أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 1594

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

(243)
الطعن رقم 565 لسنة 34 القضائية

( أ ) شفعة. "إعلان الرغبة". "العلم بالبيع".
وجوب إعلان الشفيع رغبته في الأخذ بالشفعة خلال ميعاد الخمسة عشر يوماً من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه إليه البائع أو المشتري وإلا سقط حقه. ذلك لا يمنع الشفيع من إعلان رغبته دون انتظار وصول الإنذار الرسمي إليه.
(ب) شفعة. "رفع الدعوى وإيداع الثمن الحقيقي".
إعلان الشفيع رغبته رسمياً إلى كل من البائع والمشتري - ولو قبل إنذاره من أيهما - من تاريخ هذا الإعلان يسري ميعاد الثلاثين يوماً التي أوجب المشرع خلاله إيداع الثمن الحقيقي ورفع دعوى الشفعة وقيدها ولم يعلق سريان هذا الميعاد على انقضاء ميعاد الخمسة عشر يوماً المحدد بالمادة 940 من القانون المدني.
(جـ) شفعة. "قيد دعوى الشفعة". قانون. "سريان قوانين المرافعات".
عدم قيد دعوى الشفعة في ميعاد الثلاثين يوماً - قبل تعديل المادة 75 مرافعات بالقانون 100 لسنة 1962 - سقوط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة. المادة 943 من القانون المدني.
1 - لئن كان علم الشفيع بحصول البيع لا يعتبر ثابتاً في نظر الشارع في القانون المدني القائم إلا من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه إليه البائع أو المشتري. ولا يسري ميعاد الخمسة عشر يوماً الذي يسقط حق الشفيع إذا لم يعلن رغبته في الأخذ بالشفعة قبل انقضائه إلا من تاريخ هذا الإنذار مما مؤداه أنه لا إلزام على الشفيع بإعلان رغبته إلا بعد إنذاره من المشتري أو البائع ولو علم بالبيع قبل ذلك، فإنه يستطيع مع هذا أن يبادر بإعلان رغبته بمجرد علمه بالبيع دون انتظار وصول الإنذار إليه إذ ليس في القانون ما يمنعه من ذلك، ولم يقصد المشرع بما أورده في المادة 940 من القانون المدني تحديد بداية الأجل الذي يجوز للشفيع إعلان رغبته فيه أو أن يجعل من إنذار المشتري والبائع إجراء حتمياً يتوقف على اتخاذه صحة إعلان الرغبة وإنما قصد المشرع إلى بيان لزوم هذا الإنذار لسريان ميعاد الخمسة عشر يوماً المقرر لسقوط حق الشفيع.
2 - متى أعلن الشفيع رغبته رسمياً إلى كل من البائع والمشتري - ولو كان قبل إنذاره من أيهما - فإن هذا الإعلان ينتج جميع آثاره القانونية فيسري من تاريخه ميعاد الثلاثين يوماً التي أوجب القانون أن يتم في خلاله إيداع كل الثمن الحقيقي الذي حصل البيع به ورفع دعوى الشفعة وقيدها بالجدول وإلا سقط حق الأخذ بالشفعة ذلك لأن المشرع قد نص في الفقرة الثانية من المادة 942 وفي المادة 943 على سريان ميعاد الثلاثين يوماً من تاريخ إعلان الرغبة الوارد ذكره في الفقرة الأولى من المادة 942 ولم يعلق سريانه على انقضاء ميعاد الخمسة عشر يوماً الوارد في المادة 940 وكل ما اشترطه القانون في هذا الإعلان هو أن يكون رسمياً وأن يوجه من الشفيع إلى كل من البائع والمشتري ولم يستلزم فيه أن يكون حاصلاً بعد الإنذار الذي يوجهه البائع أو المشتري.
3 - إذا كان الثابت أن طالب الشفعة لم يقيد دعوى الشفعة بالجدول في ميعاد الثلاثين يوماً المنصوص عليه في المادة 943 من القانون المدني، وكان ذلك قبل تعديل المادة 75 من قانون المرافعات بالقانون رقم 100 لسنة 1962 - فإن حقه في الأخذ بالشفعة يكون قد سقط عملاً بصريح نص المادة 943 من القانون المدني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهما الثاني والثالث أقاما ضد الطاعنين والمطعون عليها الأولى الدعوى رقم 3039 مدني كلي القاهرة بعريضة أعلنت إليهم في 12/ 9/ 1957 طلبا فيها الحكم بأحقيتهما في أن يأخذا بالشفعة حصة مقدارها 21 ط و8 س على الشيوع في كامل أرض وبناء المنزل المبين بالعريضة مقابل ثمن مقداره 1200 جنيه والملحقات. وقالا بياناً للدعوى إنهما علما أن المطعون عليها الأولى باعت إلى الطاعنين حصتها في هذا المنزل بعقد ابتدائي مؤرخ 20/ 6/ 1957 نظير ثمن قدره 1200 جنيه فبادرا بإبداء رغبتهما في الأخذ بالشفعة بإنذار تم إعلانه إلى المشتريين والبائعة في 17/ 8/ 1957 واستندا في أحقيتهما في الشفعة إلى أنهما يجاوران العقار المبيع من الجهة القبلية إذ يمتلكان المنزل الملاصق له من هذه الجهة بموجب إشهاد استبدال صادر من محكمة مصر الابتدائية الشرعية مسجل تحت رقم 67 جزء أول عقود بتاريخ 10/ 5/ 1945 ونظراً لأن الطاعنين أنكرا عليهما حق الشفعة في إنذارهما المؤرخ 28/ 8/ 1957 فقد أودعا الثمن خزانة المحكمة في 12/ 9/ 1957 ثم أقاما الدعوى بطلباتهما السابق بيانها وقيداها بجدول المحكمة في 26/ 9/ 1957. دفع الطاعنان بسقوط الحق في الشفعة لعدم قيد الدعوى خلال الثلاثين يوماً من تاريخ إعلان الرغبة طبقاً لنص المادة 943 مدني - وبأن العقار المشفوع به غير ملاصق للمنزل المبيع ولم تنتقل ملكيته إلى المطعون عليهما الثاني والثالث لعدم تسجيل إشهاد الاستبدال سند ملكيتهما. وبتاريخ 20 من نوفمبر سنة 1957 قضت المحكمة الابتدائية برفض الدفع بالسقوط ثم قضت في 31/ 3/ 1958 بندب خبير لتحقيق الجوار وتقدير قيمة المنشآت التي استحدثت في العقار المشفوع فيه وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت في 23 ديسمبر سنة 1961 برفض الدعوى تأسيساً على أن ملكية العقار المشفوع به لم تنتقل إلى المطعون عليهما الثاني والثالث لأن إشهاد الاستبدال الذي يستندان إليه لم يسجل. استأنف الأخيران هذا الحكم بالاستئناف رقم 249 سنة 79 ق القاهرة. وفي 22 نوفمبر سنة 1964 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المستأنفين (المطعون عليهما الثاني والثالث) في أخذ العقار موضوع الدعوى بالشفعة نظير مبلغ 1200 ج والملحقات الرسمية ومبلغ 402 ج قيمة المنشآت التي تمت في العقار المشفوع فيه. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه جزئياً وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. ويقولان في بيان ذلك إنهما دفعا أمام محكمة الاستئناف بسقوط حق المطعون عليهما الثاني والثالث في الشفعة لأن دعواهما لم تقيد بالجدول خلال الثلاثين يوماً التالية لإنذار إبداء الرغبة عملاً بنص المادة 943 من القانون المدني، لكن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 20 نوفمبر سنة 1957 في قضائه برفض الدفع بالسقوط تأسيساً على ما قرره من أن إعلان الرغبة من الشفيع يجب أن يسبقه إنذار رسمي يوجه إليه من البائع أو المشتري حتى يستطيع الشفيع أن يعلن رغبته خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ هذا الإنذار طبقاً لنص المادة 940 مدني وأن إعلان الرغبة في الشفعة الموجه من المطعون عليهما الثاني والثالث الشفيعين في 17 أغسطس سنة 1957 كان قبل أوانه ولا تترتب عليه آثار قانونية وأن الإنذار الموجه إليهما في 28 أغسطس سنة 1957 من الطاعنين هو الذي تبدأ من تاريخه مدة السقوط. وهذا من الحكم المطعون فيه خطأ في تطبيق القانون ذلك أن نص المادة 940 مدني لا يمنع الشفيع من إعلان الرغبة بمجرد علمه بالبيع دون انتظار للإنذار الذي يوجهه إليه البائع أو المشتري ومتى أعلن رغبته فإنه يترتب على هذا الإعلان جميع آثاره القانونية كما أن الإنذار المؤرخ 28/ 8/ 1957 إنما كان رداً على إنذار إبداء الرغبة في الشفعة وأنكر فيه الطاعنان حق المطعون عليهما الثاني والثالث في الأخذ بالشفعة فلا يعتبر إنذاراً بالمعنى المقصود بالمادة 940 مدني المشار إليها ولا يحتسب من تاريخه الميعاد المقرر فيها لسقوط حق الشفيع في إعلان الرغبة.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه وإن كان علم الشفيع بحصول البيع لا يعتبر ثابتاً في نظر الشارع في القانون المدني القائم إلا من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه إليه البائع أو المشتري ولا يسري ميعاد الخمسة عشر يوماً الذي يسقط حق الشفيع إذا لم يعلن رغبته في الأخذ بالشفعة قبل انقضائه إلا من تاريخ هذا الإنذار مما مؤداه أنه لا إلزام على الشفيع بإعلان رغبته إلا بعد إنذاره من المشتري أو البائع ولو علم بالبيع قبل ذلك فإنه يستطيع مع هذا أن يبادر بإعلان رغبته بمجرد علمه بالبيع دون انتظار وصول الإنذار إليه إذ ليس في القانون ما يمنعه من ذلك ولم يقصد المشرع بما أورده في المادة 940 من القانون المدني تحديد بداية الأجل الذي يجوز للشفيع إعلان رغبته فيه أو أن يجعل من إنذار المشتري والبائع إجراء حتمياً يتوقف على اتخاذه صحة إعلان الرغبة وإنما قصد المشرع إلى بيان لزوم هذا الإنذار لسريان ميعاد الخمسة عشر يوماً المقرر لسقوط حق الشفيع ومتى أعلن الشفيع رغبته رسمياً إلى كل من البائع والمشتري ولو كان ذلك قبل إنذاره من أيهما فإن هذا الإعلان ينتج جميع آثاره القانونية فيسري من تاريخه ميعاد الثلاثين يوماً الذي أوجب القانون أن يتم في خلاله إيداع كل الثمن الحقيقي الذي حصل البيع به ورفع دعوى الشفعة وقيدها بالجدول وإلا سقط حق الأخذ بالشفعة. ذلك لأن المشرع قد نص في الفقرة الثانية من المادة 942 وفي المادة 943 على سريان ميعاد الثلاثين يوماً من تاريخ إعلان الرغبة الوارد ذكره في الفقرة الأولى من المادة 942 ولم يعلق سريانه على انقضاء ميعاد الخمسة عشر يوماً الوارد في المادة 940 وكل ما اشترطه القانون في هذا الإعلان هو أن يكون رسمياً وأن يوجه من الشفيع إلى كل من البائع والمشتري ولم يستلزم فيه أن يكون حاصلاً بعد الإنذار الذي يوجهه البائع أو المشتري إلى الشفيع. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق ومن تقريرات الحكم الابتدائي الصادر في 20 نوفمبر سنة 1957 الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه أن المطعون عليهما الثاني والثالث أعلنا رغبتهما في الشفعة إلى المشتريين (الطاعنين) وإلى البائعة (المطعون عليها الأولى) بإعلان على يد محضر بتاريخ 17 من أغسطس سنة 1957 وأنهما وإن كانا قد قاما بإيداع كامل الثمن وبرفع دعوى الشفعة في 12 من سبتمبر سنة 1957 إلا أنهما تراخيا بعد ذلك في قيد هذه الدعوى بالجدول فلم يقيداها إلا في 26 من سبتمبر سنة 1957 بعد أن كان قد انقضى على تاريخ إعلان الرغبة أكثر من ثلاثين يوماً فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع الذي أبداه الطاعنان (المشتريان) بسقوط حق المطعون عليهما الثاني والثالث في الأخذ بالشفعة طبقاً للمادة 943 من القانون المدني لقيد دعوى الشفعة بعد الميعاد المنصوص عليه في هذه المادة - إذ قضى الحكم برفض هذا الدفع تأسيساً على القول بأن المادة 940 تشترط أن يكون إعلان الرغبة من الشفيع مسبوقاً بإنذار رسمي من البائع أو المشتري وأنه لذلك يكون إعلان الرغبة الحاصل في 17 من أغسطس سنة 1957 قبل أوانه ولا تترتب عليه آثار قانونية وبالتالي فلا يسري من تاريخه ميعاد الثلاثين يوماً المحدد لإيداع الثمن ورفع دعوى الشفعة وقيدها بالجدول - فإن الحكم يكون بذلك مخطئاً في تطبيق القانون وفي تأويله بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه ولما سلف بيانه من أن طالبي الشفعة لم يقيدا دعوى الشفعة بالجدول في ميعاد الثلاثين يوماً المنصوص عليه في المادة 943 من القانون المدني وكان ذلك قبل تعديل المادة 75 من قانون المرافعات بالقانون رقم 100 لسنة 1962 - فإن حقهما في الأخذ بالشفعة يكون قد سقط عملاً بصريح نص المادة المذكورة ويتعين لذلك إلغاء الحكم الابتدائي الصادر في 20 نوفمبر سنة 1957 برفض الدفع بسقوط حق المدعيين في الشفعة ويحقهما فيها والقضاء بقبول هذا الدفع وبسقوط حق المدعيين في الأخذ بالشفعة.