أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 1582

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، وسليم راشد أبو زيد، وعلي عبد الرحمن.

(241)
الطعن رقم 541 لسنة 34 القضائية

(أ، ب) جمارك. "العجز في البضاعة أو عدد الطرود". رسوم. "رسوم جمركية". "استحقاقها مع الغرامة". قانون. "التفسير التشريعي".
( أ ) وجود نقص في مقدار البضائع أو عدد الطرود المفرغة من السفينة. افتراض أن الربان قد هربه إلى داخل البلاد. ما لم يبرر الربان هذا العجز ظلت القرينة قائمة والتزم بالغرامة المقررة في المادتين 37، و38 من لائحة الجمارك علاوة على الرسوم الجمركية. الإعفاء من الغرامة إذا لم يتجاوز اختلاف المقادير والأوزان خمسة في المائة. عدم إدخال النقص بالنسبة سالفة الذكر - حالة الإعفاء - في حساب الرسوم الجمركية.
(ب) النص على الإعفاء من الرسوم الجمركية بالنسبة للنقص الجزئي عند تعديل المادة 37 من لائحة الجمارك بالقانون 507 لسنة 1955 تبعاً لتعديل آخر بها قصد به بيان أن حكم الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة يسري على البضائع المشحونة صباً دون غيرها. كلا التعديلين كاشف غير منشئ لحكم جديد. عدم تعديل المادة 38 من اللائحة. لا محل للتفرقة بين البضائع المشحونة صباً والمشحونة في طرود فيما يختص بالإعفاء من الرسوم الجمركية في حالة العجز الذي لا يجاوز 5% لتحقق حكمة الإعفاء من الرسوم في الحالين.
1 - وإن كان وجود نقص في مقدار البضائع أو في عدد الطرود المفرغة من السفينة عما هو مبين في "المانيفستو" يفترض معه أن الربان قد هربه إلى داخل البلاد ولا تنتفي هذه القرينة إلا إذا برر الربان هذا النقص وفقاً لما تتطلبه المادة 17 من اللائحة الجمركية فإذا عجز عن تبريره ظلت القرينة قائمة في حقه والتزم بالغرامة المقررة في المادتين 37 و38 من لائحة الجمارك علاوة على الرسوم الجمركية، إلا أن هذه اللائحة قد نصت في الفقرة الأخيرة من المادة 38 على أنه "إذا لم تتجاوز اختلاف المقادير والأوزان خمسة في المائة فلا موجب لتقرير أية غرامة". ولما كان غرض الشارع من إيراد هذا النص هو التسامح عن هذه النسبة من النقص الجزئي في البضاعة لما لاحظه من أن النقص بالنسبة المذكورة قد يكون منشؤه عوامل طبيعية أو خطأ في الشحن والتفريغ ينتفي معها افتراض تهريب هذا النقص فإن ذلك يقتضي عدم إدخال النقص بالنسبة سالفة الذكر في حساب الرسوم الجمركية لانتفاء المسوغ لاستحقاقها إذ هي لا تستحق في حالة النقص الجزئي في البضاعة إلا حيث لا تنتفي القرينة على التهريب وقد افترض المشرع انتفاءها في حالة النقص الذي لا يجاوز النسبة التي حددها، ولا يقدح في صحة هذا النظر ما نصت عليه المادة 36 من اللائحة من أنه لا علاقة لتقرير الغرامات - المنصوص عليها في الباب الثامن - بالرسوم المستحقة طبقاً للمعاهدات والقوانين ذلك أن شرط إعمال هذا النص أن تكون الرسوم الجمركية مستحقة طبقاً للقانون وهو الأمر غير المتوافر إذ أن لائحة الجمارك لم تنص على استحقاق الرسوم في حالة النقص الجزئي الذي يدخل في حدود نسبة التسامح المقررة في المادة 38 على خلاف ما جرت عليه اللائحة من النص على استحقاق الرسوم الجمركية مع الغرامة في حالة عجز الربان عن تبرير النقص في عدد الطرود.
2 - النص على الإعفاء من الرسوم الجمركية بالنسبة للنقص الجزئي لم يكن وارداً أصلاً في الفقرة الأخيرة من المادة 37 بل كان نصها مماثلاً لنص الفقرة الأخيرة من المادة 38 ثم أضيف إليها النص على الإعفاء من الرسوم عند تعديلها بالقانون رقم 507 لسنة 1955 تبعاً لتعديل آخر في نصها قصد به بيان أن حكم الفقرة الأخيرة من المادة 37 يسري على البضائع المشحونة صباً دون غيرها وكلا التعديلين كاشف عن غرض المشرع وليس منشئاً لحكم جديد، أما المادة 38 فلم يتناولها التعديل بل بقيت على أصلها الوارد في اللائحة الجمركية وليس ثمت مبرر للتفرقة بين البضائع المشحونة صباً والمشحونة في طرود فيما يختص بالإعفاء من الرسوم الجمركية في حالة العجز الذي لا يجاوز نسبة التسامح التي حددها القانون لتحقق حكمة الإعفاء من الرسوم في الحالين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مصلحة الجمارك - الطاعنة - أقامت الدعوى رقم 72 سنة 1960 تجاري كلي الإسكندرية تطلب إلزام الشركة المطعون ضدها بوصفها وكيلة عن السفينة "كوكومارو" بأن تؤدي لها مبلغ 873 ج و695 م على اعتبار أنه قيمة الرسوم الجمركية المستحقة على العجز الذي وجد في شحنة المبيدات الحشرية التي أفرغتها السفينة بميناء الإسكندرية وقدره أحد عشر برميلاً واستندت المصلحة في ذلك إلى المواد 17 و36/ 2 و37/ 2 من اللائحة الجمركية وقوانين التعريفة الجمركية وبتاريخ 18 من ديسمبر سنة 1960 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية بإلزام المطعون ضدها بأن تدفع للطاعنة المبلغ المطالب به مؤسسة هذا القضاء على ما تفرضه المادة 37 من اللائحة الجمركية من وجوب أداء الرسوم الجمركية في حالة وجود عجز في طرود برمتها. استأنفت الشركة المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 20 سنة 18 ق تجاري. وبتاريخ 16 من يونيه سنة 1964 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى تأسيساً على أن عدد الطرود المشحونة على السفينة قد تم تفريغه كاملاً وأن العجز الذي ظهر كان نقصاً جزئياً في مشمول الرسالة مما تنطبق عليه أحكام المادة 38 من اللائحة الجمركية وأنه إذ لم يجاوز هذا العجز 5% من وزن الرسالة فإنه لا تستحق عليه أية رسوم جمركية طبقاً للفقرة الأخيرة من هذه المادة - طعنت مصلحة الجمارك على هذا الحكم بطريق النقض في 15 من أغسطس سنة 1964. وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة هذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد من وجهين تنازلت الطاعنة في جلسة المرافعة عن ثانيهما وتمسكت بأولهما فقط وحاصله أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ذلك أنه أقام قضاءه على أن المادة 38 لم تقرر أي رسم عن العجز في مشمول الطرود الذي لا يجاوز 5% وأنه لذلك لا يحق للطاعنة أن تطالب عن ذلك العجز بأية رسوم جمركية لأنه لا رسم بلا نص، هذا في حين أن المشرع وإن كان قد أعفي من الغرامة عن العجز الذي لا يجاوز هذه النسبة إلا أن ذلك لا يستتبع بطريق اللزوم إعفاءه من الرسوم الجمركية أيضاً إذ لا تلازم بين الأمرين وهوة ما أكدته اللائحة الجمركية بنصها في الفقرة الأخيرة من المادة 36 على أنه "لا علاقة لتقرير هذه الغرامات بالرسوم المستحقة طبقاً للقوانين والمعاهدات" وقد كان هذا الاعتبار دائماً محل نظر المشرع عند صياغته نصوص اللائحة الجمركية فكلما أراد الإعفاء نص عليه صراحة سواء كان إعفاء من الرسوم الجمركية أم من الغرامات المنصوص عليها في الباب الثامن، ولو كان الإعفاء من الغرامة يستتبع بذاته الإعفاء من الرسوم الجمركية لما كان المشرع بحاجة إلى النص صراحة على الإعفاء من الرسوم الجمركية مع الإعفاء من الغرامة في الفقرة الأخيرة من المادة 37 من اللائحة الجمركية التي واجه بها إعفاء نسبة معينة من العجز في البضائع المشحونة صباً، ولئن كانت المادة 38 من هذه اللائحة قد نصت على الإعفاء من الغرامة في الحالات التي لا يجاوز فيها اختلاف المقادير والأوزان خمسة في المائة إلا أن الإعفاء من الغرامة لا يصح أن يتعداها إلى الإعفاء من الرسوم الجمركية لاستقلال كل منهما من حيث الوجوب والإعفاء ولأن الأصل وفقاً للمادة 17 من اللائحة أن تتطابق البضائع والطرود المفرغة في مقدارها ووزنها مع البيانات المدونة بمانيفستو الشحن فإن ظهر وجوب عجز بها افترض أن الربان قد هربه فيلزم بالغرامة فضلاً عن الرسوم الجمركية ما دام أن الربان لم يبرهن على أسباب النقص طبقاً لما تتطلبه المادة 17 من اللائحة.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه وإن كان وجود نقص في مقدار البضائع أو في عدد الطرود المفرغة من السفينة عما هو مبين في المانيفستو يفترض معه أن الربان قد هربه إلى داخل البلاد ولا تنتفي هذه القرينة إلا إذا برر الربان هذا النقص وفقاً لما تتطلبه المادة 17 من اللائحة فإذا عجز عن تبريره ظلت القرينة قائمة في حقه والتزم بالغرامة المقررة في المادتين 37، 38 من لائحة الجمارك علاوة على الرسوم الجمركية إلا أن هذه اللائحة قد نصت في الفقرة الأخيرة من المادة 38 على أنه "إذا لم تتجاوز اختلاف المقادير والأوزان خمسة في المائة فلا موجب لتقرير أية غرامة" ولما كان غرض الشارع من إيراد هذا النص هو التسامح عن هذه النسبة من النقص الجزئي في البضاعة لما لاحظه من أن النقص بالنسبة المذكورة قد يكون منشؤه عوامل طبيعية أو ضعف الغلافات وانسياب محتوياتها أو غير ذلك من أخطاء الشحن والتفريغ التي ينتفي معها افتراض تهريب هذا النقص فإن ذلك يقتضي عدم إدخال النقص بالنسبة المنصوص عليها في الفقرة المشار إليها في حساب الرسوم الجمركية لانتفاء المسوغ لاستحقاقها إذ هي لا تستحق في حالة النقص الجزئي في البضاعة إلا حيث لا تنتفي القرينة على التهريب وقد افترض المشرع انتفاءها في حالة النقص الذي لا يجاوز النسبة التي حددها ولا يقدح في صحة هذا النظر ما نصت عليه المادة 36 من اللائحة من أنه لا علاقة لتقرير الغرامات المنصوص عليها في الباب الثامن بالرسوم المستحقة طبقاً للمعاهدات والقوانين - ذلك أن شرط إعمال هذا النص أن تكون الرسوم الجمركية مستحقة طبقاً للقانون وهو الأمر غير المتوافر إذ أن لائحة الجمارك لم تنص على استحقاق الرسوم في حالة النقص الجزئي الذي يدخل في حدود نسبة التسامح المقررة في المادة 38 وذلك على خلاف ما جرت عليه اللائحة من النص على استحقاق الرسوم الجمركية مع الغرامة في حالة عجز الربان عن تبرير النقص في عدد الطرود وقد سلف القول بانتفاء المسوغ لاستحقاق الرسوم في الحالة الأولى كما أنه لا حجة فيما تقوله الطاعنة من أن المشرع لو أراد الإعفاء من الرسوم الجمركية في تلك الحالة لنص على ذلك كما فعل في الفقرة الأخيرة من المادة 37 من اللائحة في شأن النقص الذي لا يجاوز 5% في البضائع المشحونة صباً - لا حجة في هذا القول لأن النص على الإعفاء من الرسوم الجمركية بالنسبة لهذا النقص لم يكن وارداً أصلاً في هذه الفقرة الأخيرة من المادة 37 بل كان نصها مماثلاً لنص الفقرة الأخيرة من المادة 38 ثم أضيف إليها النص على الإعفاء من الرسوم عند تعديلها بالقانون 507 سنة 1955 وتبعاً لتعديل آخر في نصها قصد به بيان أن حكم الفقرة الأخيرة من المادة 37 يسري على البضائع المشحونة صباً دون غيرها، وكلا التعديلين يعتبر كاشفاً عن غرض المشرع وليس منشئاً لحكم جديد وقد بررت المذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه الإعفاء من الرسوم الجمركية في حالة النقص الذي لا يجاوز 5% في البضائع المشحونة صباً بقولها "ولما كانت العدالة تقتضي عدم إدخال النقص بالنسبة المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 37 في حساب الرسوم الجمركية فقد رؤى النص على ذلك صراحة" أما المادة 38 فلم يتناولها التعديل بل بقيت على أصلها الوارد في اللائحة الجمركية وليس ثمة مبرر للتفرقة بين البضائع المشحونة صباً والمشحونة في طرود فيما يختص بالإعفاء من الرسوم الجمركية في حالة العجز الذي لا يجاوز نسبة التسامح التي حددها القانون وذلك لتحقق حكمة الإعفاء من هذه الرسوم في الحالين. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر الصحيح وقضى بعدم استحقاق الرسوم الجمركية في حالة النقص الجزئي الذي لا تجاوز نسبته 5% فإن النعي عليه في هذا الخصوص بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه يكون على غير أساس ويتعين لذلك رفض الطعن.