أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 24 - صـ 967

جلسة 26 من يونيه سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ عباس حلمي عبد الجواد، وعضوية السادة المستشارين: عبد العليم الدهشان، وعدلي بغدادي، ومحمد طايل راشد، ومصطفى الفقي.

(168)
الطعن رقم 161 لسنة 38 القضائية

(1) إثبات "طرق الإثبات". بيع. "الالتزام بنقل الملكية". تسجيل. خلف. صورية.
اعتبار الخلف الخاص من الغير بالنسبة للتصرف الصوري الصادر من البائع له إلى مشتر آخر. لهذا الخلف إثبات الصورية بكافة الطرق.
(2، 3) إثبات. "البينة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. التسبيب الكافي".
(2) لمحكمة الموضوع أن تقيم قضاءها على ما تستخلصه من أقوال الشهود، متى كان استخلاصها سائغاً. عدم التزامها ببيان أسباب ترجيحها لما اطمأنت إليه من أقوال وإطراحها لسواها.
(3) لمحكمة الموضوع استنباط القرائن القضائية التي تأخذ بها من وقائع الدعوى ما دامت مؤدية عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها.
(4) إثبات. "الكتابة". محكمة الموضوع. صورية. نقض.
الصورة الرسمية من شكوى وصورتها الفوتوغرافية. عدم مجادلة الطاعن في مطابقة الأولى للأصل. عدم تقديمه ما يدل على اعتراضه على الثانية. اتخاذ الحكم من هاتين الصورتين قرينة على صورية عقد بيع. لا خطأ.
(5) صورية. "الصورية المطلقة". "حكم". "تسبيب الحكم".
الحكم بصورية عقد الطاعن صورية مطلقة وأنه لا محل للمفاضلة بين هذا العقد الباطل وعقد المطعون عليها. رد ضمني بإطراح ما أثير بشأن صورية عقد المطعون عليها.
(6) إثبات "الكتابة".
استناد الطاعن إلى صورة من عقد البيع سند دفاعه باعتبارها مطابقة للأصل. اعتبار هذه الصورة مطابقة للأصل ما دام المطعون عليهم لم ينكروا ذلك. النعي بعدم اطلاع المحكمة على أصل هذا العقد. لا محل له.
(7) بيع. صورية. بطلان. دعوى.
عدم اختصام بعض ورثة البائع في الدعوى بصورية عقد البيع. أثره. عدم الاحتجاج بالحكم الصادر فيها عليهم. النعي على الحكم بالبطلان. لا محل له.
1 - لا يجوز لمن كسب من البائع حقاً على المبيع - كمشتر ثان - أن يثبت بكافة طرق الإثبات صورية البيع الصادر من سلفه صورية مطلقة ليزيل جميع العوائق القائمة في سبيل تحقيق أثر عقده، ولو كان العقد المطعون فيه مسجلاً، فالتسجيل ليس من شأنه أن يجعل العقد الصوري عقداً جدياً، كما أن التسجيل لا يكفي وحده لنقل الملكية بل لابد أن يرد على عقد جدي، ويعتبر الخلف الخاص من الغير بالنسبة إلى التصرف الصوري الصادر من البائع له إلى مشتر آخر.
2 - لمحكمة الموضوع استخلاص ما تراه من أقوال الشهود وإقامة قضائها على ما تستخلصه منها متى كان استخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق دون معقب عليها في ذلك من محكمة النقض، كما أنه لا إلزام عليها ببيان أسباب ترجيحها لما اطمأنت إليه من أقوال وإطراحها لسواها.
3 - لمحكمة الموضوع حرية استنباط القرائن القضائية التي تأخذ بها من وقائع الدعوى ما دامت مؤدية عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها بما لا رقابة لمحكمة النقض عليها فيه.
4 - متى كان الطاعن لم يقدم ما يثبت اعتراضه على الصورة الفوتوغرافية من الشكوى المقدمة في الدعوى وكان الخطأ في وصف الصورة الرسمية منها بأنها هي الأصل، غير منتج لما هو مقرر قانوناً من أن الصورة الرسمية للمحرر الرسمي تكون حجة بالقدر الذي تكون فيه مطابقة للأصل مما لم يكن محل نعي من الطاعن وإذ كان استخلاص الحكم المطعون فيه للقرينة القضائية محل النعي - الاستناد في إثبات صورية عقد بيع إلى هاتين الصورتين - مستمداً من أصل غير منكور في أوراق الدعوى ولا خروج فيه على المنطق فإن مجادلة الطاعن في شأنها تكون متعلقة بتقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع.
5 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة السائغة التي تؤدي إلى صورية عقد الطاعن صورية مطلقة، وانتهى إلى القول بأن لا محل للمفاضلة بين هذا العقد الباطل وبين عقد المطعون عليها، إذ لا تتأتى المفاضلة إلا بين عقدين صحيحين، فإنه يكون قد رد ضمناً على ما أثاره الطاعن بشأن صورية عقد المطعون عليها مطرحاً هذا الوجه من دفاعه.
6 - لما كان الطاعن وهو المكلف بالإثبات هو الذي قدم صورة عقد البيع الذي يستند إليه في دفاعه في الدعوى على أساس أنها مطابقة للأصل وكان المطعون عليهم لم ينكروا عليه ذلك، فإن مطابقة الصورة للأصل تكون بذلك غير متنازع فيها ومن ثم في غير حاجة إلى إثبات، ولهذا لا يجوز للطاعن التحدي بعدم اطلاع المحكمة على أصل العقد الذي قضت بصوريته والمودع بالشهر العقاري.
7 - لا يوجب القانون في دعوى الصورية - المرفوعة من المشتري الثاني ضد المشتري الأول وهو أحد ورثة البائع - اختصام أشخاص معينين، ومن ثم فإن عدم اختصام ورثة البائع لا يترتب عليه سوى أنه لا يكون للحكم الصادر في الدعوى حجية عليهم دون أن يؤدي ذلك إلى بطلان الحكم، لما كان ذلك فإنه لا يقبل من الطاعن - المشتري الأول - التحدي بعدم اختصام ورثة البائع له [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام ضد المطعون عليها الدعوى رقم 681 سنة 1964 مدني كلي الزقازيق وطلب الحكم بتثبيت ملكيته للمنزل المبين بصحيفة الدعوى، وقال بياناً لها إنه بمقتضى عقد مؤرخ 12/ 2/ 1956 اشترى ذلك المنزل من والدته ثم أقام عليها وعلى ورثتها من بعدها الدعوى رقم 433 لسنة 1956 مدني كلي الزقازيق التي سجلت صحيفتها في 12/ 7/ 1956 وطلب الحكم بصحة ونفاذ ذلك العقد، وقد ادعى الورثة بتزويره ولكن قضي برفض هذا الادعاء وحكم له نهائياً بطلباته وسجل الحكم في 21/ 12/ 1963، بيد أن البائعة عادت فباعت ذلك المنزل إلى المطعون عليها بعقد سجل في 7/ 1/ 1957 أي بتاريخ لاحق على تسجيل، صحيفة دعواه، وإذ كان عقده يفضل عقد المطعون عليها لأنه أسبق تسجيلاً ولأنها سيئة النية فقد أقام عليها دعواه بطلباته سالفة البيان. دفعت المطعون عليها بصورية العقد الصادر إلى الطاعن من والدته صورية مطلقة وأنه قصد به الإضرار بالمطعون عليها. وفي 11/ 1/ 1965 قضت المحكمة الابتدائية بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها هذا الدفاع بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود ولينفي الطاعن ذلك. وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين قضت في 28/ 12/ 1966 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 32 سنة 10 قضائية المنصورة مأمورية الزقازيق - وفي 30/ 1/ 1968 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ويقول في بيان ذلك إنه عندما أقام الدعوى رقم 433 لسنة 1956 مدني كلي الزقازيق بطلب صحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليه من والدته ادعى ورثتها بتزويره، وقد قضى برفض هذا الادعاء وبصحة العقد، وإذ طعنت المطعون عليها بصوريته في الدعوى الراهنة، فقد تمسك الطاعن بأن هذا الطعن يتعارض مع الادعاء بالتزوير غير أن محكمة الموضوع رفضت دفاعه استناداً إلى القول بأن حجية الأحكام قاصرة على أطرافها، في حين أن حجية ذلك الحكم تمتد إلى المطعون عليها باعتبارها خلفاً خاصاً للبائعة لها، هذا إلى أن ادعاء ورثة هذا الأخير بتزوير العقد الصادر إليه منها دون أن يطعنوا بصوريته، مع أنهم هم أصحاب المصلحة في ذلك دليل على جدية هذا العقد، ولما كان شراء المطعون عليها للمنزل لاحقاً على شراء الطاعن له وتسجيله صحيفة دعواه المقامة بشأنه ضد البائعة، فلا يقبل من المطعون عليها الطعن بصورية عقده بدعوى أنه قصد منه الإضرار بها، وإذ جانب الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على قوله "إن المحكمة تستخلص من جماع من سمعوا من الشهود أن عقد شراء المدعي (الطاعن) من والدته وإن كان سابقاً في تسجيله على عقد شراء المدعى عليها (المطعون عليها) وكلاهما من بائعة واحدة وهي والدة المدعي إلا أنه صوري صورية مطلقة، وأنه من المقرر أنه إذا ثبت صورية عقد البيع صورية مطلقة فإنه يكون باطلاً ولا يترتب عليه نقل ملكية القدر المبيع ولو كان مسجلاً إذ ليس من شأن التسجيل أن يصحح عقداً باطلاً". وقد أضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك "أن المشتري يعتبر من الغير في أحكام الصورية بالنسبة إلى مشتر آخر من نفس البائع له يزاحمه في الملكية وأن حجية الأحكام مقصورة على أطرافها.... والقول بأن المستأنف عليها (المطعون عليها) تعتبر خلفاً للبائعة لها إنما مجاله أن يكون عقد المستأنف (الطاعن) صحيحاً..... وأن ما ينعاه المستأنف في شأن التعارض بين الادعاء بالتزوير والصورية، فإن المستأنف ضدها لم تطعن على عقده بالتزوير وإنما طعنها كان قاصراً على الصورية المطلقة" ولما كان هذا الذي قرره الحكم المطعون فيه لا مخالفة فيه للقانون، ذلك أنه يجوز لمن كسب من البائع حقاً على المبيع - كمشتر ثان - أن يثبت بكافة طرق الإثبات صورية البيع الصادر من سلفة صورية مطلقة ليزيل جميع العوائق القائمة في سبيل تحقيق أثر عقده ولو كان العقد المطعون فيه مسجلاً، فالتسجيل ليس من شأنه أن يجعل العقد الصوري عقداً جدياً كما أن التسجيل لا يكفي وحده لنقل الملكية بل لابد أن يرد على عقد جدي، ويعتبر الخلف الخاص من الغير بالنسبة إلى التصرف الصوري الصادر من البائع له إلى مشتر آخر، وذلك كله على ما جرى به قضاء هذه المحكمة، لما كان ذلك فإن البائعة آنفة الذكر لا تمثل المطعون عليها في الدعوى رقم 433 لسنة 1956 مدني كلي الزقازيق التي أقامها الطاعن على البائعة له بصحة عقده، ومن ثم لا يكون للحكم الصادر في تلك الدعوى حجية بالنسبة إلى المطعون عليها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف بيانه قد التزم هذا النظر، فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ويقول في بيان ذلك إنه وجه إلى أقوال شهود المطعون عليها من المطاعن ما كان حرياً بالرد عليه، إذ شهد شاهدها الأول بأنه علم من الطاعن أن والدته باعت المنزل مثال النزاع إلى المطعون عليها، وأن الطاعن اتفق مع ابنها على أن ينقده مائة جنيه، وإذ دفع له نصفها وأمسك عن أداء الباقي فقد هدده بأنه سيرفع دعوى بصحة ونفاذ عقد بيع صادر إليه من والدته (والدة الطاعن) عن المنزل ذاته، وهذه الأقوال غير صحيحة لأن الطاعن رفع دعواه بصحة عقده قبل ظهور عقد المطعون عليها، كما أن الحكم الابتدائي نسب إلى الشاهد الثاني - خلافاً للثابت بشهادته أنه قرر أن عقد الطاعن صوري لعدم قدرته على دفع الثمن ولكن محكمة الاستئناف أيدت الحكم المستأنف فيما استخلصه من أقوال هذين الشاهدين، دون أن تعمل رقابتها على ذلك مما يعيب حكمها بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن لمحكمة الموضوع استخلاص ما تراه من أقوال الشهود وإقامة قضائها على ما تستخلصه منها متى كان استخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق دون معقب عليها في ذلك من محكمة النقض، كما أنه لا إلزام عليها ببيان أسباب ترجيحها لما اطمأنت إليه من أقوال وإطراحها لسواها، وإذ كان يبين من حكم محكمة الدرجة الأولى أنها بعد أن استعرضت أقوال شهود الطرفين بما لا يخرج عما جاء بأقوالهم في التحقيق رجحت أقوال شهود المطعون عليها لاطمئنانها إليها وللاعتبارات السائغة التي أوردتها والتي استمدتها من أوراق الدعوى ووقائعها وكان الحكم المطعون فيه قد رد على المطاعن التي وجهها الطاعن إلى أقوال شهود المطعون عليها بقوله "إن ما ينعاه المستأنف (الطاعن) في شأن خطأ الحكم المستأنف في استخلاص الحقائق من أقوال الشهود في غير محله مما يتعين رفضه ذلك لأن ظاهر تقريرات هذا الحكم تشير إلى أنه تناول تفنيد أقوال الطرفين وانتهى إلى ترجيح أقوال شهود المستأنف عليها وإلى إهدار أقوال شهود المستأنف للأسباب التي أوردها وأقام قضاءه عليها وهي أسباب ترى هذه المحكمة - محكمة الاستئناف - أنها سائغة وسليمة ومؤدية إلى النتيجة التي خلص إليها ولذا فإنها تعتمد هذه الأسباب وتأخذ بها" وكان مؤدى هذا الذي قرره الحكم أن محكمة الاستئناف قد أعملت رقابتها على تقدير محكمة الدرجة الأولى وأيدتها فيما اطمأن إليه وجدانها من أقوال الشهود، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه لم يخالف الثابت بأقوال شهود المطعون عليها بالتحقيق ولم يخرج عما يؤدي إليه مدلولها فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وذلك من وجهين يقول الطاعن في بيان أولهما إن الحكم استند في إثبات الصورية إلى صورة فوتوغرافية من أوراق الشكوى رقم 1031 لسنة 1956، وإلى صورة رسمية منها مقدمة في استئناف آخر كان منظوراً مع الاستئناف الراهن وصفها الحكم خطأ بأنها أصل الشكوى، واستخلص الصورية من عدم إشارة الطاعن في تلك الشكوى إلى عقد البيع الصادر إليه من والدته في حين أنه لم يسأل فيها عن ذلك وهذا استخلاص غير سائغ مما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال، ويتحصل الوجه الثاني في أن الحكم أغفل الرد على ما تمسك به الطاعن من صورية عقد المطعون عليها وهو ما يشوبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي بهذين السببين غير سديد ذلك أنه لما كان لمحكمة الموضوع حرية استنباط القرائن القضائية التي تأخذ بها من وقائع الدعوى ما دامت مؤدية عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها بما لا رقابة لمحكمة النقض عليها فيه، وكان الطاعن لم يقدم ما يثبت اعتراضه على الصورة الفوتوغرافية من الشكوى المقدمة في الدعوى، وكان الخطأ في وصف الصورة الرسمية منها بأنها هي الأصل غير منتج لما هو مقرر قانوناً من أن الصورة الرسمية للمحرر الرسمي تكون حجة بالقدر الذي تكون فيه مطابقة للأصل مما لم يكن محل نعي من الطاعن، وكان استخلاص الحكم المطعون فيه للقرينة القضائية محل النعي مستمداً من أصل غير منكور في أوراق الدعوى ولا خروج فيه على المنطق، فإن مجادلة الطاعن في شأنها تكون متعلقة بتقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع، لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد أورد الأدلة السائغة التي تؤدي إلى صورية عقد الطاعن صورية مطلقة وانتهت إلى القول بأنه لا محل للمفاضلة بين هذا العقد الباطل وبين عقد المطعون عليها إذ لا تأتي المفاضلة إلا بين عقدين صحيحين، فإنه يكون قد رد ضمناً على ما أثاره الطاعن بشأن صورية عقد المطعون عليها مطرحاً هذا الوجه من دفاعه، لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، ويقول في بيان ذلك إن محكمة الاستئناف لم تطلع على عقد البيع الذي قضت بصوريته إذ أنه مودع في مصلحة الشهر العقاري كما أن ورثة البائعة له لم يختصموا في هذه الدعوى على الرغم من أن النزاع فيها قد ثار حول بطلان العقد، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور المبطل.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود بأنه لما كان الطاعن وهو المكلف بالإثبات هو الذي قدم صورة من عقد البيع الذي يستند إليه في دعواه على أساس أنها مطابقة للأصل، وكانت المطعون عليها لم تنكر عليه ذلك فإن مطابقة الصورة للأصل تكون بذلك غير متنازع فيها، ومن ثم في غير حاجة إلى إثبات ولهذا لا يجوز للطاعن التحدي بهذا الوجه، والنعي في شقه الثاني مردود أيضاً بأنه لما كان الطاعن وهو المدعي أصلاً لم يوجه دعواه إلا إلى المطعون عليها باعتبارها أنها هي التي تنازعه في مدعاه، فطعنت هذه الأخيرة بصورية عقده وإذ كان القانون لا يوجب في هذه الحالة اختصام أشخاص معينين في الدعوى، فإن عدم اختصام ورثة البائعة لا يترتب عليه سوى أنه لا يكون للحكم الصادر فيها حجية عليهم دون أن يؤدي ذلك إلى بطلان الحكم، لما كان ذلك فإنه لا يقبل من الطاعن التحدي بعدم اختصام ورثة البائعة له، ويكون نعيه على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] صدر بذات الجلسة الحكم في الطعن رقم 160 لسنة 38 ق مقرراً ذات المبادئ.