مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الثاني (من أول فبراير 1964 إلى آخر مايو 1964) - صـ 848

(71)
جلسة 15 من مارس سنة 1964

برئاسة السيد/ عبد العزيز الببلاوي رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الدكتور محمود سعد الدين الشريف ومحمد تاج الدين يس وعبد الفتاح نصار وأبو الوفا زهدي المستشارين.

القضية رقم 1773 لسنة 6 القضائية

جامعات - موظف - خريجو قسم الأهلية في الحقوق - تحديد مركزهم القانوني من حيث الدرجة والمرتب والأقدمية على الوجه المحدد بقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 - 4 - 1949 في شأن منحهم الدرجة السابعة ببداية مربوطها وحساب أقدميتهم فيها منوط بصدور قرار بالتعيين في إحدى الوظائف الشاغرة في الميزانية المقرر لها هذه الدرجة، بشرط أن تتفق طبيعة هذه الوظيفة ومواد الدراسة التي تخصص فيها حملة هذا المؤهل - لا محل لاستلزام مثل هذا القرار بالنسبة لمن كانوا في الخدمة وقت الحصول على المؤهل في مثل هذه الوظيفة والدرجة - أساس ذلك.
قدمت وزارة المالية إلى مجلس الوزراء مذكرة أوضحت فيها أن جامعة (فؤاد الأول) - وهي جامعة القاهرة - ذكرت في كتابها المؤرخ 2 من نوفمبر سنة 1946 أنه قد أنشئ في كلية الحقوق ابتداء من العام الدراسي 1944 - 1945 قسم الأهلية في الحقوق وأدمج نظامه في مشروعي اللائحتين الأساسية والداخلية للكلية المذكورة واللذين وافق عليهما مجلس الجامعة في 6 من إبريل سنة 1944 و11 من مايو سنة 1944، وأن الغرض من إنشاء هذا القسم هو تخريج طائفة من الطلاب تكون لهم ثقافة قانونية نظرية وعملية لتوكل إليهم عمليات التوثيق والتسجيل بعد تركيزها في مصلحة الشهر العقاري الجديدة، كما يستفاد بهم في القيام بالأعباء التي تنشأ في دور الانتقال والتحول من نظام القضاء المختلط إلى النظام الوطني وغير ذلك من الأعمال التي تتطلب مثل ثقافتهم القانونية ومدة الدراسة في هذا القسم سنتان وتخرجت أول دفعة في امتحانات السنة الجامعية 1945 - 1946 وترى الجامعة أن يعامل خريجو هذا القسم معاملة خريجي المعهد العالي للتجارة (نظام قديم) وقد أوضحت الجامعة بكتاب آخر لها أن مؤهلات الالتحاق لهذا القسم شهادة الدراسة الثانوية قسم ثان، وأن مدة الدراسة سنتان ثلاثة دروس في اليوم من الساعة الرابعة إلى الساعة السابعة مساء والزمن المخصص للدرس الواحد خمسون دقيقة، وأن الغرض من إنشاء هذا القسم تزويد طلبته بقسط من الثقافة القانونية يرتفع بها مستواهم ويؤهلهم لتولي الأعمال التي تتطلب قدراً من الثقافة القانونية سواء في الأعمال الحرة أو الوظائف الحكومية "وترى وزارة المعارف العمومية بكتابها المؤرخ 14 من يونيه سنة 1948 منح خريجي قسم الأهلية بكلية الحقوق بجامعة (فاروق الأول) الدرجة السابعة من تاريخ حصولهم على هذه الشهادة بماهية قدرها عشرة جنيهات (بداية الدرجة). وقد بحثت اللجنة المالية هذا الطلب. ورأت الموافقة على "منح خريجي قسم الأهلية في الحقوق ماهية قدرها عشرة جنيهات في الشهر في الدرجة السابعة، على أن يكون تعيينهم في وظائف تتفق ومواد الدراسة التي تخصصوا فيها وأن تحسب أقدميتهم في هذه الدرجة وبهذه الماهية من تاريخ التعيين. وقد وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 17 من إبريل سنة 1949 على رأي اللجنة المالية المبين في هذه المذكرة.
ويبين من ذلك أن رأي اللجنة المالية الذي وافق عليه مجلس الوزراء لا يمنح الدرجة السابعة ببداية مربوطها وبحساب الأقدمية فيها بمجرد الحصول على المؤهل، كما اقترحت ذلك وزارة المعارف العمومية في كتابها المشار إليه في مذكرة اللجنة المالية، ولم يأخذ مجلس الوزراء باقتراحها وإنما أخذ باقتراح اللجنة المالية. بل ربط رأي اللجنة الحصول على الدرجة السابعة ببداية مربوطها وبحساب الأقدمية بالتعيين في وظيفة من هذه الدرجة، بشرط أن تتفق هذه الوظيفة ومواد الدراسة التي تخصص فيها حملة هذا المؤهل. وغني عن البيان أن التعيين المشار إليه يقتضي لزاماً وجود مثل هذه الوظيفة ذات الدرجة السابعة شاغرة في الميزانية لكي يتسنى قانوناً التعيين فيها وبمثل هذا التعيين وحده ينشأ للموظف حامل هذا المؤهل المركز الذاتي على الوجه المحدد بقرار مجلس الوزراء. أما إذا كان مثل هذا الموظف وقت حصوله على المؤهل المذكور في الدرجة السابعة فعلاً، وكانت وظيفته هذه تتفق طبيعتها ومواد الدراسة التي تخصص فيها حملتها فغني عن البيان كذلك أن لا حاجة إلى صدور قرار جديد بالتعيين فيها ما دام ذلك قد تحقق من قبل لسبق التعيين فعلاً محققاً كافة المزايا التي انطوى عليها قرار مجلس الوزراء.


إجراءات الطعن

في 23 من يونيه سنة 1960 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة بصفته سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1773 لسنة 6 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "هيئة التسويات" بجلسة 25 من إبريل سنة 1960 في الدعوى رقم 1266 لسنة 13 القضائية المقامة من السيد/ محمد عبد الله التهامي ضد وزارتي العدل والتربية والتعليم والقاضي "باستحقاق المدعي في تسوية حالته باعتباره في الدرجة السابعة براتب قدره عشرة جنيهات اعتباراً من أول يوليه سنة 1947 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات" وقد طلبت الحكومة للأسباب التي استندت إليها في صحيفة طعنها "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصاريف والأتعاب". وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليه في 28 من يونيه سنة 1960. وفي 4 من مارس سنة 1963 أبلغ الخصوم بجلسة 24 من مارس سنة 1963 التي حددت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي أحالت الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره أمامها جلسة 26 من يناير سنة 1964 وفي هذه الجلسة سمعت هذه المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة. ثم أرجأت النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي قدم تظلماً في 3 من مارس سنة 1954 إلى لجنة التظلمات القضائية بالإسكندرية قيد تحت رقم 1695 طلب فيه الحكم له بأحقيته في الدرجة السابعة بمرتب قدره عشرة جنيهات من التاريخ التالي لاعتماد نتيجة شهادة الأهلية في الحقوق (يونيه سنة 1947) وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية اعتباراً من التاريخ المذكور وقال شرحاً لتظلمه أنه عين كاتباً بإدارة قضايا الحكومة بالقاهرة بمرتب شهري قدره ستة جنيهات ثم نقل إلى وزارة العدل في أغسطس 1944 ثم نقل للعمل بمحكمة استئناف الإسكندرية ولبث فيها حتى 16 من فبراير سنة 1953 وخلال خدمته بالمحكمة المذكورة حصل على درجة الأهلية في الحقوق من جامعة الإسكندرية في دور يونيه سنة 1947 وصدر قرار مجلس الوزراء في 17 من إبريل سنة 1949 بتعيين حملة درجة الأهلية في الحقوق في الدرجة السابعة بماهية قدرها عشرة جنيهات متى كانوا يقومون بعمل يتناسب مع الدراسات التي تلقوها ولكن وزارة العدل لم تطبق عليه هذا القرار إلا اعتباراً من 12 من فبراير سنة 1950 بتاريخ صدور قرارها بتعيينهم في الدرجة السابقة لحصوله على درجته الأصلية ولما كان الشرط الذي اشترطه قرار مجلس الوزراء متوفرة في المدعي بدليل إقرار وزارة العدل بحصوله على هذا المؤهل ولذلك كان من الواجب أن يصدر قرار بتعيينه في الدرجة السابعة وبمرتبها من الشهر التالي للحصول على المؤهل المشار إليه لا من تاريخ صدور قرار وزارة العدل فعلاً وقد ردت وزارة العدل بأن المدعي حاصل على شهادة الدراسة الثانوية (قسم خاص) في سنة 1942 ودرجة الأهلية في الحقوق في سنة 1947 وأنه عين كاتباً من الدرجة الثامنة بماهية قدرها ستة جنيهات شهرياً بمحكمة استئناف أسيوط اعتباراً من 5 من أغسطس سنة 1944 ثم اعتبر في هذه الدرجة الثامنة وبماهية 7.500 مجـ من 6 من ديسمبر سنة 1943 تاريخ دخوله الخدمة بأقسام قضايا الحكومة بالتطبيق لقواعد الإنصاف وتدرجت ماهيته إلى أن بلغت 8.500 مجـ اعتباراً من أول مايو سنة 1949. وقد عين في الدرجة السابعة بماهية قدرها عشرة جنيهات اعتباراً من 12 من فبراير سنة 1950 لحصوله على درجة الأهلية في الحقوق في سنة 1947 بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من إبريل سنة 1949. وأضافت وزارة العدل أنه في 11 من فبراير سنة 1953 صدر قرار وزاري برفع اسم المدعي من سجل قيد أسماء موظفي ومستخدمي محاكم الاستئناف نقلاً إلى وزارة المعارف العمومية في وظيفة مدرس للفلسفة بمدرسة المنيا الثانوية اعتباراً من التاريخ التالي لإخلاء طرفه وردت الوزارة على الدعوى بأن المدعي عين فعلاً في الدرجة السابعة بماهية قدرها عشرة جنيهات من 12 من فبراير سنة 1950 عملاً لقرار مجلس الوزراء المتقدم ذكره والمبلغة أحكامه بكتاب وزارة المالية الدوري رقم ف - 234 - 3/ 22 المؤرخ 8 من يونيه سنة 1949 الذي يتضمن الموافقة على منح خريجي قسم الأهلية في الحقوق بجامعة الإسكندرية الحاصلين على شهادة الدراسة الثانوية قسم ثان ماهية قدرها 10 ج في الدرجة السابعة على أن يكون تعيينهم في وظائف تتفق ومواد الدراسة التي تخصصوا فيها وأن تحسب أقدميتهم في هذه الدرجة وبهذه الماهية من تاريخ التعيين فيها. ولذلك لقد انتهت الوزارة إلى أن المتظلم ليس له حق فيما يطالب به لسبق معاملته طبقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء المشار إليه وبجلسة 4 من مايو سنة 1954 قررت المحكمة الإدارية بالإسكندرية إحالة التظلم بحالته إلى المحكمة الإدارية المختصة بنظر تظلمات موظفي وزارة العدل للاختصاص وقد أبان المدعي أمام المحكمة الإدارية لوزارة العدل بأنه نقل إلى وزارة المعارف العمومية مدرساً بمدرسة المنيا الثانوية ودفع الحاضر عن الوزارة بعدم اختصاص هذه المحكمة، وبجلسة أول سبتمبر سنة 1954 حكمت المحكمة الإدارية لوزارة العدل بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم. وبعد تداول هذه القضية عدة جلسات أمام المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم قرر الطرفان أمامها أن المدعي ينتمي إلى الكادر الفني العالي ولما رأت المحكمة الإدارية المذكورة أن الاختصاص بنظر موظفي الفئة العالية ينعقد لمحكمة القضاء الإداري طبقاً لأحكام القانون رقم 165 لسنة 1955 حكمت بجلسة 30 من مايو سنة 1957 "بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص" وأمام هذه المحكمة ردد طرفا الخصومة أوجه دفاعهما على النحو الذي سلف بيانه وقدم مفوض الدولة مذكرة بالرأي القانوني انتهى فيه إلى رفض الدعوى وبجلسة 25 من إبريل سنة 1960 حكمت محكمة القضاء الإداري "باستحقاق المدعي في تسوية حالته باعتباره في الدرجة السابعة براتب قدره عشرة جنيهات اعتباراً من أول يوليه سنة 1947 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات، وأقامت قضاءها على "أنه يبين من استظهار حالة المدعي أنه حصل على شهادة الدراسة الثانوية (القسم الخاص) وعين بتاريخ 6 من ديسمبر سنة 1943 في وظيفة كتابية من الدرجة الثامنة بإدارة قضايا الحكومة ونقل إلى محكمة استئناف أسيوط اعتباراً من 5 من أغسطس سنة 1944 ثم محكمة استئناف الإسكندرية من 22 من أكتوبر سنة 1945 وفي يونيه سنة 1947 حصل على شهادة الأهلية في الحقوق ورقى إلى الدرجة السابعة براتب قدره عشرة جنيهات من 12 من فبراير سنة 1950 لحصوله على درجة الأهلية في الحقوق طبقاً لقرار مجلس الوزراء في 17 من إبريل سنة 1949" كما أسست قضاءها أيضاً على أنه "ظاهر من البيان المتقدم أن المدعي كان معيناً قبل حصوله على شهادة الأهلية في وظيفة تتفق ومواد الدراسة التي تخصص فيها إذ كان يقوم بإدارة قضايا الحكومة ومحاكم الاستئناف بأعمال تتطلب ثقافة قانونية نظرية وعملية، ومن ثم فإن الشرط الذي يتطلبه قرار مجلس الوزراء تحقق في المدعي لأن العمل الذي كان يمارسه في وظيفته يتناسب مع مؤهله وهي شهادة أهلية الحقوق من جامعة الإسكندرية، ومن ثم يكون المدعي على حق في طلبه ويتعين إجابته إليه".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن "مجلس الوزراء قد وافق بجلسته المنعقدة في 17 من إبريل سنة 1949 على مذكرة اللجنة المالية التي تقضي بمنح خريجي قسم الأهلية في الحقوق ماهية قدرها عشرة جنيهات في الشهر في الدرجة السابعة على أن يكون تعيينهم في وظائف تتفق ومواد الدراسة التي تخصصوا فيها وأن تحسب أقدميتهم في الدرجة وبهذه الماهية بتاريخ التعيين فيها وغني عن البيان أن التعيين المشار يقتضي لزاماً وجود مثل هذه الوظيفة ذات الدرجة السابعة شاغرة في الميزانية لكي يتسنى قانوناً التعيين فيها، وبمثل هذا التعيين وحده ينشأ للموظف حامل هذا المؤهل المركز الذاتي على الوجه المحدد بقرار مجلس الوزراء ويتضح مما تقدم أن المطعون ضده ولئن كان يشغل سواء قبل حصوله على شهادة الأهلية في الحقوق في عام 1947 أو بعد ذلك وظيفة تتفق طبيعتها ومواد الدراسة التي تخصص فيها إلا أن قرار التعيين في الدرجة السابعة لم يصدر إلا في 12 من فبراير سنة 1950 عند خلو وظيفته ومن الدرجة السابعة في ميزانية وزارة العدل، ومن ثم فإن ركن التعيين المشروط لإمكان إعمال أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من إبريل سنة 1949 لم يتوافر في حالة المطعون ضده إلا من تاريخ 12 من فبراير سنة 1950 ومن هذا التاريخ وحده تحسب أقدميته في الدرجة والمرتب على النحو السالف إيضاحه".
ومن حيث إن وزارة المالية قدمت إلى مجلس الوزارة مذكرة أوضحت فيها أن جامعة (فؤاد الأول) - وهي جامعة القاهرة - ذكرت في كتابها المؤرخ 2 من نوفمبر سنة 1946 أنه قد أنشئ في كلية الحقوق ابتداء من العام الدراسي 1944 - 1945 قسم الأهلية في الحقوق وأدمج نطاقه في مشروعي اللائحتين الأساسية والداخلية للكلية المذكورة واللذين وافق عليهما مجلس الجامعة في 6 من إبريل سنة 1944 و11 من مايو سنة 1944، وأن الغرض من إنشاء هذا القسم هو تخريج طائفة من الطلاب تكون لهم ثقافة قانونية نظرية وعملية لتوكل إليهم عمليات التوثيق والتسجيل بعد تركيزها في مصلحة الشهر العقاري الجديدة، كما يستفاد بهم في القيام بالأعباء التي تنشأ في دور الانتقال والتحول من نظام القضاء المختلط إلى النظام الوطني وغير ذلك من الأعمال التي تتطلب مثل ثقافتهم القانونية. ومدة الدراسة في هذا القسم سنتان وتخرجت أول دفعة في امتحانات السنة الجامعية 1945 - 1946 وترى الجامعة أن يعامل خريجو هذا القسم معاملة خريجي المعهد العالي للتجارة (نظام قديم)، وقد أوضحت الجامعة بكتاب آخر لها أن مؤهلات الالتحاق لهذا القسم شهادة الدراسة الثانوية قسم ثان وأن مدة الدراسة سنتان ثلاثة دروس في اليوم من الساعة الرابعة إلى الساعة السابعة مساء والزمن المخصص للدرس الواحد خمسون دقيقة، وأن الغرض من إنشاء هذا القسم تزويد طلبته بقسط من الثقافة القانونية يرتفع بها مستواهم ويؤهلهم لتولي الأعمال التي تتطلب قدراً من الثقافة القانونية سواء في الأعمال الحرة أو الوظائف الحكومية "وترى وزارة المعارف العمومية بكتابها المؤرخ 14 من يونيه سنة 1948 منح خريجي قسم الأهلية بكلية الحقوق بجامعة (فاروق الأول) الدرجة السابعة من تاريخ حصولهم على هذه الشهادة بماهية قدرها عشرة جنيهات (بداية الدرجة)". وقد بحثت اللجنة المالية هذا الطلب، ورأت الموافقة على "منح خريجي قسم الأهلية في الحقوق ماهية قدرها عشرة جنيهات في الشهر في الدرجة السابعة، على أن يكون تعيينهم في وظائف تتفق ومواد الدراسة التي تخصصوا فيها وأن تحسب أقدميتهم في هذه الدرجة وبهذه الماهية بتاريخ التعيين فيها..." وقد وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 17 من إبريل سنة 1949 على رأي اللجنة المالية المبين في هذه المذكرة.
ويبين من ذلك أن رأي اللجنة المالية الذي وافق عليه مجلس الوزراء لا يمنح الدرجة السابعة ببداية مربوطها وبحساب الأقدمية فيها بمجرد الحصول على المؤهل، كما اقترحت ذلك وزارة المعارف العمومية في كتابها المشار إليه في مذكرة اللجنة المالية، ولم يأخذ مجلس الوزراء باقتراحها وإنما أخذ باقتراح اللجنة المالية، بل ربط رأي اللجنة الحصول على الدرجة السابعة ببداية مربوطها وبحساب الأقدمية بالتعيين في وظيفة من هذه الدرجة، بشرط أن تتفق هذه الوظيفة ومواد الدراسة التي تخصص فيها حملة هذا المؤهل. وغني عن البيان أن التعيين المشار إليه يقتضي لزاماً وجود مثل هذه الوظيفة ذات الدرجة السابعة شاغرة في الميزانية لكي يتسنى قانوناً التعيين فيها وبمثل هذا التعيين وحده ينشأ للموظف حامل هذا المؤهل المركز الذاتي على الوجه المحدد بقرار مجلس الوزراء. أما إذا كان مثل هذا الموظف وقت حصوله على المؤهل المذكور في الدرجة السابعة فعلاً، وكانت وظيفته هذه تتفق طبيعتها ومواد الدراسة التي تخصص فيها حملتها، فغني عن البيان كذلك أن لا حاجة إلى صدور قرار جديد بالتعيين فيها ما دام ذلك قد تحقق من قبل لسبق التعيين فعلاً محققاً كافة المزايا التي انطوى عليها قرار مجلس الوزراء.
ومن حيث إنه يبين من استظهار حالة المطعون عليه من واقع ملف خدمته أنه ولئن كان حاصلاً على شهادة الدراسة الثانوية "قسم خاص" في سنة 1942، وصدر قرار بتعيينه في الدرجة الثامنة المؤقتة بأقسام قضايا الحكومة (على اعتماد القسم 22) بماهية قدرها ستة جنيهات شهرياً في 6 من ديسمبر سنة 1943 ثم اعتبر بعد ذلك في هذه الدرجة بماهية 7.500 مجـ اعتباراً من التاريخ المذكور بالتطبيق لقواعد الإنصاف ثم عين في إحدى الدرجات الخالية بمحكمة استئناف أسيوط (وزارة العدل) في الدرجة الثامنة (72 - 120 جنيه) اعتباراً من 5 من أغسطس سنة 1944 ثم صدر قرار وزاري بنقله اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1945 إلى محكمة استئناف الإسكندرية الوطنية في وظيفة كتابية من الدرجة الثامنة (72 - 120 جنيه) سنوياً بميزانية القسم الجنائي بالمحكمة المذكورة، ثم حصل على درجة الأهلية في الحقوق من جامعة (فاروق الأول) في أغسطس سنة 1947 إلا أن القرار الوزاري المتضمن تعيينه في الدرجة السابعة (120 - 180 جنيه) سنوياً بمحاكم الاستئناف مع منحه ماهية قدرها 120 ج سنوياً بالقسم الجنائي بمحاكم الاستئناف لم يصدر إلا في 12 من فبراير سنة 1950 وقد جاء في ديباجة هذا القرار المبلغ من مراقب مستخدمي وزارة العدل في شهر فبراير سنة 1950 لتنفيذه أن تعيين الكاتبين محمد عبد الله التهامي (المطعون عليه) ومحمد عبد العزيز إبراهيم صبحة بمناسبة حصول الأول (المطعون عليه) على "شهادة الأهلية في الحقوق من جامعة فاروق الأول سنة 1947...".
ومن حيث إنه ظاهر مما تقدم أن المطعون عليه ولئن كان يشغل - سواء قبل حصوله على شهادة الأهلية في الحقوق سنة 1947 أو بعد ذلك - وظيفة تتفق طبيعتها ومواد الدراسة التي تخصص فيها إلى أنه نقل من وظيفته الكتابية في 17 من فبراير سنة 1952 للتدريس بإحدى المدارس الثانوية التابعة لوزارة التربية والتعليم لحصوله على شهادة الليسانس في الآداب في يوليه سنة 1952 إلا أن قرار التعيين في الدرجة السابعة ببداية مربوطها صدر في 12 من فبراير سنة 1950 عند خلو وظيفة من الدرجة السابعة لم تكن من قبل خالية في ميزانية القسم الجنائي بمحاكم الاستئناف وزارة العدل، ومن ثم فإن ركن التعيين المشروط لإمكان أعمال أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من إبريل سنة 1949 لم يتوافر في حالة المطعون عليه إلا من تاريخ 12 من فبراير سنة 1950 (وهو تاريخ خلو وظيفة في الدرجة السابعة بميزانية محكمة الاستئناف) ومن هذا التاريخ وحده ينبغي أن تحسب أقدميته في الدرجة والمرتب على النحو السالف إيضاحه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب قد خالف القانون فيما قضى به ويتعين من ثم القضاء بإلغائه وبرفض دعوى المدعي مع إلزامه بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.