أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 1551

جلسة 19 من ديسمبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وعثمان زكريا، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد سيد أحمد حماد.

(238)
الطعن رقم 190 لسنة 34 القضائية

( أ ) نقض. "إعلان الطعن". "بيانات الإعلان". بطلان.
خلو صورة إعلان الطعن المسلمة إلى الخصم من بيان تاريخ التقرير بالطعن بقلم الكتاب أو وقوع خطأ مادي فيه بتلك الصورة. لا بطلان.
(ب) نقل. "نقل الأشياء". مسئولية. "مسئولية عقدية". "دفع المسئولية". التزام. "الالتزام بتحقيق غاية".
التزام الناقل بضمان الأشياء المراد نقلها سليمة إلى المرسل إليه. التزام بتحقيق غاية. ثبوت تلف الأشياء أو هلاكها أثناء تنفيذ عقد النقل. كفاية ذلك لإثبات عدم قيام الناقل بالتزامه. قيام مسئوليته عن الضرر بغير حاجة لإثبات وقوع الخطأ من جانبه. عدم ارتفاع هذه المسئولية إلا لعيب في ذات الأشياء أو لقوة قاهرة أو خطأ من الغير.
(جـ) قوة قاهرة "مناطها". التزام. "انقضاء الالتزام".
شرطا توافر القوة القاهرة: عدم إمكان توقع الحادث واستحالة دفعه. يجب أن يكون عدم إمكان التوقع مطلقاً لا نسبياً. استخلاص الحكم بأسباب سائغة إمكان توقع الانخفاض في منسوب النهر لأنه لم يكن فجائياً. كفاية ذلك لنفي وصف القوة القاهرة.
(د) رسم "رسم الإنتاج على السكر". "الإعفاء منه".
شرط الإعفاء من رسم الإنتاج على السكر المنتج محلياً الذي يصدر للخارج. أن يتم التصدير فعلاً تحت إشراف مصلحة الجمارك.
(هـ) رسم. "رسم الإنتاج على السكر". "استحقاقه".
استحقاق رسم الإنتاج على السكر بمجرد إتمام صنعه ما دام لم يصدر للخارج. لا يمنع من استحقاق الرسم هلاك السكر داخل البلاد.
1 - كل ما تشترطه المادة 431 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون 401 لسنة 1955 لصحة إعلان الطعن أن يعلن الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم الطعن وأن يكون هذا الإعلان بورقة من أوراق المحضرين وبالأوضاع العادية وأن يتم هذا الإعلان في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن فكلما تحقق أن الإعلان قد تم في ميعاده على هذا النحو واشتملت ورقته على جميع البيانات الواجب استيفاؤها طبقاً للمادة العاشرة من قانون المرافعات فإنه يكون صحيحاً ولا يبطله خلو الصورة المسلمة إلى الخصم من بيان تاريخ التقرير بالطعن بقلم الكتاب أو وقوع خطأ مادي فيه بتملك الصورة إذ أن البيان ليس من البيانات الجوهرية التي يوجب القانون اشتمال ورقة الإعلان عليها.
2 - عقد نقل الأشياء يلقي على عاتق الناقل التزاماً بضمان الأشياء المراد نقلها سليمة إلى المرسل إليه وهذا الالتزام هو التزام بتحقيق غاية فإذا تلفت هذه الأشياء أو هلكت فإنه يكفي أن يثبت أن ذلك حدث أثناء تنفيذ عقد النقل ويعتبر هذا إثباتاً لعدم قيام الناقل بالتزامه فتقوم مسئوليته عن هذا الضرر بغير حاجة إلى إثبات وقوع خطأ من جانبه ولا ترتفع هذه المسئولية إلا إذا أثبت هو أن التلف أو الهلاك نشأ عن عيب في ذات الأشياء المنقولة أو بسبب قوة قاهرة أو خطأ من الغير.
3 - يشترط لاعتبار الحادث قوة قاهرة عدم إمكان توقعه واستحالة دفعه فإذا تخلف أحد هذين الشرطين انتفت عن الحادث صفة القوة - القاهرة - ولا يلزم لاعتباره ممكن التوقع أن يقع وفقاً للمألوف من الأمور بل يكفي لذلك أن تشير الظروف والملابسات إلى احتمال حصوله ولا يشترط أن يكون المدين قد علم بهذه الظروف إذا كانت لا تخفى على شخص شديد اليقظة والتبصر لأن عدم إمكان التوقع اللازم لتوفر القوة القاهرة يجب أن يكون مطلقاً لا نسبياً فالمعيار في هذه الحالة موضوعي لا ذاتي. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد استخلص بأسباب سائغة أن الانخفاض في منسوب النهر الذي وصفه الطاعن (الناقل) بأنه قوة قاهرة كان في الإمكان توقعه لأنه لم يكن فجائياً وإنما كان تدريجياً وظهرت بوادره قبل يوم الحادث فإن ما سجله الحكم عن إمكان توقع الانخفاض في منسوب النهر يكفي بذاته لنفي وصف القوة القاهرة عنه.
4 - لئن كانت المادة 6 من المرسوم بقانون 16 لسنة 1953 بتنظيم تحصيل رسم الإنتاج والاستهلاك على السكر قد نصت على أن يعفى من رسم الإنتاج السكر المنتج محلياً الذي يصدر للخارج إلا أنها اشترطت لهذا الإعفاء أن يتم التصدير فعلاً تحت إشراف مصلحة الجمارك وبالشروط التي يقررها وزير المالية والاقتصاد فإذا لم يتم تصدير هذا السكر للخارج زال سبب الإعفاء وأصبح الرسم مستحقاً على صاحب المصنع وواجباً عليه أداؤه لمصلحة الجمارك.
5 - لا يمنع من استحقاق رسم الإنتاج على السكر هلاكه داخل البلاد لأن هذا الرسم يستحق بمجرد إتمام الصنع ما دام لم يصدر إلى الخارج ويؤكد ذلك ما نصت عليه المادة 8 من المرسوم بقانون رقم 16 لسنة 1953 من أنه "يعتبر صاحب المصنع مسئولاً عن رسم الإنتاج المستحق على كميات السكر التي تفقد أثناء نقلها من مصانع إنتاج السكر إلى مصانع تكريره" مما ينقض القول بأن المشرع قصد إعفاء المنتج من الرسم في حالة هلاك السكر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن شركة الشرق للتأمين (المطعون ضدها الأولى) أقامت الدعوى رقم 579 سنة 1958 تجاري كلي القاهرة وقالت شرحاً لها إنه بمقتضى عقد نقل مؤرخ 21 سبتمبر سنة 1957 عهدت شركة السكر والتقطير المصرية "المطعون ضدها الثانية" إلى شركة وادي النيل النهرية بأن تنقل لها 6500 طناً من السكر من إنتاج مصانعها في كوم أمبو إلى وادي حلفا بالسودان وتنفيذاً لهذا العقد وبتاريخ 18 أكتوبر سنة 1957 تم شحن 280 طناً من السكر على الصندل "أسيوط" المملوك للشركة الناقلة المذكورة وفي يوم 20 أكتوبر سنة 1957 وبعد أن اجتاز الصندل المذكور هويس سهيل ارتطم بصخور مغمورة بالمياه تعترض مجرى نهر النيل فغرق وأتلفت المياه معظم حمولته من السكر، ولما كانت شركة السكر الشاحنة قد أمنت على رسالة السكر لدى شركة الشرق للتأمين المدعية فقد اقتضت منها قيمة هذا السكر التالف وقدرها 12999 ج و600 م وحولت لها حقوقها قبل المسئول عن الضرر، ولما كانت الشركة الناقلة ملزمة بمقتضى عقد النقل بتوصيل شحنة السكر سليمة إلى جهة الوصول فإنها تكون مسئولة قبل الشركة الشاحنة المحيلة عن قيمة السكر الذي تلف أثناء تنفيذ عقد النقل - كما أن وزارة الأشغال "المطعون ضدها الثالثة" إذ أهملت ولم تتخذ الاحتياطيات اللازمة لمنع ارتطام السفن بالصخور التي تعترض مجرى النيل تكون أيضاً مسئولة بالتضامن مع الشركة الناقلة أمام شركة السكر المحيلة عن تعويضها عن الضرر الذي أصابها بسبب هذا الحادث - ولهذا فقد رفعت شركة التأمين المحال لها هذه الدعوى واستقرت طلباتها فيها على طلب إلزام المصفي لشركة وادي النيل النهرية الناقلة والشريكين المتضامنين فيها (الطاعنين) ووزارة الأشغال "المطعون ضدها الثالثة" متضامنين وفي مواجهة شركة السكر المطعون ضدها الثانية بأن يدفعوا لها مبلغ 12999 ج و600 م والفوائد القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام الوفاء، كما أقامت شركة السكر والتقطير المصرية "المطعون ضدها الثانية" الدعوى رقم 690 سنة 1958 تجاري كلي القاهرة رددت فيها الوقائع السابقة وقالت إنه ترتب على غرق السكر قبل تصديره إلى السودان أن استحق عليها رسم إنتاج قدره 9414 ج و750 م وإذ كان عقد التأمين المبرم بينها وبين شركة الشرق للتأمين لا يتناول هذا الرسم فإن الشركة الناقلة تكون مسئولة أمامها عن أداء هذا الرسم لها ولهذا فقد طلبت الحكم بإلزام الطاعنين متضامنين وفي مواجهة باقي المطعون ضدهم بالمبلغ المذكور مع فوائده بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد. وقد طلب الطاعنون رفض الدعويين استناداً إلى أن غرق الصندل وقع بسبب قوة قاهرة ترفع المسئولية عنهم - وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين قضت فيهما بتاريخ 21 مارس سنة 1963 أولاً في الدعوى رقم 579 سنة 1958 برفض طلبات المدعية قبل وزارة الأشغال "المطعون ضدها الثالثة" وبإلزام الطاعنين متضامنين وفي مواجهة الشركة المطعون ضدها الثانية بأن يدفعوا إلى شركة الشرق للتأمين (المطعون ضدها الأولى) مبلغ 12999 ج و600 م والفوائد القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 26 مارس سنة 1953 حتى تمام السداد (ثانياً) وفي الدعوى قم 690 سنة 1958 بإلزام الطاعنين متضامنين وفي مواجهة باقي المطعون ضدهم بأن يدفعوا لشركة السكر والتقطير المصرية "المطعون ضدها الثانية" مبلغ 9414 ج و750 م والفوائد بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 15 إبريل سنة 1958 حتى تمام السداد فاستأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 364 سنة 80 ق طالبين إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعويين - وفي 28 يناير سنة 1964 قضت تلك المحكمة بتأييد الحكم المستأنف وفي 26 مارس سنة 1964 طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض - وقدمت الشركة المطعون ضدها الثانية مذكرة بدفاعها دفعت فيها ببطلان إعلان التقرير بالطعن لخلو الصورة المعلنة إليها من بيان التاريخ الصحيح للتقرير بالطعن - وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض هذا الدفع وبرفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من الشركة المطعون ضدها الثانية ببطلان إعلانها بتقرير الطعن فإنها تؤسسه على خلو صورة هذا التقرير المعلنة إليها من بيان التاريخ الصحيح للتقرير بالطعن إذ ورد بها أن الطعن قرر به في 26 مارس سنة 1965 في حين أنه يبين من أصل التقرير المودع بالملف أن الطعن قرر به في 26 مارس سنة 1964.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن كل ما تشترطه المادة 431 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 401 سنة 1955 لصحة إعلان الطعن أن يعلن الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم الطعن وأن يكون هذا الإعلان بورقة من أورق المحضرين وبالأوضاع العادية وأن يتم هذا الإعلان في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن فكلما تحقق أن الإعلان قد تم في ميعاده على هذا النحو واشتملت ورقته على جميع البيانات الواجب استيفاؤها طبقاً للمادة العاشرة من قانون المرافعات فإنه يكون صحيحاً ولا يبطله خلو الصورة المسلمة إلى الخصم من بيان تاريخ التقرير بالطعن بقلم الكتاب أو وقوع خطأ مادي فيه بتلك الصورة إذ أن هذا البيان ليس من البيانات الجوهرية التي يوجب القانون اشتمال ورقة الإعلان عليها - ولما كان الثابت أن الطعن أعلن إلى المطعون ضدها الثانية في 29 يوليه سنة 1965 أي في الميعاد القانوني وكانت صورة الإعلان المقدمة منها قد اشتملت على جميع البيانات التي توجب المادة 10 من قانون المرافعات اشتمال ورقة الإعلان عليها فإنه لا يؤثر في صحة هذا الإعلان ما ورد في تلك الصورة من خطأ في بيان تاريخ التقرير بالطعن، ولما كانت المطعون ضدها الثانية لا تنازع في أن الطعن بحسب التاريخ الصحيح الوارد في أصل التقرير وهو 26 مارس سنة 1964 يكون قد رفع في الميعاد القانوني وكان هذا الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل أولهما أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله من أربعة أوجه ويقول الطاعنون في بيان الوجه الأول منها أن ذلك الحكم ذهب إلى أن سبب الحادث هو أن ربان الصندل قد تنكب الطريق فضل عن الطريق السوي حيث ارتطم بالصخور واستدل على ذلك بما جاء في محضر تحقيق الشرطة في الجنحة رقم 692 سنة 1957 بندر أسوان من أن محرر المحضر أثبت في معاينته أنه عند وصوله إلى الصندل الغارق وجد صندلاً آخر في حجمه تقريباً إلى جواره تماماً وملاصقاً له وهو سليم وأخذ طريقه الطبيعي ومن أن عبد السميع إبراهيم الذي كان يعاون ربان الصندل الغارق في قيادته ذكر أن الطريق كان سليماً ولكنهم دخلوا في طريق الصخور - ويرى الطاعنون أن هذا الذي أقام الحكم عليه قضاءه يتضمن إهداراً لحجية الحكم الجنائي الصادر في الجنحة رقم 692 سنة 1957 سالفة الذكر والقاضي ببراءة رئيس الصندل من تهمتي عدم سلوكه الاتجاه الصحيح في السير وعدم تخفيضه سرعة المركب عند اقترابه من مكان الحادث تأسيساً على ما أثبته ذلك الحكم من أن رئيس الصندل قد سلك الطريق الصحيح وأنه لم يكن مسرعاً في سيره بالصندل - وقال الطاعنون إنه لو التزم الحكم المطعون فيه حجية الحكم الجنائي لرد الحادث إلى القوة القاهرة التي يؤكدها ما ذكره الخبير الملاحي في تقريره من أن المنطقة التي غرق فيها الصندل تكثر فيها الصخور تحت الماء ولا يمكن معرفتها - وأضاف الطاعنون في الوجه الثالث من السبب الثاني أن ما استدل به الحكم المطعون فيه على واقعة تنكب الطريق الصحيح هو استدلال فاسد لأن حمولة الصندل الذي شاهده رجل الشرطة المحقق بجوار الصندل الغارق كانت أقل بكثير من حمولة هذا الصندل ولا يتصور مع هذه الحمولة الخفيفة أن يصل غاطسه إلى غاطس الصندل الغارق كما أن ما قرره عبد السميع إبراهيم لا يدل على أن نقصاً في الحيطة هو الذي أدى إلى اصطدام الصندل بالصخور. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه بتأييده أسباب الحكم الابتدائي التي لا تتعارض مع أسبابه يكون قد اعتمد ما أسنده الحكم الابتدائي إلى رئيس الصندل من خطأ يتمثل في جهله بأصول القيادة وبالمعلومات الملاحية استناداً إلى ما ثبت بالحكم الجنائي من أنه لم يكن حاصلاً على ترخيص بقيادة المركب ويتمثل أيضاً في عدم استعانة الشركة الناقلة (الطاعنة) بمرشد ممن يجيدون معرفة الأماكن الصخرية في مجرى النهر أو تكليف اثنين من البحارة بالوقف في مقدمة الصندل لقياس عمق النهر هذا في حين أن الثابت من الحكم الجنائي أن ربان الصندل كان يحمل ترخيصاً بالقيادة لكن مدته انتهت قبل تاريخ وقوع الحادث وهذا الترخيص لا يعطى إلا لمن تثبت لهم كفاءة عملية كافية - كذلك فإن ما استلزمه الحكم الابتدائي من وجوب الاستعانة بمرشد أو باثنين من البحارة لقياس عمق النهر غير لازم إذ أن قوانين الملاحة الداخلية لا تتطلب أياً من هذين الإجراءين وبالتالي فلا يعتبر عدم اتخاذهما خطأ يمكن نسبته إلى الشركة الطاعنة، ويتحصل الوجه الثاني من السبب الأول في أن الحكم المطعون فيه خالف أحكام القانون رقم 10 لسنة 1956 في شأن الملاحة الداخلية وقرار وزير الأشغال رقم 8921 لسنة 1956 ذلك أن الحكم المطعون فيه بأسبابه قد أقام قضاءه بإسناد الخطأ إلى الشركة الناقلة على القول بأن حمولة الصندل الغارق كانت تزيد على القدر المقرر له وهو من الحكم خطأ إذ أنه يتضمن خلطاً بين الحمولة الوزنية والحمولة الحجمية.
وحيث إن النعي بهذه الأوجه غير سديد ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن استعرض دفاع الطرفين جاء به قوله "وحيث إن عقد النقل يلقي على عاتق الناقل التزاماً بضمان سلامة البضاعة المنقولة وتوصيلها إلى الجهة المتفق عليها سليمة وهو التزام بتحقيق غاية بحيث إذا تلفت البضاعة أو هلكت فإنه يكفي أن يثبت أنها تلفت أو هلكت أثناء تنفيذ عقد النقل وهذا يعتبر كافياً لعدم قيام الناقل بالتزامه ومن ثم تقوم مسئوليته عن الضرر بغير حاجة إلى إثبات وقوع خطأ من جانبه ولا ترتفع عنه هذه المسئولية إلا إذا أثبت الناقل أن الضرر الحاصل للبضاعة قد نشأ عن قوة قاهرة أو عن خطأ من المضرور أو من الغير لم يكن في مقدور الناقل توقعه أو تفاديه" ثم قرر الحكم المطعون فيه بعد ذلك أن الحكم الابتدائي أخد بهذا النظر ونقل عنه بعض ما ورد به في هذا المعنى ثم جاء بالحكم المطعون فيه بعد ذلك قوله "وحيث إن ما ساقته محكمة الدرجة الأولى من مواطن التقصير أو الخطأ من جانب الشركة الناقلة وتابعها رئيس الصندل الغارق إنما كان تزيداً منها - لم تكن في حاجة إليه - وإنما ساقته في سبيل الرد على ما دفع به المستأنفون (الطاعنون) من عدم وقوع خطأ من جانبهم أو من تابعهم تنشأ عنه مسئوليتهم". وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه يفيد أنه لم يقم قضاءه بمسئولية الطاعنين على خطأ الشركة الناقلة أو الربان في تحميل الصندل حمولة تزيد عن المقرر أو تنكب الطريق الصحيح أو غير ذلك من الأخطاء التي عددها الحكم الابتدائي وإنما أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بمسئولية الشركة الناقلة التي يمثلها الطاعنون على أنها لم تقم بتنفيذ التزامها بنقل البضاعة وتوصيلها سليمة إلى الجهة المتفق عليها وأن مسئوليتها عن تلف البضاعة تقوم بغير حاجة إلى إثبات أي خطأ من جانبها وهذا الذي أقام الحكم عليه قضاءه صحيح في القانون ذلك أن عقد النقل يلقي على عاتق الناقل التزاماً بضمان وصول الأشياء المراد نقلها سليمة إلى المرسل إليه وهذا الالتزام هو التزام بتحقيق غاية فإذا تلفت هذه الأشياء أو هلكت فإنه يكفي أن يثبت أن ذلك حدث أثناء تنفيذ عقد النقل ويعتبر هذا إثباتاً لعدم قيام الناقل بالتزامه فتقوم مسئوليته عن هذا الضرر بغير حاجة إلى إثبات وقوع خطأ من جانبه ولا ترتفع هذه المسئولية إلا إذا أثبت هو أن التلف أو الهلاك نشأ عن عيب في ذات الأشياء المنقولة أو بسبب قوة قاهرة أو خطأ من الغير - لما كان ذلك فإن كل ما ورد في الأوجه المتقدمة من نعي على إسناد الحكم المطعون فيه إلى الشركة الطاعنة أخطاء معينة لا يصادف محلاً في قضائه ولما تقدم ولما سيجيء في الرد على الوجه الثالث من السبب الأول فإن النعي بهذه الأوجه يكون غير مقبول.
وحيث إن حاصل الوجه الثالث من السبب الأول والوجه الثاني من السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله كما خالف الثابت في الأوراق، ذلك أنه اشترط لقيام القوة القاهرة التي تندفع بها مسئولية المدين أن يتوافر فيها عنصر الفجائية مع أن كل ما يشترط في القوة القاهرة هو عدم إمكان التوقيع واستحالة الدفع ولا يلزم أن تكون فجائية وإذ أضاف الحكم عنصر الفجائية إلى هذين الشرطين وقال بعدم توافر هذا العنصر الذي أضافه ورتب على ذلك عدم توافر شروط القوة القاهرة التي تمسك بها الطاعنون دفعاً لمسئوليتهم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وقد أدى به هذا الفهم الخاطئ لمعنى القوة القاهرة إلى أن حجب نفسه عن التحقق من صحة البيانات التي تضمنها تقرير الخبير الاستشاري بشأن الانخفاض الشاذ في منسوب مياه النيل في الفترة من 15 إلى 20 أكتوبر سنة 1957 كما حجب نفسه عن بحث ما إذا كان هذا الانخفاض متوقعاً أو غير متوقع ولولا هذا الفهم الخاطئ لمعنى القوة القاهرة لما كان هناك محل للتردد في اعتبار هذا الانخفاض الشاذ الذي سبب الحادث قوة قاهرة إذ أن البيانات التي تضمنها تقرير الخبير الملاحي الاستشاري والمستقاة من التقارير الرسمية تدل على أن هذا الانخفاض كان استثنائياً وشاذاً ولم يكن في الوسع توقعه ولا كان يمكن دفعه - وبذلك تنتفي مسئولية الشركة الناقلة عن غرق شحنة السكر، وأضاف الطاعنون في الوجه الثاني من السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت في الأوراق حين قرر أن انخفاض منسوب مياه النيل كان حاصلاً من قبل يوم الحادث وأن المياه لم تنحسر فجأة في ذات اللحظة التي وقع فيها إذ أنه لم يرد في أي ورقة من أوراق الدعوى ولا في أقوال الطاعنين أو المطعون ضدهم أن الانخفاض كان ملحوظاً بل إن الثابت من تقرير الخبير الاستشاري يخالف هذا الذي قرره الحكم المطعون فيه إذ تضمن هذا التقرير أنه لم يكن في مقدور الشركة الناقلة ولا رئيس الصندل أو المرشد أن يتابعوا مناسيب مياه النهر في هذا الشهر أو يحيطوا علماً بالبيانات الخاصة بها.
وحيث إن النعي بهذين الوجهين غير سديد ذلك أنه وإن كان الحكم المطعون فيه قد عرف القوة القاهرة بأنها الأمر الذي يقع فجأة ولم يكن متوقعاً وكان يستحيل دفعه أو تفاديه إلا أن ما قرره الحكم بعد ذلك لا يفيد أنه اشترط لقيام القوة القاهرة أن يتوافر في الحادث عنصر الفجائية كعنصر مستقل يضاف إلى عنصري عدم إمكان التوقع واستحالة الدفع بل إن كل ما قصده من ذكر العنصر هو إبراز خصيصة عدم إمكان التوقع يؤكد ذلك ما أورده الحكم في أكثر من موضع وهو بصدد الحديث عن القوة القاهرة من أنه يشترط لقيامها عدم إمكان التوقع واستحالة الدفع دون أن يستلزم شرطاً آخر - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد نفى قيام القوة القاهرة بقوله "وحيث إن المستأنفين (الطاعنين) يقولون في توافر القوة القاهرة أن منسوب مياه النهر في المنطقة التي وقع فيها ارتطام الصندل بالصخور التي في قاع النهر - كان منخفضاً انخفاضاً غير عادي على غير ما جرت عليه العادة في مثل الشهر الذي وقع فيه الحادث - وقدموا لإثبات ذلك بياناً يدل على ذلك الانخفاض التدريجي يوماً عن يوم - وحيث إن هذا الذي ساقه المستأنفون لا يؤيد دفاعهم بل ينقضه ذلك لأنه على حسب قولهم لم يكن ذلك الانخفاض المقول به فجائياً وإنما كان حاصلاً وملحوظاً قبل وقوع الحادث إذ لم تنحسر المياه فجأة في ذات اللحظة التي وقع فيها الاصطدام الأمر الذي كان يستدعي من قائد الصندل الحيطة والحذر فلا يخطو خطوة قبل أن يعرف موضعها - وهو كما يقولون يعمل في ذلك الخط الملاحي منذ أكثر من 19 عاماً سابقة على الحادث وأنه عرك الملاحة وفنونها - وهو بذلك يعلم مواقع الصخور في مجرى النهر بل كان يجب عليه أن يدرسها ويتعرف مواقعها - إن لم يكن يعلم - حتى يتجنبها وقد ثبت من تحقيقات الجنحة رقم 692 بندر أسوان أن محرر المحضر أثبت في معاينته أنه عند وصوله إلى الصندل الغارق وجد صندلاً آخر في حجمه تقريباً بحذائه تماماً وملاصقاً له وهو سليم وآخذاً طريقه الطبيعي ومعنى ذلك أن رئيس الصندل الغارق قد تنكب الطريق فضل عن الطريق السوي حيث ارتطم بالصخور - كما قرر عبد السميع إبراهيم الذي كان يعاون رئيس الصندل في قيادته بالمحضر أن الطريق كان سليماً ولكنهم دخلوا في طريق الصخر وأن مفاد كل ذلك أنه لو كان هناك شيء من الحيطة والحذر واليقظة لما وقع الحادث وأنه لم يكن مرجعه حادث فجائي أو قوة قاهرة" - ولما كان يشترط لاعتبار الحادث قوة قاهرة عدم إمكان توقعه واستحالة دفعه فإذا تخلف أحد هذين الشرطين انتفت عن الحادث صفة القوة القاهرة - ولا يلزم لاعتباره ممكن التوقع أن يقع وفقاً للمألوف من الأمور بل يكفي لذلك أن تشير الظروف والملابسات إلى احتمال حصوله ولا يلزم أن يكون المدين قد علم بهذه الظروف إذا كانت لا تخفى على الشخص شديد اليقظة والتبصر لأن عدم إمكان التوقع اللازم لتوفر القوة القاهرة يجب أن يكون مطلقاً لا نسبياً فالمعيار في هذه الحالة موضوعي لا ذاتي ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص أن الانخفاض في منسوب النهر الذي وصفه الطاعنون بأنه قوة قاهرة كان في الإمكان توقعه لأنه لم يكن فجائياً وإنما كان تدريجياً وظهرت بوادره من قبل يوم الحادث بما ينبئ عن استمراره في هذا اليوم وكان هذا الذي استخلصه الحكم سائغاً وله سنده في الأوراق إذ يبين من كشف مناسيب مياه النهر الذي أشار إليه الحكم المطعون فيه والمقدم من الطاعنين إلى محكمة الاستئناف بالحافظة 6 دوسيه أن المنسوب أخذ في الانخفاض بعد أول أكتوبر سنة 1957 وأنه بلغ 87.45 متراً في يوم 15 من هذا الشهر ثم تدرج في الانخفاض يوماً بعد يوماً وبمعدل 25 سنتيمتراً يومياً حتى وصل إلى 86.20 متراً في يوم 20 أكتوبر سنة 1957 الذي وقع فيه الحادث وكان المنسوب في اليوم السابق مباشرة وهو يوم 19 أكتوبر 86.45 متراً فإن هذا الذي سجله الحكم المطعون فيه عن إمكان توقع الانخفاض في منسوب النهر يكفي بذاته لنفي وصف القوة القاهرة عنه ولما كان ما قرره الحكم في هذا الخصوص لا يناقض ما قضى به الحكم الصادر في الجنحة رقم 692 سنة 1957 لأن هذا الحكم لم يفصل في إمكان توقع الانخفاض في منسوب النهر أو عدم إمكان ذلك ولم ينف حصول هذا الانخفاض تدريجياً فإن النعي على ما ورد بأسباب الحكم المطعون فيه خاصاً بتنكب ربان الصندل الطريق السوي وبالتدليل على ذلك بما جاء بمحضر الجنحة سالفة الذكر - وهو ما اعتبره الطاعنون مناقضاً للحكم الجنائي - هذا النعي يكون بفرض صحته غير منتج لوروده على أسباب يستقيم الحكم بدونها إذ أنه قصد من إيراد هذه الأسباب إثبات إمكان دفع الحادث وهو الأمر الذي كان الحكم في غنى عنه بعد أن أثبت إمكان توقعه لأن هذا وحده يكفي لنفي وصف القوة القاهرة عن الحادث على ما تقدم ذكره - لما كان ذلك وكان ما قرره الحكم المطعون فيه وهو بصدد إثبات إمكان توقع الانخفاض في منسوب النهر من عدم حصوله فجأة لا يفيد أنه استلزم لقيام القوة القاهرة أن يتوافر فيها عنصر الفجائية مستقلاً عن عنصر عدم إمكان التوقع بل يفيد أن الحكم استنتج من عدم حصول الانخفاض فجأة إمكان توقعه - لما كان ذلك كله وكان فيما قرره الحكم المطعون فيه التعليل الضمني لإطراحه ما ورد في التقرير الاستشاري الذي قدمه الطاعنون من عدم إمكان توقع الانخفاض في منسوب النهر فإن النعي بأوجه الطعن المتقدمة يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الرابع من السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن هذا الحكم إذ قضى بإلزامهم بدفع مبلغ 9414 ج و720 م لشركة السكر المطعون ضدها الثانية قيمة رسم الإنتاج على السكر الهالك، قد اعتبر هذا الرسم رسم إنتاج يستحق حتماً بإنتاج السكر دون اعتبار لما إذا كان السكر المنتج قد هلك أو استهلك بعد ذلك وأن الإعفاء من هذا الرسم في حالة التصدير للخارج معلق على شرط إتمام التصدير هو من الحكم مخالفة للقانون رقم 16 سنة 1953 إذ أن رسم الإنتاج ليس مفروضاً على المنتج بل هو رسم تحصل عليه الحكومة من المنتج ولكنه يضاف إلى الثمن الذي يؤديه المستهلك فهو في جوهره رسم استهلاك ينتهي بأداء المستهلك له - كما أن المادة 6 من القانون المذكور تنص على الإعفاء من إنتاج السكر الذي يصدر إلى الخارج والشحنة الغارقة كانت مصدرة وفي طريقها للخارج وواقعة غرقها لا تغير من أمر الإعفاء شيئاً إذ أن الغرق لن يعيد السكر إلى حيازة المصدر ليتصرف فيه وخلص الطاعنون من ذلك إلى أن هذا الرسم لم يكن مستحقاً على شركة السكر المطعون ضدها الثانية وأن سكوتها عن المنازعة في استحقاقه ينزلها منزلة المتبرع به ولا يحق لها بالتالي أن ترجع على الطاعنين بشيء منه - ولم يكن في وسع الطاعنين منازعة مصلحة الجمارك في استحقاقها لهذا الرسم - كما أنها لم تختصمهم حتى يدفعوا عن أنفسهم أي ادعاء يوجه إليهم بشأنه، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلزامهم بقيمة هذا الرسم فإنه يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه يبين من نصوص المواد 1، 3، 4 من المرسوم بقانون رقم 16 سنة 1953 بتنظيم تحصيل رسم الإنتاج والاستهلاك على السكر أن هذا الرسم يستحق على جميع أنواع السكر سواء كان خاماً للاستهلاك مباشرة أو برسم التكرير أو مكرراً أو بأي شكل من الأشكال وذلك خلال الأربعة والعشرين ساعة التالية لإتمام صنعه ما لم يقم صاحب المصنع بإيداعه أحد مخازن الإيداع تحت رقابة وإشراف مصلحة الجمارك ولا يفرج عن أي كمية منه من المصانع إلا بعد أداء هذا الرسم إلا إذا رخصت مصلحة الجمارك لأصحاب المصانع بأدائه على الكميات التي تخرجها مرة كل شهر أو شهرين حسبما يتفق عليه معهم وبشرط إيداع تأمين نقدي أو خطاب ضمان من أحد البنوك يغطي رسم الإنتاج المستحق عليها. ومفاد ذلك أن الأصل هو أن يستحق الرسم المذكور على أصحاب المصانع خلال الأربعة والعشرين ساعة التالية لإنتاجه، وأنه وإن كانت المادة 6 من هذا المرسوم بقانون قد نصت على أن يعفى من رسم الإنتاج السكر المنتج محلياً الذي يصدر للخارج إلا أنها اشترطت لهذا الإعفاء أن يتم التصدير فعلاً تحت إشراف مصلحة الجمارك وبالشروط التي يقررها وزير المالية والاقتصاد فإذا لم يتم تصدير هذا السكر للخارج زال سبب الإعفاء وأصبح الرسم مستحقاً على صاحب المصنع وواجباً عليه أداؤه لمصلحة الجمارك وفقاً للأصل المتقدم ذكره ولا يمنع من استحقاق هذا الرسم هلاك السكر داخل البلاد لأنه يستحق بمجرد إتمام الصنع ما دام لم يصدر إلى الخارج ويؤكد ذلك ما نصت عليه المادة 8 من المرسوم بقانون سالف الذكر من أنه "يعتبر صاحب المصنع مسئولاً عن رسم الإنتاج المستحق على كميات السكر التي تفقد أثناء نقلها من مصانع إنتاج السكر إلى مصانع تكريره" وهو ما ينقض قول الطاعنين بأن المشرع قصد إعفاء المنتج من الرسم في حالة هلاك السكر ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول من السبب الثاني القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن البند العاشر من عقد النقل ألزم شركة السكر الشاحنة بالتأمين على السكر المنقول كلياً أو جزئياً وأن هذا الالتزام بالتأمين ودفع أقساطه يعتبر جزءاً من مقابل النقل وشرطاً جوهرياً من شروطه مما يعتبر معه التأمين معقوداً لمصلحة الشركة الناقلة تمكيناً لها من أداء التعويض عند وقوع الحادث فلا يكون لشركة السكر إذا اقتضت مبلغ التأمين من شركة التأمين أي حق في الرجوع على الشركة الناقلة وتكون الحوالة الصادرة من شركة السكر إلى شركة التأمين باطلة لانعدام محلها وقد رد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع بقوله إن نص البند العاشر لا يستفاد منه أنه وضع لصالح الشركة الناقلة كما لا يستفاد منه إعفاء الناقل من المسئولية في حالة أداء شركة التأمين التعويض لشركة السكر، ويرى الطاعنون أن هذا الذي رد به الحكم المطعون فيه يجرد هذا البند من كل معنى ويجعله لغواً لا يمكن قبوله في قصد العاقدين وظروف الملاحة النهرية المحلية وهو من الحكم قصور يعيبه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه يبين من عقد النقل أن البند العاشر منه ينص على أن "تقوم شركة السكر بالتأمين على السكر المنقول، معرفتها تأميناً كلياً أو جزئياً" وعبارة هذا البند لا تفيد المعنى الذي يقول به الطاعنون وإنما تفيد المعنى الذي رآه الحكم المطعون فيه وما دام التفسير الذي أخذت به محكمة الموضوع مما تحتمله عبارة هذا البند ولا خروج فيه على ظاهر معناها فلا سبيل لمحكمة النقض على محكمة الموضوع في ذلك. ولكل ما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.