 1958 مدني كلي الزقازيق، وقد قام المطعون عليه الثالث بإدخال الطاعن خصماً فيها وطلب الحكم أصلياً بإلزامه بأن يؤدي للمطعون عليهما الأولين المبلغ المطلوب واحتياطياً بإلزامه بما عساه أن يحكم به لهما، وذلك قولاً من المطعون عليه الثالث إنه لم يكن سوى وسيط في البيع الذي أبرم في حقيقته لحساب الطاعن بدليل أن المطعون عليه المذكور حرر للطاعن في مجلس العقد عقد بيع عن ذات الأطيان وبنفس الثمن والشروط. قرر الطاعن أنه هو المشتري الحقيقي للصفقة، وأنه هو سدد مبلغ 400 ج من باقي الثمن في 28/ 10/ 1952، واستطرد إلى القول بأن صدور قانون الإصلاح الزراعي أدى إلى انخفاض قيمة الأراضي الزراعية وإحداث تغيير في الظروف الاقتصادية العامة، مما أضحى معه التزامه مرهقاً، وطلب رده إلى الحد المعقول تطبيقاً لنص المادة 147 من القانون المدني باعتبار أن قانون الإصلاح الزراعي يعتبر ظرفاً طارئاً سواء في علاقته بالمطعون عليهما الأولين أو في علاقته بالمطعون عليه الثالث، وانتهى إلى طلب الحكم أصلياً بإلزام المطعون عليهما الأولين بأن يدفعا له مبلغ 5285 ج واحتياطياً بندب خبير لمعاينة الأطيان محل النزاع وتقدير قيمتها في ضوء الظروف التي جدت بعد صدور قانون الإصلاح الزراعي تطبيقاً لنظرية الظروف الطارئة، وبتاريخ 22/ 1/ 1961 قضت المحكمة في الدعوى الأصلية بإلزام المطعون عليه الثالث بأن يدفع للمطعون عليهما الأولين باقي الثمن وقدره 3380 ج و300 م، وفي دعوى الضمان بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه الثالث المبلغ الآنف ذكره. استأنف المحكوم عليهما هذا الحكم وقيد استئناف الطاعن برقم 191/ 4 ق المنصورة، وطلب فيه الحكم بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وبإلزام المطعون عليهما الأولين بان يدفعا له مبلغ 5285 ج، وقيد استئناف المطعون عليه الثالث برقم 194/ 6 ق المنصورة وبتاريخ 6/ 1/ 1964 قضت محكمة الاستئناف بعدم قبول الاستئناف الأخير لرفعه بعد الميعاد، وبقبول الاستئناف الأول وببطلان الحكم المستأنف، ثم ندبت خبيراً لتحقيق دفاع الطاعن، وبعد أن قدم الخبير تقريره الذي انتهى فيه إلى أن الأطيان المبيعة هبط سعرها بمقدارها 4516 ج و662 م على إثر صدور قانون الإصلاح الزراعي. قضت المحكمة في 8/ 4/ 1968 بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه الثالث مبلغ 3380 ج و300 م. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ودفع المطعون عليهما الأولان بعدم قبول الطعن الموجه إلى قضاء الحكم في الدعوى الأصلية المرفوعة منهما على المطعون عليه الثالث، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض هذا الدفع وفي الموضوع بنقض الحكم وبالجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون عليهما الأولين أن الحكم الصادر في الدعوى المرفوعة منهما على المطعون عليه الثالث لم يقض على الطاعن بشيء وبذلك يكون طعنه فيه بطريق النقض غير مقبول لانعدام مصلحته.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أنه يبين من الأوراق أن المطعون عليه الثالث أدخل الطاعن في الدعوى أمام محكمة أول درجة للقضاء عليه أصلياً بطلبات المطعون عليهما الأولين واحتياطياً بما عسى أن يحكم به لهما، وقد تمسك الطاعن في مواجهة المطعون عليهم بتطبيق نظرية الظروف الطارئة باعتبار أن التعاقد كان في حقيقته بينه وبين المطعون عليهما الأولين وأن المطعون عليه الثالث لم يكن إلا اسماً مستعاراً وطلب الحكم على المطعون عليهما المذكورين بأن يردا له من ثمن المبيع مبلغ 5285 ج، وإذ قضت المحكمة الابتدائية بإلزامه بأن يدفع للمطعون عليه الثالث المبلغ المحكوم به على هذا الأخير للمطعون عليهما الأولين، فإن ذلك يعد من تلك المحكمة رفضاً ضمنياً لطلبات الطاعن قبل المطعون عليهما المذكورين، ويكون استئنافه لهذا الحكم وارداً على ما قضي به عليه في دعوى الضمان وعلى رفض طلباته قبل هذين المطعون عليهما على السواء، وإذ كانت محكمة الاستئناف قد سايرت المحكمة الابتدائية في قضائها المشار إليه، فإنه يكون للطاعن مصلحة في الطعن في حكمها بطريق النقض باعتباره خصماً محكوماً عليه، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الطعن لانعدام مصلحته يكون على غير أساس.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق، ويقول في بيان ذلك إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأنه هو المشتري الحقيقي للصفقة، وأن المطعون عليه الثالث لم يكن إلا اسماً مستعاراً، وقد أدلى المطعون عليهما الأولان عند استجوابهما أمام محكمة الاستئناف بأقوال تعزز دفاعه آنف الذكر، وهذه الأقوال تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة وطلب لذلك إحالة الدعوى إلى التحقيق لتكملة هذا المبدأ بشهادة الشهود وإثبات أنه هو المشتري الحقيقي، لكن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع مما يعيبه بالقصور، ويضيف الطاعن أنه تمسك في مواجهة المطعون عليهم برد ثمن المبيع إلى الحد المعقول بعد أن هبطت أسعار الأراضي هبوطاً يهدده بالخسارة الفادحة، وذلك من جراء صدور قانون الإصلاح الزراعي إلا أن الحكم المطعون فيه رفض إجابة هذا الطلب استناداً إلى ما قاله من أن الطاعن لا تربطه بالمطعون عليهما الأولين أية رابطة، وأنه لم يتمسك بهذا الدفاع في علاقته بالمطعون عليه الثالث وهو ما يعيب الحكم بمخالفة الثابت في الأوراق علاوة على قصوره في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي بشقيه صحيح، ذلك أنه يبين من المذكرة المقدمة من الطاعن إلى محكمة الاستئناف لجلسة 8/ 4/ 1968 أنه تمسك أمام تلك المحكمة بدفاعه الوارد بالشق الأول من سبب النعي، وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أنه المشتري الحقيقي للصفقة، وأن المطعون عليه الثالث ليس إلا اسماً مستعاراً، وذلك على أساس أن أقوال المطعون عليهما الأولين الثابتة بمحضر استجوابهما بجلسة 4/ 5/ 1965 تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة يجوز للطاعن أن يكمله بالبينة، وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع واقتصر على القول "أنه عن الوجه الثاني للاستئناف الماثل والذي يتحصل فيما يقول به المستأنف ويتساءل به المستأنف عليه الثالث من أن البيع منصرف إلى المستأنف مباشرة فترى هذه المحكمة أن أساس هذا القول هو صورية العقد المحرر بين المستأنف عليهما الأولين والمستأنف عليه الثالث، ذلك أن الصورية كما تشتمل العقد برمته يجوز أن تكون قاصرة على ركن منه كشخص المشتري أو شخص البائع أو سبب العقد أو الثمن ومن ثم كان قول المستأنف بأنه هو المشتري الحقيقي ينطوي على دفع بالصورية بالنسبة لشخص المشتري، وهذه الصورية لا تثبت بين المتعاقدين إذا كان هناك سند مكتوب إلا بموجب سند آخر ينفيه، كما أنها لا تثبت فيما زادت قيمته على عشرة جنيهات إلا بموجب سند كتابي طبقاً لقواعد الإثبات العامة وبالتالي كان طلب المستأنف عليه الثالث إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه الصورية غير سديد، وكان هذا الوجه من الاستئناف بدوره - ولا سند له من الواقع والقانون - جديراً بالرفض ويكون بالتالي العقد المحرر بين المستأنف عليهما الأولين والمستأنف عليه الثالث عقداً صحيحاً نافذاً في حق أطرافه، كما يكون العقد المحرر بين المستأنف عليه الثالث والمستأنف عقداً صحيحاً نافذاً في حق عاقديه طالما أن هذا لم يقدم أي دليل ينفي هذين العقدين ومن ثم تكون طلبات المستأنف قبل المستأنف عليهما متعينة الرفض، إذ أنه لا تربطه بهما أية علاقة ويكون بالتالي الوجه الثالث للاستئناف وهو طلب تطبيق نظرية الظروف الطارئة على واقعة الدعوى منهار الأساس، ذلك أن المستأنف إنما وجه هذا الطلب إلى المستأنف عليهما الأولين اللذين لا تربطه بهما رابطة قانونية" وهذا الذي قرره الحكم لا يصلح رداً على دفاع الطاعن آنف الذكر ذلك أنه وإن كان صحيحاً أن الصورية لا تثبت بين المتعاقدين إلا بالكتابة إلا أن المشرع قد أجاز الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مبدأ ثبوت الكتابة ومتى تعزز هذا المبدأ بالبينة أو بالقرائن فإنه يقوم مقام الدليل الكتابي الكامل في الإثبات، وأنه وإن كان تقدير الورقة المراد اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة من حيث كونها تجعل الأمر المراد إثباته قريب الاحتمال أو لا تجعله هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مما تستقل به محكمة الموضوع، إلا أنه يجب عليها متى تمسك الخصم أمامها بورقة مكتوبة صادرة من خصمه على اعتبار أنها تكون مبدأ ثبوت بالكتابة، وطلب الإحالة إلى التحقيق لتكملة هذا المبدأ بشهادة الشهود - أن تقول كلمتها في هذه الورقة، فإن هي أغفلت ذلك وأطرحت الورقة بغير إبداء أسباب لهذا الإطراح، فإن حكمها يكون قاصر البيان. لما كان ذلك، وكان لا يوجد في أسباب الحكم المطعون فيه ما يصلح رداً على دفاع الطاعن المتضمن أن المطعون عليهما الأولين قررا عند استجوابهما بمعرفة المحكمة أن عقد البيع الصادر منهما إلى المطعون عليه الثالث والعقد الصادر من هذا الأخير إلى الطاعن حررا في مجلس واحد وبنفس الثمن وذات الشروط، وقد تولاهما شخص واحد، وأن المطعون عليه الثاني قرر أنه لا يعرف ما إذا كان المطعون عليه الثالث أو الطاعن هو الذي دفع له الثمن وأن هذه الأقوال تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة، وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لتكملة هذا المبدأ بشهادة الشهود. لما كان ذلك، وكان الثابت من مذكرة الطاعن المشار إليها أنه تمسك فيها أيضاً بتطبيق نظرية الظروف الطارئة بالنسبة لعلاقته مع المطعون عليه الثالث على خلاف ما أثبته الحكم المطعون فيه من أنه لم يتمسك بهذه النظرية إلا في مواجهة المطعون عليهما الأولين، وكان الحكم بهذه المخالفة قد حجب نفسه عن بحث دفاع الطاعن المتقدم ذكره مع أنه دفاع جوهري لو عنى الحكم ببحثه لجاز أن يتغير وجه الرأي في الحكم، ذلك أنه لما كان كل من عقدي البيع المؤرخين 21/ 5/ 1952 قد اشترط فيه تأجيل أقساط الثمن إلى شهر نوفمبر من السنوات 1952 و1953 و1954، وكان قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 الذي صدر قبل استحقاق هذه الأقساط قد توافرت فيه الشروط التي يتطلبها القانون في الحادث الطارئ، فهو بحكم كونه قانوناً يعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - حادثاً عاماً واستثنائياً لم يكن في الوسع توقعه ولا ممكناً دفعه، ولا يغير من ذلك كونه تشريعياً, ذلك أن نص المادة 147/ 2 من القانون المدني قد أطلق التعبير عن الحادث فلم يقيده بان يكون عملاً أو واقعة مادية، كما أنه لا يغير من تطبيق هذه المادة أن البيع وقد اشترط فيه تقسيط الثمن فإنه لا تنطبق عليه أحكامها، إذ أن نظرية الحوادث الطارئة تنطبق على عقود البيع التي يكون الثمن كله أو بعضه مؤجلاً أو مقسطاً، ذلك أن تطبيق حكم المادة 147/ 2 من القانون المدني عليها لا يحول دون إعمال الجزاء المنصوص عليها فيها - وهو رد الالتزام إلى الحد المعقول على الوجه الذي يتطلبه القانون، لأن القاضي لا يعمل هذا الجزاء إلا بالنسبة للقسط أو الأقساط التي يثبت له أن أداء المشتري لها قد أصبح بسبب وقوع الحادث الطارئ غير المتوقع مرهقاً له بحيث يهدده بخسارة فادحة، أما باقي الأقساط المستقبلة، فإن القاضي لا يعمل في شأنها هذا الجزاء إذا تبين أن هناك احتمالاً بزوال أثر ذلك الحادث عند استحقاقها، ويكون شأن الأقساط في ذلك شأن الأداءات في عقود المدة من حيث التأثر بالظروف الطارئة. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف الثابت في الأوراق وشابه قصور في التسبيب بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


[(1)] نقض مدني 18/ 2/ 1965 مجموعة المكتب الفني السنة 16 ص 191.