مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 57

(20)
جلسة 15 من ديسمبر سنة 1974

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حسنين رفعت نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: مصطفى كمال إبراهيم، محمد فهمي طاهر، محيي الدين طاهر، يوسف شلبي يوسف المستشارين.

القضية رقم 251 لسنة 16 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - ترقية - نقل - قوات مسلحة.
نقل أحد ضباط القوات المسلحة إلى الكادر العام بقرار جمهوري بالاستناد إلى أحكام القانون رقم 232 لسنة 1959 في شأن شروط الخدمة والترقي لضابط القوات المسلحة - خضوع ترقيته بالكادر العام للقيد الوارد بالمادة 23 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة - أساس ذلك. مثال.
صدر القرار الجمهوري رقم 3477 لسنة 65 وأشار في ديباجته إلى القانون رقم 232 لسنة 1959. في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة وإلى اقتراح لجان ضباط القوات البرية والبحرية والجوية ومصلحة السواحل ونص في المادة الأولى منه على أن "ينقل الضباط المذكورة أسماؤهم المرفقة إلى الوزارات والهيئات الموضحة قرين اسم كل منهم" ونص في مادته الثانية على أن "يمنح كل منهم الدرجة والماهية المدونة أمام اسمه، وتحتسب أقدميته في الدرجة من تاريخ حصوله على آخر رتبة عسكرية" وقد تضمنت الكشوف المرافقة لهذا القرار اسم المدعي ونقله إلى وزارة العدل بالدرجة الخامسة بالكادر الفني العالي بأقدمية فيها من أول إبريل سنة 1961.
ومن حيث إن القانون رقم 232 لسنة 1959 المشار إليه قد نص في المادة 6 منه على أن تختص لجان الضباط بنظر المسائل الآتية:
2 - الاستغناء عن الخدمة والإعادة لخدمة القوات المسلحة أو النقل منها.
3 - ولا تكون قرارات لجان الضباط في البنود الثلاثة الأولى نافذة إلا بعد إقرارها من القائد العام للقوات المسلحة وموافقة وزير الحربية والتصديق عليها من رئيس الجمهورية.
ونص في المادة 149 على أنه "في حالة نقل أحد الضباط إلى وظيفة مدنية ينقل في الدرجة التي يدخل الراتب المقرر لرتبته العسكرية في مربوطها وتحسب أقدميته فيها من تاريخ حصوله على أول مربوطها. ويجوز أن ينقل إلى الدرجة التالية للدرجة التي يدخل الراتب المقرر لرتبته في مربوطها إذا كان مجموع راتبه وتعويضاته تبلغ بداية مربوطها أو تجاوزه، ويتم النقل في هذه الحالة بقرار من رئيس الجمهورية".
حيث إن المدعي قد نقل إلى وزارة العدل وفقاً لأحكام القانون رقم 232 لسنة 1959 الذي أجاز نقل ضباط القوات المسلحة إلى وظائف مدنية بالشروط والأوضاع الواردة به، فمن ثم أصبح المدعي من عداد موظفي هذه الوزارة ويخضع لأحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 اعتباراً من تاريخ نقله إليها، تلك الأحكام التي من بينها حكم المادة 23 المقابلة للمادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والتي حظرت ترقية الموظف المنقول إلا بعد مضي سنة من تاريخ نقله، ولم يشأ المشرع فيما وضعه من نصوص - وهو بصدد تقرير حقوق الضابط المنقول بالتطبيق لأحكام القانون رقم 232 لسنة 1959 المشار إليه ولا في التعديلات التي أدخلت عليه - لم يشأ إلى إعفائه من هذا القيد.
ومن حيث إن المادة 23 من القانون رقم 46 لسنة 1964 قد نصت على أنه "لا يجوز الترقية بأية حال قبل انقضاء المدة المقررة للترقية في جداول التوصيف التي يعتمدها المجلس التنفيذي، كما لا يجوز ترقية العامل المنقول إلا بعد مضي سنة على الأقل، ما لم تكن الترقية بالاختيار أو في وظائف الوحدات المنشأة حديثاً أو كان نقل العامل بسبب نقل وظيفته أو لم يكن من بين عمال الوحدات المنقول إليها العامل من يستوفي الشروط القانونية للترقية خلال السنة".
ومفاد ذلك أن هذه المادة قد تضمنت حكماً يتعلق بتحديد حق الموظف المنقول والعاملين الذين يعملون في الجهة التي نقل إليها، فوضعت قيداً زمنياً على ترقيته بالأقدمية المطلقة واستهدفت من وراء ذلك فيما استهدفته محاربة السعي للحصول على درجة في غير الجهة التي يعمل فيها العامل دون وجه حق، ومن ناحية أخرى فإن هذه المادة قد قصدت في الوقت ذاته رعاية آمال عاملي الجهة المنقول إليها العامل المذكور والذين يتطلعون إلى الترقية في الدرجات العليا التي تخلو في جهتهم، ولذلك استلزمت ألا تكون ترقية المنقول قبل مضي سنة من تاريخ نقله، وجعلت من هذا الحظر أصلاً عاماً أوردت عليه استثناءات أربعة تحول دون أعمال حكم هذا الأصل إذا ما توفر إحداها هي: حالات الترقية بالاختيار، والترقية في وظائف الوحدات المنشأة حديثاً، ونقل العامل بسبب نقل وظيفته، وعند عدم وجود من بين العاملين في الوحدات المنقول إليها العامل من يستوفي الشروط القانونية للترقية خلال هذه السنة - ولا جدال في أن ورود النص على هذا النحو يجعله واضح الدلالة على منع ترقية العامل المنقول قبل مضي سنة ومن ثم يتعين إعماله متى قام موجبه بغير تأويل أو اجتهاد. وتأسيساً على ذلك فإنه ليس ثمة مناص من ضرورة استكمال العامل المنقول للنصاب الزمني الذي اشترطته المادة 23 لترقيته في الجهة المنقول إليها، إذ يتوفر هذا الشرط يزول المانع والحظر من ترقيته، وتتحقق بالتالي الحكمة التي استهدفها المشرع من حكم هذه المادة.
ومن حيث إن الثابت أن المدعي قد نقل من وزارة الحربية إلى وزارة العدل اعتباراً من 11/ 10/ 1965، تاريخ صدور القرار الجمهوري رقم 3477 لسنة 1965، وكانت الترقية إلى الدرجة الرابعة - الصادر بها قرار وزير العدل المطعون فيه رقم 100 لسنة 1966 - قد تمت في 30/ 4/ 1966 أي في وقت لم يكن قد انقضت بعد سنة على نقل المدعي إلى هذه الوزارة ومن ثم يكون هذا القرار فيما تضمنه من عدم ترقيته إلى الدرجة المذكورة قد صدر صحيحاً متفقاً مع حكم القانون، وتكون الدعوى بذلك غير قائمة على أساس سليم خليقة بالرفض.
ومن حيث إنه ليس صحيحاً ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن المدعي - وقد نقل إلى وزارة العدل بقرار جمهوري بالتطبيق للمادة 42 من القانون رقم 46 لسنة 1964 - لا يخضع لقيد السنة الذي نصت عليه المادة 23 من هذا القانون، ذلك أنه فضلاً عن أن الثابت أن المدعي قد تم نقله وفقاً لأحكام القانون رقم 232 لسنة 1959 في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة، وليس طبقاً للمادة 42 من القانون رقم 46 لسنة 1964، فإن الحالتين اللتين نصت عليهما المادة 42، وهما نقل العامل بقرار جمهوري لعدم استيفائه مواصفات الوظيفة التي يشغلها أو إذا كان زائداً عن حاجة العمل - هاتان الحالتان لا تندرجان تحت أي من الحالات الأربع التي أجازت المادة 23 من القانون رقم 46 لسنة 1964 ترقية العامل المنقول فيها قبل مضي سنة على نقله، وهي حالات وردت على سبيل الحصر، فضلاً عن أنها استثناء من الأصل العام الذي قررته المادة 23، ومن المسلم أن الاستثناء لا يجوز التوسع فيه ولا القياس عليه.
ومن حيث إنه لا وجه أيضاً لما قاله الحكم المطعون فيه من أن النقل الذي يتم بقرار جمهوري طبقاً للمادة 42 يأخذ حكم نقل العامل تبعاً لنقل وظيفته لانتفاء مظنة التحايل في الحالتين والسعي للحصول على درجة أعلى في غير الجهة التي يعمل فيها العامل دون وجه حق، ومن ثم لا يمتد إليه الحظر المنصوص في المادة 23 - لا وجه لذلك لأن فيه خروجاً على مقتضى النص الصريح لهذه المادة ويترتب عليه في الحقيقة خلق حالة جديدة ليس لها وجود تشريعي بالإضافة إلى الحالات الأربعة السابق الإشارة إليها التي نصت عليها المادة المذكورة. ولا يتأتى ذلك إلا بتشريع جديد يصدر في قوة التشريع الأول.