أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 24 - صـ 913

جلسة 13 من يونيه سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجودة أحمد غيث، وإبراهيم السعيد ذكري، والدكتور محمد زكي عبد البر.

(159)
الطعن رقم 595 لسنة 35 القضائية

ضرائب. "ضريبة المهن الحرة". محاماة.
الإعفاء من ضريبة المهن الحرة في السنوات الخمس من تاريخ الحصول على الدبلوم العالي. م 76 ق 14 لسنة 1939 معدلة ق 146 لسنة 1950. المحامي الحاصل على شهادة العالمية من الجامع الأزهر سنة 1923. الحكم بسريان هذا الإعفاء المؤقت عليه اعتباراً من أول يناير 1956. خطأ في القانون.
النص في الفقرة الثانية من المادة 76 من القانون رقم 14 لسنة 1939 معدلة بالقانون رقم 146 لسنة 1950 على أن "... ويعفى من الضريبة أصحاب المهن الحرة التي تستلزم مزاولتها الحصول على دبلوم عال في السنوات الخمس من تاريخ حصولهم على الدبلوم، ولا يلزمون بالضريبة إلا اعتباراً من أول الشهر التالي لانقضاء السنوات الخمس المذكورة" يدل على أنه يشترط للإفادة من الإعفاء المقرر بها أن تستلزم مزاولة المهنة على دبلوم عال، وألا يكون قد مضى خمس سنوات على تاريخ الحصول على هذا الدبلوم، ولما كان مفاد ما تقضي به المادة الثالثة والعشرون من القانون رقم 146 لسنة 1950 من سريان العمل بالمادة 76 المعدلة آنفة الذكر ابتداء من أول يناير 1951 ألا ينطبق الإعفاء المشار إليه فيها إلا على من تحقق فيه شرط عدم مضي السنوات الخمس من تاريخ الحصول على الدبلوم حتى التاريخ سالف الذكر. ولما كان مورث المطعون عليهما - محام - قد حصل على شهادة العالمية من الجامع الأزهر في سنة 1923 م فإنه لا يستفيد من هذا الإعفاء المؤقت ومدته خمس سنوات، ولا محل للاستناد في سريان هذا الإعفاء على مورث المطعون عليهما ابتداء من أول يناير 1956 إلى ما تنص عليه المادة العاشرة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية، والمادتان الأولى والثانية من القانون رقم 625 لسنة 1955 في شأن المحامين لدى المحاكم الشرعية الملغاة، ذلك أن هذه النصوص إنما وردت لتنظيم انتقال المحامين المقيدين بجدول المحامين الشرعيين لغاية 31 من ديسمبر 1955 إلى جدول المحامين أمام المحاكم الوطنية بمناسبة إلغاء المحاكم الشرعية ابتغاء عدم حرمانهم من مورد رزق عولوا عليه في معاشهم، فمنحهم المشرع حق المرافعة أمام المحاكم الوطنية دون اشتراط الحصول على درجة الليسانس في القانون، وذلك استثناء من أحكام القانون رقم 98 لسنة 1944 الخاص بالمحاماة أمام المحاكم الوطنية على ما صرح به في صدر المادة العاشرة من القانون رقم 462 لسنة 1955، معتمداً في ذلك بدرايتهم وخبرتهم في الشريعة الإسلامية، وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 625 لسنة 1955. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بسريان الإعفاء المؤقت المنصوص عليه في المادة 76/ 2 من القانون رقم 14 لسنة 1939 على مورث المطعون عليهما اعتباراً من أول يناير 1956 فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مراقبة الضرائب المختصة بالإسكندرية قدرت أرباح المرحوم الشيخ عبد الفتاح البانوبي المحامي - مورث المطعون عليهما - في كل من سنتي 1956، 1957 على أساس الفئة الثابتة المنصوص عليها في البند (د) من المادة الأولى من القانون رقم 642 لسنة 1955، وإذ اعترض استناداً إلى أنه حصل على شهادة العالمية من الجامع الأزهر في سنة 1923، والتحق بالقضاء الشرعي، ثم قيد اسمه في سنة 1940 بجدول المحامين الشرعيين غير المشتغلين، وظل يتقلب في مختلف الوظائف حتى أحيل إلى التقاعد في 17 من سبتمبر سنة 1955، وفي هذا التاريخ نقل اسمه إلى جدول المحامين الشرعيين المشتغلين، ثم أدرج بجدول المحامين أمام المحاكم الوطنية إعمالاً لحكم القانونين رقمي 462 و625 لسنة 1955، ومن حقه أن يتمتع بالإعفاء المؤقت المنصوص عليه في المادة 76 من القانون رقم 14 لسنة 1939 اعتباراً من أول يناير سنة 1956، وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها في 29 من يوليو سنة 1963 بخضوع مورث المطعون عليهما للقانون رقم 642 لسنة 1955 وإعفائه من ضريبة المهن الحرة لمدة خمس سنوات اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية، فقد أقامت مصلحة الضرائب - الطاعنة - الدعوى رقم 1033 لسنة 1963 تجاري أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد مورث المطعون عليهما بالطعن في هذا القرار طالبة إلغاءه والحكم بخضوع المورث للضريبة الثابتة المقررة بالبند (د) من المادة الأولى من القانون رقم 642 لسنة 1955 بشأن تعديل أساس فرض الضريبة على بعض أرباب المهن الحرة، وبتاريخ 25 من يونيو سنة 1964 حكمت المحكمة بإلغاء قرار اللجنة وبخضوع مورث المطعون عليهما للضريبة الثابتة طبقاً لطلبات المصلحة. استأنف المورث هذا الحكم بالاستئناف المقيد برقم 422 لسنة 20 ق تجاري الإسكندرية، بتاريخ 10 من نوفمبر سنة 1965 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وتأييد قرار لجنة الطعن. طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه بإعفاء مورث المطعون عليهما من الضريبة لمدة خمس سنوات ابتداء من أول يناير سنة 1956 على سند من القول بأن القانون رقم 625 لسنة 1955 في شأن الحامين لدى المحاكم الشرعية الملغاة سوى المحامين الشرعيين بالمحامين الوطنيين، واعتبرهم في حكم الحاصلين على مؤهل عال، فأصبحوا بموجبه من أصحاب المهن الحرة الذين ينطبق عليهم نص الفقرة الثانية من المادة 76 من القانون رقم 14 لسنة 1939 إذ تحقق فيهم شرط الإعفاء باشتغالهم بمهنة يستلزم مزاولتها الحصول على دبلوم عال، وذلك اعتباراً من أول يناير سنة 1956 تاريخ العمل بالقانون سالف الذكر، الذي أباح لهم الحضور أمام المحاكم الوطنية، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون، ذلك أن نطاق الإعفاء الوارد بالفقرة الثانية من المادة 76 سالفة الإشارة قاصر على أولئك الذين يزاولون مهنة تستلزم الحصول على دبلوم عال على أن يحتسب الإعفاء من تاريخ الحصول على الدبلوم، وإذ نص القانون رقم 625 لسنة 1955 على نقل المحامين الشرعيين المقيدين حتى 31 من ديسمبر سنة 1955 إلى جدول المحامين أمام المحاكم الوطنية وهي المهنة التي تستلزم مزاولتها الحصول على دبلوم عال، تعين احتساب إعفاء مورث المطعون عليهما مدة خمس السنوات اعتباراً من تاريخ حصوله على المؤهل العالي في سنة 1923. ولا محل لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن المشرع إذ قضى بنقل المحامين الشرعيين إلى جدول المحامين أمام المحاكم الوطنية يكون قد اعتبرهم في حكم الحاصلين على مؤهل عال، ذلك أن الشهادات الدراسية لا تمنح بإصدار قوانين وإنما بعد اجتياز دراسات معينة، علاوة على أن النقل مرده إلى اعتبارات خاصة بتيسير سبل العيش للمحامين الشرعيين بعد إلغاء المحاكم الشرعية.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة 76 من القانون رقم 14 لسنة 1939 معدلة بالقانون رقم 146 لسنة 1950 على أن "..... ويعفى من الضريبة أصحاب المهن الحرة التي تستلزم مزاولتها الحصول على دبلوم عال في السنوات الخمس من تاريخ حصولهم على الدبلوم ولا يلزمون بالضريبة إلا اعتباراً من أول الشهر التالي لانقضاء السنوات الخمس المذكورة"، يدل على أنه يشترط للإفادة من الإعفاء المقرر بها أن تستلزم مزاولة المهنة على دبلوم عال، وألا يكون قد مضى خمس سنوات على تاريخ الحصول على هذا الدبلوم، ولما كان مفاد ما تقضي به المادة الثالثة والعشرون من القانون رقم 146 لسنة 1950 من سريان العمل بالمادة 76 المعدلة آنفة الذكر ابتداء من أول يناير 1951 ألا ينطبق الإعفاء المشار إليه فيها إلا على من تحقق فيه شرط عدم مضي السنوات الخمس من تاريخ الحصول على الدبلوم حتى التاريخ سالف الذكر، ولما كان مورث المطعون عليهما قد حصل على شهادة العالمية من الجامع الأزهر في سنة 1923 فإنه لا يستفيد من هذا الإعفاء المؤقت ومدته خمس سنوات، وكان لا محل للاستناد في سريان هذا الإعفاء على مورث المطعون عليهما ابتداء من أول يناير 1956 إلى ما تنص عليه المادة العاشرة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية من أنه "استثناء من أحكام القانون رقم 98 لسنة 1944 الخاص بالمحاماة أمام المحاكم الوطنية يجوز للمحامين المقبولين للمرافعة أمام المحاكم الشرعية الحضور في الدعاوى التي كانت تدخل في اختصاص تلك المحاكم أمام المحاكم الوطنية...."، والمادة الأولى من القانون رقم 625 لسنة 1955 في شأن المحامين لدى المحاكم الشرعية الملغاة من أنه "ينقل إلى جدول المحامين أمام المحاكم الوطنية المحامون المقيدون بجدول المحامين الشرعيين وحده لغاية 31 من ديسمبر سنة 1955 كل في الدرجة المماثلة للدرجة التي هو مقبول للمرافعة أمامها وبأقدميته فيها......."، والمادة الثانية من ذلك القانون من أن "للمحامين المنقولين وفق المادة السابقة الحضور في جميع الدعاوى والتحقيقات طبقاً لأحكام القانون رقم 98 لسنة 1944....."، ذلك أن هذه النصوص إنما وردت لتنظيم انتقال المحامين المقيدين بجدول المحامين الشرعيين لغاية 31 من ديسمبر سنة 1955 إلى جدول المحامين أمام المحاكم الوطنية بمناسبة إلغاء المحاكم الشرعية ابتغاء عدم حرمانهم من مورد رزق عولوا عليه في معاشهم، فمنحهم المشرع حق المرافعة أمام المحاكم الوطنية دون اشتراط الحصول على درجة الليسانس في القانون، وذلك استثناء من أحكام القانون رقم 98 لسنة 1944 الخاص بالمحاماة أمام المحاكم الوطنية على ما صرح به صدر المادة العاشرة من القانون رقم 462 لسنة 1955 معتداً في ذلك بدرايتهم وخبرتهم الشريعة الإسلامية، وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 625 لسنة 1955 بقولها "كان لزاماً تدبير مستقبل المحامين المقيدين بجدول المحاماة أمام المحاكم الشرعية دون سواها، ذلك لأنهم كانوا قد رتبوا معيشتهم على ما تدره عليهم ممارستهم مهنتهم أمام هذه المحاكم فحسب ثم بوغتوا بإلغائها، أما المحامون المقيدون بهذا الجدول وبجدول المحاماة الوطنية على السواء فلا وجه للتصدي لأمرهم بعد ذلك الإلغاء، لأنهم سيمضون في مزاولة عملهم أمام المحاكم الوطنية شأنهم في ذلك شأن المحامين المقيدين أمام هذه المحاكم وحدها، وقد أعد مشروع القانون المرافق مستهدياً بالروح التي صدرت عنها المادة العاشرة من قانون الإلغاء (رقم 462 لسنة 1955) ومتوخياً علاج حالهم بالعدل إزاء أمر لم يكن لهم فيه يد..... وقد كان في وسع الشارع أن يلتزم الحد الذي أبانته المادة العاشرة، فتقف بذلك ميزة النقل على الترافع في الدعاوى التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية فحسب، بيد أنه رأى أن يمد في حبل هذا التيسير بمنحهم مزيداً من رعايته، فأطلق لهم حق الحضور في ضروب الأقضية جميعاً وفي التحقيقات وفق أحكام القانون رقم 98 لسنة 1944 الخاص بالمحاماة أمام المحاكم الوطنية، ذلك لأن دراستهم وخبرتهم في الشريعة الغراء تتيح لهم في يسر الإحالة بالتشريعات الوضعية التي تطبقها المحاكم الوطنية"، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وقضى بسريان الإعفاء المؤقت المنصوص عليه في المادة 76/ 2 من القانون رقم 14 لسنة 1939 على مورث المطعون عليهما اعتباراً من أول يناير سنة 1956، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه. وإذ لم يتعرض الحكم في أسبابه لبحث ما إذا كان القانون رقم 642 لسنة 1955 بشأن تعديل أساس فرض الضريبة على بعض أرباب المهن الحرة - قبل إلغائه بالقانون رقم 199 لسنة 1960 - يسري على مورث المطعون عليهما، واقتصر في منطوقه على تأييد قرار اللجنة الذي لم يعرض لهذا القانون إلا بشأن سريان الإعفاء المستفاد من مادته الأولى على مورث المطعون عليهما، دون أن يبحث خضوعه للضريبة الثابتة طبقاً للقانون المذكور، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.