أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 24 - صـ 976

جلسة 27 من يونيه سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وإبراهيم السعيد ذكري، والدكتور محمد زكي عبد البر، وإسماعيل فرحات عثمان.

(169)
الطعن رقم 74 لسنة 36 القضائية

(1، 2، 3) تأمينات عينية. "امتياز". ضرائب. "امتياز دين الضريبة".
(1) المبالغ المستحقة للخزانة العامة ومنها الضرائب والرسوم. ثبوت الامتياز لها. شرطه. أن تقضي بذلك القوانين والأوامر الخاصة بكل منها بالشروط والقيود التي تقررها.
(2) للخزانة العامة حق امتياز عام على أموال المدينين بالضرائب والمبالغ المستحقة للحكومة. م 90 من القانون 14 لسنة 1939. عدم وجوب شهره ولا يثبت فيه حق التتبع ولو كان محله عقاراً.
(3) تخويل المشرع الخزانة العامة حق تتبع أموال مدينيها استيفاء لحق من حقوقها الممتازة. لا يغير من ذلك عدم شهر الحق في أحوال منصوص عليها في القوانين الخاصة بضرائب الأطيان والمباني والرسوم الجمركية ورسم الأيلولة على التركات.
1 - النص في الفقرة الأولى من المادة 1139 من القانون المدني على أن المبالغ المستحقة للخزانة العامة من ضرائب ورسوم وحقوق أخرى من أي نوع كان، يكون لها امتياز بالشروط المقررة في القوانين والأوامر الصادرة في هذا الشأن يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - [(1)] على أن المبالغ المستحقة للخزانة العامة بجميع أنواعها ومنها - وعلى سبيل المثال - الضرائب والرسوم، لا تكون ممتازة، ولا يثبت لها هذا الامتياز إلا إذا قضت بامتيازها القوانين والأوامر الخاصة لكل منها، وبالشروط والقيود التي تقررها هذه القوانين والأوامر، بحيث إذا استحق للخزانة العامة مبلغ ما ولم يوجد قانون أو أمر يقضي بامتيازه، فإنه لا يتمتع بهذا الامتياز، وإذا وجد تعين الرجوع إليه للتعرف على شروط الامتياز ونطاقه ووعائه، وما عساه أن يرد عليه من أموال.
2 - بالرجوع إلى القانون رقم 14 لسنة 1939 بفرض ضريبة على إيرادات رءوس الأموال المنقولة، وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل والتعديلات التي أدخلت عليه بالقانون رقم 146 لسنة 1950 والقانون رقم 253 لسنة 1953 والقانون رقم 244 لسنة 1955 يبين أنه نص في المادة 90 منه على أن "تكون الضرائب والمبالغ الأخرى المستحقة للحكومة بمقتضى هذا القانون ديناً ممتازاً على أموال المدينين بها أو الملزمين بتوريدها إلى الخزانة بحكم القانون" وهو بذلك إنما يقرر للخزانة العامة - مصلحة الضرائب - حق امتياز عام على أموال المدينين بها أو الملزمين بتوريدها فتجري في شأنها ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 1134 من القانون المدني من أن حقوق الامتياز العامة لا يجب فيها الشهر ولا يثبت فيها حق التتبع ولو كان محلها عقاراً غير محمل بذاته بدين الضريبة، واكتفى بما قرره من ضمانات ووسائل خاصة للتحفظ على حقوق الخزانة فضلاً عن الضمانات العامة في القانون ومن جهة أخرى فإن إطلاق يد مصلحة الضرائب على أموال المدينين بالضريبة المقررة بمقتضى القانون رقم 14 لسنة 1939 لا يخلو من أثر سيء على المعاملات وتعطيلها وارتباكها إضراراً بمن يتعاملون فيها من يريدون البيع ومن يريدون الشراء على السواء، خصوصاً وأنه فيما عدا حالة التنازل عن المنشأة لم ينظم الشارع - ومع مراعاة سر المهنة - وسيلة للعلم بحقوق المصلحة تسهل على ذوي الشأن سبيل التعرف على حقيقة المركز المالي للممولين وتكون بمثابة شهادة التصرفات العقارية في أحوال التعامل العادي، يؤيد ذلك أن امتياز الخزانة العامة لا يخولها حق تتبع أموال مدينيها إلا بنص في القوانين والأوامر الخاصة بكل منها. وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن دين الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية يخول مصلحة الضرائب حق تتبع عقارات مدينيها المثقلة بامتياز الخزانة العامة ورتب على ذلك قضاءه برفض طلبات الطاعنين - بوقف إجراءات البيع الإداري بالنسبة إلى أطيانهما وبعدم الاعتداد بالحجز الإداري الموقع عليها - فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
3 - بالرجوع إلى القوانين والأوامر الخاصة بمختلف أنواع الضرائب والرسوم يبين أنه كلما أراد الشارع أن يخول الخزانة العامة حق تتبع أموال مدينيها استيفاء لحق من حقوقها الممتازة، وبصرف النظر عن عدم شهره، نص على هذا الامتياز الخاص ورسم معالمه ونطاقه ولم يبسط يد الخزانة العامة في تتبعها تحت أي يد كانت، بل تخفف وبالقدر اللازم لكفالة حقوقها، وهو ما نصت عليه القوانين الخاصة بضرائب الأطيان والمباني والرسوم الجمركية والقانون رقم 142 لسنة 1944 بفرض رسم أيلولة على التركات، وخلا منه القانون رقم 14 لسنة 1939 بفرض ضريبة على الأرباح التجارية والصناعية، ولا يغير من هذا الوضع ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 1139 من القانون المدني في قولها "وتستوفى هذه المبالغ من ثمن الأموال المثقلة بهذا الامتياز في أية يد كانت" إذ هي مقيدة بما تقرره القوانين والأوامر الخاصة بمختلف أنواع الضرائب والرسوم ومحكومة بها بحيث إذا قررت هذه القوانين والأوامر امتيازاً خاصاً على بعض أموال مدينيها ولبعض أنواع الضرائب والرسوم فتستوفى مبالغها "من ثمن الأموال المثقلة بهذا الامتياز في أية يد كانت" وإن لم تكن مشهرة وفقاً لما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 1134 من القانون المدني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 283 سنة 1962 بني سويف الابتدائية ضد المطعون عليهم يطلبان الحكم بوقف إجراءات البيع الإداري المحدد له يوم 24/ 9/ 1962 بالنسبة إلى أطيانهما البالغ مساحتها 4 ف و6 ط و9 س والموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وبعدم الاعتداد بالحجز الإداري الموقع عليها في 8/ 6/ 1952 و21/ 7/ 1955، وقالا شرحاً لدعواها إن المطعون عليه الثاني أعلنهما بمحضري الحجز سالفي الذكر الموقعين على تلك الأطيان ضد المطعون عليه الثالث وفاء للضريبة المستحقة على أرباحه التجارية في الفترة من سنة 1939 حتى سنة 1943 كما أخطرهما بتحديد يوم 24/ 9/ 1962 لبيع العقارات المحجوزة، وإذ اشتريا هذا القدر من المطعون عليه الثالث بعقود بيع مسجلة في سنتي 1949 و1950 دون أن يرد في الشهادات العقارية ما يدل على وجود حقوق عينية أو تسجيلات لمصلحة الضرائب فقد انتهيا إلى طلب الحكم لهما بطلباتهما. وبتاريخ 19/ 1/ 1965 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعنان هذا الحكم أمام محكمة استئناف بني سويف بالاستئناف رقم 64 سنة 3 ق مدني. وبتاريخ 8/ 12/ 1965 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه قضى برفض الدعوى استناداً إلى أن الامتياز المقرر للخزانة العامة عن دين الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية يخولها حق تتبع أموال مدينها في أي يد كانت ولو لم يكن مشهراً، في حين أن حقوق الامتياز العامة لا يجب فيها الشهر ولا يثبت فيها تتبع ولو كان محلها عقاراً ما لم ينص القانون الخاص بها على منحها هذا الحق، وقد خلا القانون رقم 14 لسنة 1939 من النص على اقتران امتياز دين الضريبة بميزة التتبع، وقد خرجت العقارات المحجوزة عن ملكية مدين مصلحة الضرائب المطعون عليه الثالث بعقود مسجلة قبل توقيع الحجز، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 1139 من القانون المدني على أن "المبالغ المستحقة للخزانة العامة من ضرائب ورسوم وحقوق أخرى من أي نوع كان يكون لها امتياز بالشروط المقررة في القوانين والأوامر الصادرة في هذا الشأن"، يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المبالغ المستحقة للخزانة العامة بجميع أنواعها ومنها - وعلى سبيل المثال - الضرائب والرسوم لا تكون ممتازة ولا يثبت لها هذا الامتياز إلا إذا قضت بامتيازها القوانين والأوامر الخاصة بكل منها وبالشروط والقيود التي تقررها هذه القوانين والأوامر، بحيث إذا استحق للخزانة العامة مبلغ ما ولم يوجد قانون أو أمر يقضي بامتيازه فإنه لا يتمتع بهذا الامتياز وإذ وجد تعين الرجوع إليه للتعرف على شروط الامتياز ونطاقه ووعائه وما عساه أن يرد عليه من أموال وبالرجوع إلى القانون رقم 14 لسنة 1939 بفرض ضريبة على إيراد رءوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل والتعديلات التي أدخلت عليه بالقانون رقم 146 لسنة 1950 والقانون رقم 253 لسنة 1953 والقانون رقم 244 لسنة 1955 يبين أنه نص في المادة 90 منه على أن "تكون الضرائب والمبالغ الأخرى المستحقة للحكومة بمقتضى هذا القانون ديناً ممتازاً على أموال المدينين بها أو الملزمين بتوريدها إلى الخزانة بحكم القانون"، وهو بذلك إنما يقرر للخزانة العامة - مصلحة الضرائب - حق امتياز عام على أموال المدينين بها أو الملزمين بتوريدها فتجري في شأنها ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 1134 من القانون المدني من أن حقوق الامتياز العامة "لا يجب فيها الشهر ولا يثبت فيها حق التتبع" ولو كان محلها عقاراً غير محل بذاته بدين الضريبة، واكتفى بما قرره من ضمانات ووسائل خاصة للتحفظ على حقوق الخزانة - فضلاً عن الضمانات العامة في القانون. ومن جهة أخرى فإن إطلاق يد مصلحة الضرائب على أموال المدينين بالضريبة المقررة بمقتضى القانون رقم 14 لسنة 1939 لا يخلو من أثر سيء على المعاملات وتعطيلها وارتباكها إضراراً بمن يتعاملون فيها، من يريدون البيع ومن يريدون الشراء على السواء، خصوصاً وأنه فيما عدا حالة التنازل عن المنشأة لم ينظم الشارع - مع مراعاة سر المهنة - وسيلة للعلم بحقوق المصلحة تسهل على ذوي الشأن سبيل التعرف على حقيقة المركز المالي للممولين وتكون بمثابة شهادة التصرفات العقارية في أحوال التعامل العادي - يؤيد ذلك أن امتياز الخزانة العامة لا يخولها حق تتبع أموال مدينيها إلا بنص في القوانين والأوامر الخاصة بكل منها، وأنه بالرجوع إلى القوانين والأوامر الخاصة بمختلف أنواع الضرائب والرسوم يبين أنه كلما أراد الشارع أن يخول الخزانة العامة حق تتبع أموال مدينيها استيفاء لحق من حقوقها الممتازة وبصرف النظر عن عدم شهره نص على هذا الامتياز الخاص ورسم معالمه ونطاقه ولم يبسط يد الخزانة العامة في تتبعها تحت أي يد كانت بل تخفف وبالقدر اللازم لكفالة حقوقها، وهو ما نصت عليه القوانين الخاصة بضرائب الأطيان والمباني والرسوم الجمركية والقانون رقم 142 لسنة 1944 بفرض رسم أيلولة على التركات وخلا منه القانون رقم 14 لسنة 1939 بفرض ضريبة على الأرباح التجارية والصناعية، ولا يغير من هذا الوضع ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 1139 من القانون المدني في قولها "وتستوفى هذه المبالغ من ثمن الأموال المثقلة بهذا الامتياز في أية يد كانت" إذ هي مقيدة بما تقرره القوانين والأوامر الخاصة بمختلف أنواع الضرائب والرسوم ومحكومة بها بحيث إذا قررت هذه القوانين والأوامر امتيازاً خاصاً على بعض أموال مدينيها ولبعض أنواع الضرائب والرسوم فتستوفى مبالغها من "ثمن الأموال المثقلة بهذا الامتياز في أية يد كانت" وإن لم تكن مشهرة وفقاً لما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 1134 من القانون المدني بقولها "ولا حاجة للشهر أيضاً في حقوق الامتياز العقارية الضامنة لمبالغ مستحقة للخزانة العامة" والمعنى فيها أن حقوق الامتياز العقارية الخاصة والضامنة لمبالغ مستحقة للخزانة العامة يثبت فيها حق التتبع وإن لم تكن هناك حاجة لشهرها وذلك على وجه المقابلة وبالمغايرة لما نصت عليه قبلها من أن "حقوق الامتياز العامة ولو كان محلها عقاراً لا يجب فيها الشهر ولا يثبت فيها حق التتبع"، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن دين الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية يخول مصلحة الضرائب حق تتبع عقارات مدينيها المثقلة بامتياز الخزانة العامة ورتب على ذلك قضاءه برفض طلبات الطاعنين فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.


[(1)] نقض 17/ 6/ 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 989، نقض 11/ 5/ 1966 مجموعة المكتب الفني. السنة 17 - ص 1070.