مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الثاني (من أول فبراير 1964 إلى آخر مايو 1964) - صـ 592

(50)
جلسة 2 من فبراير سنة 1964

برئاسة السيد/ عبد العزيز الببلاوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة: الدكتور محمود سعد الدين الشريف وعبد الفتاح نصار ومحمد تاج الدين يس وأبو الوفا زهدي المستشارين.

القضية رقم 2520 لسنة 6 القضائية

موقف - مؤهلات دراسية - شهادة مدرسة المحصلين والصيارف - العلاوة المقررة لهذا المؤهل - اعتبارها من قبيل الإنصاف فلا ينالها المستحق سوى مرة واحدة عند بدء تعيينه دون استمرارها بعد الترقية إلى درجة أعلى حيث يكون الإنصاف قد استنفذ أغراضه. - أساس ذلك.[(1)]
يدور النزاع حول كنه علاوة مدرسة المحصلين والصيارف وهل هي أنصاف بتسعير مؤهل من نوع معين يكتسبه خريج هذه المدرسة وهو في الدرجة الثامنة في ظل قواعد الإنصاف فإذا ما أدركته الترقية إلى الدرجة السابعة جعلته غير مستحق لتلك العلاوة من تاريخ حصول هذه الترقية أم أنها ميزة لخريج هذه المدرسة تبقى له دائماً ما دام قائماً بأعمال المواد التي تخصص فيها.
وقد وردت هذه العلاوة في الكشف رقم 1 من قواعد الإنصاف التي تضمنها قرار مجلس الوزراء الصادر في 30/ 1/ 1944 وعنوان هذا الكشف هو "العلاوات الإضافية للحاصلين على مؤهلات تكميلية وقد كان مقدراها خمسون قرشاً ثم زيد بعد ذلك إلى مائة وخمسين قرشاً بمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في 7/ 1/ 1951.
وورود هذه العلاوة ضمن قواعد الإنصاف يجعلها تأخذ حكمها وهو تطبيق هذا الإنصاف على المستحق مرة واحدة أياً كان مؤهله في الدرجة المقررة له شأنه في ذلك شأن غيره ممن أنصفوا بمقتضى قواعد الإنصاف وأنه متى سويت حالته على هذا النحو استنفذ الإنصاف أغراضه بالنسبة له واتخذ الموظف بعد ذلك سبيله الطبيعي من حيث الترقيات والعلاوات.
ولا يقدح في سلامة هذا النظر ما جاء في قرار مجلس الوزراء الصادر في 7/ 1/ 1951. إذ لم يتحدث هذا القرار عن طبيعة هذه العلاوة وكان قاصر الأثر على مقدارها فقط كما سلف البيان.
وتعتبر هذه العلاوة تسعيراً لمؤهل من نوع معين دعت إليه ظروف خاصة، ذلك أن مدرسة المحصلين والصيارف كانت تنتظم طالبة من حملة شهادات مختلفة ولكل هذه المؤهلات تقدير خاص في قواعد الإنصاف من حيث الدرجة والمرتب ولم يكن من المستطاع والحالة هذه أن يقدر لحامل شهادة مدرسة المحصلين والصيارف درجة معينة مع وجود التباين في حالات خريجيها، ومن ثم رؤى تسعير هذا المؤهل بطريقة أخرى غير باقي الشهادات وهي إضافة علاوة - قدرت أولاً بنصف جنيه ثم زيدت فيما بعد إلى جنيه ونصف - إلى ماهية الشهادة الدراسية الحاصل عليها كل من هؤلاء الخريجين حسبما حددتها قواعد الإنصاف وإذا ما سويت حالة الموظف على هذا الأساس في بدء درجة التعيين وهي الثامنة فقد استنفذ الإنصاف أغراضه بالنسبة له.
ومتى استبان الأمر على هذا الوضع يكون الادعاء بأن شهادة مدرسة المحصلين والصيارف لا تعتبر مؤهلاً دراسياً بمقولة عدم تقرير مرتب معين لحاملها ادعاء على غير أساس فقد قرر لها مرتباً معيناً من عنصرين أحدهما ماهية الشهادة الحاصل عليها قبل شهادة هذه المدرسة والثاني العلاوة التي قررتها قواعد الإنصاف لخريج هذه الممارسة.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 25/ 8/ 1960 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة بصفته سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الخزانة في 27/ 6/ 1960 في القضية رقم 537 لسنة 6 القاضي بأحقية المطعون ضده في علاوة مدرسة المحصلين والصيارف اعتباراً من 31/ 3/ 1956 طبقاً لقرار مجلس الوزراء في 7/ 1/ 1951 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الطاعنة بالمصروفات، وطلب الطاعن اعتماداً على أسباب طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات، وفي 17 من إبريل سنة 1961 أعلن الطعن إلى المطعون ضده وحدد له جلسة 22/ 12/ 1962 أمام دائرة فحص الطعون وأخطر بها ذوو الشأن في 28/ 11/ 1962 فقررت بإحالته إلى هذه المحكمة فعنيت له جلسة 6/ 10/ 1963 وأخطر بها في 18/ 8/ 1963. فسمعت ما رأت ضرورة سماعه من ملاحظات الطرفين ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن مجمل واقعات المنازعات أن المطعون ضده أقام دعواه بتاريخ 24 من سبتمبر سنة 1959 أمام المحكمة الإدارية لوزارة الخزانة طلب فيها أن تقضي له بأحقيته في إضافة علاوة مدرسة المحصلين والصيارف إلى راتبه بعد تطبيق قانون المعادلات الدراسية ورفعها من 500 مليم إلى 1.500 وصرف الفروق من 22/ 7/ 1953 مع إلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وفي تبيان مدعاه ذكر أنه حصل على الشهادة الابتدائية للأزهر سنة 1936، وشهادة النقل للرابعة ثانوي أزهر سنة 1942 وشهادة المحصلين والصيارف سنة 1944 ثم عين صرافاً بمصلحة الأموال المقررة في 19/ 12/ 1944 بمرتب قدره 6.500 مجـ اعتباراً من 1/ 5/ 1949 وفي 7/ 1/ 1951 أصدر مجلس الوزراء قراراً برفع علاوة مدرسة المحصلين والصيارف من 500 مليم إلى 1.500، مليم وعندما صدر قانون المعادلات سويت حالته في ظله وحرم من هذه العلاوة دون وجه حق إذ أن قانون المعادلات لا يمنع من إفادته من أحكام هذا القرار الذي ظل قائماً ولم يأت هذا القانون بنص يقرر إلغاءه واستطرد ذاكراً أنه قدم عدة تظلمات إلى المصلحة التي يتبعها وكان آخرها في يوليه سنة 1959 وقد ردت هذه المصلحة على الدعوى بأن المطعون ضده حاصل على المؤهلات التي ذكرها في التواريخ التي حددها ولكنها صححت واقعة المرتب فذكرت أن بدء تعيينه كان بمبلغ 5.50 مجـ فقط بما في ذلك علاوة المدرسة ولما أن صدر قرار مجلس الوزراء الذي أشار إليه طبق عليه هذا القرار فبلغ راتبه 15 جنيه في 1/ 5/ 1959 وأن بدء تعيينه كان في الدرجة الثامنة ثم رقى إلى الدرجة السابعة في 31/ 3/ 1956 وأنها لم تطبق عليه قانون المعادلات الدراسية لأن شهادة النقل وشهادة مدرسة المحصلين والصيارف لم يرد لها ذكر في قانون المعادلات وانتهت في ردها إلى رفض الدعوى.
ومن حيث إن تلك المحكمة قضت في الدعوى على النحو سالف الذكر وأقامت قضاءها على أن علاوة مدرسة المحصلين والصيارف أنشأها قرار مجلس الوزراء الصادر في 30/ 1/ 1944 الذي تضمن قواعد الإنصاف وجعل مقدارها أولاً خمسمائة مليم وفي 4/ 10/ 1947 أصدرت وزارة المالية الكتاب الدوري رقم 234 - 5/ 45 في شأن علاوات الشهادات الإضافية وقضى هذا الكتاب بعدم منح الحاصلين على الدبلومات الممتازة أو الشهادات الإضافية العلاوات المقررة لها إلا إذا كان تعيينهم في وظائف تتفق وطبيعة مواد الدراسة التي تخصصوا فيها وبمنح الزيادة إذا كان الموظف في الدرجة المقررة لمؤهله الدراسي الأصلي - وفي سنة 1950 اقترحت مصلحة الأموال المقررة تعديل لائحة مدرسة الصيارف المصدق عليها من مجلس الوزراء في 17/ 5/ 1938 وقد عرضت هذه اللائحة على اللجنة المالية فأقرتها ثم وافق عليها مجلس الوزراء في 27/ 8/ 1950 ثم أجري تعديل في هذه اللائحة مقتضاه رفع علاوة الشهادة من 500 مليم إلى 1.50 مليم ومنح طلاب المدرسة مكافأة في فترة الدراسة مقدارها ثلاثة جنيهات في الفترة الأولى بدلاً من 2 جنيه وخمسة جنيهات وصدر بهذا التعديل قرار من مجلس الوزراء في 7/ 1/ 1951 وجاء هذا القرار صريحاً في إضافة العلاوة إلى الماهية المقررة للشهادة الدراسة دون تحديد درجة معينة، ومن ثم يظل المنح قائماً ما دام حامل الشهادة يقوم بوظيفة صراف بصرف النظر عن الدرجة المالية المقررة لمؤهله الدراسي أو الدرجة المالية التي يرقى إليها بعد ذلك وأن الهدف من تقرير هذه العلاوة هو تشجيع الإقبال على الالتحاق بالمدرسة فينبغي إعمال قواعد الإنصاف بألا ينمحي أثر هذه العلاوة بالترقية إلى درجة أعلى إذ بهذا المحو يتساوى حملة هذه الشهادة مع أصحاب المؤهلات الذين لم يحصلوا عليها وأضافت إلى ما تقدم أن هذه الشهادة لا تعتبر مؤهلاً دراسياً ذلك أنه لم يتقرر للحاصلين عليها مرتب معين والعلاوة تقترن بالعمل وجوباً وعدماً، ومن ثم لا تعتبر الترقية مماثلة لعدم القيام بأعمال صراف ومناط الأحقية هو القيام بأعمال صراف ولا يغير من هذا النظر ما جاء بكتاب دوري وزارة المالية رقم - 234/ 5/ 45 بتاريخ 4/ 10/ 1947 إذ لم يضع قاعدة عامة يتعين تطبيقها في جميع الحالات وأن سلطة وزارة المالية في تفسير القواعد التنظيمية الخاصة بالموظفين ليست مطلقة كما أن إطلاق قرار 7/ 1/ 1951 وعدم تضمينه أي قيد يحتم إهدار ما جاء في هذا الكتاب.
ومن حيث إن الطعن بني على أن الحكم خالف القانون ذلك أن علاوة المحصلين والصيارف ما هي إلا أنصاف بتسعير مؤهل من نوع معين إذ أن طلبة مدرسة المحصلين والصيارف يحملون شهادات مختلفة ولكل منها تقدير خاص في قواعد الإنصاف من حيث الدرجة والمرتب فلم يكن من المستطاع والحالة هذه أن يقرر لحملة الشهادة درجة معينة، ومن ثم رؤى إضافة العلاوة إلى ماهية الشهادة الحاصل عليها كل من هؤلاء الخريجين على أن يطبق هذا الإنصاف في حقه مرة واحدة شأن من أنصفتهم قواعد الإنصاف ومتى سويت الحالة على هذا النحو فقد استنفذ قواعد الإنصاف أغراضها ويتخذ الموظف سبيله الطبيعي من حيث الترقيات والعلاوات وإذا رقى إلى الدرجة السابعة فمنذ تاريخ ترقيته لا يستحق علاوة مدرسة المحصلين والصيارف واستشهد في هذا المقام بحكم صدر من هذه المحكمة في القضية رقم 867 لسنة 3 القضائية - ومنشور في السنة الرابعة من القواعد القانونية ص 367 - قاعدة 28.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً في هذه المنازعة ضمنته رأيها من حيث شكل الطعن فقررت أنه مستوفى وأما عن موضوعه فذكرت أن الحكم المطعون فيه قام على غير أساس واستندت في ذلك إلى الحكم الصادر من هذه المحكمة والمشار إليه في أسباب الطعن وطلبت الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام رافعها بالمصروفات.
يدور النزاع حول كنه علاوة مدرسة المحصلين والصيارف وهل هي أنصاف بتسعير مؤهل من نوع معين يكتسبه خريج هذه المدرسة وهو في الدرجة الثامنة في ظل قواعد الإنصاف فإذا ما أدركته الترقية إلى الدرجة السابعة جعلته غير مستحق لتلك العلاوة من تاريخ حصول هذه الترقية أم أنها ميزة لخريج هذه المدرسة تبقى له دائماً ما دام قائماً بأعمال المواد التي تخصص فيها؟
وقد وردت هذه العلاوة في الكشف رقم 1 من قواعد الإنصاف التي تضمنها قرار مجلس الوزراء الصادر في 30/ 1/ 1944 وعنوان هذا الكشف هو "العلاوات الإضافية للحاصلين على مؤهلات تكميلية وقد كان مقدارها خمسون قرشاً ثم زيد بعد ذلك إلى مائة وخمسين قرشاً بمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في 7/ 1/ 1951.
وورود هذه العلاوة ضمن قواعد الإنصاف يجعلها تأخذ حكمها وهو تطبيق هذا الإنصاف على المستحق مرة واحدة أياً كان مؤهله في الدرجة المقررة له شأنه في ذلك غيره ممن أنصفوا بمقتضى قواعد الإنصاف وأنه متى سويت حالته على هذا النحو استنفذ الإنصاف أغراضه بالنسبة له واتخذ الموظف بعد ذلك سبيله الطبيعي من حيث الترقيات والعلاوات.
ولا يقدح في سلامة هذا النظر ما جاء في قرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 1/ 1951 إذ لم يتحدث هذا القرار عن طبيعة هذه العلاوة وكان قاصر الأثر على مقدارها فقط كما سلف البيان.
وتعتبر هذه العلاوة تسعيراً لمؤهل من نوع معين دعت إليه ظروف خاصة، ذلك أن مدرسة المحصلين والصيارف كانت تنتظم طلبة من حملة شهادات مختلفة ولكل من هذه المؤهلات تقدير خاص في قواعد الإنصاف من حيث الدرجة والمرتب ولم يكن من المستطاع والحالة هذه أن يقدر لحامل شهادة مدرسة المحصلين والصيارف درجة معينة مع وجود التباين في حالات خريجيها، ومن ثم رؤى تسعير هذا المؤهل بطريقة أخرى غير باقي الشهادات وهي إضافة علاوة قدرت أولاً بنصف جنيه ثم زيدت فيما بعد إلى جنه ونصف - إلى ماهية الشهادة الدراسية الحاصل عليها كل من هؤلاء الخريجين حسبما حددتها قواعد الإنصاف وإذا ما سويت حالة الموظف على هذا الأساس في بدء درجة التعيين وهي الثامنة فقد استنفذ الإنصاف أغراضه بالنسبة له (يراجع الحكم الصادر من هذه المحكمة في الطعن رقم 867/ 3 المنشور في مجموعة السنة الرابعة العدد الأول ص 367 قاعدة 28).
ومتى استبان الأمر على هذا الوضع يكون الادعاء بأن شهادة مدرسة المحصلين والصيارف لا تعتبر مؤهلاً دراسياً بمقولة عدم تقرير مرتب معين لحاملها على غير أساس فقد قرر لها مرتباً معيناً من عنصرين أحدهما ماهية الشهادة الحاصل عليها قبل شهادة هذه المدرسة والثاني العلاوة التي قررتها قواعد الإنصاف لخريج هذه المدرسة.
ومن حيث إن الجهة الإدارية سوت حالته بإضافة علاوة مدرسة المحصلين والصيارف إلى ماهيته في درجة التعيين ثم أطلقته بعد ذلك شأنه شأن باقي الموظفين بدون هذه العلاوة عند ما رقته إلى الدرجة السابعة فتكون قد طبقت في شأنه قواعد الإنصاف - وهي قواعد تنظيمية عامة - تطبيقاً سليماً ويكون الأثر الذي تغياه الشارع من تقرير هذه العلاوة قائماً إذ روعي في درجة التعيين شأن جميع قواعد الإنصاف كما سلف البيان.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر مجافياً لما تقضي به قواعد الإنصاف وما درجت عليه أحكام هذه المحكمة في توضيحها لمفهوم هذه القواعد، ومن ثم يكون حكماً غير سديد متعين الإلغاء وبالتالي رفض دعوى المدعي التي لا تقوم على أساس سليم من القانون.
ومن حيث إن المدعي أصابه الخسر في دعواه فلزم بمصروفاتها بما في ذلك مقابل أتعاب المحاماة وذلك إعمالاً لنص المادة - 375 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.


[(1)] قضت المحكمة بمثل هذا المبدأ في ذات الجلسة في القضايا الرقيمة 2527 و2652 و2653 لسنة 6 القضائية.