أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 24 - صـ 877

جلسة 7 من يونيه سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وعلي صلاح الدين، وأحمد صفاء الدين.

(154)
الطعن رقم 102 لسنة 38 القضائية

وكالة. "الوكالة التجارية". سمسرة.
اختلاف الوكالة التجارية عن أعمال السمسرة. اقتصار عمل السمسار على التقريب بين شخصين لإتمام الصفقة. الوكيل بالعمولة في الوكالة التجارية يتعاقد مع الغير باسمه حظر مزاولة أعمال الوكالة التجارية إلا للشركات الحكومية أو التابعة للمؤسسات العامة. هذا الحظر لا يتناول أعمال السمسرة.
تختلف الوكالة التجارية عن أعمال السمسرة، وتتميز كل منهما عن الأخرى، إذ يقتصر عمل السمسار على التقريب بين شخصين لإتمام الصفقة، دون أن يكون له شأن فيما يتم التعاقد عليه، فهو لا يمثل أحد المتعاقدين، ولا يوقع على العقد بوصفه طرفاً فيه، أما الوكيل بالعمولة في الوكالة التجارية فإنه يتعاقد مع الغير باسمه دون اسم موكله الذي قد يجهله المتعاقد الآخر، وإن كان على الوكيل بالعمولة أن ينقل إلى ذمة موكله كل الحقوق وما ترتب على العقد من التزامات، وإذ كان القانون رقم 107 لسنة 1961 الصادر في 9 من يوليه سنة 1961 قد حظر بمادته الأولى مزاولة أعمال الوكالة التجارية إلا للشركات الحكومية أو التابعة للمؤسسات العامة، فإن هذا الحظر يكون قاصراً على أعمال الوكالة بالعمولة دون أعمال السمسرة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بما قرره من أن أعمال الوكالة التجارية تضمن أعمال السمسرة، ورتب على ذلك قضاءه برفض دعوى المطالبة بالسمسرة المستحقة لمورث الطاعنين عن الصفقة التي ادعى إتمامها بين المطعون عليهما، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 2046 سنة 1963 تجاري القاهرة ضد المطعون عليهما يطلبون الحكم بإلزام شركة هيلد المطعون عليها الأولى - في مواجهة المطعون عليها الثانية - بأن تدفع لهم ما يقابل مبلغ 135 ألفاً من الجنيهات الإسترلينية، وقالوا بياناً للدعوى إن مورثهم (أنس رباط) كان وسيطاً في إبرام عقد صفقة بين المدعى عليهما بتاريخ 3 أكتوبر سنة 1962 يستحق عنها عمولة قدرها 3% من قيمتها، وهي النسبة التي كانت مقررة له بمقتضى العقد المؤرخ 27 يناير سنة 1959 الصادر من الشركة المطعون عليها الأولى بتعيينه وكيلاً عنها بالعمولة، وإذ نازعت الشركة في أحقية مورثهم للعمولة المقررة أقاموا الدعوى بطلباتهم، وبتاريخ 12 نوفمبر سنة 1964 ندبت المحكمة مكتب الخبراء لفحص دفاتر المطعون عليها الثانية للوقوف على حجم التعامل المترتب على هذه الصفقة، وحساب حقوق المورث على أساس ما قضى به الحكم في أسبابه من استحقاقه عمولة بواقع 1% استأنفت شركة هيلد هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه ورفض الدعوى، وقيد هذا الاستئناف برقم 14 سنة 82 قضائية، وأقام المدعون استئنافاً مقابلاً طلبوا فيه الحكم لهم بكل طلباتهم وقيد هذا الاستئناف برقم 311 سنة 84 قضائية، وبتاريخ 16 يناير سنة 1968 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، تأسيساً على أن أعمال الوكالة التجارية تشمل أعمال السمسرة، وأن قرار رئيس الجمهورية رقم 107 لسنة 1961 الصادر بتاريخ 11 يوليه سنة 1961 إذ حظر مباشرة أعمال الوكالة التجارية لغير الشركات الحكومية أو التابعة للمؤسسات العامة، ومنح قرار وزير الاقتصاد رقم 1083 لسنة 1961 مهلة ثلاثة شهور لتصفية أعمال الوكالة المحظورة مع فرض عقوبة على مخالفة هذه الأحكام، فإن الاتفاق المؤرخ 27 يناير سنة 1959 الذي عقد لسنة واحدة يصبح باطلاً، وإذ لم يعد مورث الطاعنين من الأشخاص المسموح لهم بمزاولة أعمال الوكالة التجارية في 3 أكتوبر سنة 1962 تاريخ عقد الصفقة موضوع الدعوى، فإن حقه في المطالبة بعمولة عنها يكون على غير أساس. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت نقض الحكم. وحيث إن حاصل أوجه الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، كما شابه القصور، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن أعمال الوكالة التجارية تختلف عن أعمال السمسرة. لأن الوكيل التجاري كما عرفته المادة 81 من قانون التجارة هو من يعمل عملاً باسم نفسه أو باسم شركة بأمر الموكل وعلى ذمته في مقابل أجرة أو عمولة، أما السمسار فهو وكيل يكلفه أحد المتعاقدين التوسط لدى العاقد الآخر لإتمام صفقة بينهما بأجر يستحق له عند نجاح وساطته بإبرام الصفقة على يديه، وأنه لما كان القانون رقم 107 سنة 1961 لم يحظر أعمال السمسرة صراحة أو ضمناً، فإن الحكم المطعون فيه إذ جعل أحكام ذلك القانون تمتد إلى أعمال السمسرة، ودون أن يبين سبب ذلك يكون قد خلط بين أعمال الوكالة التجارية وبين أعمال السمسرة.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن الوكالة التجارية تختلف عن أعمال السمسرة وتتميز كل منها عن الأخرى، إذ يقتصر عمل السمسار على التقريب بين شخصين لإتمام الصفقة، دون أن يكون له شأن فيما يتم التعاقد عليه، فهو لا يمثل أحد المتعاقدين، ولا يوقع على العقد بوصفه طرفاً فيه، أما الوكيل بالعمولة في الوكالة التجارية فإنه يتعاقد مع الغير باسمه دون اسم موكله الذي قد يجهله المتعاقد الآخر، وإن كان على الوكيل بالعمولة أن ينقل إلى ذمة موكله كل الحقوق وما ترتب على العقد من التزامات. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 107 لسنة 1961 الصادر في 9 يوليه سنة 1961 حظر بمادته الأولى مزاولة أعمال الوكالة التجارية إلا للشركات الحكومية أو التابعة للمؤسسات العامة فإن هذا الحظر يكون قاصراً على أعمال الوكالة بالعمولة دون أعمال السمسرة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بما قرره من أن أعمال الوكالة التجارية تتضمن أعمال السمسرة، ورتب على ذلك قضاءه برفض دعوى المطالبة بالسمسرة المستحقة لمورث الطاعنين عن الصفقة التي ادعى إتمامها بين المطعون عليهما، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، وإذ تحجب الحكم بهذا الخطأ عن الفصل في استحقاق المورث لهذه السمسرة وقيمتها لذلك يتعين أن يكون مع نقض الحكم الإحالة.