مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 85

(28)
جلسة 28 من ديسمبر سنة 1974

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ الدكتور أحمد ثابت عويضه نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، ومحمود طلعت الغزالي ومحمد نور الدين العقاد المستشارين.

القضية رقم 804 لسنة 19 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تقدير السن - شهادة الميلاد.
الوثيقة التي يعتد بها في تقدير سن العامل هي شهادة الميلاد أو مستخرج رسمي مستقى من البيانات المقيدة في دفتر المواليد حين الولادة - لا اعتداد بالمستخرج المستقى من البيانات المدونة بناءً على حكم أو قرار لجنة ساقطي القيد متى كان مخالفاً لما هو ثابت بملف الخدمة - أساس ذلك مثال.
إن تشريعات العاملين المدنيين بالدولة وقوانين المعاشات المدنية قد حرصت على النص بأنه يعتمد في تقدير سن العامل على شهادة الميلاد أو صورة رسمية منها ومستخرجة من سجلات المواليد كما يستفاد من قرار مجلس الوزراء الصادر في 20 من يناير سنة 1927 أن يقوم القومسيون الطبي بتقدير سن الموظف عند عدم تقديم شهادة الميلاد أو المستخرج الرسمي منها، والمقصود بالمستخرج الرسمي هو الوثيقة التي تقوم مقام شهادة الميلاد، وهذا يقتضي أن يكون المستخرج الرسمي مستقى من البيانات المقيدة في دفتر المواليد حين الولادة بواسطة الموظف المختص بتلقي هذه البيانات، أما إذا كان المستخرج الرسمي مستقى من البيانات المدونة في دفتر المواليد بناءً على حكم جنائي بإدانة من أهمل في التبليغ عن الولادة في حينها، أو بناءً على أمر من النيابة العامة في ظل العمل بالقانون رقم 130 لسنة 1946 الخاص بالمواليد والوفيات، أو بناءً على قرار اللجنة المختصة المشكلة وفق المادة (41) من القانون رقم 260 لسنة 1960 في شأن الأحوال المدنية، فإنه لا يقوم مقام شهادة الميلاد لأن تعيين السن في هذه الحالة يتم عن طريق التحريات ولذلك يجيء تقريبياً وليس حقيقياً الأمر الذي يجعل حجية هذا المستخرج قاصرة ولا ترقى إلى حجية شهادة الميلاد أو المستخرج الرسمي من دفتر المواليد من واقع البيانات المقيدة حين الولادة، ومن ثم فإنه لا يعتد في تحديد تاريخ الميلاد المدعي في صدد علاقته بالوظيفة العامة بالشهادة التي قدمها والذي حدد فيها تاريخ ميلاده بيوم 24 من مارس سنة 1917 بناءً على قرار اللجنة المنصوص عليها في المادة (41) من القانون رقم 260 لسنة 1960 المشار إليه.
ومن حيث إنه ولئن كانت شهادة ميلاد المدعي غير موجودة، إلا أن أوراق ملف خدمته قد اتفقت جميعها على أنه من مواليد 9 من يوليه سنة 1911 ومن تلك الأوراق الاستمارة رقم 134 مكرر ع. ح والتي دون بها أنه من مواليد 9 من يوليه سنة 1911 بميت غمر تحت رقم (390) طبقاً لشهادة الميلاد والاستمارة رقم 3 تأمين المؤرخة أول مارس سنة 1953 والمحررة بخط المدعي وموقعة منه، والإقرار المؤرخ 20 من مايو سنة 1959 الخاص ببيانات البطاقة العائلية وفيه أثبت المدعي أنه من مواليد 9 من يوليه سنة 1911، يضاف إلى ذلك أن تقارير المدعي السرية عن الأعوام من 1953 حتى 1964 دون بها أنه من مواليد 9 من يوليه سنة 1911 وقد وقع المدعي على التقرير السري عن عام 1953 - والذي قدرت فيه كفايته بدرجة ضعيف - بما يفيد استلامه صورة التقرير المشار إليه ومدون به أنه من مواليد 9 من يوليه سنة 1911، وجدير بالذكر أن المحكمة لا تلتفت بعد ذلك إلى الكشط أو المحو الذي أصاب تاريخ الميلاد في الأوراق المشار إليها لمحاولة تعديله من 9 من يوليه سنة 1911 إلى 26 من مارس سنة 1917.
ومن حيث إنه متى كان ذلك ما تقدم، وكان الواضح من الأوراق أن للمدعي تاريخ ميلاد معلوماً وثابتاً في ملف خدمته منذ التحاقه بالخدمة هو 9 من يوليه سنة 1911 فيكون هذا التاريخ وحده - والذي تأيد بالمستخرج الرسمي الذي قدمته الجهة الإدارية - هو المعول عليه في تحديد علاقته بالوظيفة العامة وتحديد تاريخ انتهاء خدمته، ولا يفيد المدعي بعد ذلك سلسلة الإجراءات التي اتخذها من إعادة قيده بسجل المواليد باعتباره من ساقطي القيد واستخراجه شهادة ميلاد - قبيل انتهاء خدمته - بأنه من مواليد 24 من مارس سنة 1917، ثم قيامه باستخراج بطاقة عائلية كتب بها تاريخ ميلاده على أساس الشهادة المذكورة، إذ الواضح تماماً أن المدعي إنما اتخذ هذه الإجراءات بغية إطالة مدة خدمته، كذلك لا ينال مما تقدم حجاج المدعي بأن المستخرج الذي تلقته الجهة الإدارية من إدارة المحفوظات العمومية - والذي يفيد أنه من مواليد 9 من يوليه سنة 1911 ومقيد تحت رقم 390 ميت غمر - إنما هو اسمه مستدلاً على ذلك باختلاف اسم الأم وأن من ورد اسمه بالمستخرج المشار إليه قد توفي، ذلك لأن المستفاد من كتاب أمين سجل مدني حلوان المؤرخ 3 من ديسمبر سنة 1974 السالف الإشارة إليه، أن اسم والدة المدعي هو هانم محمد وهذا الاسم يطابق الاسم الذي ورد بالشهادة المستخرجة من سجلات المحفوظات العمومية، ثم عدل هذا الاسم إلى نفيسة محمد رماح دون سند من الوقائع وعلى غير أساس، يضاف إلى ذلك أن سند المدعي في أن اسم والدته نفيسة محمد رماح هو شهادة ميلاده بوصفه من ساقطي القيد والتي تدون فيها البيانات ومن واقع إعلانه للمختصين وقت إجراء القيد، أما عن شهادة الوفاة التي قدمها المدعي فقد بأن من تقرير وحدة المباحث بميت غمر المؤرخ 3 أكتوبر سنة 1974 أنها مصطنعة وصدرت بناءً على تبليغ وهمي بواقعة الوفاة ومع النظر السابق، وأياً كان الرأي في حجاج المدعي، فإن ملف خدمته منذ تعيينه قد استقر تماماً - على النحو السالف إيضاحه - على أنه من مواليد 9 من يوليه سنة 1911 بما لا يسوغ معه إصدار هذا الاستقرار لمجرد حجج بأن فسادها وكشفت الأوراق والتحريات عن عدم صحتها، وابتناءً على كل ما تقدم يكون القرار المطعون فيه - وقد اعتد في حساب تاريخ إحالة المدعي إلى المعاش بما هو ثابت ومستقر بملف خدمته قد جاء سليماً ومتفقاً والقانون، ويكون المدعي على غير حق في دعواه ويتعين لذلك الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.