أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 24 - صـ 835

جلسة 26 من مايو سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حامد وصفي، وأديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل.

(146)
الطعن رقم 126 لسنة 38 القضائية

تأمينات اجتماعية. قانون. الأثر الرجعي.
التفرقة في الجزاء بين حالة تخلف رب العمل عن الاشتراك أصلاً في هيئة التأمينات الاجتماعية وبين تأخره بعد اشتراكه في سداد المبالغ المستحقة. م 17 ق 63 لسنة 1964. سريانها بأثر رجعي. إغفال بحث حالة رب العمل وما إذا كان قد تخلف أصلاً عن الاشتراك في الهيئة أم إنه تأخر عن سداد المبالغ المستحقة. قصور.
جرى نص المادة 17 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 التي تحكم النزاع إعمالاً لأثرها الرجعي المقرر بالمادة الخامسة من مواد إصدار هذا القانون على التفرقة بين حالة تخلف صاحب العمل أصلاً عن الاشتراك في هيئة التأمينات الاجتماعية عن كل أو بعض عماله أو عدم أدائه الاشتراكات على أساس أجورهم الحقيقية وبين حالة تأخر صاحب العمل بعد اشتراكه في توريد المبالغ المستحقة للهيئة في المواعيد المحددة، وفرض على صاحب العمل في الحالة الأولى غرامة إضافية بواقع 50% من قيمة الاشتراكات التي لم يؤدها، بينما حدد هذه الغرامة في الحالة الثانية بواقع 10% من قيمة الاشتراكات التي تأخر صاحب العمل في أدائها عن كل شهر وبحد أقصى قدره 30%، وإذ كان إخطار المطعون ضدهما - رب العمل - هيئة التأمينات الاجتماعية بعدد عمالهما وأجورهم الصحيحة بمقتضى الاستمارة المقدمة منهما، لا يدل بذاته على تاريخ بدء اشتراك المطعون ضدهما في التأمين عن كل عمالهما في الفترة السابقة على هذا الإخطار، وكان تحديد حالة المطعون ضدهما وهل هي حالة تخلف عن الاشتراك في التأمين أم حالة تأخر في أداء الاشتراكات يقتضي الوقوف على تاريخ اشتراكهما لدى هيئة التأمينات الاجتماعية وما إذا كان هذا التاريخ يوافق بداية خضوعهما لقانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 لسنة 1959 أو أنهما تأخرا في سداد المستحق عليهما فتنطبق على حالتهما الفقرة الثانية من المادة 17 المشار إليها أم أن اشتراكهما يلي ذلك فتعتبر الفترة السابقة على الاشتراك في التأمين فترة تخلف تسري عليها الفقرة الأولى من هذه المادة، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل بحث ذلك ولم يواجه دفاع الطاعنة في هذا الخصوص رغم ما له من أثر جوهري في الدعوى، فإنه يكون مشوباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 487 سنة 1963 مدني كلي المنصورة ضد هيئة التأمينات الاجتماعية "الطاعنة"، وطلبا الحكم ببراءة ذمتهما من مبلغ 955 ج و169 م وإلغاء الحجز الإداري الموقع ضدهما واعتباره كأن لم يكن، وقالا بياناً لها إن الطاعنة أوقعت ضدهما في أول أغسطس سنة 1962 حجزاً إدارياً وفاء لمبلغ 977 ج و417 م منه مبلغ 955 ج و169 م قيمة الاشتراك المضاعف طبقاً للمادة 76 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 لسنة 1959، وأنه إذ كانت هذه المادة لا تنطبق على حالتهما لأنهما لم يتخلفا عن الاشتراك في التأمين، وكانت ذمتهما لذلك بريئة من هذا المبلغ فقد أقاما الدعوى بطلباتهما سالفة البيان، وبتاريخ 29 ديسمبر سنة 1964 قضت المحكمة الابتدائية ببراءة ذمة المطعون ضدهما من مبلغ 922 ج و692 م قيمة الاشتراك المضاعف عن المدة من سبتمبر سنة 1959 حتى أخر نوفمبر سنة 1962 وقصر الحجز الإداري الموقع ضدهما على مبلغ 54 ج و725 م، فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة، وقيد استئنافها برقم 75 سنة 17 ق، وبتاريخ 10 ديسمبر سنة 1966 قضت محكمة الاستئناف بندب مكتب خبراء وزارة العدل لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت في 13 يناير 1968 بتعديل الحكم المستأنف إلى براءة ذمة المطعون ضدهما من المبالغ التي تطلبها الطاعنة فيما عدا مبلغ 393 ج و35 م وقصر الحجز الإداري الموقع ضدهما في أول أغسطس سنة 1962 وفاء لهذا المبلغ. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره صممت على هذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه شابه القصور وأخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول الهيئة الطاعنة إنها تمسكت في مذكرتها المقدمة لمحكمة الاستئناف بأن المطعون ضدهما تخلفا عن الاشتراك في التأمين اعتباراً من أول سبتمبر سنة 1959 حتى 31 ديسمبر سنة 1960، لأنهما لم يقدما للهيئة الاستمارة الخاصة بالتأمين على عمالهما إلا بتاريخ 22 ديسمبر سنة 1960، وبأنه يتعين تبعاً لذلك احتساب المبلغ الإضافي المستحق عليهما عن هذه الفترة بواقع 50% من قيمة الاشتراكات طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 17 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 وليس بواقع 30%، كما رأى الخبير استناداً إلى أن حالة المطعون ضدهما تنطبق عليها الفقرة الثانية من هذه المادة التي ينصرف حكمها إلى حالة تأخر صاحب العمل في سداد الاشتراكات المستحقة للهيئة، غير أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع الجوهري واكتفى بأن أحال في أسبابه إلى تقرير الخبير مما يعيبه فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن الثابت من مذكرة الطاعنة المقدمة لجلسة 10 يناير سنة 1968 أمام محكمة الاستئناف والمودعة صورتها الرسمية ملف الطعن أنها تمسكت في دفاعها بأن المطعون ضدهما لم يقدما للهيئة الاستمارة الخاصة بالتأمين على عمالها إلا بتاريخ 22 ديسمبر سنة 1960، وأنهما تخلفا بذلك عن الاشتراك في التأمين في الفترة من أول سبتمبر سنة 1959 حتى تاريخ تقديم هذه الاستمارة، مما يتعين معه احتساب الغرامة الإضافية التي يلتزم بها المطعون ضدهما عن الفترة بواقع 50% من قيمة الاشتراكات وليس بواقع 30% كما ذهب الخبير، وذلك لانطباق الفقرة الأولى من المادة 17 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 على حالتهما دون الفقرة الثانية من هذه المادة التي يخص حكمها حالة تأخر صاحب العمل في أداء الاشتراكات المستحقة للهيئة، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه خلا من الإشارة إلى دفاع الطاعنة سالف البيان ولم يرد عليه، واكتفى بأن أحال في أسبابه إلى تقرير الخبير الذي اعتمد عليه في قضائه، وكان يبين من الاطلاع على هذا التقرير المرفقة صورته الرسمية بالأوراق أن الخبير عند فحصه كشف الحساب المقدم من الطاعنة بتسوية مستحقاتها قبل المطعون ضدهما والذي حددت فيه الغرامة الإضافية عن تلك الفترة بواقع 50% من قيمة الاشتراكات رأى احتساب هذه الغرامة بواقع 30% وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 17 المشار إليها، على أساس أن الاستمارة التي قدمها المطعون ضدهما للهيئة للتأمين على عمالها قد حوت بيانات صحيحة عن عدد هؤلاء العمال وأجورهم وأن الهيئة أجرت محاسبتهما من واقع هذه البيانات دون أن يحقق الخبير تاريخ اشتراكهما في التأمين. لما كان ذلك، وكانت المادة 17 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 سنة 1964 التي تحكم النزاع إعمالاً لأثرها الرجعي المقرر بالمادة الخامسة من مواد إصدار هذا القانون جرى نصها على التفرقة بين حالة تخلف صاحب العمل أصلاً عن الاشتراك في هيئة التأمينات الاجتماعية عن كل أو بعض عماله أو عدم أدائه الاشتراكات على أساس أجورهم الحقيقية وبين حالة تأخر صاحب العمل بعد اشتراكه في توريد المبالغ المستحقة للهيئة في المواعيد المحددة، وفرض على صاحب العمل في الحالة الأولى غرامة إضافية بواقع 50% من قيمة الاشتراكات التي لم يؤدها، بينما حدد هذه الغرامة في الحالة الثانية بواقع 10% من قيمة الاشتراكات التي تأخر صاحب العمل في أدائها عن كل شهر وبحد أقصى قدره 30%. لما كان ذلك وكان إخطار المطعون ضدهما هيئة التأمينات الاجتماعية بعدد عمالهما وأجورهم الصحيحة بمقتضى الاستمارة المقدمة منهما لا يدل بذاته على تاريخ بدء اشتراك المطعون ضدهما في التأمين عن كل عمالهما في الفترة السابقة على هذا الإخطار، وكان تحديد حالة المطعون ضدهما وهل هي حالة تخلف عن الاشتراك في التأمين أم حالة تأخر في أداء الاشتراكات يقتضي الوقوف على تاريخ اشتراكهما لدى هيئة التأمينات الاجتماعية، وما إذا كان هذا التاريخ يوافق بداية خضوعهما لقانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 لسنة 1959 أو أنهما تأخرا في السداد المستحق عليهما، فتنطبق على حالتهما الفقرة الثانية من المادة 17 المشار إليها أم أن اشتراكهما يلي ذلك فتعتبر الفترة السابقة على الاشتراك في التأمين فترة تخلف تسري عليها الفقرة الأولى من هذه المادة. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل بحث ذلك ولم يواجه دفاع الطاعنة في هذا الخصوص رغم ما له من أثر جوهري في الدعوى فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يستوجب نقضه.