مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الثاني (من أول فبراير 1964 إلى آخر مايو 1964) - صـ 780

(65)
جلسة 7 من مارس سنة 1964

برئاسة السيد/ مصطفى كامل إسماعيل وكيل المجلس، وعضوية السادة: حسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 1464 لسنة 8 القضائية

موظف - استقالة - طلب ترك الخدمة وفقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 باعتباره استقالة - تقديم الموظف هذا الطلب أثناء الإحالة إلى المحاكمة التأديبية وتراخي المحاكمة التأديبية حتى صدور حكم براءته مما نسب إليه تأديبياً بعد إحالته فعلاً للمعاش وفقاً للقواعد العادية - عدم جواز قبول الاستقالة في هذه الحالة لانقضاء رابطة الوظيفة.
أن ترك الخدمة وفقاً للقرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 هو بمثابة استقالة على نحو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القرار بقانون الأمر الذي يقتضي وجوب مراعاة أحكام قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 عدا الحكم الوارد في الفقرة الأخيرة من المادة 110 منه التي تعتبر الاستقالة المقترنة بأي قيد أو المعلقة على أي شرط كأن لم تكن وبذلك ينبغي على جهة الإدارة أن لا تقبل استقالة الموظف المحال إلى المحاكمة التأديبية إلا بعد الحكم في الدعوى بغير عقوبة العزل أو الإحالة إلى المعاش عملاً بالفقرة الثالثة من المادة 110 من قانون التوظف رقم 210 لسنة 1951.
وقد كان المدعي عند تقديم طلب ترك الخدمة في 11 مايو سنة 1960، محالاً إلى المحاكمة التأديبية، فلم تتحيفه الجهة الإدارية عندما قررت في 28 من مايو سنة 1960 وكذا في 20 من يوليه سنة 1960، عدم جواز قبول استقالته إلا بعد الحكم في الدعوى بغير عقوبة أو الإحالة إلى المعاش.
وقد قضى في 18 من مايو سنة 1961 ببراءة المدعي في الدعوى التأديبية التي كانت مقامة ضده وذلك بعد أن انتهت مدة خدمته اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1960 لبلوغه السن المقررة لترك الخدمة.
وتقضي المادة 110 من قانون التوظف بأن للموظف أن يستقيل من الوظيفة.. ولا تنتهي خدمة الموظف إلا بالقرار الصادر بقبول استقالته ومفاد ذلك أن طلب الاستقالة هو ركن السبب في القرار الإداري الصادر بقبولها فيلزم لصحة هذا القرار أن يكون طالب الاستقالة موظفاً قائماً بعمله لحين صدور القرار الإداري بقبول الاستقالة لأن تقديم الاستقالة وقبولها يفترضان حتماً توافر صفة الموظف.
ومن حيث إن المدعي، في الوقت الذي اكتمل فيه مركزه القانوني بعد الحكم له بالبراءة في 18 من مايو سنة 1961 في الدعوى التأديبية التي كانت مقامة ضده والذي أصبح فيه أمره صالحاً للنظر فيه من حيث تطبيق أثر القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 على طلب ترك الخدمة المقدم منه في 11 من مايو سنة 1960، كان قد أصبح غير موظف لبلوغه السن المقررة، فلا تثريب والحالة هذه على جهة الإدارة في امتناعها عن إصدار قرار بقبول الاستقالة وقتئذ، وإلا كان القرار فاقداً محله لتعلقه بموظف سابق، والاستقالة لا تقبل إلا من موظف قائم بعمله فعلاً كما أنها ما كان لها أن تجيبه إلى طلب استقالته المقدم منه في 11 من مايو سنة 1960 وهو محال إلى المحاكمة التأديبية، أما بعد تبرئته فكان المجال الزمني المحدد لصلاحية العمل بالقرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 قد انقضى حسبما يبين من مادته الأولى.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء 31 من يوليه سنة 1962 أودع السيد الأستاذ جورج عبد الله البيطار المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن السيد/ تودري مغاريوس تادرس سكرتارية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات وهيئة السكك الحديدية بجلسة 4 من إبريل سنة 1962 في القضية رقم 870 لسنة 7 القضائية المقامة من السيد/ تودري مغاريوس تادرس ضد الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية والقاضي برفض الدعوى وبإلزام المدعي بالمصروفات وطلب الطاعن للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار الإداري الضمني بعدم قبول استقالته واستحقاقه لمعاملته بأحكام الفقرة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1960 بمنحه علاوتين من علاوات الدرجة الرابعة وضم سنتين لمدة خدمته واحتساب معاشه على هذا الأساس مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين، وقد أعلن هذا الطعن للجهة الإدارية في 9 من أغسطس سنة 1962 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 11 من يناير سنة 1964 وأبلغت إدارة قضايا الحكومة والمدعي في 17 من ديسمبر سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة وقد قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا حيث عين لنظره أمامها جلسة 8 من فبراير سنة 1964 التي أبلغ بها الطرفان في 26 من يناير سنة 1964 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إنه ثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه صادر في 4 من إبريل سنة 1962 وأن المدعي تقدم بطلب إعفائه من رسوم الطعن في هذا الحكم بطلب الإعفاء رقم 262 لسنة 8 القضائية عليا في 21 من مايو سنة 1962، وقد صدر القرار برفض طلبه في 28 من يونيه سنة 1962 فأقام طعنه في 31 من يوليه سنة 1962، ومن ثم فإن هذا الطعن يكون مقبولاً شكلاً لرفعه في الميعاد القانوني وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام دعواه بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية في 8 من أغسطس سنة 1960 طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر بعدم قبول طلب اعتزال الخدمة وتسوية حالته بالتطبيق للقانون رقم 120 لسنة 1960 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الهيئة العامة لشئون السكة الحديد بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقال شرحاً لدعواه أنه تقدم في 10 من مايو سنة 1960 بطلب لمدير عام المشتريات والمخازن ملتمساً إحالته إلى المعاش طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 وقد أحال مدير عام المشتريات والمخازن هذا الطلب بكتاب تاريخه 14 من مايو سنة 1960 إلى مراقب عام الأفراد مع التوصية بإجابة ملتمسة ولم تقبل الهيئة المدعى عليها طلبه نظراً لإحالته إلى المحاكمة التأديبية تطبيقاً للفقرة الأخيرة من المادة 110 من قانون نظام موظفي الدولة وإذ صدر القانون رقم 120 لسنة 1960 استثناء من أحكام قانون التوظف. كما هو ثابت بالمادة الأولى منه وقد ورد النص عاماً غير مقيد بأي شرط سوى بلوغ الموظف سن الخامسة والخمسين فيكون القرار الصادر بعدم قبول استقالته لذلك السبب مخالفاً للقانون.
وتقول الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية أن المدعي التحق بخدمة الهيئة بتاريخ 16 من نوفمبر سنة 1920 وهو من مواليد أول ديسمبر سنة 1900 وأنه قدم في 11 من مايو سنة 1960 طلباً بإحالته إلى المعاش اعتباراً من أول يونيه سنة 1960.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن إعمال المادة 110 من قانون التوظف الخاصة بوقف النظر في طلبات الاستقالة للمحالين إلى المحاكمة التأديبية يعتبر إجراء مخالفاً لصريح نص القانون رقم 120 لسنة 1960 ذلك لأن هذا القانون الأخير صدر استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بصفة عامة دون تخصيص كما جاء هذا الاستثناء غير مقيد بأي شرط سوى توافر الشروط المحددة به وهي بلوغ الموظف سن الخامسة والخمسين وقت العمل بهذا القانون أو خلال ثلاثة شهور من تاريخ نفاذه.
وأنه على فرض إعمال حكم الفقرة الثانية من المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فإن هذا لا يؤثر على حق الطاعن في الإفادة من أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 متى صدر الحكم ببراءته إذ يعتبر قبول هذه الاستقالة معلقاً على شرط عدم الحكم بغير عقوبة العزل أو الإحالة إلى المعاش على أن يكون تاريخ الاستقالة راجعاً للتاريخ المحدد فيها، ولا محل لدفاع الهيئة الذي أخذ به الحكم المطعون فيه من أن ترك الخدمة طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 خاضع لتقدير الجهة الإدارية ولها أن تقبله أو ترفضه وفقاً لمقتضيات الصالح العام.
وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً حددت فيه وقائع الدعوى والمسائل القانونية التي أثارها النزاع وأبدت رأيها مسبباً منتهية فيه إلى أنها ترى قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية المدعي في ترك الخدمة وتسوية معاشه تطبيقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 مع إلزام الحكومة بالمصروفات.
من حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي قدم في 11 من مايو سنة 1960 طلباً برغبته في ترك الخدمة على أن تسوى حالته بالتطبيق لأحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 120 لسنة 1960 وفي 28 من مايو سنة 1960 أرسل مراقب عام الأفراد إلى دائرة المشتريات والمخازن بالهيئة، حيث يعمل المدعي مفتشاً، خطاباً متضمناً عدم جواز قبول الاستقالة إلا بعد الانتهاء من المحاكمة التأديبية التي كان المذكور محالاً إليها، طبقاً للفقرة الثالثة من المادة 110 من قانون التوظف وعلى أثر هذا قدم المدعي في 20 من يونيه سنة 1960 إلى مدير عام الهيئة تظلماً ملتمساً فيه سحب القرار الصادر بعدم قبول استقالته والموافقة على إحالته إلى المعاش طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 فأجابت إدارة المشتريات والمخازن عليه بخطاب مؤرخ 20 من يوليه سنة 1960 مؤكدة أن المادة 110 من قانون التوظف لا تجيز قبول استقالة الموظف المحال إلى مجلس التأديب إلا بعد الانتهاء من محاكمته تأديبياً وأنه لذلك تقرر عدم قبول استقالته لإحالته إلى مجلس تأديب. وقد أحيل المدعي إلى المعاش اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1960 وهو التاريخ التالي لبلوغه سن الستين، وقضت المحكمة التأديبية بجلستها المنعقدة في 18 من مايو سنة 1961 ببراءته مما أسند إليه.
ومن حيث إن ترك الخدمة وفقاً للقرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 هو بمثابة استقالة على نحو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القرار بقانون الأمر الذي يقتضي وجوب مراعاة أحكام قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 عدا الحكم الوارد في الفقرة الأخيرة من المادة 110 منه التي تعتبر الاستقالة المقترنة بأي قيد أو المعلقة على أي شرط كأن لم تكن وبذلك ينبغي على جهة الإدارة أن لا تقبل استقالة الموظف المحال إلى المحاكمة التأديبية إلا بعد الحكم في الدعوى بغير عقوبة العزل أو الإحالة إلى المعاش عملاً بالفقرة الثالثة من المادة 110 من قانون التوظف رقم 210 لسنة 1951.
وقد كان المدعي، عند تقديم طلب ترك الخدمة في 11 مايو سنة 1960، محالاً إلى المحاكمة التأديبية. فلم تتحيفه الجهة الإدارية عندما قررت في 28 من مايو سنة 1960 وكذا في 20 من يوليه سنة 1960، عدم جواز قبول استقالته لإحالته إلى المحاكمة التأديبية وفقاً لما تقضي به الفقرة الثالثة من المادة 110 من قانون التوظف وإذا أحيل الموظف إلى المحاكمة التأديبية لا تقبل استقالته إلا بعد الحكم في الدعوى بغير عقوبة العزل أو الإحالة إلى المعاش.
قد قضى في 18 من مايو سنة 1961 ببراءة المدعي في الدعوى التأديبية التي كانت مقامة ضده وذلك بعد أن انتهت مدة خدمته اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1960 لبلوغه السن المقررة لترك الخدمة.
وتقضي المادة 110 من قانون التوظف بأن للموظف أن يستقيل من الوظيفة.. ولا تنتهي خدمة الموظف إلا بالقرار الصادر بقبول استقالته ومفاد ذلك أن طلب الاستقالة هو ركن السبب في القرار الإداري الصادر بقبولها فيلزم لصحة هذا القرار أن يكون طالب الاستقالة موظفاً قائماً بعمله لحين صدور القرار الإداري بقبول الاستقالة لأن تقديم الاستقالة وقبولها يفترضان حتماً توافر صفة الموظف.
ومن حيث إن المدعي، في الوقت الذي اكتمل فيه مركزه القانوني بعد الحكم له بالبراءة في 18 من مايو سنة 1961 في الدعوى التأديبية التي كانت مقامة ضده والذي أصبح فيه أمره صالحاً للنظر فيه من حيث تطبيق أثر القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 على طلب ترك الخدمة المقدم منه في 11 من مايو سنة 1960، كان قد أصبح غير موظف لبلوغه السن المقررة فلا تثريب والحالة هذه على جهة الإدارة في امتناعها عن إصدار قرار بقبول الاستقالة وقتئذ، وإلا كان القرار فاقداً محله لتعلقه بموظف سابق، والاستقالة لا تقبل إلا من موظف قائم بعمله فعلاً كما أنها ما كان لها أن تجيبه إلى طلب استقالته المقدم منه في 11 من مايو سنة 1960 وهو محال إلى المحاكمة التأديبية، أما بعد تبرئته فكان المجال الزمني المحدد لصلاحية العمل بالقرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 قد انقضى حسبما يبين من مادته الأولى.
ومن حيث إنه يخلص من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه في النتيجة التي انتهى إليها ويكون الطعن والحالة هذه قد قام على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضه مع إلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت المدعي بالمصروفات.