مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الثاني (من أول فبراير 1964 إلى آخر مايو 1964) - صـ 669

(56)
جلسة 22 من فبراير سنة 1964

برئاسة السيد/ مصطفى كامل إسماعيل وكيل المجلس، وعضوية السادة: حسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 127 لسنة 9 القضائية

( أ ) موظف - تأديب - اختصاص - تعدد المتهمين المقدمين للمحاكمة التأديبية - قيام الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بين التهم الموجهة إليهم - اختصاص المحكمة التي تحاكم أعلاهم درجة بمحاكمتهم جميعاً لا يؤثر في ذلك كون أحدهم من الموظفين المؤقتين.
(ب) موظف - تأديب - حق الدفاع - حضور المتهم أمام المحكمة التأديبية وتأجيل القضية في مواجهته - تخلفه عن الحضور بالجلسات التالية - لا موجب لإعلانه بموعد هذه الجلسات - عدم جواز الاحتجاج بعدم سماع دفاعه - أساس ذلك.
1) أن المادة 25 من القانون رقم 117 لسنة 1958 تقضي بأنه إذا تعدد المتهمون المقدمون للمحاكمة التأديبية كانت المحكمة المختصة بمحاكمة أعلاهم درجة هي المختصة بمحاكمتهم جميعاً ولما كان الثابت أن المتهم الآخر الذي قدم للمحاكمة مع هذا المتهم هو من الموظفين الدائمين وكان الارتباط بين التهمتين الموجهتين إلى كل منهما قائماً وهو ارتباط لا يقبل التجزئة فإن المحكمة التأديبية تصبح مختصة بنظر الاتهام الموجه إلى المتهم الطاعن أيضاً رغم كونه من الموظفين المؤقتين هذا فضلاً عن أن محاكمة المتهم المذكور أمام المحكمة التأديبية فيها من الضمانات ما قد لا يتوافر في غيرها.
2) إذا كان الثابت من الاطلاع على ملف الدعوى التأديبية أن المتهم الطاعن قد حضر أمام المحكمة التأديبية بجلسة 28 من يونيه سنة 1961 وتأجلت الدعوى لجلسة 11 من أكتوبر سنة 1961 لإعلان المتهم الآخر وفي هذه الجلسة حضر المتهم الطاعن وتأجلت المحاكمة لجلسة 15 من نوفمبر سنة 1961 لإعلان المتهم الأول وفي الجلسات التالية لم يحضر المتهم الطاعن إلى أن حجزت الدعوى للحكم لجلسة 28 من نوفمبر سنة 1962 وفيها صدر الحكم المطعون فيه - وفي هذا الاستعراض ما يقطع بإعلان المتهم للحضور أمام المحكمة التأديبية وعلمه بجلسات المحاكمة وكونه قد تخلف بعد حضوره أمام المحكمة في الجلسات التالية لا يعني وجوب إعلانه لكل جلسة تحددها ما دام التأجيل قد صدر في مواجهته وما دامت الدعوى تسير سيرها العادي من جلسة إلى أخرى، ومن ثم فإذا ما تخلف عن الحضور في الجلسات التي يعتبر حكماً أنه عالم بها فإنه لا يقبل منه الاحتجاج بعدم سماع دفاعه ما دام كان ذلك ميسراً له ومتاحاً أمامه ولم يفعل وبالتالي تكون المحاكمة قد تمت صحيحة وفق القانون.


إجراءات الطعن

بتاريخ 17 من يناير سنة 1963 أودع السيد/ رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر بجلسة 28 من نوفمبر سنة 1962 من المحكمة التأديبية لموظفي وزارة التربية والتعليم في الدعوى التأديبية رقم 48 لسنة 3 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد السيد/ محمد صادق عبد الفتاح أمين توريدات مدرسة عباس الإعدادية. والقاضي "بعزل السيد/ محمد صادق عبد الفتاح الموظف من الدرجة التاسعة من وظيفته مع حفظ حقه في المعاش أو المكافأة وطلب السيد/ الطاعن للأسباب التي أوردها في عريضة الطعن "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه". وقد أعلن هذا الطعن لذوي الشأن وعين لنظره جلسة أمام دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا التي بعد أن سمعت ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى تتحصل - كما يبين من أوراقها - في أن السيد/ محمد صادق عبد الفتاح كان في سنة 1960 يعمل بوظيفة أمين توريدات مدرسة عباس الإعدادية وهو على الدرجة التاسعة المؤقتة وقد نسب إليه التلاعب في أجازات السيد/ محمد كمال مصطفى المدرس بالمدرسة المذكورة وآية ذلك أن هذا المدرس قد تغيب عن المدرسة يوم 13 من يناير سنة 1960 وحرر عن ذلك إخطار إلى المنطقة برقم 36 في 26 من يناير سنة 1960. وتجاوز هذا المدرس أجازاته العارضة بأيام 17 و18 و21 من يناير بخلاف يومي 2 و3 من ديسمبر سنة 1959 وقد حرر إخطار بذلك على المنطقة برقم 37 في 26 من يناير سنة 1960 كما أرسلت المدرسة إلى المنطقة إخطارين آخرين برقمي 53 و55 في 8 و10 من فبراير سنة 1960 عن تجاوزات لنفس المدرس المذكور... وقد قرر وكيل المدرسة أنه هو الذي قام بتحرير هذه الإخطارات جميعها وسلمها إلى السيد/ محمد صادق عبد الفتاح (المتهم الحالي) لإثباتها في دفتر الصادر وتحريرها وتسليمها إلى المنطقة وكان المفروض أن يقوم المتهم المذكور بتسليم هذه الإخطارات الأربعة إلى المنطقة في يوم تسلمه إياها ولكن الذي حدث هو أن وكيل المدرسة قد اكتشف أن تلك الإخطارات لم تسلم للمنطقة وكان ذلك مصادفة عند اطلاعه على سركي تسليم المكاتبات للمنطقة إذ لاحظ أن أمام الخطابين رقمي 36، 37 توقيعاً غريباً بتسلمهما فلما سأل الساعي المنوط به تسليم الخطابات للمنطقة عمن وقع بتسليم هذين الخطابين أخبره هذا الأخير بأن أمين التوريدات (المتهم) بعد أن سلمه الخطابين المذكورين استردهما منه ثانية بحجة أنه سيرسلها بالبريد المسجل وأن التوقيع بالاستلام إنما هو توقيع المتهم المذكور، وقد طلب وكيل المدرسة دفتر المكاتبات المسجلة فلم يجد به أي أثر يفيد أن الإخطارين رقمي 36، 37 قد أرسلا إلى المنطقة. وبعد الاطلاع على الدفتر المذكور رده بالتالي إلى أمين التوريدات (المتهم) وعندما استعاده ثانية لاحظ أن المتهم قد أضاف المكاتبة رقم 36 في الصفحة الخاصة بيوم 26 من يناير سنة 1960 الأمر الذي اضطر وكيل المدرسة للرجوع إلى مكتب البريد حيث اطلع على الصورة المحفوظة به فلم يجد أي أثر للمكاتبة رقم 36 ضمن المكاتبات المسلمة لمكتب البريد في ذلك اليوم وقد أخبره أمين التوريدات بأن باقي المكاتبات أرقام 37، 53، 55 سلمت باليد للمنطقة مع أنه لا يوجد ما يؤيد هذا الادعاء - وقد قرر وكيل المدرسة أن أمين التوريدات (المتهم) بعد أن شعر بافتضاح أمره اصطنع خطاباً نسبه إلى المدرسة ووضع عليه الرقم 36 وصدره للمنطقة مرفقاً به أوراق لا علاقة بها بالمكاتبة المشار إليها وقد كشف هذه الحيلة رئيس الأرشيف بالمنطقة خاصة وأن هذه المكاتبة الوهمية لا تحمل توقيع ناظر المدرسة ثم أضاف الوكيل المذكور أنه لما وصل إلى علمه أن أمين التوريدات قد فعل ذلك مقابل جعل تقاضاه من صاحب الشأن خدمة له وقد ضاعت على الدولة بسبب هذا العبث المبالغ التي كانت تخصم من المدرس المذكور نتيجة لتجاوزه أيام الغياب وقد شهد بواقعة الجعل هذه السيد/ محمد رمزي السيد العقدة المدرس بالمدرسة إذ قرر بأن المدرس المشار إليه أخبره بأنه اتفق مع هذا المتهم على أن يسلمه أوراق أجازاته في مقابل جنيه - وكذلك قرر السيد/ رفاعي إبراهيم رضوان المدرس أنه في أحد الأيام أبلغه الشاهد السابق بأن محمد كمال مصطفى المدرس وصاحب الأجازات موضوع الاتهام الحالي أخبره بأنه حصل على مكاتبات أجازاته من أمين التوريدات (المتهم). وفي اليوم ذاته حضر إليه محمد كمال مصطفى وأبلغه أنه حصل على أوراق أجازاته من هذا المتهم دون أن يخطره بأنه دفع إليه أي شيء مقابل هذا العمل وبسؤال أمين التوريدات (المتهم الطاعن) عما نسب إليه أنكر بادئ الأمر وقرر أنه سلم المكاتبتين رقمي 36، 37 بالبريد المسجل بينما سلم المكاتبتين رقمي 53، 54 للمنطقة باليد فلما ووجه بأنه قيد في سركي المنطقة المكاتبات أرقام 35، 36، 37، 38، 39، 40 في 26 من يناير سنة 1960 وأن جميع المكاتبات سلمت للمنطقة عدا المكاتبتين رقمي 36، 37 وهما الخاصتان بأجازات محمد كمال مصطفى، وأنه ما كان هناك من داع لإرسالهما بالبريد والحال أن باقي المكاتبات بهذا المدرس قد سلمت باليد كزعمه عاد وتراجع وقرر أن المكاتبتين رقمي 36، 37 لم تسلما لمكتب البريد وأنه استعادهما من السركي ثم فقدتا منه وأنه عندما أحس بحرج موقفه أقدم على تزوير استمارة التسليم لمكتب البريد بأن أضاف إليها المكاتبة رقم 36 على أساس أنها سلمت للبريد وعلى أساس أن المظروف يحتوي أيضاً على المكاتبة رقم 37، وأما المكاتبتان رقما 53، 55 فقال أنهما قد سلمتا باليد للمنطقة وقد أسفر البحث في دفاتر المنطقة عن عدم ورود هاتين المكاتبتين في تاريخ معاصر للتاريخ الذي حررتا فيه - وقد نفى المتهم المذكور أنه تقاضى أي شيء من المتهم الآخر مقابل هذا العمل.... وقد وردت الوقائع المتقدمة في مذكرة النيابة الإدارية بعد أن استنتها من التحقيق الذي أجرته في هذا الشأن واستخلصت منها وكيل المدرسة عندما ترامى إليه خبر حصول المدرس على أجازاته سأل عن ذلك أمين التوريدات (المتهم الطاعن) فأحضرها إليه مقرراً أنها كانت حقيقة مع المدرس المذكور دون أن يبرر أسباب وجودها لديه تبريراً كافياً... وقد ثبت أن المتهم الحالي حصل على هذه الأجازات بحكم وظيفته وأخفاها وعجز عن الإرشاد عن مصيرها زاعماً أنه سلمها لمكتب البريد ثم اعترف بأنه قام بتزوير حافظة تسليم مكتب البريد خوفاً من المسئولية وذلك بالنسبة للخطابين رقمي 36، 37 أما بالنسبة للخطابين الآخرين فقد عجز عن بيان مصيرهما وزعم أنه سلمها باليد إلى المنطقة وقد اتضح أن هذا الزعم غير صحيح، ومما يؤكد سوء نية هذا الموظف ما ذكره الشاهدان السابق الإشارة إليهما من وجود اتفاق بينه وبين المدرس على إخفاء أجازات الثاني نظير مبلغ جنيه يدفعه إلى الأول.. وعلى أساس الوقائع المتقدمة واستخلاص الذنب الإداري منها أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية ضد المتهم الحالي (الطاعن) وزميله المدرس ناسبة إلى هذا المدرس أنه في غضون شهري يناير وفبراير سنة 1960 قد خالف مقتضى الواجب حين اتفق مع المتهم الأخر (الطاعن) على إخفاء أوراق الأجازات بغية تجنب خصم قيمة التجاوز فيها من مرتبه وحتى يقلل من رصيد الأجازات التي استنفدها، وناسبة إلى المتهم الطاعن أنه بوصفه أميناً لتوريدات المدرسة خالف مقتضى الواجب حين نفد الاتفاق المشار إليه، الأمر الذي يعد مخالفة إدارية بمقتضى المواد 73، 83 من القانون رقم 210 لسنة 1951، 14، 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 وبجلسة 28 من نوفمبر سنة 1962 قضت المحكمة التأديبية برفض الدفع المقدم من المتهم الثاني (الطاعن) بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى بالنسبة له وباختصاصها ومجازاة المتهم الأول المدرس من الدرجة السابعة بخصم شهر واحد من مرتبه عما ثبت في حقه ومجازاة المتهم الثاني (الطاعن) الموظف من الدرجة التاسعة بالعزل من وظيفته مع حفظ حقه في المعاش أو المكافأة وبنت حكمها المطعون فيه بالنسبة إلى المتهم الطاعن على أنه قد ثبت في حقه ثبوتاً كافياً أنه قصد بهذا العمل وهو إخفاء أوراق أجازات المتهم الآخر عدم حرمان هذا الأخير من مرتبه عن مدة غيابه بدون إذن على خلاف ما تقضي به حكم المادة (62) من القانون رقم 210 لسنة 1951 من حرمان الموظف من مرتبه مدة غيابه دون إذن وهذا فضلاً عن محاكمته تأديبياً... وفي مقام تقدير العقوبة قالت عن المتهم الطاعن. أنه عنصر فاسد يجب بتره لفقده شروط الصلاحية للاستمرار في الوظيفة جزاء لما أقدم عليه من تزوير وتلاعب في الأوراق الرسمية وهذا يفقده شروط حسن السمعة سيما وأنه سبق ارتكابه مخالفات مماثلة كانت موضوع الدعوى رقم 34 لسنة 3 القضائية وحكم فيها من المحكمة التأديبية بجلسة 13 من ديسمبر سنة 1961 بحرمانه من أول علاوة دورية مستحقة له وفي ذلك ما يكشف عن ضعف نفسه وميوله الشريرة ويبعده عن الصفات الحميدة مما يجعل الصالح العام ينادي ببتره تطهيراً للأداة الحكومية من أمثاله.
ومن حيث إنه قد تبين من الطلب الذي تقدم به الطاعن إلى هيئة مفوضي الدولة للطعن في الحكم ومن الطلبات العديدة التي قدمها يستعجل فيها نظر الطعن أنه يقيم اعتراضه على الحكم المطعون فيه ويحصره في ثلاثة أوجه (الوجه الأول) عدم اختصاص المحكمة التأديبية بمجازاته لأنه من الموظفين المؤقتين، (الوجه الثاني) بطلان إجراءات المحاكمة لأنها تمت في غيبته دون إعلان وبغير أن يسمع دفاعه (والوجه الثالث) مجافاة الحكم المطعون فيه للعدالة وروح القانون إذ أنه رب عائلة كبيرة تعيش على ما كان يتقاضاه من أجر وفي حرمانه منه تشريد لهم.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول فإن المادة (25) من القانون رقم 117 لسنة 1958 تقضي بأنه إذا تعدد المتهمون المقدمون للمحاكمة التأديبية كانت المحكمة المختصة بمحاكمة أعلاهم درجة هي المختصة بمحاكمتهم جميعاً ولما كان الثابت أن المتهم الأخر الذي قدم للمحاكمة مع هذا المتهم هو من الموظفين الدائمين وكان الارتباط بين التهمتين الموجهتين إلى كل منهما قائماً وهو ارتباط لا يقبل التجزئة فإن المحكمة التأديبية تصبح مختصة بنظر الاتهام الموجه إلى المتهم الطاعن أيضاً رغم كونه من الموظفين المؤقتين. هذا فضلاً عن أن محاكمة المتهم المذكور أمام المحكمة التأديبية فيها من الضمانات ما لا قد يتوافر في غيرها.
ومن ثم يكون هذا الوجه مرفوضاً.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني إذا كان الثابت من الاطلاع على ملف الدعوى التأديبية أن المتهم الطاعن قد حضر أمام المحكمة التأديبية بجلسة 28 من يونيه سنة 1961 وتأجلت الدعوى لجلسة 11 من أكتوبر سنة 1961 لإعلان المتهم الأخر وفي هذه الجلسة حضر المتهم الطاعن وتأجلت المحاكمة لجلسة 15 من نوفمبر سنة 1961 لإعلان المتهم الأول، وفي الجلسات التالية لم يحضر المتهم الطاعن إلى أن حجزت الدعوى للحكم لجلسة 28 من نوفمبر سنة 1962 وفيها صدر الحكم المطعون فيه - وفي هذا الاستعراض ما يقطع بإعلان المتهم للحضور أمام المحكمة التأديبية وعلمه بجلسات المحاكمة وكونه قد تخلف بعد حضوره أمام المحكمة في الجلسات التالية لا يعني وجوب إعلانه لكل جلسة تحددها ما دام التأجيل قد صدر في مواجهته وما دامت الدعوى تسير سيرها العادي من جلسة إلى أخرى، ومن ثم فإذا ما تخلف عن الحضور في الجلسات التي يعتبر حكماً أنه عالم بها فإنه لا يقبل منه الاحتجاج بعدم سماع دفاعه ما دام كان ذلك ميسراً له ومتاحاً أمامه ولم يفعل وبالتالي تكون المحاكمة قد تمت صحيحة وفق القانون.
ومن حيث إنه عن الوجه الثالث فالثابت مما أورده الحكم المطعون فيه من وقائع مستقاة من التحقيقات التي أجريت في هذا الشأن ومما استخلصه منها أن المتهم الطاعن قد قارف ذنباً إدارياً يستوجب المؤاخذة عنه ولا ترى هذه المحكمة إضافة مزيد من التفصيلات بعد أن أفاض في ذلك الحكم المطعون فيه إفاضة لها سندها الصحيح من واقع الأوراق ومستخلصة استخلاصاً سائغاً ومقبولاً من أصول موجودة تبرر مادياً وقانوناً النتيجة التي انتهى إليها الحكم، هذا من ناحية ثبوت الواقعة التي تكون الذنب الإداري وأما من ناحية تقدير الجزاء المناسب لهذا الفعل فقد برر الحكم المطعون فيه ما ذهب إليه من توقيع أقصى العقوبة المقررة على المتهم الطاعن وترى هذه المحكمة أيضاً أن الفعل الذي أتاه هذا المتهم ينطوي على إخلال خطير بأدق واجبات وظيفته وينم عن عدم الأمانة والاستهتار البالغ، الأمر الذي لم يستطع معه المتهم نفسه عند سؤاله في تحقيقات النيابة الإدارية تبرير فعلته هذه ولم يستطع ذلك أيضاً عند محاكمته إذ خشي مواجهة الاتهام بعد اعترافه الصريح في التحقيق بما هو منسوب إليه وبعد محاولته الإنكار، ومما يزيد الأمر خطورة ما شهد به بعض الشهود من أن هذا المتهم قد تقاضى أجر ما اقترفت يداه.
ومن حيث إنه لكل ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد صدر سليماً لا مطعن عليه سواء من ناحية ثبوت الذنب الإداري أو من ناحية ملاءمة العقوبة الموقعة مما يتعين معه رفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.