مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الثاني (من أول فبراير 1964 إلى آخر مايو 1964) - صـ 731

(60)
جلسة 29 من فبراير سنة 1964

برئاسة السيد/ مصطفى كامل إسماعيل وكيل المجلس، وعضوية السادة: حسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 745 لسنة 9 القضائية

اختصاص - اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - مؤسسة عامة - الاتحاد العام للغرف التجارية - تكييفه في ضوء القانون رقم 189 لسنة 1951 بشأن الغرف التجارية والمرسوم الصادر في 18 - 8 - 1953 باللائحة العامة للغرف التجارية هو مرفق عام من مرافق التمثيل المهني لدى السلطات العامة - لزوم اعتباره مؤسسة عامة - وسائله في تعيين موظفيه وفصلهم هي قرارات إدارية تخضع لوصاية إدارية من مصلحة التجارة - لا يؤثر في هذا التكييف عدم تطبيق قواعد التوظف الحكومية والأخذ بقواعد القانون الخاص التي تنظم هذه الشئون - كون سلطة المكتب في هذا الشأن لائحية يضفي على قواعد القانون الخاص صبغة الأحكام اللائحية - خضوع القرارات سالفة الذكر لرقابة مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - أساس ذلك.
أن المادة الأولى من القانون رقم 189 لسنة 1951 بشأن الغرف التجارية نصت على أنه "تنشأ غرف تجارية وتكون هذه الغرف هي الهيئات التي تمثل في دوائر اختصاصها المصالح التجارية والصناعية الإقليمية لدى السلطات العامة وتعتبر هذه الغرف من المؤسسات العامة" ونصت المادة 42 من القانون المذكور على أن "للغرف التجارية أن تكون اتحاداً عاماً لها للعناية بالمصالح المشتركة بينها وينشأ هذا الاتحاد بمرسوم تعين فيه بوجه خاص الأحكام المتعلقة بتشكيل الاتحاد وإدارته واختصاصاته وماليته وعلاقته بالغرف التجارية" كما نصت المادة 44 من القانون ذاته على أنه "يوضع للغرف التجارية لائحة عامة تصدر بمرسوم وتشمل بوجه خاص... 1 - ... 2 - ... 3 - ... 4 - النظام الداخلي للغرف "وقد نصت المادة 49 من المرسوم الصادر في 18 من أغسطس سنة 1953 باللائحة العامة الغرف التجارية تحت عنوان: (هـ) النظام الداخلي على أن" تنتخب الغرفة من بين أعضائها رئيساً ووكيلاً أو وكيلين وأميناً للصندوق ومساعداً له يقوم بعمله في حالة غيابه ويشكل منهم مكتب الغرفة ويكون الانتخاب بالأغلبية النسبية لأصوات الأعضاء الحاضرين..... ويقوم المكتب بتنظيم أقلام الغرفة والخزانة وتعين الموظفين وفصلهم على ألا يعتبر قرار التعيين أو الفصل نهائياً إلا بعد موافقة مصلحة التجارة" ونصت المادة الأولى من قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من مارس سنة 1955 بإنشاء اتحاد عام للغرف التجارية المصرية على أن "ينشأ للعناية بالمصالح المشتركة بين الغرف التجارية المصرية اتحاد يسمى (الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية) وتكون له الشخصية الاعتبارية ومقره مدينة القاهرة كذلك نصت المادة 14 من هذا القرار على أن تنبع فيما يتعلق بتنظيم الأعمال الإدارية الخاصة بالاتحاد ومعاملة الموظفين به القواعد والأحكام المقررة بالنسبة إلى الغرف التجارية".
ويبين من استعراض النصوص المتقدمة أن الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية هو مرفق عام من مرافق التمثيل المهني لدى السلطات العامة اعترف له المشرع بالشخصية الاعتبارية وهو منبثق من الغرف التجارية التي اعتبرها المشرع بالنص الصريح من المؤسسات العامة. ومن ثم لزم اعتباره بحكم القانون من المؤسسات العامة التي تزاول التمثيل المهني لدى السلطات العامة.
ومن حيث إنه ولئن كان الأصل في هذا النوع من المؤسسات العامة أنه يمارس اختصاصاته المختلفة بمزيج من وسائل القانون العام ووسائل القانون الخاص. إلا أن القول الفصل في بيان دور وسائل القانون العام ودور وسائل القانون الخاص في تكوينه ونشاطه ينبغي أن يكون مرده أولاً إلى النظام القانوني الذي وضعه له المشرع. على أن الأمر مقصور في خصوصية هذه المنازعة على بحث أي الوسائل يتبعها الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية في تعيين موظفيه وفصلهم. هل هي وسائل القانون العام أو بعبارة أخرى قرارات إدارية تخضع لرقابة مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، أو هي وسائل القانون الخاص أو بعبارة أخرى علاقات تعاقدية فتدخل في ولاية القضاء المدني، وكما سلف البيان القول الفصل في تحديد ذلك ينبغي أن يكون مرده أولاً إلى النظام القانوني الذي وضعه المشرع للاتحاد المذكور.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر بإنشاء الاتحاد المشار إليه قد أحال - كما هو مبين آنفاً - في المادة 14 منه فيما يتعلق بمعاملة موظفيه إلى القواعد والأحكام المقررة بالنسبة إلى الغرف التجارية كما أن المادة 49 من اللائحة العامة للغرف التجارية على نحو ما سبقت الإشارة إليه قد عهدت إلى مكتب الغرفة بتعيين الموظفين وفصلهم على ألا يعتبر قرار التعيين أو الفصل نهائياً إلا بعد موافقة مصلحة التجارة. ومفاد هذا النص أن مكتب الغرفة (وكذلك مكتب الاتحاد) حين يعين الموظفين أو يفصلهم إنما يمارس سلطة لائحية تتمخض عن قرارات إدارية وآية ذلك أنه يخضع في هذا الخصوص لوصاية إدارية من جانب السلطة التنفيذية ممثلة في مصلحة التجارة. ومن ثم فإن المنازعات المتعلقة بهذه القرارات تدخل إلغاء وتعويضاً في ولاية مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري. وليس بذي أثر بعد ذلك على قيام هذه السلطة اللائحية وبالتالي على انعقاد الاختصاص للقضاء الإداري، أن يطبق مكتب الغرفة (كذلك مكتب الاتحاد) في شئون تعيين الموظفين وفصلهم الأحكام العامة في شأن التوظف التي تسري على موظفي الحكومة، أو أن يستعير من القانون الخاص القواعد التي تنظم هذه الشئون ما دامت السلطة التي يمارس بها المكتب الشئون المذكورة هي سلطة لائحية إذ أن هذه السلطة اللائحية من شأنها أن تضفي على قواعد القانون الخاص التي قد يطبقها المكتب في شئون تعيين الموظفين وفصلهم صبغة الأحكام اللائحية.
وأنه ولئن كان قد صدر في 31 من يناير سنة 1957 القانون رقم 32 لسنة 1957 بإصدار قانون المؤسسات العامة وعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية في 4 من فبراير سنة 1957 وحدثت واقعة النزاع الراهن في ظله إلا أن هذا القانون كما جاء في مذكرته الإيضاحية "قد روعي في إعداده ما تضمنته التشريعات السابقة من خصائص جوهرية تشترك فيها جميع المؤسسات العامة على اختلاف أنواعها وأشكالها، وما قرره الفقه والقضاء في هذا الشأن دون الأحكام التفصيلية الخاصة بنوع واحد من المؤسسات أو بمؤسسة معينة بالذات ومن ثم فقد ترك القانون بيان التفصيلات التي تختلف فيها بعض المؤسسات العامة عن بعضها الآخر للأداة التي تنشأ بها كل مؤسسة عامة على حدة. وبالتالي فليس في القانون المذكور ما يتعارض مع النظر سالف البيان.
وينبني على ما تقدم اعتبار قرار الاستغناء عن خدمات المدعي الصادر من مكتب الاتحاد العام للغرف التجارية في 3 من نوفمبر سنة 1960 والذي وافق عليه الوكيل المساعد لوزارة الاقتصاد في 17 من نوفمبر سنة 1960 - اعتبار القرار المذكور قراراً إدارياً وبالتالي اعتبار المنازعة الراهنة مندرجة في مفهوم الطلبات المنصوص عليها في المادة 8 (خامساً) والمادة 9 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 الأمر الذي يترتب عليه اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في هذه المنازعة.


إجراءات الطعن

في 8 من مايو سنة 1963 أودع السيد/ رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة تقرير طعن في الحكم الصادر بجلسة 6 من مارس سنة 1963 من محكمة القضاء الإداري (هيئة الفصل بغير الطريق التأديبي) في الدعوى رقم 357 لسنة 15 القضائية المقامة من اللواء/ أحمد علي علي ضد السادة/ رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية ووزير الاقتصاد ووزير التموين والذي قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإلزام المدعي المصروفات. وطلب السيد/ رئيس هيئة المفوضين للأسباب المبينة بتقرير الطعن في الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري المختصة للفصل فيها وقد أعلن تقرير الطعن إلى اللواء/ أحمد علي علي في 22 من مايو سنة 1963 - وإلى الاتحاد العام للغرف التجارية ووزارة الاقتصاد في 25 من مايو سنة 1963 - وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 23 من نوفمبر سنة 1963 وأبلغ الطرفان في 10 من أكتوبر سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا (الدائرة الأولى) حيث عين لنظر الطعن أمامها جلسة 18 من يناير سنة 1964. وقد أبلغ الطرفان في 11 من ديسمبر سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة. وفيها قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم..


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية. وأنه ولئن كان تقرير الطعن قد أودع في 8 من مايو سنة 1963 بعد أن مضى أكثر من ستين يوماً على صدور - الحكم المطعون فيه إلا أن اليوم الأخير في ميعاد الطعن وقع خلال عطلة عيد الأضحى التي بدأت من 3 من مايو سنة 1963 وانتهت في 7 من مايو سنة 1963 - ومن ثم يمتد ميعاد الطعن إلى اليوم التالي بعد انتهائها وهو اليوم الذي أودع فيه تقرير الطعن وذلك وفقاً لنص المادة 23 من قانون المرافعات.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 357 لسنة 15 القضائية ضد السيدين رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية ووزير الاقتصاد بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 23 من يناير سنة 1961 ثم عدل شكل الدعوى بصحيفة معلنة في 28 من نوفمبر سنة 1962 فأدخل فيها السيد وزير التموين ووجه إليه ما سبق أن وجهه من طلبات إلى السيد وزير الاقتصاد. وطلب الحكم بصفة مستعجلة بإلزام اتحاد الغرف التجارية بأن يدفع له المرتب الذي كان يتقاضاه ابتداء من أول نوفمبر سنة 1960 حتى الحكم في هذه الدعوى وفي الموضوع الحكم بإلغاء القرار الصادر من هيئة مكتب الاتحاد العام للغرف التجارية بتاريخ 3 من نوفمبر سنة 1960 بفصله من عمله وكذلك قرار الوزير بالموافقة على القرار المذكور مع إلزام الاتحاد ووزارة التموين متضامنين بأن يدفعا له خمسة عشر ألف جنيهاً تعويضاً عن الأضرار التي لحقته من جراء الفصل التعسفي مع إلزامها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وتوجز أسانيد دعواه في أنه بموجب خطاب مؤرخ في 19 ديسمبر سنة 1955 عينه رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية مديراً للإدارة العامة للاتحاد بمرتب قدره ستون جنيهاً مصرياً شهرياً اعتباراً من 10 من ديسمبر سنة 1955. وفي 3 من نوفمبر سنة 1960 قررت هيئة مكتب الاتحاد الاستغناء عن خدماته ووافقت الوزارة على هذا القرار طبقاً لنص المادة 49 من اللائحة العامة للغرف التجارية. بيد أن هذا القرار صدر من الهيئة في وقت غير مناسب ودون أن يكون هناك سبب يبرره من المصلحة العامة. بل الدافع إليه شيء لا يتفق مع المصلحة العامة ويخالفها مخالفة صريحة فهو قرار تعسفي بني على سوء استعمال السلطة. وهو قرار إداري يخضع لرقابة مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري. وقد أجاب اتحاد الغرف التجارية عن الدعوى بأنه رؤي الاستغناء عن خدمات المدعي لأنه تبين أنه غير صالح إطلاقاً للوظيفة. ولأنه ارتكب جريمة قذف في حق رؤسائه. ثم دفع الاتحاد بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى لأنها من اختصاص القضاء المدني على اعتبار أنها قضية عمالية. مركز المدعي ليس مركزاً لائحياً لأن اتحاد الغرف قد قصد إخضاع جميع موظفيه وعماله لروابط القانون الخاص هذا إذا فرض أن الاتحاد يعتبر مؤسسة عامة. ومع ذلك فإنه لم يرد في القانون رقم 189 لسنة 1951 نص يعتبره كذلك. وقد أفتى القسم الاستشاري بمجلس الدولة بأن الغرف التجارية لا تظهر باعتبارها شخصاً عاماً إلا في نطاق النشاط المتعلق بذات الغرف وأنه من ثم لا يخضع موظفو الغرف التجارية - ومن باب أولى موظفو اتحاد الغرف التجارية - لروابط القانون العام بل هم يخضعون لأحكام قانون عقد العمل الفردي وخاصة أنه لا توجد لهم أية لوائح أو نظم وبجلسة 6 من مارس سنة 1963 قضت محكمة القضاء الإداري بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإلزام المدعي المصروفات. وأقامت قضاءها على أنه ولئن كان لا شبهة في أن كلاً من الغرف التجارية واتحادها العام مؤسسات عامة إلا أن الغرض المخصص لها هو تمثيل المهنة لدى السلطات العامة والإشراف على النظام الداخلي لتلك المهنة والقاعدة الإدارة الأصولية التي تحكم هذا النوع من المرافق العامة أنها تخضع لمزيج من قواعد القانون والقانون الخاص. فعلى حين يحكم نشاطها القانون العام. فإن تكوينها يخضع القانون الخاص. والعلاقة التي تربط الموظف بالغرف التجارية أو اتحادها العام إنما تدخل في تنظيمات تكوينها. ومن ثم تخضع هذه العلاقة كأصل إداري تقرر لأحكام القانون الخاص بوصفها علاقات تعاقدية. ولا تسري المادة 13 من القانون رقم 32 لسنة 1957 بإصدار قانون المؤسسات العامة على موظفي الغرف التجارية واتحادها العام لأن نطاق هذا القانون لا يمتد إلى المؤسسات النقابية أو المهنية أي النوع الذي يقوم على تجمع أشخاص يقر لهم المشرع بالشخصية القانونية. وأنه لذلك فإن منازعة المدعي في إنهاء خدمته باتحاد الغرف التجارية تعتبر منازعة مدنية تحكمها قواعد القانون وتختص بها المحاكم العادية وتخرج برمتها من اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن اتحاد الغرف التجارية تجتمع لديه خصائص الغرف التجارية وغاياتها واختصاصاتها ولذلك يتمتع بصفة المؤسسة العامة شأنه في ذلك شأن الغرف التجارية الأعضاء التي أضفى عليها القانون رقم 189 لسنة 1951 صفة المؤسسة العامة بنص صريح. ولا محل بعد ذلك للقول بأنها من المشروعات الخاصة لأن الرجوع إلى النص في تحديد طبيعة المشروع من أهم المعايير للتمييز بين المرافق العامة وبين المشروعات الخاصة ذات النفع العام. وإذا كانت الغرف التجارية واتحادها العام من المؤسسات العامة فإنه ينبغي على ذلك أن يكون موظفوها من الموظفين العموميين ويختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر منازعاتهم الوظيفة. كما تسري عليهم المادة 13 من القانون رقم 32 لسنة 1957 بشأن المؤسسات. ولا سند للتفرقة التي أجراها الحكم المطعون فيه بين النشاط العام للغرف التجارية واتحادها وبين تكوينها إذ المنطق القانوني يأبى هذه التفرقة كما أنه لا مقنع فيها ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أنه يخرج من مجال تطبيق القانون المذكور المؤسسات المهنية.
إن المادة الأولى من القانون رقم 189 لسنة 1951 بشأن الغرف التجارية نصت على أنه "تنشأ غرف تجارية وتكون هذه الغرف هي الهيئات التي تمثل في دوائر اختصاصها المصالح التجارية والصناعية الإقليمية لدى السلطات العامة وتعتبر هذه الغرف من المؤسسات العامة" ونصت المادة 42 من القانون المذكور على "أن للغرف التجارية أن تكون اتحاداً عاماً لها للعناية بالمصالح المشتركة بينها وينشأ هذا الاتحاد بمرسوم تعين فيه بوجه خاص الأحكام المتعلقة بتشكيل الاتحاد وإدارته واختصاصاته وماليته بالغرف التجارية" كما نصت المادة 44 من القانون ذاته على أنه "يوضع للغرف التجارية لائحة عامة تصدر بمرسوم وتشمل بوجه خاص. 1 - ... 2 - ... 3 - ... 4 - النظام الداخلي للغرف، "وقد نصت المادة 49 من المرسوم الصادر في 18 من أغسطس سنة 1953 باللائحة العامة للغرف التجارية تحت عنوان: (هـ) النظام الداخلي للغرف على أنه "تنتخب الغرفة من بين أعضائها رئيساً ووكيلاً أو وكيلين وأميناً للصندوق ومساعداً له يقوم بعمله في حالة غيابه وسكرتيراً ويشكل منهم مكتب الغرفة ويكون الانتخاب بالأغلبية النسبية لأصوات الأعضاء الحاضرين... ويقوم المكتب بتنظيم أقلام الغرفة والخزانة وتعيين الموظفين وفصلهم على ألا يعتبر قرار التعيين أو الفصل نهائياً إلا بعد موافقة مصلحة التجارة" ونصت المادة الأولى من قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من مارس سنة 1955 بإنشاء اتحاد عام للغرف التجارية المصرية على أن "ينشأ للعناية بالمصالح المشتركة بين الغرف التجارة المصرية اتحاد يسمى "الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية" وتكون له الشخصية الاعتبارية ومقره مدينة القاهرة "كذلك نصت المادة 14 من هذا القرار على أن تتبع فيما يتعلق بتنظيم الأعمال الإدارية الخاصة بالاتحاد ومعاملة الموظفين به القواعد والأحكام المقررة بالنسبة إلى الغرف التجارية".
ويبين من استعراض النصوص المتقدمة أن الاتحاد العام للغرف - التجارية المصرية هو مرفق عام من مرافق التمثيل المهني لدى السلطات العامة اعترف له المشرع بالشخصية الاعتبارية وهو منبثق من الغرف التجارية التي اعتبرها المشرع بالنص الصريح من المؤسسات العامة. ومن ثم لزم اعتباره بحكم القانون من المؤسسات العامة التي تزاول التمثيل المهني لدى السلطات العامة.
ومن حيث إنه ولئن كان الأصل في هذا النوع من المؤسسات العامة أنه يمارس اختصاصاته المختلفة بمزيج من وسائل القانون العام ووسائل القانون الخاص في تكوينه ونشاطه على أنه ينبغي أن يكون مرده أولاً إلى النظام القانوني الذي وضعه له المشرع. على أن الأمر مقصور في خصوصية هذه المنازعة على بحث أي الوسائل يتبعها الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية في تعيين موظفيه وفصلهم. هل هي وسائل القانون العام أو بعبارة أخرى قرارات إدارية تخضع لرقابة مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، أم هي وسائل القانون الخاص أو بعبارة أخرى علاقات تعاقدية فتدخل في ولاية القضاء المدني، وكما سلف البيان القول الفصل في تحديد ذلك ينبغي أن يكون مرده أولاً إلى النظام القانوني الذي وضعه المشرع للاتحاد المذكور.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر بإنشاء الاتحاد المشار إليه قد أحال - كما هو مبين آنفاً - في المادة 14 منه فيما يتعلق بمعاملة موظفيه إلى القواعد والأحكام المقررة بالنسبة إلى الغرف التجارية كما أن المادة 49 من اللائحة العامة للغرف التجارية على نحو ما سبقت الإشارة إليه قد عهدت إلى مكتب الغرفة بتعيين الموظفين وفصلهم على ألا يعتبر قرار التعيين أو الفصل نهائياً إلا بعد موافقة مصلحة التجارة ومفاد هذا النص أن مكتب الغرفة (وكذلك مكتب الاتحاد) حين يعين الموظفين أو يفصلهم إنما يمارس سلطة لائحية تتمخض عن قرارات إدارية وآية ذلك أنه يخضع في هذا الخصوص لوصاية إدارية من جانب السلطة التنفيذية ممثلة في مصلحة التجارة. ومن ثم فإن المنازعات المتعلقة بهذه القرارات تدخل إلغاء وتعويضاً في ولاية مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري. وليس بذي أثر بعد ذلك على قيام هذه السلطة اللائحية وبالتالي على انعقاد الاختصاص للقضاء الإداري، أن يطبق مكتب الغرفة (كذلك مكتب الاتحاد) في شئون تعيين الموظفين وفصلهم الأحكام العامة في شأن التوظف التي تسري على موظفي الحكومة، أو أن يستعير من القانون الخاص القواعد التي تنظم هذه الشئون ما دامت السلطة التي يمارس بها المكتب الشئون المذكورة هي سلطة لائحية إذ أن هذه السلطة اللائحية من شأنها أن تضفي على قواعد القانون الخاص التي قد يطبقها المكتب في شئون تعيين الموظفين وفصلهم صبغة الأحكام اللائحية.
وأنه ولئن كان قد صدر في 31 من يناير سنة 1957 القانون رقم 32 لسنة 1957 بإصدار قانون المؤسسات العامة وعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية في 4 من فبراير سنة 1957 وحدثت واقعة النزاع الراهن في ظله إلا أن هذا القانون كما جاء في مذكرته الإيضاحية "قد روعي في إعداده ما تضمنته التشريعات السابقة من خصائص جوهرية تشترك فيها جميع المؤسسات العامة على اختلاف أنواعها وأشكالها، وما قرره الفقه والقضاء في هذا الشأن دون الأحكام التفصيلية الخاصة بنوع واحد من المؤسسات أو بمؤسسة معينة بالذات ومن ثم فقد ترك القانون بيان التفصيلات التي تختلف فيها بعض المؤسسات العامة عن بعضها الأخر للأداة التي تنشأ بها كل مؤسسة عامة على حدة". وبالتالي فليس في القانون المذكور ما يتعارض مع النظر سالف البيان.
وينبني على ما تقدم اعتبار قرار الاستغناء عن خدمات المدعي الصادر من مكتب الاتحاد العام للغرف التجارية في 3 من نوفمبر سنة 1960 والذي وافق عليه الوكيل المساعد لوزارة الاقتصاد في 17 من نوفمبر سنة 1960. اعتبار القرار المذكور قراراً إدارياً وبالتالي اعتبار المنازعة الراهنة مندرجة في مفهوم الطلبات المنصوص عليها في المادة 8 (خامساً) والمادة 9 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 الأمر الذي يترتب عليه اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في هذه المنازعة.
ومن حيث إن الحكم المطعون إذ أخذ بغير النظر السالف فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين القضاء بإلغائه وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى..
ومن حيث إنه لما كانت الدعوى غير مهيأة للفصل فيها فإنه يتعين إعادتها إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها...

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى، وبإعادة القضية إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها.