مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الثاني (من أول فبراير 1964 إلى آخر مايو 1964) - صـ 643

(54)
جلسة 22 من فبراير سنة 1964

برئاسة السيد/ مصطفى كامل إسماعيل وكيل المجلس، وعضوية السادة: حسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 1316 لسنة 7 القضائية

عقد إداري - فسخه - تعويض - مصادرة التأمين - جواز الجمع بين التعويض ومصادرة التأمين عند فسخ العقد - شرط ذلك - تجاوز الضرر قيمة التأمين وعدم حظر العقد الإداري هذا الجمع صراحة - أساس ذلك - اختلاف التعويض عن مصادرة التأمين - الأول مرده القاعدة العامة في العقود المدنية والإدارية على السواء جبراً لضرر تعاقدي والثاني جزاء مالي للإدارة توقيعه في العقود الإدارية وحدها.
أن البند (18) من الشروط العامة للعطاء ينص على أن تدفع قيمة الأجرة التي يتفق عليها إلى خزينة المصلحة مقدماً في اليوم الأول من كل شهر. وإذا تأخر المتعهد في دفع الإيجار في الميعاد فللمصلحة الحق في فسخ العقد ومصادرة التأمين.
وأنه لئن لم يرد في البند المذكور النص - علاوة على مصادرة التأمين على حق المصلحة في التعويض عما لحقها من ضرر بسبب عدم قيام المتعهد بالتزامه إلا أن مجرد عدم النص على ذلك لا يؤدي في حالة فسخ العقد إلى حظر الجمع بين التعويض ومصادرة التأمين. ذلك أن فسخ العقد - أياً كان هذا العقد - يخضع لقاعدة قانونية عامة تقضي بأن للدائن الذي أجيب إلى فسخ العقد أن يرجع بالتعويض عما أصابه من ضرر على المدين إذا كان عدم قيام هذا المدين بتنفيذ التزامه راجعاً إلى خطئه لإهمال أو تعمد وترتب على هذا الخطأ ضرر. وهذه القاعدة بحكم عموميتها تطبق في حالة فسخ العقد الإداري كما تطبق في حالة فسخ العقد المدني على حد سواء. ومن ثم فإن هذا التعويض الذي مرده إلى القواعد القانونية العامة مستقل في سببه كما أنه مختلف في طبيعته ووجهته وغايته عن شرط مصادرة التأمين الذي هو أحد الجزاءات المالية التي جرى العرف الإداري على اشتراطها في العقد الإداري والتي مردها إلى ما يتميز به العقد الإداري عن العقد المدني من طابع خاص مناطه احتياجات المرفق العام الذي يستهدف العقد تسييره وتغليب وجه المصلحة العامة في شأنه على مصلحة الأفراد الخاصة. وهذا الطابع الخاص هو الذي يترتب عليه تمتع الإدارة في العقد الإداري بسلطات متعددة منها سلطة توقيع الجزاءات المالية التي من بينها مصادرة التأمين. وما دام السبب في كل من مصادرة التأمين والتعويض مستقلاً والطبيعة والوجهة والغاية في كل منهما متباينة فلا تثريب إن اجتمع في حالة فسخ العقد الإداري مع مصادرة التأمين استحقاق التعويض إذ لا يعتبر الجمع بينهما ازدواجاً للتعويض محظوراً، حتى ولو ينص في العقد الإداري على استحقاق التعويض لأن استحقاقه كما سلف البيان إنما هو تطبيق للقواعد العامة. وقد جاءت المادة (105) من القرار رقم 542 لسنة 1957 بإصدار لائحة المناقصات والمزايدات مؤكدة لهذا الأصل العام إذ نصت على أنه ".... وللوزارة أو المصلحة أو السلاح في حالة عدم قيام المتعهد بالتوريد في الميعاد المحدد بالعقد أو خلال المهلة الإضافية أن تتخذ أحد الإجراءين التاليين وفقاً لما تقتضيه مصلحة العمل: -
( أ ) شراء الأصناف التي لم يقم المتعهد بتوريدها من غيره على حسابه.
(ب) إنهاء التعاقد فيما يختص بهذه الأصناف ومصادرة التأمين.... وذلك دون إخلال بحق الوزارة أو المصلحة أو السلاح في المطالبة بالتعويض.
وغني عن البيان أن الجمع بين مصادرة التأمين والتعويض رهين بألا يحظر العقد الإداري صراحة هذا الجمع وأن يكون الضرر لا يزال موجوداً بعد مصادرة التأمين أي تجاوز قيمة هذا التأمين. فإذا كانت مصادرة التأمين قد جبرت الضرر كله. فلا محل للتعويض بالتطبيق للقواعد العامة ما لم يتفق على خلاف ذلك. وغير خاف أن هذه التحفظات التي ترد على المبدأ العام المشار إليه توجب النظر إلى كل حالة على حدة بحسب الشروط التي أبرمت فيها وبحسب ظروف أحوالها وملابساتها وتدعو إلى التزام الحذر في تعميم حكم حالة بذاتها على سائر الحالات الأخرى التي قد تبدو متماثلة. وفي هذا المقام يهم المحكمة أن تنبه إلى عدم قيام التعارض بين المبدأ العام سالف البيان بالتحفظات التي ترد عليه على النحو المفضل آنفاً، ويبين ما سبق أن قضت به في 25 من فبراير سنة 1961 في الطعن رقم 1156 لسنة 5 القضائية. فقضاء هذه المحكمة في الطعن المذكور إنما يحمل - كما جاء صراحة في أسباب الحكم المشار إليه مقرونة بظروف الخصوصية التي فصل فيها - على أن التعويض المطالب به كان يقل عن المبلغ الذي حصلت عليه الوزارة فعلاً بمصادرتها التأمين. أي أن مصادرة التأمين قد أجبرت الضرر كله.


إجراءات الطعن

في 15 من يونيه سنة 1961 أودعت إدارة قضايا الحكومة سكرتيرية هذه المحكمة بالنيابة عن السيد/ وزير الأشغال بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة المساحة تقرير طعن في الحكم الصادر بجلسة 16 من إبريل سنة 1961 من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 490 لسنة 11 القضائية المقامة من: وزارة الأشغال ضد السيد/ عبد الباسط عبد الحميد والذي قضى بإلزام المدعى عليه أن يدفع للوزارة المدعية مبلغ 34.388 مجـ والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 27 من يناير سنة 1957 حتى تمام الوفاء والمصروفات المناسبة ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. وطلب السيد الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن في الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض مبلغ 29.320 مجـ والحكم بإلزام المطعون ضده بأن يدفع للطاعن بصفته مبلغ 63.807 مجـ والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون عليه في 25 من يونيه سنة 1961. وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 12 من أكتوبر سنة 1963 وأبلغ الطرفان في 20 من يوليه سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة، وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى بالمحكمة العليا حيث عين لنظره أمامها لجلسة 14 من ديسمبر سنة 1963 وفيها قررت المحكمة تأجيل نظر الطعن لجلسة 11 من يناير سنة 1964 لإعادة إخطار المطعون عليه بتاريخ الجلسة المحددة. وفي جلسة 11 من يناير سنة 1964 قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق. وسماع إيضاحات ذوي الشأن، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن وزارة الأشغال أقامت الدعوى رقم 490 لسنة 11 القضائية ضد السيد/ عبد الباسط عبد الحميد بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 27 من يناير سنة 1957 بطلب الحكم بإلزام المدعى عليه بأن يدفع لها مبلغ 68.928مجـ والفوائد بواقع 5% من تاريخ رفع الدعوى والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقالت بياناً للدعوى أن مصلحة المساحة رخصت بمقتضى عقد مؤرخ 3 من سبتمبر سنة 1953 للمدعى عليه في استغلال مقصف الدور الأرضي بمبنى إدارتها العامة بالجيزة لمدة سنة تبدأ في 7 من سبتمبر سنة 1953 وتنتهي في 6 من سبتمبر سنة 1954 نظير جعل شهري قدره 28.600 مجـ يدفع مقدماً في أول كل شهر ونص في المادة 21 من شروط العطاء المكملة لشروط العقد على أن للمصلحة الحق في فسخ العقد في حالة إخلال المستأجر بأي شرط من شروطه. وأنه لما كان المدعى عليه قد أخل بشروط العقد فتوقف عن دفع الإيجار في أول يونيه سنة 1954 فقد فسخت المصلحة العقد في أخر يونيه سنة 1954 وظل المقصف خالياً من تاريخ الفسخ لغاية 6 من سبتمبر سنة 1954 وقد أجريت عنه مزايدتان الأولى على حساب المدعى عليه وقد رست على عبد الواحد محمد المغربي في 26 من أغسطس سنة 1954 بيد أنه نكل عن تنفيذ العقد بدعوى مغادرته البلاد فصودر التأمين المؤقت المدفوع منه وقدره خمسة جنيهات وظل المقصف بعد ذلك خالياً إذ لم يؤجر إلا في 28 من أكتوبر سنة 1954 حيث رسا مزاده في المزايدة الثانية على السيد خليل عبد الدائم. لما كان ذلك وكان المدعى عليه قد ألحق بالمصلحة بفعله خسائر أخرى هي تلف بالمقصف تكلف ترميمه مبلغ 50.220 مجـ وتلف ببعض أشياء من عهدة المقصف قيمتها 5.788 مجـ. فإنه إذا أضيف إلى ذلك مبلغ 62.900 مجـ قيمة الإيجار المستحق من يوليه سنة 1954 لغاية سبتمبر سنة 1954 فإن جملة الخسائر تصل إلى مبلغ 73.928 مجـ فإذا خصم من هذا المبلغ مبلغ التأمين المؤقت الذي صودر من عبد الواحد محمد المغربي فيكون الباقي هو مبلغ 68.928 مجـ وهو ما يستحق للمصلحة قبل المدعى عليه. وقد أجاب المدعى عليه عن الدعوى في طلب قدمه ذكر فيه أنه كان مجنياً عليه بسبب طرده من المصلحة وعدم تمكينه من مزاولة عمله ومن تحصيل اشتراكات الموظفين الشهرية نظير سحوباتهم منه ثم انتهى إلى طلب إعطائه فرصة لتجميع المستندات وإقامة الدليل المادي على صحة أقواله. وقد أجل نظر الدعوى مراراً وبجلسة 19 من فبراير سنة 1961 أودع الحاضر عن الوزارة حافظة تضمنت كشفاً موقعاً عليه من المدعى عليه به بيان بالأشياء التالفة وقرر تنازله عن مبلغ 5.220 مجـ قيمة الترميمات التي قامت بها الوزارة وقصر طلباتها على مبلغ 63.708 مجـ والفوائد والمصروفات. وبجلسة 16 من إبريل سنة 1961 قضت محكمة القضاء الإداري بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للوزارة المدعية مبلغ 34.388 مجـ والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 27 من يناير سنة 1957 حتى تمام الوفاء والمصروفات المناسبة ورفض ما عدا ذلك من الطلبات وأقامت قضاءها على أن حق الوزارة في التعويض عما لحقها من ضرر نتيجة لفسخ العقد يقتصر على مصادرة التأمين أو على الرجوع على المدعى عليه مما يساوي قيمة هذا التأمين إذا كان قد خصم مقابل مبلغ مستحق لها فعلاً. ونظراً لأن هذا التأمين قد استخدم في استيفاء إيجار شهر يونيه سنة 1954 فإنه يكون من حق الوزارة أن ترجع على المدعى عليه بما يساوي قيمته بمبلغ 28.600 مجـ ويضاف إلى هذا المبلغ مبلغ 5.788 مجـ قيمة الفاقد ونفقات إصلاح التالف من المهمات فيكون مجموع المبلغ المستحق للوزارة هو 34.388 مجـ.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن شرط مصادرة التأمين لا ينطوي البتة على تعويض اتفاقي أو شرط جزائي. لأن تقديم التأمين والنص على مصادرته واجب مفروض بحكم القانون لا يمكن للإدارة أن تتجاوز عنه. والملاحظ دائماً أن قيمة الأضرار التي تلحق جهة الإدارة من جراء فسخ العقد تزيد كثيراً عن قيمة التأمين الصادر. مما يؤكد أن الإدارة لا تقصد من شرط مصادرة التأمين الاتفاقي على التعويض مقدماً. وأنه مع التسليم جدلاً بأنه تعويض اتفاقي أو شرط جزائي. فإنه يسقط نتيجة لفسخ العقد. ويعوض الدائن طبقاً للقواعد العامة أي بمقدار ما أصابه من ضرر. وقد عقبت هيئة مفوضي الدولة على هذا الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيه لما أبدته به من أسباب إلى أنها ترى "الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم بإلزام المطعون ضده بأن يدفع للطاعن مبلغ 63.708 مجـ والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام السداد والمصروفات والأتعاب.
ومن حيث أن البند (18) من الشروط العامة للعطاء ينص على أن تدفع قيمة الأجرة التي يتفق عليها إلى خزينة المصلحة مقدماً في اليوم الأول من كل شهر. وإذا تأخر المتعهد في دفع الإيجار في الميعاد المحدد فللمصلحة الحق في فسخ العقد ومصادرة التأمين.
وأنه ولئن لم يرد في البند المذكور النص - علاوة على مصادرة التأمين على حق المصلحة في التعويض عما لحقها من ضرر بسبب عدم قيام المتعهد بالتزامه إلا أن مجرد عدم النص على ذلك لا يؤدي في حالة فسخ العقد إلى حظر الجمع بين التعويض ومصادرة التأمين. ذلك أن فسخ العقد - أياً كان هذا العقد - يخضع لقاعدة قانونية عامة تقضي بأن للدائن الذي أجيب إلى فسخ العقد أن يرجع بالتعويض عما أصابه من ضرر على المدين. إذا كان عدم قيام هذا المدين بتنفيذ التزامه راجعاً إلى خطئه لإهماله أو تعمد وترتب على هذا الخطأ ضرر. وهذه القاعدة بحكم عموميتها تطبق في حالة فسخ العقد الإداري كما تطبق في حالة فسخ العقد المدني على حد سواء. ومن ثم فإن هذا التعويض الذي مرده إلى القواعد القانونية العامة مستقل في سببه كما أنه مختلف في طبيعته ووجهته وغايته. عن شرط مصادرة التأمين الذي هو أحد الجزاءات المالية التي جرى العرف الإداري على اشتراطها في العقد الإداري. والتي مردها إلى ما يتميز به العقد الإداري عن العقد المدني من طابع خاص مناطه احتياجات المرفق العام الذي يستهدف العقد تسييره وتغليب وجه المصلحة العامة في شأنه على مصلحة الأفراد الخاصة. وهذا الطابع الخاص هو الذي يترتب عليه تمتع الإدارة في العقد الإداري بسلطات متعددة منها سلطة توقيع الجزاءات المالية التي من بينها مصادرة التأمين. وما دام السبب في كل من مصادرة التأمين والتعويض مستقلاً والطبيعة والوجهة والغاية في كل منهما متباينة فلا تثريب إن اجتمع في حالة فسخ العقد الإداري مع مصادرة التأمين استحقاق التعويض إذ لا يعتبر الجمع بينهما ازدواجاً للتعويض محظوراً. حتى ولو لم ينص في العقد الإداري على استحقاق التعويض لأن استحقاقه كما سلف البيان إنما هو تطبيق للقواعد العامة. وقد جاءت المادة (105) من القرار رقم 542 لسنة 1957 بإصدار لائحة المناقصات والمزايدات مؤكدة لهذا الأصل العام إذ نصت على أنه: "... وللوزارة أو المصلحة أو السلاح في حالة عدم قيام المتعهد بالتوريد في الميعاد المحدد بالعقد أو خلال المهلة الإضافية أن تتخذ أحد الإجراءين التاليين وفقاً لما تقتضيه مصلحة العمل: -
( أ ) شراء الأصناف التي لم يقم المتعهد بتوريدها من غيره على حسابه..
(ب) إنهاء التعاقد فيما يختص بهذه الأصناف ومصادرة التأمين.... وذلك دون إخلال بحق الوزارة أو المصلحة أو السلاح في المطالبة بالتعويض.."
وغني عن البيان أن الجمع بين مصادرة التأمين والتعويض رهين بألا يحظر العقد الإداري صراحة هذا الجمع. وأن يكون الضرر لا يزال موجوداً بعد مصادرة التأمين أي تجاوز قيمة هذا التأمين. فإذا كانت مصادرة التأمين قد جبرت الضرر كله. فلا محل للتعويض بالتطبيق للقواعد العامة ما لم يتفق على خلاف ذلك. وغير خاف أن هذه التحفظات التي ترد على المبدأ العام المشار إليه توجب النظر إلى كل حالة على حدة بحسب الشروط التي أبرمت فيها وبحسب ظروف أحوالها وملابساتها وتدعو إلى التزام الحذر في تعميم حكم حالة بذاتها على سائر الحالات الأخرى التي قد تبدو متماثلة وفي هذا المقام يهم المحكمة أن تنبه إلى عدم قيام التعارض بين المبدأ العام سالف البيان بالتحفظات التي ترد عليه على النحو المفضل آنفاً، وبين ما سبق أن قضت به في 25 من فبراير سنة 1961 في الطعن رقم 1956 لسنة 5 القضائية. فقضاء هذه المحكمة في الطعن المذكور إنما يحمل - كما جاء صراحة في أسباب الحكم المشار إليه مقرونة بظروف الخصوصية التي فصل فيها - على أن التعويض المطالب به كان يقل عن المبلغ الذي حصلت عليه الوزارة فعلاً بمصادرتها التأمين. أي أن مصادرة التأمين قد أجبرت الضرر كله.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم لما كانت الوزارة قد حددت طلباتها بمبلغ 63.708 ج والفوائد والمصروفات. ولما كان هذا المبلغ يمثل قيمة ما أتلفه المدعى عليه من عهده البوفيه. وقدرها 5.788 ج ولم ينازع المدعى عليه في هذه القيمة. كما يمثل قيمة الأجرة من شهر يوليه سنة 1954 لغاية شهر سبتمبر سنة 1954 بواقع 28.600 مجـ شهرياً. وكانت الوزارة قد اعتبرت قيمة التأمين الذي صودر مقابلاً لأجرة شهر يونيه سنة 1954 كما خصمت مبلغ التأمين المؤقت الذي صادرته من عبد الواحد محمد المغربي فإنها تكون على حق في طلباتها ويكون الحكم المطعون فيه إذ أخذ بغير هذا النظر قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله. ويتعين والحالة هذه القضاء بتعديله وبإلزام المدعى عليه بأن يدفع للوزارة مبلغ 63.708 مجـ والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 27 من يناير سنة 1957 حتى تمام الوفاء والمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه، وبإلزام المدعى عليه بأن يدفع للجهة الإدارية المدعية مبلغ 63.708 مجـ (ثلاثة وستين جنيهاً وسبعمائة وثمانية مليمات). وفوائده القانونية بواقع 4% (أربعة في المائة) سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 27 من يناير سنة 1957 حتى تمام الوفاء، مع إلزامه بالمصروفات.