أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 24 - صـ 853

جلسة 31 من مايو سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وعلي صلاح الدين، وأحمد صفاء الدين.

(150)
الطعن رقم 356 لسنة 38 القضائية

تقادم. "تقادم مسقط". دعوى. "دعوى الضمان". مقاولة. "ضمان المقاول". حكم. "الأسباب الزائدة".
دعاوى ضمان المهندس المعماري والمقاول. ميعاد سقوطها. تاريخ بدء الميعاد. التزيد في أسباب الحكم. عدم تأثيره على نتيجته الصحيحة.
مؤدى نص المادتين 651، 654 من القانون المدني أن ميعاد سقوط دعاوى ضمان المهندس المعماري والمقاول يبدأ من تاريخ التهدم الفعلي الكلي أو الجزئي في حالة عدم انكشاف العيب الذي أدى إليه، ومن تاريخ انكشاف العيب دون انتظار إلى تفاقمه حتى يؤدي إلى تهدم المبنى، واضطرار صاحبه إلى هدمه. وإذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد علم بعيوب المبنى من تاريخ رفع دعوى إثبات الحالة، ولم يثبت أن عيوباً أخرى غير تلك التي كشفها خبير تلك الدعوى أدت إلى اضطراره إلى هدم المبنى، فإن الحكم إذ قضى بعدم قبول الدعوى لمضي أكثر من ثلاث سنوات بين انكشاف العيب ورفع الدعوى لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، أو شابه القصور في التسبيب، ولا يؤثر في النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه ما قرره من أنه يشترط لتطبيق المادة 654 من القانون المدني حصول تهدم تلقائي وليس هدماً بفعل رب العمل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن هلال محمد وهبة أقام الدعوى رقم 6895 لسنة 1964 مدني كلي القاهرة ضد أحمد محمد محمود وآخر طالباً الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 700 ج ثم عدل طلباته إلى إلزامهما متضامنين بدفع مبلغ 1700 ج، وقال شرحاً لدعواه إنه تعاقد في 4/ 7/ 1953 مع المدعى عليهما بوصفهما مقاولين على أن يقوما ببناء الطابق الأول من المنزل محل التعويض مع ما يتطلبه من أعمال الخرسانة والمجاري وتسليمه إليه صالحاً للسكنى، ولما كانت المواصفات معدة لإقامة المنزل من أربعة طوابق فقد اتفق معهما على أن تتحمل الأساسات هذا العدد من الطوابق وذلك مقابل 1700 ج، إلا أنهما أخلا بالتزاماتهما بأن أجريا تعديلات على الرسم الهندسي لم يتفق عليها، ونفذا الأساسات ووضعا مواسير صرف المجاري والأدوات الصحية على خلاف الأصول الفنية، واستعملا في البناء مواد رديئة مما أدى إلى تسرب مياه الصرف إلى المبنى وظهور شروخ فيه، فأقام ضدهما الدعوى رقم 11225 لسنة 1959 مستعجل القاهرة لإثبات حالة المبنى، وقدم الخبير تقريراً ذكر فيه العيوب الفنية في الأساسات وأنها لا تتحمل أدواراً علوية وأن إزالتها تتكلف 200 ج، وقدر المدعي الأضرار التي لحقته من جراء ذلك بمبلغ 700 ج ثم عدله إلى مبلغ 1700 ج قولاً منه أنه اضطر إلى هدم المنزل بأكمله بعد حصوله على ترخيص بالهدم، وانتهى المدعي إلى طلب الحكم له بطلباته، ودفع المدعى عليهما بسقوط حق المدعي في طلباتهما بالضمان لمضي أكثر من عشر سنوات من تاريخ إقامة المبنى في سنة 1950 حتى تاريخ رفع الدعوى في سنة 1964، فضلاً عن انقضاء مدة الثلاث السنوات المقررة لرفع الدعوى بعد اكتشاف العيب المدعى به في سنة 1958، وطلبا من قبيل الاحتياط رفض الدعوى لعدم مسئوليتهما عن الخلل الذي حدث بالمبنى، وفي 5/ 4/ 1967 حكمت المحكمة بقبول الدفع بالسقوط وبعدم قبول الدعوى. استأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته، وقيد هذا الاستئناف برقم 1185 سنة 84 ق، وفي 29/ 4/ 1968 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على سببين حاصلهما الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم قبول الدعوى على أن علمه بعيوب المبنى يرجع إلى تاريخ رفع دعوى إثبات الحالة رقم 225 سنة 1959 مستعجل القاهرة في 24/ 10/ 1959، مستدلاً على ذلك بما ذكره الطاعن في صحيفتها من أن المطعون عليهما ارتكبا أخطاء فنية في البناء أدت إلى تصدعه، ولكنه لم يقم دعواه الحالية بالمطالبة بالتعويض عن هذه الأخطاء إلا في 2/ 12/ 1964، أي بعد مضي أكثر من الثلاث السنوات المقررة في المادة 654 من القانون المدني لإقامة دعوى الضمان، في حين أنه وإن كان قد رفع دعواه ابتداء للمطالبة بالتعويض عن تلك الأخطاء إلا أنه عدلها بصحيفة معلنة في 14/ 10/ 1966 إلى المطالبة بالتعويض عن هدم المبنى بأكمله، وليس عن العيوب الفنية التي ذكرها في صحيفة دعوى إثبات الحالة آنفة الذكر، ولم يقم بهدم المبنى في 16/ 2/ 1965 إلا بسبب أيلولته للسقوط، وبعد حصوله على رخصة بالهدم في 9/ 8/ 1964 طبقاً لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1961 في شأن تنظيم هدم المباني الذي يمنع الترخيص بهدم المباني التي لم يمض على إقامتها أربعون سنة على الأقل إلا إذا كانت آيلة للسقوط ومن ثم لا تبدأ مدة سقوط الدعوى إلا من تاريخ الهدم في 16/ 5/ 1965 فضلاً عن أن مدة عشر السنوات المقررة في المادة 651 من القانون المدني لضمان عيوب البناء لم تبدأ إلا من تاريخ تسلمه المبنى في 10/ 10/ 1958، وقد تمسك بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف بعد تعديل أساس الدعوى، إلا أن الحكم المطعون فيه اعتبر هذا التعديل مجرد زيادة في قيمة التعويض دون الالتفات إلى تغيير أساس الدعوى مما يشوبه بالقصور، فضلاً عن أنه اعتبر هدم المبنى ليس من قبيل التهدم المنصوص عليه في المادتين 651 و654 آنفى الذكر، ومن ثم لم يحتسب تاريخ السقوط المنصوص عليه فيهما من تاريخ الهدم واحتسبه من تاريخ دعوى إثبات الحالة، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك إن المادة 651 من القانون المدني تنص على أن "يتضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي فيما شيدوه من مبان أو أقاموه من منشآت ثابتة أخرى وعلى أن يشمل هذا الضمان ما يوجد فيها من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته" وتنص المادة 654 منه على أن "تسقط دعاوى الضمان بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب" ومؤدى هذين النصين أن ميعاد السقوط يبدأ من تاريخ التهدم الفعلي الكلي أو الجزئي في حالة عدم انكشاف العيب الذي أدى إليه" ومن تاريخ انكشاف العيب دون انتظار إلى تفاقمه حتى يؤدي إلى تهدم المبنى واضطرار صاحبه إلى هدمه. إذ كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد علم بعيوب المبنى من تاريخ رفع دعوى إثبات الحالة في 24/ 10/ 1959، ولم يثبت أن عيوباً أخرى غير تلك التي كشفها خبير تلك الدعوى أدت إلى اضطراره إلى هدم المبنى، فإن الحكم إذ قضى بعدم قبول الدعوى لمضي أكثر من ثلاث سنوات بين انكشاف العيب ورفع الدعوى لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو شابه القصور في التسبيب، ولا يؤثر في النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه ما قرره من أنه يشترط لتطبيق المادة 654 من القانون المدني حصول تهدم تلقائي وليس هدماً بفعل رب العمل. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.