مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الثاني (من أول فبراير 1964 إلى آخر مايو 1964) - صـ 957

(83)
جلسة 18 من إبريل 1964

برئاسة السيد/ مصطفى كامل إسماعيل وكيل المجلس، وعضوية السادة: حسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 1123 لسنة 9 القضائية

مهندس - تكليف - قرار إداري - وقف تنفيذ - المادة 21 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة - مفادها عدم جواز طلب وقف تنفيذ القرارات الخاصة بالتعيين في الوظائف العامة - انسحاب أثر هذه المادة على القرارات الوزارية الصادرة بتكليف المهندسين بالتطبيق للقانون رقم 296 لسنة 1956 في شأن أوامر التكليف للمهندسين المصريين خريجي الجامعات المصرية - أساس ذلك هو انتفاء ركن الاستعجال في طلبات وقف تنفيذ كل من قرارات التعيين والتكليف.
أن سلطة وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها مردها إلى الرقابة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية، فوجب على القضاء الإداري ألا يقف قراراً إدارياً إلا إذا تبين له - على حسب الظاهر من الأوراق ومع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء عند الفصل فيه - أن طلب وقف التنفيذ يقوم على ركنين: -
الأول: قيام الاستعجال، بأن كان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
والثاني: يتصل بمبدأ المشروعية، بأن يكون ادعاء الطالب في هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية - وكلا الركنين من الحدود القانونية التي تحد سلطة القضاء الإداري وتخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن للتكليف نظامه القانوني الخاص به وهو أداة استثنائية تتناول خريجي كليات الهندسة في الجامعات المصرية بإلحاقهم بالعمل لشغل الوظائف وفقاً لما تدعو إليه الحاجة في الوزارات المختلفة والهيئات والمؤسسات العامة، ومتى تم شغل المكلف للوظيفة العامة بمقتضى أداتها الاستثنائية الخاصة طبقاً للأوضاع والشروط المنصوص عليها في القوانين واللوائح فإن المكلف يصبح ملتزماً بأعباء الوظيفة وواجباتها مستفيداً من مزاياها طوال مدة التكليف - وبذلك لا ينقطع عن المكلف مورد الرزق، وإن صح ما يذهب إليه المدعي من أن قرار التكليف سيلحق به أضراراً فإن حقه إن وجد مكفول بالرجوع إلى جهة الإدارة بالتعويض من الأضرار التي تلحقه إن كان هناك وجه حق في هذا التعويض، فلا يترتب على تنفيذ قرار التكليف بهذه المثابة نتائج يتعذر تداركها، وقد اعتنق القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة هذا النظر من حيث المبدأ حين نص في الفقرة الثانية من المادة 21 منه بما مفاده أنه لا يجوز طلب وقف تنفيذ القرارات الخاصة بالتعيين في الوظائف العامة. ولئن كان هذا النص قد ورد بحكم المساق التشريعي منسحباً إلى التعيين في الوظائف العامة. إلا أنه غني عن البيان أن انتقاء قيام الاستعجال من حيث المبدأ في القرارات المتصلة بالتعيين في الوظائف العامة - وذلك على افتراض عدم قيام الاستعجال المبرر لوقف تنفيذ هذه القرارات وذلك بقرينة قانونية، كشفت عنها المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة مفادها أنه لا يترتب على تنفيذ هذه القرارات نتائج يتعذر تداركها - يصدق أيضاً على القرارات المتصلة بالتكليف، لاتخاذ مناط النظر من حيث المبدأ فيها جميعاً بحكم طبائع الأشياء.
وترتيباً على ذلك ينتفي ركن الاستعجال في طلب وقف التنفيذ وبذا ينهار الركن الأول الذي يقوم عليه ذلك الطلب.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس 25 من يوليه سنة 1963 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن محافظة السويس ووزارة الإدارة المحلية، سكرتيرية المحكمة، عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 25 من يونيه سنة 1963 في القضية رقم 781 لسنة 17 القضائية المقامة من المهندس/ إبراهيم علي إسماعيل عطيفة ضد محافظة السويس ووزارة الإدارة المحلية والقاضي "بوقف القرار المطعون فيه" وطلبت إدارة قضايا الحكومة للأسباب التي استندت إليها في عريضة الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف التنفيذ مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد أعلن الطعن للمدعي في 25 من أغسطس سنة 1963.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة مذكرة بالرأي القانوني حددت فيها وقائع الدعوى والمسائل القانونية التي أثارها النزاع وأبدت رأيها مسبباً ضمنته أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض طلب وقف التنفيذ وإلزام المطعون ضده بالمصروفات، وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 21 من فبراير سنة 1964 وأبلغت إدارة قضايا الحكومة والمدعي في 19 من يناير سنة 1964 بميعاد هذه الجلسة، وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعون إلى الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا حيث حدد لنظره أمامها جلسة 21 من مارس سنة 1964 التي أبلغ بها الطرفان في أول مارس سنة 1964، وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما استظهرته المحكمة من أوراق الطعن تتحصل في أن المدعي أقام دعواه بعريضة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 4 من مارس سنة 1963 طالباً: -
أولاً: الحكم بصفة مستعجلة بوقف قرار وزير الإدارة المحلية رقم 615 لسنة 1962 والقاضي بمد تكليف المدعي لمدة سنتين تبدأ من أول أكتوبر سنة 1962 وتنتهي في 30 من سبتمبر سنة 1964.
ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من الآثار وإلزام الحكومة بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه حاصل على بكالوريوس كلية الهندسة جامعة عين شمس قسم العمارة في يونيه سنة 1958 ثم صدر الأمر رقم 237 لسنة 1958 في 20 من سبتمبر سنة 1958 بتكليفه بالعمل بوظيفة مهندس تنظيم ببلدية السويس لمدة سنتين اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1958 وقبل نهاية مدة هذا التكليف صدر قرار يقضي بمد مدة التكليف سنتين أخريين اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1960 إلى 20 من سبتمبر سنة 1962 ثم أصدرت وزارة الإدارة المحلية القرار رقم 615 لسنة 1962 بمد تكليف المدعي للعمل بمحافظة السويس لمدة سنتين للمرة الثالثة تبدأ من أول أكتوبر سنة 1962 حتى 30 من سبتمبر سنة 1964 ويقول المدعي أن القرار المذكور صدر مخالفاً لأحكام القانون رقم 296 لسنة 1956 الصادر في شأن أوامر تكليف المهندسين لا يجيز مد فترة التكليف للمرة الثالثة كما يذكر المدعي أنه تظلم إدارياً من القرار المطعون فيه بتاريخ 27 من نوفمبر سنة 1962.
وقالت الحكومة رداً على الدعوى بأنها تدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد بمقولة أن المادة الرابعة من القانون رقم 296 لسنة 1956 في شأن أوامر التكليف للمهندسين المصريين خريجي الجامعات المصرية تنص على أنه "لكل من صدر الأمر بتكليفه أن يعارض فيه خلال أسبوع من تاريخ إعلانه به وذلك بطلب يقدم إلى الوزير الأمر الذي يفصل فيه بصفة انتهائية ولا يترتب على المعارضة في أمر التكليف وقف تنفيذه" وتستطرد الحكومة إلى القول بأن تجديد التكليف لا يخرج عن كونه أمراً بالتكليف، ولما كان المدعي قد صدر بمد تكليفه القرار رقم 615 لسنة 1962 بتاريخ 11 من يونيه سنة 1962 لمدة سنتين اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1962 وأعلن المدعي بهذا القرار بتاريخ أول أكتوبر سنة 1962 وكان يقتضيه وقد رأى المتظلم من هذا القرار أن يتقدم بتظلمه للوزير المختص خلال أسبوع من أول أكتوبر سنة 1962 ولكنه تقدم بالتظلم إلى مفوض الدولة في 28 من نوفمبر سنة 1962 فيكون التظلم قد قدم بعد الميعاد القانوني ولا يكون له أثر على قطع الميعاد وإذ تراخى في رفع الدعوى حتى 4 من مارس سنة 1963 فإنها تكون مرفوعة بعد الميعاد.
وفي الموضوع طلبت الحكومة رفض الدعوى لأن امتداد أو تجديد التكليف جاء في القانون 296 لسنة 1956 مطلقاً من أي قيد وعلى ذلك فإن مدته يمكن أن تمتد لأكثر من مرة طالما أن الأسباب التي دعت إلى التكليف لا زالت قائمة.
وبجلسة 25 من يونيه سنة 1963 قضت المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه - وأقامت المحكمة قضاءها على أن المدعي يطلب وقف تنفيذ القرار رقم 615/ 1962 الصادر بمد تكليفه لمدة سنتين تبدأن من أول أكتوبر سنة 1962 إلى 30 من سبتمبر سنة 1964 لمخالفته للقانون وتدفع الحكومة الدعوى بعدم قبولها شكلاً لرفعها بعد الميعاد وبرفض طلب وقف التنفيذ ويقول الحكم أنه لما كانت المادة 4 من القانون رقم 296 لسنة 1956 في شأن أوامر التكليف للمهندسين المصريين خريجي الجامعات المصرية تنص على أن "لكل من صدر الأمر بتكليفه أن يعارض فيه خلال أسبوع من تاريخ إعلانه به وذلك بطلب يقدم إلى الوزير الذي يفصل فيه بصفة انتهائية. ولا يترتب على المعارضة في أمر التكليف وقف تنفيذه" ومفاد ذلك أن الأمر الصادر بالتكليف لا يصبح قراراً نهائياً يجوز الطعن قضائياً بدعوى تجاوز السلطة إلا بصدور قرار الوزير في الطعن الإداري الذي يقدم ضده طبقاً للأوضاع التي رسمتها المادة المذكورة أو بفوات مدة الأسبوع المحددة فيها للطعن ضده فإذا صدر قرار الوزير في الطعن أو فات ميعاد الأسبوع دون الطعن على قرار التكليف انفتح أمام صاحب الشأن ميعاد الطعن القضائي خلال شهرين من صدور قرار الوزير أو من فوات الأسبوع التالي لإعلان المهندس بالتكليف، وغني عن البيان أن الطعن القضائي على هذا القرار إنما يخضع من حيث انقطاع المواعيد للأحكام المعروفة في هذا الشأن، وعلى ذلك فإنه إذا كان الثابت أن المدعي قد فوت على نفسه ميعاد الأسبوع المقرر للطعن الإداري ثم تظلم منه إدارياً في 28 من نوفمبر سنة 1962 أي في ميعاد الشهرين من تاريخ انتهاء مدة الطعن الإداري وأقام الدعوى بعد ذلك في 4 من مارس سنة 1963 فإن الدعوى تكون قد أقيمت والحالة هذه، في الميعاد القانوني ويكون الدفع بعدم قبولها شكلاً لرفعها بعد الميعاد غير قائم بهذه المثابة على أساس من القانون متعين الرفض وعن الموضوع، يقول الحكم أن قضاء المحكمة قد جرى على أن التكليف في مفهوم المادة الثالثة من القانون 296 لسنة 1956 موقوف بمدة سنتين قابلة للامتداد لمرة واحدة فقط ذلك أنه فضلاً عن أن التكليف في ذاته استثناء وقيد على حرية العمل مما يتعين معه تفسير الأحكام المنظمة له في أضيق الحدود فإن المشرع - فضلاً عن ذلك، إنما قصد بالامتداد أعمال مدلولها القانوني وهو أن يكون لمرة واحدة، إذ القول بغير ذلك يجعل التكليف مؤيداً، وهذا لا يجوز قانوناً وعلة ذلك واضحة وهي أن تأييد التكليف يهدر إدارة المهندس الجديد ومؤداه أن يحمله التزاماً بالعمل جبراً عليه طيلة حياته وهو ما يتعارض مع المبادئ القانونية، وإذا كان القانون رقم 31 لسنة 1958 قد أجاز استثناء على الأصل مد التكليف لأكثر من مرة فإن هذا الحكم لا يسري إلا بالنسبة لطائفة المهندسين الخاضعين لأحكامه دون غيرهم من المهندسين الذين لا يجوز طبقاً لمبادئ متقدمة الذكر مد تكليفهم لأكثر من مرة واحدة، وإذا كان القرار المطعون عليه قد صدر بمد تكليف المدعي لمدة ثالثة فإن طلبه وقف تنفيذه يكون قائماً والحالة هذه على أساس من القانون سليم متعيناً إجابته إليه.
ومن حيث إن الطعن يقوم من حيث الشكل، على أن المادة 22 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 تنص على أن ميعاد رفع الدعوى إلى المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوماً من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح أو إعلان صاحب الشأن به. وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئيسية "ويتضح من هذا النص أنه لكي تكون الدعوى مقبولة شكلاً يجب أن ترفع خلال ستين يوماً من تاريخ إعلان صاحب الشأن بالقرار المطعون فيه وينقطع سريان هذا الميعاد بتظلم صاحب الشأن إلى الهيئة التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئيسية وبديهي أن يقدم التظلم خلال الستين يوماً المحددة لرفع الدعوى هذا إذا لم يكن المشرع قد قصر مدة التظلم وإلا فإنه يجب أن يقدم التظلم خلال المدة التي حددها المشرع وإلا كان التظلم غير منتج لآثاره القانونية وغير قاطع للميعاد إذا قدم بعد الميعاد الذي حدده القانون عملاً بقاعدة الخاص يقيد العام ويكون الميعاد في هذه الحالة من نوع خاص.
وتنص المادة 4 من القانون رقم 296 لسنة 1956 في شأن أوامر التكليف على أنه "لكل من صدر الأمر بتكليفه أن يعارض فيه خلال أسبوع من تاريخ إعلانه به وذلك بطلب يقدم إلى الوزير الآمر الذي يفصل فيه بصفة انتهائية ولا يترتب على المعارضة في أمر التكليف وقف تنفيذه "ومفاد هذا النص أن التظلم في أمر التكليف أو المعارضة فيه يجب أن تقدم إلى الوزير الآمر خلال أسبوع من تاريخ إخطار صاحب الشأن بأمر التكليف وعلى الوزير أن يصدر قراره في التظلم ويكون قراره نهائياً فإذا قدم التظلم بعد أسبوع من تاريخ الإخطار فإن مثل هذا التظلم لا ينتج أثراً ما ولا يكون الوزير المختص ملزماً ببحثه وإصدار قرار بشأنه. ذلك أن اختصاصه بنظر التظلم مرهون بتقديمه في الميعاد ذلك أنه بفوات هذا الميعاد دون تظلم يستنفد الوزير ولايته في البحث فيه وتبدأ مواعيد الطعن القضائي".
وعن الموضوع يقول الطعن أن المشرع يتجه إلى التقيد من حرية المهندسين في العمل فبعد أن كان الأمر العسكري رقم 125 لسنة 1955 يجعل التكليف لمدة لا تجاوز سنتين فإن القانون 296 لسنة 1956 جعل مدة التكليف قابلة للامتداد، ولو أراد المشرع أن يجعل الامتداد قاصراً على مرة واحدة ولنفس المدة لنص على ذلك صراحة في المادة الثالثة من القانون رقم 296 لسنة 1956، كما فعل في الأمر العسكري رقم 125 لسنة 1955.
وصدر القانون رقم 31 لسنة 1958 بشأن تكليف المهندسين المصريين خريجي الجامعات المصرية الثلاث خلال المدة من أول يوليه سنة 1955 حتى 4 من أغسطس سنة 1956 ونصت المادة الأولى منه على أن يكلف المهندسون المصريون خريجو الجامعات المصرية خلال المدة من أول يونيه سنة 1955 إلى تاريخ العمل بالقانون رقم 296 لسنة 1956 السابق تكليفهم بالعمل في الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة بأن يستمروا في أداء أعمالهم حتى يتم كل منهم مدة سنتين قابلة للامتداد لمدة أخرى بقرار يصدر من الوزير المختص وعلى من امتنع أو انقطع من هؤلاء المهندسين عن العمل أن يعود إلى مزاولة وظيفته خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ العمل بهذا القانون ويبين من أحكام هذا النص أن المشرع كلف المهندسين خريجي الجامعات المصرية خلال المدة من أول يونيه سنة 1955 حتى 5 من أغسطس سنة 1956 أي تاريخ العمل بالقانون رقم 296 لسنة 1956، إلا أن المنطق التشريعي السليم يقتضي عدم التفرقة بين هؤلاء المهندسين وأولئك الذين يكلفون طبقاً لأحكام القانون 296 لسنة 1956 بحيث يمكن مد تكليف المهندسين الأول لأكثر من مرة ولا يجوز ذلك بالنسبة للأخيرين لأن التفرقة بين الاثنين غير مستساغة أو مقبولة لأن التكليف في الحالين إنما يصدر في زمن تزداد فيه المشروعات الإنتاجية يوماً بعد يوم ويخشى على هذه المشروعات من التوقف.
ومن حيث إنه يبين من ظاهر الأوراق أن المدعي حاصل على بكالوريوس كلية الهندسة شعبة العمارة في يونيه سنة 1958 وصدر الأمر رقم 237 لسنة 1958 بتاريخ 20 من سبتمبر سنة 1958 بتكليفه للعمل بمجلس السويس البلدي لمدة سنتين واستلم العمل في أول أكتوبر سنة 1958 ثم صدر قرار بمد مدة التكليف سنتين اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1960 وفي 11 من سبتمبر سنة 1962 أصدر وزير الإدارة المحلية القرار رقم 615 لسنة 1962 بمد مدة تكليف المدعي لمدة سنتين أخريين من أول أكتوبر سنة 1962 وذلك بعد انتهاء مدة تكليفه الثانية في 30 من سبتمبر سنة 1962 وقد استلم المدعي نسخة من هذا القرار في أول أكتوبر سنة 1962 (مستند رقم 23 من الملف الخاص بالمدعي رقم م/ 1/ 3) فقدم المدعي تظلماً في 28 من نوفمبر سنة 1962 لمفوض الدولة لرئاسة الجمهورية فأحاله إلى مفوض الدولة لوزارة الإدارة المحلية للاختصاص في 6 من يناير سنة 1963، وضمن التظلم بأن التكليف للمرة الثالثة غير قانوني وأشار المفوض أن القرار المطعون فيه صدر متفقاً مع حكم القانون ولا غبار عليه مما يتعين معه رفض التظلم وأعلن المدعي برفض تظلمه بالبريد المسجل في 9 من إبريل سنة 1963 برقم 576 وكان قد أقام دعواه في 4 من مارس سنة 1963.
ومن حيث إن المدعي يطلب وقف تنفيذ القرار رقم 615 لسنة 1962 الصادر من وزير الإدارة المحلية بمد تكليف المدعي لمدة سنتين أخريين من أول أكتوبر سنة 1962.
ومن حيث إن سلطة وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها، مردهما إلى الرقابة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية، فوجب على القضاء الإداري ألا يقف قراراً إدارياً إلا إذا تبين له - على حسب الظاهر من الأوراق ومع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء عند الفصل فيه - أن طلب وقف التنفيذ يقوم على ركنين: -
الأول: قيام الاستعجال بأن كان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
والثاني: يتصل بمبدأ المشروعية، بأن يكون ادعاء الطالب في هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية - وكلا الركنين من الحدود القانونية التي تحد سلطة القضاء الإداري وتخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن للتكليف نظامه القانوني الخاص به وهو أداة استثنائية تتناول خريجي كليات الهندسة في الجامعات المصرية بإلحاقهم بالعمل لشغل الوظائف وفقاً لما تدعو إليه الحاجة، في الوزارات المختلفة والهيئات والمؤسسات العامة، ومتى تم شغل المكلف للوظيفة العامة بمقتضى أداتها الاستثنائية الخاصة طبقاً للأوضاع والشروط المنصوص عليها في القوانين واللوائح فإن المكلف يصبح ملتزماً بأعباء الوظيفة وواجباتها مستفيداً من مزاياها طوال مدة التكليف - وبذلك لا ينقطع عن المكلف مورد الرزق، وإن صح ما يذهب إليه المدعي من أن قرار التكليف سيلحق به أضراراً فإن حقه إن وجد مكفول بالرجوع إلى جهة الإدارة بالتعويض عن الأضرار التي تلحقه إن كان هناك وجه حق في هذا التعويض، فلا يترتب على تنفيذ قرار التكليف بهذه المثابة نتائج يتعذر تداركها، وقد اعتنق القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة هذا النظر من حيث المبدأ حين نص في الفقرة الثانية من المادة 21 منه بما مفاده أنه لا يجوز طلب وقف تنفيذ القرارات الخاصة بالتعيين في الوظائف العامة. ولئن كان هذا النص قد ورد بحكم المساق التشريعي منسحباً إلى التعيين في الوظائف العامة، إلا أنه غني عن البيان أن انتقام قيام الاستعجال من حيث المبدأ في القرارات المتصلة بالتعيين في الوظائف العامة - وذلك على افتراض عدم قيام الاستعجال المبرر لوقف تنفيذ هذه القرارات وذلك بقرينة قانونية، كشفت عنها المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة ومفادها أنه لا يترتب على تنفيذ هذه القرارات نتائج يتعذر تداركها - يصدق أيضاً على القرارات المتصلة بالتكليف، لاتخاذ مناط النظر من حيث المبدأ فيها جميعاً بحكم طبائع الأشياء.
وترتيباً على ذلك ينتفي ركن الاستعجال في طلب وقف التنفيذ وبذا ينهار الركن الأول الذي يقوم عليه ذلك الطلب - ولا ترى المحكمة والحالة هذه محلاً لبحث الركن الثاني.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أنه ليس ثمة، في حدود الظاهر من الأوراق، ومع عدم المساس بأصل الموضوع المتنازع عليه، ما يزكي طلب وقف التنفيذ - ومن ثم يكون هذا الطلب في غير محله متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى بوقف تنفيذ القرار رقم 615 لسنة 1962 الصادر بمد تكليف المدعي لمدة سنتين من أول أكتوبر سنة 1962 قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، فيتعين إلغاؤه والقضاء برفض طلب وقف التنفيذ مع إلزام المطعون عليه بالمصروفات الخاصة بهذا الطلب، وذلك كله مع عدم مساس بأصل طلب الإلغاء، ودون ما حاجة لبحث أوجه الطعن المتعلقة بشكل الدعوى أو بموضوعها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف التنفيذ، وألزمت المدعي بالمصروفات الخاصة بهذا الطلب.