مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الثاني (من أول فبراير 1964 إلى آخر مايو 1964) - صـ 856

(72)
جلسة 21 من مارس سنة 1964

برئاسة السيد/ مصطفى كامل إسماعيل وكيل المجلس، وعضوية السادة: حسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 1333 لسنة 7 القضائية

( أ ) دعوى - حكم - بطلان - الخطأ المادي في محضر جلسة المرافقة، المطبوع مقدماً، والثابت فيه حضور رئيس المحكمة السابق بعض جلسات الدعوى - لا يؤدي إلى بطلان الحكم الصادر فيها من الهيئة الجديدة التي سمعت المرافعة وحضرت المداولة ووقعت الحكم.
(ب) ري وصرف - قرار إداري - القانون رقم 68 لسنة 1953 في شأن الري والصرف - ترخيص لتفتيش الري أن يصدر قراراً بتمكين صاحب الأرض أو حائزها أو مستأجرها من استعمال المسقاة أو المصرف الخاص الذي منع وبغير حق من الانتفاع به - مناط سلامة هذا القرار - ثبوت حيازة الانتفاع بالمسقاة أو المصرف لصاحب الأرض أو حائزها أو مستأجرها لمدة سنة سابقة على تاريخ تقديم الشكوى وليس ثبوت حق الري ذاته - أساس ذلك - مثال.
1) إذا كان رئيس محكمة القضاء الإداري السابق الذي رأس بعضاً فقط من جلسات هذه الدعوى دون بعضها الآخر لم يوقع الحكم المطعون فيه، ولم يشترك بالفعل في مداولاته أو في إصداره، فلا يمكن أن ينال ذلك من صحة شكل الحكم المطعون فيه وقد ثبت أن السادة المستشارين الذين تداولوا فيه، ووقعوه وأصدروه هم الذين استمعوا إلى المرافعة في هذه الدعوى. ولا وجه للقول ببطلانه استناداً إلى مجرد خطأ مادي وقع في محضر جلسة المرافعة المطبوع مقدماً.
2) أن المادة الخامسة عشرة من القانون رقم 68 لسنة 1953 في شأن الري والصرف تنص على أنه إذا قدم صاحب الأرض أو حائزها، أو مستأجرها شكوى لتفتيش الري بأنه قد منع أو أعيق بغير حق من الانتفاع بمسقاه أو مصرف خاص أو منع بغير حق من دخول إحدى الأراضي لترميم أو لتطهير تلك المسقاة أو المصرف جاز لتفتيش الري إذا ثبت أن الشاكي كان حائزاً الحق المدعى به في لسنة السابقة على تقديم الشكوى، أن يصدر قراراً مؤقتاً بتمكين الشاكي من استعماله مع تمكين غيره من المنتفعين من استعمال حقوقهم أيضاً، على أن ينص في القرار على القواعد التي تنظم استعمال هذه الحقوق، وبصدر القرار المذكور في مدة لا تجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم الشكوى وينفذ على نفقة المشكو فيه، ويستمر تنفيذه إلى أن تفصل المحكمة المختصة في الحقوق المذكورة - وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون: ونظراً لأن النيل والترع العامة والمصارف العامة هي عماد الري في مصر وتدخل جميعها في الأملاك العامة، فقد كان جديراً بالتشريع الإداري المصري أن يعني بتنظيم استعمال الكافة لطرق الري والصرف استعمالاً يتجلى فيه العدل، وتصان به المصلحة العامة... ومن أهم حسنات هذا المشروع أنه ييسر على الأفراد في رفع الطلبات والشكاوى مباشرة إلى تفاتيش الري، وقد كانت لائحة الترع والجسور توجب عليهم توجيهها إلى المدير الذي يحيلها بدوره على مفتش الري، ولا يخفي ما في هذا الوضع وتردد الأوراق بين الهيئتين من بطء في الإجراءات، وضياع للوقت فعالج المشروع هذا النقص بأن رفع عن جهات الإدارة أعباء هي في غنى عنها. وكذلك أوجب المشروع على مصلحة الري البت في هذه الطلبات، والفصل في التظلم المرفوع عنها لوزير الأشغال العمومية في موعد معين، وبذلك قضى المشروع على بطء الإجراءات التي كانت مثار شكوى الأفراد.. وكذلك ألغى المشروع لجان الري.. ووضع عقوبات شديدة لمرتكبي هذه الجرائم لتكون ذات أثر فعال بعد أن شجعت العقوبات الخفيفة أصحاب المطامع على التلاعب، والانتفاع بشتى الأساليب بطرق الري والصرف على وجه ضار بأصحاب الأراضي المجاورة لهم أو بالصالح العام. وواضح من نص القانون ومن عبارات المذكرة الإيضاحية أن المشرع إنما قصد حماية الحيازة التي تدوم أكثر من سنة إذا تعلقت بحق من حقوق الري أو الصرف فإذا كان صاحب الأرض أو حائزها أو مستأجرها، يباشر الانتفاع بمسقاة أو بمصرف خاص لمدة سنة أو يزيد من تاريخ تقديم شكواه بأنه منع أو أعيق بدون وجه حق من ذلك الانتفاع فإنه يجوز لتفتيش الري المشكو إليه أن يصدر القرارات اللازمة لحماية هذه الحيازة متى ثبت له أنها قائمة في جانب الشاكي وأن أركانها متوافرة لديه وتكون حماية هذه الحيازة بصفة مستعجلة ومؤقتة إلى أن يفصل القضاء في موضوعها.
وقد أوجب الشارع الفصل في الشكوى في مدة لا تجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديمها لأنها تحمل في طياتها طابع الاستعجال. ومن أجل ذلك فإن الشارع لم يحدد لتفتيش الري إجراءات معينة يلتزم بمراعاتها وهو في سبيل النظر في الشكوى وإصدار قراره فيها وإنما ترك القانون للإدارة حرية التحري والتقصي لمعرفة حقيقة مراكز الخصوم. وكل ما حرص عليه أن يتبين لجهة الإدارة (تفتيش الري) أن الشاكي كان يحوز الحق الذي يدعيه لمدة سنة سابقة على تاريخ تقديم شكواه وللتفتيش أن يستلهم اقتناعه بذلك من مجموع الوقائع والملابسات والعناصر التي يقدر كفايتها لتكوين عقيدته بحيازة الشاكي للحق الذي يدعيه.


إجراءات الطعن

في 20 من يونيه سنة 1961 أودع الأستاذ المحامي عن الطاعن (محمد مبروك عيسى) سكرتيرية المحكمة تقرير طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم (1333) لسنة 7 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - هيئة منازعات الأفراد والهيئات بجلسة 25 من إبريل سنة 1961 في الدعوى رقم (777) لسنة 14 القضائية المقامة من السيد/ محمد مبروك عيسى ضد السادة مفتش ري البحيرة ووزير الأشغال، وعبد الونيس أحمد خروب وعبد الجليل محمد خروب وعبد الستار أحمد خروب والسيدة منيرة صليب إبراهيم والذي قضى: (برفض الدعوى وإلزام المدعي بمصروفاتها). وطلب السيد المحامي عن الطاعن للأسباب التي استند إليها في تقرير طعنه: (الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه وجميع ما يترتب عليه من آثار مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة). وقد أعلن هذا الطعن إلى الخصوم في 22، 26 من يونيه سنة 1961 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 18 من مايو سنة 1963 وفيها قررت الدائرة إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا للمرافعة بجلسة 16 من نوفمبر سنة 1963 وفيها قررت المحكمة حجزه للحكم بجلسة 28 من ديسمبر سنة 1963 ثم قررت فتح باب المرافعة بناء على طلب الطاعن، وبجلسة 11 من يناير سنة 1964 سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن لجلسة 29 من فبراير سنة 1964 مع الترخيص في تقديم مذكرات. وقد قدم الطاعن في 26 من يناير سنة 1964 مذكرة أخيرة بدفاعه صمم في ختامها على طلباته الواردة في تقرير طعنه وأرفق بمذكرته صورة طبق الأصل من محضر جلسة 26 من إبريل سنة 1961 بمحكمة ايتاي البارود. وقدم الحاضر عن عبد الجليل خروب وأسرته مذكرة تكميلية في 5 من فبراير سنة 1964 رد فيها على مذكرة الطاعن وانتهى إلى طلب الحكم برفض الطعن وبتأييد الحكم المطعون فيه القاضي برفض الدعوى، وقد قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن الطاعن السيد/ محمد مبروك عيسى أقام الدعوى رقم (777) لسنة 14 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري - هيئة منازعات الأفراد والهيئات - ضد السادة:
1 - مفتش البحيرة.
2 - وزير الأشغال.
3 - عبد الونيس أحمد خروب.
4 - عبد الجليل محمد خروب.
5 - عبد الستار أحمد خروب.
6 - السيدة منيرة صليب إبراهيم.
بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 11 من فبراير سنة 1960 طالباً الحكم فيها:
أولاً: بصفة مستعجلة، بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه موضوع الدعوى.
ثانياً: بإلغاء هذا القرار موضوع الدعوى، والذي رفض التظلم منه بتاريخ 18 من يناير سنة 1960.
ثالثاً: بإلزام المدعى عليهم متضامنين بجميع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، والنفاذ.
وقال المدعي شرحاً لدعواه: أنه بتاريخ 2 من ديسمبر سنة 1959 أصدر السيد مفتش ري البحيرة قراراً بعدم تعرض المدعي أو غيره من ري أطيان المدعى عليهم (الثالث، والرابع والخامس، والسادسة) وهي الأطيان البالغة مساحتها ثمانون فداناً تقريباً (80) فداناً بحوض السرد الغربي رقم (1) قسم أول - داير الناحية والرقامة - وبحوض السرو الغربي رقم (1) قسم أول بناحية خمارة مركز اتياي البارود وذلك بواسطة الطلمبة البحاري موضوع النزاع المشار إليها بالقرار أو بغيرها من الآلات لتوصيل المياه إلى الأرض موضوع المنازعة عن طريق الفرع (أ ب جـ د هـ و) ولا يجوز لأحد المنتفعين منع أو إعاقة وصول المياه إلى أرض المذكورين عن هذا الطريق بإجراء أي عمل يخل بتوصيل المياه إليها وقد أصدر هذا القرار مستنداً إلى المادة (15) من القانون رقم 68 لسنة 1953. وأعلن إلى المدعي في 5 من ديسمبر سنة 1959 فرفع عنه تظلماً إلى السيد وزير الأشغال التنفيذي في 12 من ديسمبر سنة 1959. ولما كان هذا التظلم قد فصل فيه برفضه في 18 من يناير سنة 1960 فقد أصبح القرار نهائياً ولذلك أقام المدعي دعواه مطالباً الحكم بإلغاء القرار المتظلم منه للأسباب الآتية: (1) أن هذا القرار صدر مخالفاً للقانون رقم 68 لسنة 1953 وبيان ذلك أن المادة (15) من هذا القانون تقضي بأنه لاستعمال السلطة التي يعطيها القانون لتفتيش الري في تمكين الشاكي (خروب) من استعمال أحد الحقوق الواردة فيه يشترط أن تثبت حيازة الحق للشاكي مدة سنة سابقة على الشكوى. وهذا الشرط غير متوفر في هذه الحالة التي صدر فيها القرار المتظلم منه لأن المتظلم ضدهم لم يسبق لهم حيازة هذا الحق في أي وقت من الأوقات. (2) أن تفتيش الري أصدر قراره بغير إخطار المدعي وبغير سماع أقواله، وبغير إجراء تحقيق، وكل هذا يجعل القرار معيباً وباطلاً لأن القانون أوجب التحقيق لإثبات الحق المدعى به، وهذا بمقتضى مواجهة المشكو في حقه بالشاكي، وفحص مستندات الطرفين ومن باب أولى يقتضي التحقيق إخطار المشكو في حقه، لا أن تجرى الإجراءات في غيبته ومن وراء ستار، ثم يفاجأ بقرار يصدر ضده ذلك أن القانون إنما يقضي على العبث والاستهتار بالحقوق ويهيئ الفرصة لطرفي النزاع لإثبات أو نفي الوقائع ذلك الأثر في إثبات الحق أو نفيه، واستناد تفتيش الري إلى تحقيقات لم يقم هو بإجرائها، وإنما أجرتها النيابة، إنما هو استناد فاسد، وفوق ذلك فإن التحقيق الذي استند إليه تفتيش الري قد صدر فيه قرار نهائي بحفظه مع تكليف الشاكين (المدعى عليهم من الثالث إلى السادسة) بالالتجاء إلى القضاء إذا كان لهم حق، بعد أن ألغى قرار نيابة ايتاي البارود، وذلك ثابت من كتاب سيادة النائب العام، ويتعين منطقياً أن ينتهي قرار تفتيش الري إلى رفض شكوى آل خروب بدلاً من إعطائهم حقاً لم يثبت لهم (3) أن للشاكين من آل خروب طريقاً آخر لري أطيانهم هي الترعة القبلي وتسمى مسقى السوق وهي آخذة من ترعة خمارة وأن هذه المسقى كافية لري (85) فداناً وأن لهم ماكينة ري في أرضهم مركبة على بئر كباس لري أرضهم وآخذة من ترعة الشرقاوية التي تستمد مياهها أيضاً من ترعة خمارة وبذلك يكون لهم طريقان للري بخلاف الطريق المتنازع عليه.
(4) أن المدعى عليهم (آل خروب) أقروا بأنه ليس لهم أي طريق للري من الفتحة موضوع النزاع، كما أقروا بأن طريق ريهم من الكبابيس الموضوعة في أرضهم، وهي كافية لريها. وهذا الإقرار حجة ناطقة بفساد شكواهم للري، وببطلان الأسس التي قام عليها قرار تفتيش الري بالبحيرة، ومن هذا يبين أن القرار المطعون فيه والمطلوب إلغاؤه قد صدر مخالفاً للقانون سواء من حيث الإجراءات التي استلزمها القانون لتحقيق الشكوى أم من حيث الشروط التي يستلزم القانون توافرها لإصدار مثل هذا القرار وأهم هذه الشروط ثبوت حيازة آل خروب للحق المدعى به في سنة سابقة على تقديم شكواهم لتفتيش ري البحيرة. ولما كان استعمال المدعى عليهم للحق المخول لهم بمقتضى القرار المطعون فيه من شأنه أن يلحق الضرر بالمدعي فضلاً عما في هذا القرار من عدوان على القانون وإهدار لمبادئ التحقيق والعدالة للمدعي أن يطلب - بصفة مستعجلة الحكم بوقف تنفيذ هذا القرار إلى أن يفصل نهائياً في الموضوع. كما يطلب في الموضوع الحكم بإلغاء القرار موضوع الدعوى، والذي رفض بتاريخ 18 من يناير سنة 1960 التظلم منه مع إلزام المدعى عليهم متضامنين بالمصروفات ومقابل الأتعاب - وقد ردت الجهة الإدارية المختصة (تفتيش ري البحيرة) على صحيفة الدعوى في 16 من إبريل سنة 1960 بأنه في 25 من نوفمبر سنة 1959 تقدم السيد/ عبد الونيس خروب عن نفسه وعن آخرين بطلب يشكو فيه من قيام السيد/ محمد مبروك عيسى، ناظر زراعة السيد/ محمد ممدوح حلمي الشيخ بمنعه بتاريخ 14 من يوليه سنة 1959 من ري أطيانه وآخرين البالغة مساحتها (80) فداناً والواقعة بجهة خمارة مركز اتياي البارود، وطلب الشاكي (خروب) حسم شكواه وفقاً لنص المادة (15) من قانون الري والصرف (68) لسنة 1953. وقد تم بحث هذه الشكوى ويبين من تحقيقات تفتيش ري البحيرة التي أجريت في هذا النزاع أن النيابة العامة أجرت تحقيقات ثبت منه أن المدعي محمد مبروك عيسى قام بنزع الطلمبة البحاري التي تقع عند النقطة ( أ ) على خريطة المساحة المرفقة بالمستندات المقدمة، وهدم مبانيها، وهذه الطلمبة البحاري تأخذ من فتحة خصوصية آخذة من مسقى خمارة الآخذة بدورها من ترعة أبو دياب بفتحة قطر (65 سم بر أيمن لري أطيان الشاكين) (خروب) وهم المدعى عليهم في هذه الدعوى من الثالث إلى السادسة وأن أطيانهم هي المحاط دائرها باللون الأخضر على الخريطة ومساحة هذه الأطيان حوالي (80) فداناً على فرع الري المرموز إليه في الخريطة بالحرف (أ ب جـ د هـ و) وهذا الفرع يأخذ مياهه من مسقى خمارة. وقد أصدرت نيابة دمنهور في 17 من يوليه سنة 1959 قراراً بإعادة الحالة إلى أصلها وتمكين الشاكين من الري. وأضاف تفتيش ري البحيرة أنه قد قام بعمل مباحث هندسية وإدارية ثبت له منها ما يأتي: أن زمام أرض الشاكين للتفتيش (آل خروب) وهم المدعى عليهم من الثالث إلى السادسة هو حوالي (80) فداناً. وأنه يوجد بهذه الأرض كباسان آخذان مياههما من مسقى السوق المستمدة من مسقى خمارة المتدفقة من ترعة أبو دياب. وأنه توجد آثار مبان لكباس آخر عند النقطة (س) بالخريطة للشاكين يأخذ من نهاية مسقى الشرقاوية، وهذه الكبابيس الثلاثة لا تكفي وحدها لري أكثر من عشرين فداناً من أرض الشاكين. كما ثبت أن أطيان الشاكين تروى بواسطة المسقى (فرع الري (أ ب جـ د هـ و) وهذا الفرع مستمد من مسقى خمارة منذ عام 1953 حتى تاريخ وقوع النزاع وذلك بواسطة طلمبة بحاري عند الموقع ( أ ) كما اتضح وجود ثلاث مواسير واقعة في المسافة (هـ، و) من فرع المسقى موضوع الشكوى، وهذه المواسير الثلاث مستعملة فعلاً لري أطيان الشاكين. وذلك واضح من محضر المعاينة الذي تم بحضور السادة مهندس الري ومعاون البوليس وعمدة الناحية. فالثابت أن أطيان المدعى عليهم من الثالث إلى الأخيرة تروى من المسقى (الفرع) (أ ب جـ د هـ و) موضوع النزاع خلال السنة السابقة لتقديم شكواهم للري. ولذلك صدر قرار تفتيش ري البحيرة في 2 ديسمبر سنة 1959 وهو يقضي بعدم تعرض المدعي - محمد مبروك عيسى أو غيره من المنتفعين، للشاكي عبد الونيس أحمد خروب، ومن معه في ري أطيانهم البالغة مساحتها (80) فداناً تقريباً وذلك بواسطة الطلمبة البحاري موضوع النزاع أو غيرها من الآلات. وقد تظلم المدعي مبروك من هذا القرار ورفض تظلمه. ثم ناقشت الحكومة الطاعن الموجهة إلى القرار المطعون فيه وانتهت إلى فسادها، وطلبت رفض الدعوى. كما قدم المدعى عليهم الآخرون مذكرة بردهم على أقوال المدعي.
وبجلسة 28 من يونيه سنة1960 حكمت محكمة القضاء الإداري - هيئة منازعات الأفراد والهيئات - برفض طلب وقف التنفيذ استناداً إلى أنه قد بان للمحكمة من الاطلاع على ظاهر الأوراق أن المدعى عليهم - من الثالث إلى السادسة ينتفعون بالري من ترعة الطلمبة البحاري منذ سنة 1953 لري أرضهم التي اشتروها منذ ذلك التاريخ، ولكن المدعي مبروك حاول حرمانهم من الانتفاع بهذا الحق بأن رفع الطلمبة البحاري وهدم ليلاً مبانيها فلجأ المدعى عليهم إلى النيابة العامة وإلى هندسة الري التي أجرت المعاينة وثبت لديها حق المذكورين في ري أرضهم من هذه المسقى (الفرع أ ب جـ د هـ و) وأنهم ظلوا حائزين لهذا الحق طوال السنة السابقة على هذا التعدي وعلى هذا قرر تفتيش الري إعادة الشيء إلى أصله وتمكينهم من الري بصفة مؤقتة إلى أن تفصل المحكمة المدنية المختصة في أصل هذا النزاع. وذلك بالتطبيق للمادة (15) من قانون الري والصرف رقم (68) لسنة 1953 وأضافت محكمة القضاء الإداري أنه ليس ثمة نتائج يتعذر تداركها فيما لو نفذ القرار المطعون فيه. وتأسيساً على ما تقدم قضت برفض طلب وقف التنفيذ. وثابت من أوراق الطعن أن المدعي مبروك لم يطعن في هذا الحكم الصادر برفض طلب وقف التنفيذ.
وبجلسة 25 من إبريل سنة 1961 حكمت محكمة القضاء الإداري ذاتها في موضوع الدعوى برفضها وألزمت المدعي بمصروفاتها. وأقامت قضاءها هذا على أن الثابت من الأوراق أن المدعى عليهم من الثالث إلى السادسة، ينتفعون بالري من ترعة الماكينة (الفرع ب جـ د هـ و) منذ سنة 1953 لري أرضهم التي اشتروها منذ ذلك التاريخ ولكن المدعي حاول حرمانهم من الانتفاع من هذا الحق بأن رفع الطلمبة البحاري وهدم ليلاً مبانيها فلجأ المدعى عليهم إلى النيابة العامة وإلى هندسة الري التي أجرت المعاينة وثبت لديها حق هؤلاء في ري أرضهم من هذه المسقى (ترعة الماكينة) وأنهم ظلوا حائزين لهذا الحق طوال السنة السابقة على هذا التعدي. وثابت من الأوراق أن تفتيش الري قد اتبع كافة الإجراءات التي نصت عليها المادة (15) من قانون الري والصرف وقد كانت أمامه معاينات دقيقة من رجال النيابة العامة ومن رجال التفتيش ثابت فيها أن المدعى عليهم يحوزون الحق المدعى به عن السنة السابقة على تقديم الشكوى يؤيد هذا أن بعض إجراءات المعاينة قد تمت في حضور وكيل المدعي كما قام التفتيش بعمل رسومات وخرائط للأرض والمساقي موضوع النزاع فالقول بوقوع مخالفة للإجراءات قول لا يقوم على أساس. وكذلك لا أساس للقول بأنه لا محل للقرار الإداري المطعون فيه ما دام لأرض المدعى عليهم طريقان للري غير الطريق المتنازع عليه فذلك قول مردود بأن تقارير المختصين من رجال الري تقضي بأن أرض المذكورين في حاجة ماسة لهذا الطريق محل النزاع إذ الطريق الموجود لا يكفي لري عشرين فداناً فكيف يكون الحال والأرض المملوكة أصبحت تقرب من الثمانين فداناً واستطرد الحكم المطعون فيه يقول أن المادة 15 من قانون الري والصرف لم تشترط أي ضرورة لإصدار القرار وإنما أراد الشارع حماية الحيازة التي تدوم أكثر من سنة فيما يتعلق بحقوق الري والصرف فناط بتفتيش الري إصدار القرارات الخاصة بحماية هذه الحيازة متى ثبت له قيامها، وذلك لمدة مؤقتة حتى يفصل القضاء في موضوع النزاع. وقول المدعي بأن هناك إقراراً بعدم استعمال الطريق المتنازع عليه قول غير صحيح ولا سند له في أوراق الدعوى. وانتهى الحكم المطعون فيه إلى أن القرار المطعون فيه إنما صدر ممن يملك إصداره وقام على وقائع صحيحة وفي حدود القانون، ومن ثم تكون الدعوى على غير أساس متعين رفضها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على الوجهتين الآتيتين:
1 - بطلان الحكم تأسيساً على أن الدعوى نظرت وجرت المرافعة فيها وكانت الهيئة التي سمعت المرافعة منعقدة برئاسة السيد الأستاذ/ محمد عفت الذي وقع محضر جلسة المرافعة باعتباره رئيساً للهيئة ولكن سيادته لم يشترك في الحكم في الدعوى، وهذا ما يعيب الحكم ويبطله (2) بنى الطاعن الوجه الثاني على التشكيك في أحقية المطعون عليهم في دعوى الري من الفتحة موضوع المنازعة. وبيان ذلك قوله أن الشرط اللازم لتطبيق المادة (15) من القانون رقم (68) لسنة 1953 هو أن يثبت أن الشاكي كان حائزاً الحق المدعى به في السنة السابقة على تقديم الشكوى. في حين أن المطعون عليهم (آل خروب) لم يكونوا حائزين للحق المدعى به لمدة سنة سابقة على شكواهم وخلص تقرير الطعن إلى طلب القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل الأتعاب.
ومن حيث عن الوجه الأول لهذا الطعن فإنه مردود بأن الثابت من الاطلاع على محاضر وجدول جلسات هيئة منازعات الأفراد والهيئات بمحكمة القضاء الإداري، أن الحكم المطعون فيه قد صدر من دائرة ثلاثية برئاسة المستشار محمد تاج الدين يس، رئيساً لتلك الهيئة وبعضوية المستشارين: أحمد عبد الجواد شحاته، ومحمد حامد رضوان. ففي صحيفة النموذج رقم (56) رقم الجدول 777 لسنة 14 القضائية - وهو الرول الخاص بجلسة 21 من مارس سنة 1961 أثبت السيد/ رئيس تلك الهيئة (يس) بخط يده أن الحكم يصدر بعد خمسة أسابيع، ومذكرات في أربعة أسابيع والمدة مناصفة). يلي ذلك مباشرة وعلى صحيفة هذا الرول بالذات تأشيرة أخرى بخط الرئيس المستشار محمد تاج الدين يس: حكمت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعي بمصروفاتها. ثم توقيعات أعضاء الهيئة التي أصدرت وهم السادة: (يس وشحاتة ورضوان) كذلك بأن لهذه المحكمة العليا من الاطلاع على محضر جلسة 25 من إبريل سنة 1961 التي صدر فيها الحكم المذكور أن هيئة المحكمة كانت في تلك الجلسة مشكلة برئاسة المستشارين وعضوية المستشارين (شحاتة ورضوان) وقد وقع محضر هذه الجلسة رئيس الهيئة (محمد تاج الدين يس) فالثابت إذن أن ثلاثتهم قد استمعوا جميعاً للمرافعة وتداولوا وحدهم في الحكم ووقعوه وحدهم، مما يجعله صحيحاً قانوناً، لا شائبة فيه ولا مأخذ عليه - فإذا جاء بعد ذلك محضر جلسة 21 من مارس سنة 1961 مخالفاً في ديباجته لما انطوت عليه صحيفة (رول) هذه الجلسة، وتتضمن عبارات مطبوعة سلفاً (علي البلوظة) من أن الهيئة برئاسة الأستاذ محمد عفت نائب رئيس المجلس وبحضور السيدين الأستاذين/ محمد تاج الدين يس، وأحمد عبد الجواد شحاته ومحمد حامد رضوان المستشارين "فإن ذلك لا يعدو أن يكون في الواقع من الأمر خطأ مادياً وقع في محضر الجلسة الذي وقعه السيد/ نائب رئيس المجلس السابق وهو الذي حضر بعض جلسات المحكمة في تلك الآونة دون بعضها الآخر ومن هذه الأخيرة على وجه التحديد جلسة 21 من مارس سنة 1961. وقد قطعت بذلك صحيفة رول هذه الجلسة ذاتها التي سطر عليها قرار المحكمة السيد رئيس الجلسة المستشار يس بخطه. يؤكد هذا النظر من ناحية أخرى، أن محضر جلسة 31 من مايو سنة 1960 التي استمعت فيها الهيئة إلى مرافعات الخصوم في طلب وقف التنفيذ كانت أيضاً برئاسة السيد/ المستشار محمد تاج الدين يس الذي وقع محضر تلك الجلسة كما وقع منطوق الحكم بجلسة 28 من يونيه سنة 1960 برفض طلب وقف التنفيذ.
فإذا كان رئيس محكمة القضاء الإداري السابق المستشار محمد عفت الذي رأس بعضاً فقط من جلسات هذه الدعوى دون بعضها الآخر لم يوقع الحكم المطعون فيه، ولم يشترك بالفعل في مداولاته أو في إصداره، فلا يمكن أن ينال ذلك من صحة شكل الحكم المطعون فيه وقد ثبت أن السادة المستشارين الذين تداولوا فيه، ووقعوه وأصدروه هم الذين استمعوا إلى المرافعة في هذه الدعوى. ولا وجه للقول ببطلانه استناداً إلى مجرد خطأ مادي وقع في محضر جلسة المرافعة المطبوع مقدماً.
ويتعين والحالة هذه، رفض الوجه الأول من طعن المدعي لأنه يقوم على غير ما هو ثابت في أوراق هذا الطعن.
2 - ومن حيث عن الوجه الثاني للطعن فإنه خليق أيضاً بالرفض. وذلك أن المادة الخامسة عشرة من القانون رقم 68 لسنة 1953 في شأن الري والصرف تنص على أنه إذا قدم صاحب الأرض أو حائزها، أو مستأجرها شكوى لتفتيش الري بأنه قد منع أو أعيق بغير حق من الانتفاع بمسقاه أو مصرف خاص أو منع بغير حق من دخول إحدى الأراضي لترميم أو لتطهير تلك المسقاة أو المصرف جاز لتفتيش الري إذا ثبت أن الشاكي كان حائزاً الحق المدعى به في السنة السابقة على تقديم الشكوى، أن يصدر قراراً مؤقتاً بتمكين الشاكي من استعماله مع تمكين غيره من المنتفعين من استعمال حقوقهم أيضاً. على أن ينص في القرار على القواعد التي تنظم استعمال هذه الحقوق، ويصدر القرار المذكور في مدة لا تجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم الشكوى وينفذ على نفقة المشكو فيه، ويستمر تنفيذه إلى أن تفصل المحكمة المختصة في الحقوق المذكورة - وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون:
(... ونظراً لأن النيل والترع العامة، والمصارف العامة هي عماد الري في مصر وتدخل جميعها في الأملاك العامة، فقد كان جديراً بالتشريع الإداري المصري أن يعني بتنظيم استعمال الكافة لطرق الري والصرف استعمالاً يتجلى فيه العدل، وتصان به المصلحة العامة...) ومن أهم حسنات هذا المشروع أنه ييسر على الأفراد في رفع الطلبات والشكاوى مباشرة إلى تفاتيش الري، وقد كانت لائحة الترع والجسور توجب عليهم توجيهها إلى المدير الذي يحيلها بدوره على مفتش الري، ولا يخفي ما في هذا الوضع وتردد الأوراق بين الهيئتين من بطء في الإجراءات، وضياع للوقت، فعالج المشروع هذا النقص بأن رفع عن جهات الإدارة أعباء هي في غنى عنها. وكذلك أوجب المشروع على مصلحة الري البت في هذه الطلبات، والفصل في التظلم المرفوع عنها لوزير الأشغال العمومية في موعد معين، وبذلك قضى المشروع على بطء الإجراءات التي كانت مثار شكوى الأفراد.. وكذلك ألغى المشروع لجان الري.. ووضع عقوبات شديدة لمرتكبي هذه الجرائم لتكون ذات أثر فعال بعد أن شجعت العقوبات الخفيفة أصحاب المطامع على التلاعب، والانتفاع بشتى الأساليب بطرق الري والصرف على وجه ضار بأصحاب الأراضي المجاورة لهم أو بالصالح العام. وواضح من نص القانون ومن عبارات المذكرة الإيضاحية أن المشرع إنما قصد حماية الحيازة التي تدوم أكثر من سنة إذا تعلقت بحق من حقوق الري أو الصرف فإذا كان صاحب الأرض أو حائزها أو مستأجرها، يباشر الانتفاع بمسقاه أو بمصرف خاص لمدة سنة أو يزيد من تاريخ تقديم شكواه بأنه منع أو أعيق بدون وجه حق من ذلك الانتفاع فإنه يجوز لتفتيش الري المشكو إليه أن يصدر القرارات اللازمة لحماية هذه الحيازة متى ثبت له أنها قائمة في جانب الشاكي وأن أركانها متوافرة لديه وتكون حماية الحيازة بصفة مستعجلة ومؤقتة إلى أن يفصل القضاء في موضوعها.
وقد أوجب الشارع الفصل في الشكوى في مدة لا تجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديمها لأنها تحمل في طياتها طابع الاستعجال. ومن أجل ذلك فإن الشارع لم يحدد لتفتيش الري إجراءات معينة يلتزم مراعاتها وهو في سبيل النظر في الشكوى وإصدار قراره فيها وإنما ترك القانون للإدارة حرية التحري والتقصي لمعرفة حقيقة مراكز الخصوم، وكل - ما حرص عليه أن يتبين لجهة الإدارة (تفتيش الري) أن الشاكي كان يجوز الحق الذي يدعيه لمدة سنة سابقة على تاريخ تقديم شكواه. وللتفتيش أن يستلهم اقتناعه بذلك من مجموع الوقائع والملابسات والعناصر التي تقدر كفايتها لتكوين عقيدته بحيازة الشاكي للحق الذي ينعيه.
وثابت من الأوراق والعقود والمستندات والمحاضر والخرائط التي يزخر بها ملف هذا الطعن أن تفتيش ري البحيرة لم يترك وسيلة من وسائل التثبيت التي توصله إلى إصدار قرار سليم في شأن هذه الشكوى إلا وطرقها. فقد أجريت المعاينة على الطبيعة بوساطة هندسة ري ايتاي البارود - محضر المعاينة في 21 من يوليه سنة 1959 موقع من مهندس اتياي البارود، ومعاون بوليس المركز، وعمدة خمارة - ويخلص من الاطلاع عليه أن زمام أرض الشاكي هو المؤشر عليه في خريطة المساحة المقدمة بالقلم (الأخضر) فتبلغ مساحة (80) فداناً، وأنه يوجد بهذه المساحة (كباسان اثنان) وهما يأخذان مياههما من مسقى السوق. كما أنه توجد آثار مبان لكباس آخر يأخذ مياهه من نهاية مسقى الشرقاوية. وقد جاء في محضر المعاينة المشار إليه أنه يمكن لهذه الكبابيس في أثناء دور الري النيلي، أن تقوم بري ما يقرب من عشرين فداناً فقط أثناء فترة الدور، وهذه الفترة لا تجاوز الأربعة أيام ثم تنقطع المياه بعدها لتعود بعد فترة أخرى وهكذا. ولاحظت اللجنة أن مياه الكباسين المرموزة لهما على الخريطة بالحرفين (س، ن) تكون عادة شحيحة لوجود هذين الكباسين في نهايتي مسقى الشرقاوية، ومسقى السوق. وقد ثبت من المعاينة كذلك وجود ثلاث مواسير لتوصيل المياه إلى باقي زمام الثمانين فداناً. وهذه المواسير الثلاثة تقع على الفرع (أ ب جـ د هـ و) مما يؤكد استعمال الري من هذا الفرع عن طريق المواسير الثلاثة لري باقي الزمام (80) فداناً. وثبت من المعاينة أيضاً وجود بعض (قطوع) تأخذ من الفرع موضوع النزاع مما يؤكد يقيناً أن الشاكي كان يباشر الري من هذا الفرع الذي تغذيه الطلمبة البحاري التي قام الطاعن ليلاً بنزعها وهدم بنائها ليعوق بغير حق انتفاع الشاكي من الفرع المذكور. وفي الأوراق شهادة إدارية موقعة من عمدة خمارة وشيوخ الناحية بتاريخ 28 من أغسطس سنة 1959 تتضمن أن الحاج عبد الونيس أحمد خروب وعبد الستار وعبد الجليل والسيدة منيرة يمتلكون أطياناً بناحية خمارة مركز ايتاي البارود بحوض السرو، مساحتها (85) فداناً على وجه التقريب وقد اشتروها من السيد محمد ممدوح حلمي الشيخ بموجب عقود صادرة لهم منذ سنة 1953 حتى مارس سنة 1959 وأن هذه الأطيان منذ أن اشتراها المطعون عليهم من سنة 1953 وهم يقومون بريها من (الطلمبة البحاري) التي كانت مجاورة لسور الحديقة وتمد بالمياه الفرع الآخذ من مسقى خمارة (الفرع أ ب جـ د هـ و) ولم يمنع هؤلاء من الري إلا النزاع الذي قام بينهم وبين الطاعن منذ شهرين تقريباً أي في يوليه سنة 1959.
ومن حيث إن جهة الإدارة قد آمنت، وبحق، بأن المطعون عليهم كانوا حائزين للحق المدعى به لمدة سنة سابقة على تقديم شكواهم إلى تفتيش الري بالبحيرة، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه الصادر في أول ديسمبر سنة 1960 من السيد مفتش ري البحيرة والذي أيده برفض الطعن المقدم فيه، السيد وزير الأشغال في 23 من يناير سنة 1960 يكون قد صدر صحيحاً مطابقاً لأحكام القانون. ويكون الحكم المطعون فيه الصادر برفض دعوى الطاعن، قد صادف الصواب في تطبيق القانون وتأويله ولا يجدي الطاعن ما حاوله من إثبات أن المطعون عليهم ليس لهم الحق في ري أطيانهم من الفرع المذكور. إذ الصحيح كما سلف الإيضاح أن مناط سلامة القرار هو ثبوت حيازة الانتفاع بالمسقاة موضوع المنازعة المدة المقررة قانوناً، لا ثبوت حق الري ذاته، فحق الري هذا لا شأن له بالقرار الإداري المطعون فيه، لم يتعرض له هذا القرار في قليل أو كثير. وقد ثبت يقيناً، أن الأطيان المذكورة تروى بالفعل، وفي الواقع منذ أكثر من عام سابق على تقديم الشكوى، من مسقاه الفرع (أ ب جـ د هـ و) وأن ما عدا هذا الفرع، سواء كباسي مسقاه السوق أو كباس مسقاه الشرقاوية أو حتى ثلاثتهم معاً غير كاف البتة، في تقدير جهات الري الرسمية المختصة لري أكثر من عشرين فداناً من جملة أطيان آل خروب وقد جاوزت مساحتها في مجموعها الثمانين فداناً. ومن ثم فإن الطعن يكون على غير أساس سليم من القانون ويتعين القضاء برفضه موضوعاً مع إلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت المدعي بالمصروفات.