أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 24 - صـ 933

جلسة 16 من يونيه سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حامد وصفي، وأديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل.

(162)
الطعن رقم 215 لسنة 38 القضائية

(1) قانون. "الأثر الرجعي للقانون". تأمينات اجتماعية.
الأثر الرجعي للمادة 17 من القانون 63 لسنة 1964. انسحابه إلى حالتي التخلف عن الاشتراك والتأخر عن أدائه في المواعيد المحددة وذلك اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون 92 لسنة 1959.
(2، 3) تأمينات اجتماعية. دعوى. "رفع الدعوى".
(2) الحساب الذي تجريه الهيئة وتخطر به صاحب العمل وفقاً للمادة 13 ق لسنة 1963. شموله الاشتراكات والمبالغ الأخرى المستحقة للهيئة ومنها غرامة المادة 17. النزاع في أرقام ذلك الحساب أو في التطبيق القانوني. خضوعه لمواعيد الاعتراض الواردة بالمادة 13 سالفة الذكر.
(3) مواعيد المادة 13 من القانون 63 لسنة 1964 بشأن الاعتراض على الحساب. انفتاحها بإخطار الهيئة لصاحب العمل بخطاب موصى عليه مع علم الوصول. الدعوى بعد فوات تلك المواعيد. غير مقبولة.
1 - إذ نصت المادة الخامسة من مواد إصدار قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 على أن تسري أحكام المادة 17 منه اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم 92 لسنة 1959، وكانت هذه المادة الأخيرة قد تناولت في فقرتها الأولى حالة تخلف صاحب العمل عن الاشتراك في الهيئة، وفرضت عليه في هذه الحالة غرامة إضافية توازي 50% من الاشتراكات التي لم يؤدها، بينما تناولت في فقرتها الثانية حالة تأخر صاحب العمل في أداء الاشتراكات المستحقة للهيئة في المواعيد المعينة في هذا القانون، وألزمته في هذه الحالة بغرامة إضافية توازي 10% من الاشتراكات التي تأخر في أدائها عن كل شهر وبحد أقصى قدره 30%، فإن مؤدى ذلك أن الأثر الرجعي لهذه المادة ينسحب إلى هاتين الحالتين على السواء، ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة الخامسة المشار إليها في فقرتها الثانية من أنه يجب على الهيئة تسوية حسابات أصحاب الأعمال وفقاً لأحكام المادة 17 في جميع الحالات التي استحقت فيها مبالغ إضافية بواقع 100% إذ أن نص تلك الفقرة لا يتأدى منه أن الأثر الرجعي لهذه المادة يقتصر على حالة تخلف صاحب العمل عن الاشتراك في الهيئة، وإنما أضافه المشرع إلى المادة الخامسة تمشياً مع ما كان يقصده - وعلى ما صرحت به المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 63 لسنة 1964 - من تطبيق المادتين 73، 76 من القانون رقم 92 لسنة 1959 على حالتي التخلف والتأخير في سداد الاشتراكات، وتوقيع الجزاء المنصوص عليه في المادة 76، وهو مضاعفة الاشتراك في هاتين الحالتين.
2 - مؤدى نص المادة 13 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 أن الحساب الذي تجريه الهيئة وتخطر به صاحب العمل، ويحق له الاعتراض عليه إنما يتضمن علاوة على الاشتراكات التي تطالب بها المبالغ الأخرى المستحقة للهيئة وفقاً لأحكام القانون رقم 63 لسنة 1964 ومنها الغرامة الإضافية التي تفرضها الفقرة الثانية من المادة 17 منه، وإذ كانت المواعيد الواردة في ذلك النص لم تتخصص بأي قيد، فإن التفرقة التي تقول بها الطاعنة تكون على غير أساس، ومن ثم فتسري أحكام تلك المادة على كل نزاع بين صاحب العمل بين الهيئة بشأن المبالغ المستحقة لها وفقاً لأحكام هذا القانون، سواء أكان النزاع يقوم على خلاف في أرقام الحساب أو على التطبيق القانوني، لأن الاعتراض على الحساب لا يكون إلا بتناوله من كافة نواحيه، فضلاً عن أن تلك التفرقة تتجافى مع غرض الشارع من وضع هذه المواعيد، وهو البت في ذلك الحساب في أقرب وقت.
3 - الإجراء المعول عليه والذي تنفتح به المواعيد الواردة في المادة 13 من القانون رقم 63 لسنة 1964 هو إخطار الهيئة صاحب العمل بالحساب بخطاب موصى عليه مع علم الوصول، وأما توقيع الهيئة الحجز الإداري ضد صاحب العمل فهو إجراء خوله لها القانون لتحصيل المبالغ المستحقة لها قبله، والتي أصبحت واجبة الأداء، وإذ كان الثابت أن الهيئة أخطرت مورث الطاعنة بالمبالغ المستحقة عليه على ذلك النحو، وأنه لم يعترض أصلاً على الحساب، فإنه لا يسوغ بحال اعتبار إجراءات هذا الحجز بمثابة إخطار جديد حتى ولو كان المبلغ المحجوز من أجله يقل عن رصيد الحساب السابق إخطاره به، ومن ثم فإن النعي على الحكم - إذ قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الأوان - يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث الطاعنة أقام الدعوى رقم 354 سنة 1966 مدني كلي بور سعيد ضد هيئة التأمينات الاجتماعية - المطعون ضدها - وطلب الحكم ببراءة ذمته من المبالغ المبينة بصحيفة الدعوى مع إلزام الهيئة برد ما دفعه لها من هذه المبالغ، وقال بياناً لها إنه تأخر في سداد الاشتراكات المستحقة للهيئة عن المدة من إبريل سنة 1959 حتى أكتوبر سنة 1962، وقام بسدادها إلا أن الهيئة أخطرته في 31 يونيه سنة 1965 بأنها تستحق قبله مبلغ 1319 ج و443 م قيمة الغرامة الإضافية طبقاً للمادة 17/ 2 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 لتأخره في أداء تلك الاشتراكات، ثم أوقعت ضده في 27 سبتمبر سنة 1966 حجزاً إدارياً وفاء لمبلغ 1286 ج و199 م، وأنه إذ كان قد سدد الاشتراكات المتأخرة قبل صدور هذا القانون، وكانت المادة 76 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 لسنة 1959 لا تلزم صاحب العمل بالغرامة الإضافية إلا في حالة تخلفه عن الاشتراك في الهيئة، وكانت المادة 17/ 2 من القانون 63 لسنة 1964 لا تنطبق على حالته، لأنها ليست من الحالات التي تستحق فيها مبالغ إضافية بواقع 100% طبقاً للمادة الخامسة من مواد إصدار القانون رقم 63 لسنة 1964، وبالتالي لا تسري في حقه المواعيد المنصوص عليها في المادة 13 من هذا القانون، فقد أقام هذه الدعوى بطلباته سالفة البيان، وبتاريخ 30 إبريل سنة 1967 قضت المحكمة الابتدائية بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الأوان فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة (مأمورية بور سعيد) وقيد استئنافها برقم 82 سنة 8 ق، وبتاريخ 24 فبراير سنة 1968 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره صممت على هذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ترى المحكمة أن تبدأ بثانيهما، وحاصله أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن المادة الخامسة من مواد إصدار القانون رقم 63 لسنة 1964 نصت على أن تسري المادة 17 منه اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم 92 لسنة 1959، وعلى أن تقوم الهيئة بتسوية حسابات أصحاب الأعمال وفقاً لأحكام هذه المادة في جميع الحالات التي استحقت فيها مبالغ إضافية بواقع 100%، مما يدل على أن هذه التسوية إنما تنصرف إلى حالة تخلف صاحب العمل عن الاشتراك في الهيئة دون حالة تأخره في أداء الاشتراكات المستحقة لها، وبالتالي فلا تنطبق المادة 17 المشار إليها في هذه الحالة الأخيرة إذا تم سداد الاشتراكات المتأخرة قبل صدور القانون رقم 63 لسنة 1964 كما فعل مورث الطاعنة، وإذ أقام الحكم قضاءه على أن هذه المادة تسري في حقه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المادة الخامسة من مواد إصدار قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 إذ نصت على أن تسري أحكام المادة 17 منه اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم 92 لسنة 1959، وقد تناولت هذه المادة الأخيرة في فقرتها الأولى حالة تخلف صاحب العمل عن الاشتراك في الهيئة وفرضت عليه في هذه الحالة غرامة إضافية توازي 50% من الاشتراكات التي لم يؤدها، بينما تناولت في فقرتها الثانية حالة تأخر صاحب العمل في أداء الاشتراكات المستحقة للهيئة في المواعيد المعينة في هذا القانون، وألزمته في هذه الحالة بغرامة إضافية توازي 10% من الاشتراكات التي تأخر في أدائها عن كل شهر وبحد أقصى قدره 30%، فإن مؤدى ذلك أن الأثر الرجعي لهذه المادة ينسحب إلى هاتين الحالتين على السواء، ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة الخامسة المشار إليها في فقرتها الثانية من أنه يجب على الهيئة تسوية حسابات أصحاب الأعمال وفقاً لأحكام المادة 17 في جميع الحالات التي استحقت فيها مبالغ إضافية بواقع 100%، إذ أن نص تلك الفقرة لا يتأدى منه أن الأثر الرجعي لهذه المادة يقتصر على حالة تخلف صاحب العمل عن الاشتراك في الهيئة وإنما أضافه المشرع إلى المادة الخامسة تمشياً مع ما كان يقصده - وعلى ما صرحت به المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 63 لسنة 1964 - من تطبيق المادتين 73 و76 من القانون رقم 92 لسنة 1959 على حالتي التخلف والتأخير في سداد الاشتراكات وتوقيع الجزاء المنصوص عليه في المادة 76، وهو مضاعفة الاشتراك في هاتين الحالتين، لما كان ذلك وكان الثابت أن مورث الطاعنة قد تأخر في سداد الاشتراكات المستحقة عليه للهيئة المطعون ضدها في المواعيد المحددة في القانون، فإنه يكون قد استحقت عليه بالتطبيق لأحكام المادة 17 من القانون رقم 63 لسنة 1964 الغرامة الإضافية الواردة في هذه المادة، وذلك نتيجة للأثر الرجعي الذي جعله هذا القانون لأحكامها على النحو السالف الإشارة إليه. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو تأويله، ويكون النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون من وجهين، وفي بيان الوجه الأول تقول الطاعنة إن الحكم قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الأوان استناداً إلى أن المواعيد المنصوص عليها في المادة 13 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 تسري على كل نزاع بين صاحب العمل وبين هيئة التأمينات الاجتماعية أياً كان سببه مع أن نص هذه المادة يفيد أنها لا تنطبق إلا حيث يقوم النزاع على خلاف في حساب الاشتراكات فلا تسري على النزاع موضوع الدعوى الدائر حول مدى خضوع الطاعنة لأحكام المادتين 5 من مواد إصدار القانون رقم 63 لسنة 1964 و17/ 2 من هذا القانون وبالتالي لا تتقيد دعواها بتلك المواعيد، وفي بيان الوجه الثاني تقول الطاعنة إن الهيئة أوقعت ضد مورثها بتاريخ 27 سبتمبر سنة 1966 حجزاً إدارياً وفاء لمبلغ يقل عن المبلغ الذي سبق أن أخطرته به، مما يعتبر معه هذا الحجز إخطاراً جديداً من جانب الهيئة بالمبلغ المستحق لها قبله بعد تعديله تبدأ منه المواعيد الواردة في المادة 13 المشار إليها، غير أن الحكم المطعون فيه لم يعتد بهذا الإخطار مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود، ذلك أن المادة 13 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 بعد أن بينت في فقراتها الثلاث الأولى كيفية حساب الاشتراكات المستحقة على صاحب العمل نصت في فقراتها التالية على أن "تعتبر قيمة الاشتراكات المحسوبة وفقاً لما تقدم وكذا المبالغ الأخرى المستحقة للهيئة وفقاً لأحكام القانون واجبة الأداء بعد انقضاء خمسة وأربعين يوماً من إخطار صاحب العمل بها بخطاب موصى عليه مع علم الوصول أو بفوات ميعاد الاعتراض دون حدوثه، ويجوز لصاحب العمل الاعتراض على هذا الحساب بخطاب موصى عليه مع علم الوصول خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ استلامه للإخطار، وعلى الهيئة أن ترد على هذا الاعتراض خلال شهر من تاريخ وروده إليها ولصاحب العمل في حالة رفض الهيئة اعتراضه أن يلجأ إلى القضاء خلال الثلاثين يوماً التالية لانقضاء هذه المدة وإلا صار الحساب نهائياً، ويعتبر عدم رد الهيئة على اعتراض صاحب العمل خلال الميعاد المنصوص عليه في الفقرة السابقة بمثابة قرار ضمني بالرفض" ومؤدى هذه النصوص أن الحساب الذي تجريه الهيئة وتخطر به صاحب العمل ويحق له الاعتراض عليه إنما يتضمن علاوة على الاشتراكات التي تطالبه بها المبالغ الأخرى المستحقة للهيئة وفقاً لأحكام القانون رقم 63/ 1964 ومنها الغرامة الإضافية التي تفرضها الفقرة الثانية من المادة 17 منه. لما كان ذلك، وكانت المواعيد الواردة في تلك النصوص لم تتخصص بأي قيد فإن التفرقة التي تقول بها الطاعنة تكون على غير أساس ومن ثم فتسري أحكام تلك المادة على كل نزاع بين صاحب العمل وبين الهيئة عن المبالغ المستحقة لها وفقاً لأحكام هذا القانون، سواء أكان النزاع يقوم على خلاف في أرقام الحساب، أو على التطبيق القانوني، لأن الاعتراض على الحساب لا يكون إلا بتناوله من كافة نواحيه، فضلاً عن أن تلك التفرقة تتجافى مع غرض الشارع من وضع هذه المواعيد، وهو البت في ذلك الحساب في أقرب وقت، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون. والنعي في وجهه الثاني مردود، ذلك أن الإجراء المعول عليه في هذا الصدد والذي تنفتح به المواعيد الواردة في المادة 13 المشار إليها هو إخطار الهيئة صاحب العمل بالحساب بخطاب موصى عليه مع علم الوصول، وأما توقيع الهيئة الحجز الإداري ضد صاحب العمل فهو إجراء خوله لها القانون لتحصيل المبالغ المستحقة لها قبله والتي أصبحت واجبة الأداء، وإذ كان الثابت أن الهيئة أخطرت مورث الطاعنة بالمبالغ المستحقة عليه على ذلك النحو، وأنه لم يعترض أصلاً على الحساب، فإنه لا يسوغ بحال اعتبار إجراءات هذا الحجز بمثابة إخطار جديد حتى ولو كان المبلغ المحجوز من أجله يقل عن رصيد الحساب السابق إخطاره به. لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.